- بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- 4- كوالا لمبور : ومكثتُ فيها 3 ليالٍ .
بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبق أن وعدتكم عندما إرادتي السفر أن أكتب لكم تقريرا عن تلك الديار ، وفاء لهذا الصرح الشامخ ، فقد وفرت لي القراءة في كتابات السادة الأعضاء ما يقارب من 7000 ريال ، وقد وقعتُ في أخطاء لو تداركتُها لوفرتُ أيضا ، وما ظننتُ أن تزدحم علي المهام والأشغال فتؤخرني عن كتابةِ التقرير حتى هذه الساعة ، لكن الحمد لله أن تقريري أتى ، وفي أمثال إدارة المرور : (أن تصل متأخرا خيرا من أن لا تصل) .
رحلتي كانت قبل 9 أشهر تقريبا في إجازة بين الفصلين الأول والثاني في 23 يناير 2012 تقريبا وكانت مقسمة إلى خمسة أماكن :
1- سيلانجور : وقد استمتعتُ فيها ليلتين .
2- لنكاوي : وبِتُ فيها 3 ليالٍ .
3- بينانج : ونزلتُ فيها ليلتين .
4- كوالا لمبور : ومكثتُ فيها 3 ليالٍ .
وأشكر الإخوة الذين أفادوني بالمنتدى أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر (وافي ، المغادرون) وغيرهما جزى الله الجميع خيرا .
وسأفصل القول في تلك الرحلة تفصيلا بديعا على ما تسمح به البقايا التي تبقت في الذاكرة من تلك الأماكن ، وقد تمنيتُ أن أكون قد كتبتُ رحلتي في ذلك الوقت ، حيث البديهة حاضرة ، والذهن صافٍ ، ولكن قدر الله وما شاء فعل ، وقد اشترطت على نفسي أن أكتب التقرير بأسلوبٍ عربي فصيح كما فعل الرحالة القدماء كابن بطوطة في كتابه النفيس (رحلة ابن بطوطة) ، وابن جبير في رحلت (رحلة ابن جبير) ، وغيرهما ، وقد حاولتُ أن لا أشوبُه ولا أمزجه بشيءٍ من العامية ؛ ليكون متميزا في هذا الجانب إلا ما اضطررتُ إليه من الأمثال والحكمِ ، وقد أترجم بعض الكلمات للغة العصرية بين قوسين بينهما علامة المساواة (=) ، وقد أرجأتُ إدراج الصور إلى آخر الحلقات .
وسأحاول أن أكون مُنْصِفاً فيه ، وقد أمزجه بنفس أدبي وشرعي ، بحكم التخصص إذ أنني أستاذ جامعي ، ولا أقول هذا افتخارا وتكبرا ، فالعاقل لا يفتخر إلا بالتقوى ، وإنما قلتُه لأجل أن تأخذوا تصورا واضحا عن عددٍ من الأمور التي قد تقرأوها ، ويحدث منها عند البعض الاستغراب ، والنفَسُ الأكاديمي لا يُستغرب منه مثلها ، وسأعلق على المواقف وأعبر عن شعوري تجاه الأماكن والمشاهد بما أحسبه يعجب الأديب ، والذي لا تعجبه العربية وأساليبها ، فلا أظن تقريري هذا مناسبا له ، وفي تقارير الإخوة الأخرى غُنية عن تقريري ، فأقول مستعينا بالله :
(1)
ركبنا مِنْ مدينةِ الرياضِ على دابةٍ يقال لها (البوينغ)، وهذه بيانات سفرنا :
Riyadh, Saudi Arabia to Kuala Lumpur, My - Monday 23 January 2012
DateDepartureFromToFlightTerminalStopsDurationBaggagesCabinStatusMonday
3January00:20Riyadh
King Khalid IntlKuala Lumpur
KliaSV82820 stop(s)7 hrs, 40 minGuest-ValueConfirmed
ومعي زوجتي التي ما فتئتْ دموعُها تنحدرُ على خدِها حزناً على فراقِ أهلِها ، وشوقاً إليهم ، - استطراد : هذه الدموع سببت لنا في مستقبل الرحلة بعض المتاعب- وأنصح كل عروس : زوجُكِ ذهب بكِ لكي يسعدكِ فلا تكدري عليه قلبه بدموعك ، ولا تضيقي عليه صدره بعبراتكِ ، وقد أنفق في رحلتكما دنانير عديدة ، ودراهم كثيرة ، ولربما استدان واقترض لأجلها ، فأريه أنكِ مسرورة معه ، ومغتبطة به .انطلقتُ الرحلة وكنتُ متعبا بحكم السهر ووداع من لقينا من الصحب ، وكنا قد تعشينا في خان (مطعم) ماريز ، فألقيَ النومُ على عيني ، فنمت واستيقظتُ بعد ساعات قليلة فإذا الشمس قد طلعت
، ففزعتُ إذ أني لم أصلي الفجر ، وقد ظننتُ أن الفجر يؤذن الساعة الرابعة ، وفتحت مسرعا نافذة الطيارة قلتُ : لَعَلِيْ في فترةِ قبلَ شروقِ الشمسِ ؛ فأتوضأُ سريعا وأدركُ الفجر ، فإذا الشمس تلوح في كبد السماء ، كأنها قرصٌ نضيج خرج من تنور (فرن) ، فأصابتني حسرة عظيمة ، ولوعة كبيرة على التفريط بصلاة الفجر ، فذهبت إلى الحمام لأتوضأ فرأيت من سوء النظافة ما يشعر المرء معه بقرب القيء ، فتوضأت مسرعا مغمضا لعيني ، فقالوا لنا : قد بلغنا ماليزيا والآن ننزلكم في المطار فتصلون ، فنزلنا من الطائرة والأسى يعتصرني وزوجتي على فوات الفجر ، فلما حللنا ساحة مطار كوالا ، ورأينا القطار تذكرنا كلام الأعضاء الكرام عنه ، وذكرتُ أنهم نبهوني على صراف هناك في طرف المطار ، فذهبت وصرفت من عنده 2500 ريال ، ثم ركبنا القطار ونزل بنا للمطار ، وصففنا في ساحة أمام شرطة ذلك البلد حتى بقينا ، وكانَ شأنُ الشرطةِ (=الجوازات) عجيباً عندهم ، حيث خصصوا موظفيْنِ من الرجال ، وموظفتين من النساء ، وعندما لم يبق بين الشرطي وزوجتي أحد أشار لزوجتي أن تقدمي لأختم لك بخاتم البلد فأبت أن تتقدم عند الرجل ، فعذرها ، حتى فرغت امرأة فتقدمت لها ، وختمت على كتاب معها(=جواز السفر) أعطاه إياها ملك بلادهم ، ولم يخصها به ، حيث يعطيه كل والٍ لمن أراد الرحلة من رعيته إلى بلد غير بلد واليه ، ثم ذهبنا لاستلام متاعنا ، فوجدنا أنه المتاع الوحيد الذي بقي ، إذ أن أمتعة بقية المسافرين قد أُخذت ، ونحن تأخرنا في صرف النقود ، ومشاهدة عجائب مطارهم .
خرجنا من المطار فإذا سماسرة (شركات السياحة) يعرضون علينا النُزَل فاختبرناهم في أسعارهم ، وإذا هم أغلى مقارنة مع سمسار من الجن لا ينام أبداً ، تأتي إليه في كل حين فيخبرك بأكثربقرابة رُبْعِ ألفِ ألفِ نُزُلٍ (245,151) يقال له : (البوكينغ) .
وقد أخطأتُ خطأ فاحشا عندما لم أكتري دابة (=أحجز رحلة عبر اير آسيا) تنقلني بعد يومين للنكاوي (ولا أدري أين كان عقلي حينها!!!) فلدي سفرٌ بعد غد للنكاوي ولم أكتري له بعد ، وقد ذكروا أنهم يكترون لي ما يسعني وامرأتي فيها ب800 رينجت ورفضتُ ؛ لغلاء السِعر ، فاضطررتُ بعدُ للحجزِ بأكثر من ألف رنجت ، ولو أنني حجزت في بلدي لكان المبلغ أهون من هذا بكثير ، لكن قَدَرَ اللهِ سابقٌ ، وحكمته ماضية .
وجدنا عند خروجنا من المطار حانوتاً لجماعة لديهم دوابا عديدة تحير فيها كثرةً (شركة تكاسي)، تُوْصِلُ الناسَ إلى نزُلهم (فندقهم) الذي اكتروه (استأجروه) ، فاكترينا منه دابة تُبَّلِغُنَا نزلنا في سيلانجور وأخذوا منا 80 رينجتا تقريبا ، وكان من عجيب أمر والي بلادهم وأعوانه أنهم صنعوا لهم طريقين :
الأول : طريقٌ لعموم الخلق يبتغي به رضا الشعب ، لا يأخذ عليه جزاء ولا شكورا .
الثاني : طريق يبتغي به وجه الرينجت : تَقِلُّ فيه السيارات ، ويأخذون عليه المال ، وهو أسرع ويسمونه الفيدرالي ، وقد مضى بنا صاحب التاكسي من هذا الطريق ، فوصلنا في مدةٍ تقدر بعُشُرِ النهار (=45 دقيقة) .
وكنتُ قد أخذت على نفسي عهدا أني لا أرى منكرا إلا غيرته بيدي إن استطعت وإلا فبلساني ، وإلا فبقلبي -وذلك أضعف الإيمان- كما أمرني نبيي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك ، فلما ركبتُ دابة هذا الرجل ، فإذا بجماعة يغنون في الدابة لا نرى صورهم ونسمع أصواتهم (=عبر المسجل) ، ولهم جلبةٌ وضجيجٌ فقلتُ له : أسكتْهم فإنهم يؤذنني بعويلهم ، وإن ديني ينهاني عن سماعهم ، فقال لهم : اخفضوا أصواتكم ، فخفضوها ، ولكني كنت أسمعهم ، فأخبرته أخرى بأن يخفض أصواتهم فإنهم يؤذون قلبي ، وأنا لا أستمع للقِيان المغنيات (الجواري) فتعلل بأنه إن جعلهم يمضون أنه ينام ، فهو يأتي بهم ليوقظوه ، فقلت : إن كان غلبك النوم فلا تعمل ، نم في بيتك ، ومتى ما استيقظت وزال عنك النعاس فاعمل ، أما أن تجبرني على سماعِ أصوات لا أرتضيها لأجل أنك لم تقم بتنظيم جدولك فعلام تأخذ مني 79 رينجتا ؟
فأصمتَها .
كنا قد اتفقنا على اكتراء نُزُلٍ يطل على حديقة سن وي لاقون ، وكنا قد طلبنا السكن في العلو ، وأمرناهم أن يهيئوا لنا سريرا يسع شخصين ، فإذا بهم لم يهيئوا ما أمرناهم به .
فصنع وكيل صاحب النزل الذي استقبلنا (=الإستقبال) أمرين عجيبين ليعوضنا عن عدم تهيئته الغرفة ، سأذكرهما في الباب القادم إن شاء الله .
(رجاء : أرجو أن تعذروني على الأسلوب العربي ، فلقد تميزت تقاريرٌ بصورها ، وتقاريرٌ بمعلوماتها ، وأردتُ أن يتميز تقريري بلغةِ القرآن ، فلا تحولوا بينه وبين ذلك بشدةِ نقدِكم)