data_travel/data/500/ADEL.JPGمنظر خلاب لقمم الجبال المتعرجة المكسوة بالثلج الأبيض والممتدة عبر سويسرا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا بانتظار قدوم السياح الذين يمتعون أنظارهم بهذا المنظر الطبيعي ، عندما تكون الأجواء معتدلة والسماء صافية، من خلال تنقلهم في أعلى شبكات القطار الأوروبية.
وحتى أولئك السياح (غير المحظوظين) الذين يختارون يوما غائما للسفر إلى أعلى نقطة في أوروبا على متن شبكة يونغفراو للقطارات، التي تعد أشهر شبكات القطار في العالم، فان بامكانهم التمتع بمجموعة كبيرة من النشاطات التي تتراوح بين التزلج على مدار العام للمبتدئين، وتسلق الجبال أو القيام بجولات بمساعدة كلاب الاسكيمو.
وتقع سكة حديد قطارات يونغفراو يوخ على ارتفاع 3454 مترا وهي أعلى سكة حديد في أوروبا، ويبلغ طول السكة الحديد التي تتعرج بين القمم الجبلية نحو ثمانين كيلومترا تمر بين أطراف الجبال بأسلوب هندسي فريد يعود لقرن من الزمان.
ويقول رومان غلانتسمان (28 عاما)، الذي يعمل سائقا في احد القطارات ذات اللون الأحمر، أو اللونين الأخضر والأصفر، والتي أصبحت نقطة جذب رئيسية للسياح في سويسرا إنها رحلة تحظى بالإعجاب الكبير بين الناس، خاصة بين القادمين من آسيا.
ويضيف وهو يتكيء باعتزاز على القطار الذي يعمل فيه ويعد من بين الأحدث في أسطول القطارات التي يعود تاريخها إلى 1912، بالنسبة لأولئك الذين لم يشاهدوا الثلج من قبل، فان هذه طريقة سهلة للوصول إلى مناطق جبلية عالية للتمتع بالمنظر الجميل وليعيشوا تجربة الوجود بقرب الثلوج.
وكان المهندس السويسري ادولف غاير-تسيلر قد وضع تصميم السكة الحديد في أواخر سني حياته. وقد بدأ العمل في مشروعه في 1896، لكنه توفي قبل الانتهاء من تنفيذ المشروع، الذي أطلق عليه اسم السكة الحديد نحو السماء.
وتستقطب قطارات يونغفراو ما يزيد عن نصف مليون زائر سنويا، وهو ضعف أعداد الزائرين قبل نحو عقدين. ويتوقع مالكو القطارات إن تتضاعف أعداد الزائرين أكثر فأكثر بفضل ازدياد الطلب على ركوب تلك القطارات من آسيا، وتحديدا من الصين والهند.
ويقول اورس كيسلر، نائب رئيس ومدير عمليات التسويق في محطة يونغفراو للقطارات في الوقت الحاضر، تعد اليابان أكبر سوق للزائرين القاصدين يونغفراو، حيث يقدر عدد مواطنيها نحو 170 ألفا سنويا، لكنني اعتقد انه بحلول 2010-2012 ستصل الصين إلى المستوى ذاته.
كذلك يعد السياح الهنود، الذين ازدادت أعدادهم خلال العام الحالي بنسبة 20 بالمائة عن العام الماضي عندما بلغت آنذاك 50 ألفا، مصدرا حيويا لعائدات الشركة التي قامت بإنشاء مطعم هندي أطلق عليه اسم بولي وود على قمة أوروبا لاجتذاب السياح.
ويصف رجل الأعمال الهندي سانديب بارانوا (26 عاما) بلوغ موقع المشاهدة المقام عند محطة السكة الحديد والذي يمكن الناظر من التمتع بمشهد لكل جبال الألب على اتساع 360 درجة في يوم صاف، بأنه تجربة من الخيال.
ويضيف بارانوا الذي يقضي وزوجته غونجا (21 عاما) شهر العسل في المنطقة سنبلغ أصدقاءنا بان عليهم القدوم إلى هنا ولو لمرة واحدة في حياتهم ليعيشوا تجربة العيش بين الغيوم تحيط بهم الثلوج وتهب عليهم الرياح الباردة.
وتبدأ رحلة القطار من مدينة انترليكن في الجزء السويسري من جبال الألب، ويبلغ ثمن التذكرة لبلوغ القمة الجبلية والعودة للبالغين الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما 168 فرنكا سويسريا (135 دولارا أو 110 يورو). وبالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة و15 عاما فان ثمن تذكرتهم يبلغ 20 فرنكا سويسريا فقط. أما الأطفال دون الخامسة، فمجانا.
وينطلق القطار عبر المناطق الريفية الخضراء ثم يدور حول بحيرة كبيرة قبل التوجه إلى الأعلى بجانب الجبال الشاهقة قبل أن يلامس جرفا صخريا شاهقا في تجربة تحبس الأنفاس.
وتصنف نقطة النهاية لرحلة القطار على قمة أوروبا، ضمن المواقع الأثرية البارزة في العالم، فهي تطل على جبل الجليد الأكبر في الألب كما تطل أيضا على القمم الخلابة لكل من ايغر ومونش، ويونغفراو.
وتقول جودي ووكر (63 عاما) وهي مدرسة في ولاية كاليفورنيا الاميركية لدينا كتاب في أميركا بعنوان ألف موقع يجب أن تراها قبل أن تموت وهذا هو واحد منها.
وتضيف وهي تحدق عبر نافذة القطار الذي يقترب من القمة، محطته الأخيرة إن المنظر يبدو وكأنك تحدق في بطاقة بريدية أكثر من كونك في الواقع هنا . . انه غاية في الجمال.
وتستغرق الرحلة للقمة نحو ساعتين ونصف الساعة، وتتطلب تغيير قطارين. وخلال الرحلة إلى الأعلى، يمكن للركاب الخروج من القطار لنزهة قصيرة أو للتزلج.
وعلى عكس درجات الحرارة الدافئة عند قاعدة الجبال فان درجة الحرارة عند القمة تصل حد التجمد وهي حقيقة يدركها بعض السياح .. بعد فوات الأوان.
ويقول بارك مايونغ سوك (31 عاما) من كوريا الجنوبية ضاحكا وهو يقف خارج مقهى سعيا وراء دفء أشعة الشمس في طريق العودة المنظر هناك في الأعلى كان مدهشا لكنني لم استطع الصمود فترة طويلة، فانا ارتدي فقط قميصا قطنيا خفيفا.
وعلى الرغم من كونها أعلى سكة حديد في أوروبا، فان يونغفراو عانت خلال السنوات الماضية من التراجع الاقتصادي الذي أصاب صناعة السفر (السياحة)، خاصة في أوروبا، كما قال كسلير.
وأضاف كسلير إن عدد الزائرين، وخاصة من ألمانيا، الذين يمضون ليلة في المنطقة قد انخفض بنسبة 30 بالمائة خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية، موضحا إن الشركة استثمرت أكثر من 150 مليون فرنك سويسري في ذلك الوقت لإنشاء مواقع جديدة لاستقطاب السياح ولتعزيز الطابع الدولي لسكة الحديد.