- ملتقى الاحبة الثاني.. نانا ورنوش
"جفرا" كافيه
ملتقى الاحبة الثاني.. نانا ورنوش
في لقاءي الثاني مع الغالية رنوش.. وبعد ان اتفقنا على ان تزورني في مكتبي بوسط البلد ومن ثم نختار احد الأماكن لنقضي فيه وقتا للحديث بعيدا عن هموم العمل والحياة.. اشرت عليها بالمقهى المفضل لي وهو "جفرا" منتدى نخبوي لمثقفي وفناني الأردن بكافة اطيافهم بالاضافة إلى كم كبير من السواح الاجانب..الطلبة ..الموظفين حتى ربات البيوت تجدهم في هذا المقهى الفريد من نوعه ولا ابالغ ان قلت انه ملتقى النخبة والعامة على حد سواء.. فمن غير الغريب ان تجد الفنان س او الكاتب ص في احد جنباته .. في زاوية هنا تجد رساما معتكفا على رسم لوحة له وقاصا أواديبا او صحفيا لامعا منكبا على اوراقه او كمبيوتره الشخصي في زاوية هناك ..
مالكم بالطويلة..
كونوا معنا في المشوار..
وصلت رنوش في الموعد تماما وكنت على وشك الانتهاء من عملي ..تناولنا القهوة واذن لصلاة العصر.. صلينا بحمدالله وانطلقنا والامل يحدونا بقضاء وقت جميل..وقد كان...
كانت البداية من شارع السلط لاول شارع الامير محمد مقابل مبنى البريد الاردني أي تمشية لدقائق ..
وراق لي هذا المكان فكانت الصورة
اخترنا طاولة على البلكونة بعيدا عن دخان الاراجيل..
طلبنا المنيو. اتفضلوا. الاسعار معقولة
ودار بيننا حوار عميق تارة وخفيف تارة اخرى..
طلبنا الاتنين متل بعض
"جفرا" الحب والفكرة
سواح من سويسرا ودار بيننا حوار وطلبوا نصورهم وهم كمان صورونا انا ورنوش
فاصل لاواصل .. فشو .. مابدي احكي..
" جفرا"
مقهى هادئ الأجواء بطابعه الثقافي والفني، يحمل في طياته حلماً شرقياً جميلاً. تظهر ملامح التراث العربي الشعبي في الديكور المزين بمصنوعات خشبية، نحاسية وحديدية، صنعتها عاطفة فنية وشغف داخلي، جمع بين القراءة والأغاني الفلكلورية.هناك، حيث تخوض تجربة تناول الطعام والشراب مع القراءة، يدخل شاب مراهق إلى المكان، يفتح "الكمبيوتر" المحمول، ويباشر في عمله وسط أجواء ثقافية. تعبق رائحة المعسل ممتزجة بدخان النراجيل. رائحة القهوة على الطريقة الفلسطينية هي سيدة الموقف. المكان مزين بفوانيس ومصابيح أيام زمان. يلفت نظرك التصميم الذي ينقلك إلى عالم المبدعين والمثقفين والسياسيين العرب القدامى. تغص جدران المقهى بصور شخصيات فنية وثقافية، من الشعراء، كمحمود درويش وكمال ناصر وأدونيس، إلى الفنانين مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز ومارسيل خليفة وجوليا. وتتجسد نكبة ال من خلال عرض لكاريكاتور ناجي العلي وشخصية "حنظلة". إضافة إلى الصور المذكورة، تحضر صورة القائد غيفارا.
يتجمع الشبان وسط تلك الأجواء. ينفث أحدهم في النرجيلة على أنغام "الليل يا ليلى يعاتبني". يتبادل عاشقان أحاديث جانبية، بينما يستغل رواد المكان للمرة الأولى الفرصة لالتقاط اكبر عدد من الصور. تعيدك أجواء الديكور أيضاً إلى زمن حصاد القمح في القرى والأرياف، وسهرات البيدر. وفي إحدى زوايا المكان، تحضر رفوف وضعت عليها كتب ومجلات ثقافية.
معظم رواد المقهى من فئة الشباب. وفيما تغيب لعبتا "ورق الشدة"و"الطاولة" عن المكان، يحضر البديل، وهو "الدندنة" على أنغام العود. كذلك، يشهد المقهى أمسيات شعرية وغنائية وكوميديا ساخرة، بالإضافة إلى أمسيات ثقافية وسياسية.
كان بناية قديمة
كان المقهى عبارة عن بناية قديمة مهملة تستخدم كمكب للنفايات. إلا أن صاحبها الفلسطيني عزيز المشايخ، استطاع مع مجموعة شباب من جيله تحويل هذه البناية القديمة لمقهى ثقافي، بجهود فردية، ونتيجة إيمانهم بضرورة إعادة إحياء المقاهي الأدبية التي يرتادها المثقفون والشعراء والسياسيون، كما يشير المشايخ. ويؤكد أن "المشروع يعكس اهتمامات فنية وحساً ثقافياً راقياً، نبعت رؤيته من عشاق للفن والشعر والغناء والأدب، الذين أجد فيهم متنفساً لروحي. فجاءت فكرة المقهى عندما أردت أن أؤسس بيتاً يجمع محبي الفن أصدقاءً وشركاء وأهلاً، وينبض بحنان وبعطف الوطن، بالإضافة إلى رغبتي العميقة في إيصال صورة حقيقية للعالم الخارجي عن هويتنا من خلال ثقافتنا وفنوننا.وهنا دور "جفرا"، كما يرويه صاحب المقهى: "عمان كغيرها من العواصم العربية في هذا الزمن تأثرت بالثقافات على حساب الموروثات الأصيلة لمجتمعاتنا العربية... ما أثّر على الطابع الأصيل لهذه العواصم وجعلنا ندق ناقوس الخطر. أعلنا من وسط مدينة عمان القديمة صرخة احتجاج على تلاشي الطابع العربي الأصيل للمدن العربية، وأسمينا الصرخة جفرا.
القضية حاضرة
لم تنته قصة "جفرا" هنا. فالاسم تحوّل إلى مشروع يتضمن، بالإضافة إلى المكتبة الزاخرة بالكتب المتنوعة التي تلبي حاجات هواة القراءة، بازاراً حافلاً بالأقداح والأواني التي كان يستعملها الأجداد. يضاف إليها أيضاً الحمام التركي، والمسرح والسينما، حيث تعرض بعض المسرحيات والأفلام. ففرقة »جفرا« الفنية لإحياء التراث الشعبي العربي الفلسطيني، وهي فرقة ما زالت قيد التأسيس، تهدف إلى إحياء تراث بلاد الشام من عادات وتقاليد وطقوس حياتية يومية. أما منتدى "جفرا" فهو مكان تجمع المثقفين، الشعراء والكتاب الذين يحتفون بتوقيع كتاب، أو تنظيم جلسات شعر.المنتدى شهد مؤخراً حفل تأبين الشاعر محمود درويش، من خلال قراءة مقتطفات من أشعاره.
تشبه الرحلة إلى "جفرا" رحلة " أليس في بلاد العجائب". فعجائب المكان كثيرة، وبالكاد تستكشف جديداً فيه حتى يظهر لك آخر، يؤكد على رمزية القضية الفلسطينية. فجاء الاسم على مسمّى، موحداً بعبارة: "بلاد العُرب أوطاني"التي علقت على أحد جدارن المكان
التاريخ والتسمية
ذات يوم، في قرية كويكات في عكا في فلسطين المحتلة، طلب شاب يدعى أحمد يد ابنة خاله من أبيها. رفضت الأخيرة الخطوبة لأنها تحب شخصاً آخر. هام أحمد عاشقاً، وصار يغني لفتاته في الأعراس. ولأنها قريبته، اخترع لها اسماً رمزياً هو "جفرا" يرمز إليها. ظل أحمد يردد الاسم في أغانيه الشعبية منذ عام ، وأبرزها أغنية: "جفرا... ويا هاالربع" التي انتشرت على كل لسان في عكا، ثم نسجت على منوالها عدة قصائد أخرى، انتشرت في شمال فلسطين والأردن، حيث تحولت إلى نمط شعبي غنائي.هاجرت جفرا مع عائلتها إلى لبنان خلال نكبة عام ، كذلك عزيز الذي تزوج من امرأة أخرى، مثلما تزوجت جفرا من رجل آخر... إلا أن أغنية جفرا بقيت تراثاً نقله الفلسطينيون معهم إلى مخيمات اللجوء.
جفرا في اللغة هي "الفتاة الجميلة في ريعان شبابها"، وهي أيضاً "الماعز الذي لم يبلغ عمره عاماً واحداً". وقد تحولت إلى رمز كنعاني يعني أرض فلسطين في الشعر العربي الحديث. فالشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش كتب جفرا وغنّاها الفنانان اللبنانيان مارسيل خليفة وخالد الهبر.