1. ليل القاهرة .. ساحر على النيل مبهج في الشوارع والحدائق العامة

الكباري العلوية متنزهات مفتوحة للمواطنين وآلاف المقاهي في انتظار الساهرين

ليل القاهرة .. ساحر على النيل مبهج في الشوارع والحدائق العامة

ليل القاهرة .. معزوفة عشق لكل ما هو جميل وخلاب.. على صفحة النيل تتعانق الانوار الملونة كاللآلىء المنثورة تختلط بنسمات الهواء ووجوه الناس.. بمجرد ان تغرب الشمس تشرق حياة من نوع جديد..
النيل في الصيف هو المتنفس الذي يجذب العديد من الأسر والسائحين العرب والأجانب، تجد حوله التجمعات في أي موقع يطل عليه، على امتداده من شبر الخيمة بمحافظة القليوبية حتى حلوان وعلى الجانب الآخر الممتد من امبابة الى الجيزة على مسافة تزيد عن 40 كيلومترا، وقد زاد من جمال كورنيش النيل تلك التوسعات الجديدة التي اقامتها محافظة القاهرة، فهناك سور جديد مبني على الطراز القديم و«برجولات» خشبية، فضلا عن اضافة بعض الانوار الملونة التي تلف الاشجار فتعطيها رونقا من نوع خاص.
ومن اجمل المشاهد على النيل تلك التي أمام منطقة مبنى التلفزيون، حيث يزدحم الرصيف بالمشاة والراغبين في القيام بالرحلات النيلية عبر مرسي «ماسبيرو»، وتعد هذه الرحلات من اجمل السهرات التي يقبل عليها السائحون العرب والأسر المصرية ولا سيما خلال شهر رمضان الفضيل.. حيث يحلو السهر وتكون الفرحة فرحتين، كما ان أصحاب المراكب يقومون بجهد ملحوظ في تزيين مراكبهم بالأنوار مع انبعاث الموسيقى والأغنيات من اجهزة الكاسيت المصاحبة لهم.
وتستغرق الرحلة الواحدة حوالي ثلاث ساعات، ويتراوح سعر التذكرة بين 5 و20 جنيها لتصل الى منطقة المعادي وتعود الى ماسبيرو، ويفضل السياح تلك الرحلات عندما تكون مصاحبة بنماذج من الفلكلور المصري، كمعزوفات لفرق الفنون الشعبية او مقاطع موسيقية نوبية. وتوجد مراكب صغيرة يرتفع سعر تأجيرها إلى 70 جنيها للرحلة الواحدة خلال الموسم السياحي، ولكنها مع ذلك تظل الافضل للراغبين بالتنزه اثناء الليل في النيل. في اجزاء اخرى من النيل خاصة في منطقة شبرا الاكثر شعبية واصالة، تتخذ الاسر مواقع مميزة جدا على النهر، حيث يفترش افرادها المساحات الخضراء الواقعة بين روض الفرج وعمارات اغاخان، كذلك في المنطقة بين وكالة البلح وحتي ميدان التحرير، وهذه المساحات من اكثر المناطق ازدحاما ليلا، نظرا لانها متنفس احياء شعبية كبولاق ابو العلا بالاضافة الى شبرا، وقد وجد الباعة مصدرا متسعا للرزق في هذه المناطق، حيث تباع المشروبات الساخنة وتنتشر عربات حمص الشام، والمشروبات المثلجة كما تنتشر عربات الذرة المشوية والمسليات، والسميط والبيض والدقة وهي من الاكلات الشعبية المصرية الخالصة.
وما زال «الحنطور» من المشاهد المميزة والرئيسة في ليل القاهرة، وتعد النزهة بواسطته من الرحلات المفضلة للسائحين، لانه يعتبر من ضمن الفلكور المميز الذي يعد من اجل وسائل السير على النيل، خاصة في المنطقة الواقعة بين ميدان عبد المنعم رياض وكوبري قصر النيل، ويعمل الحنطور بنظام اللفة او الرحلة حتي مركز التجارة العالمي، والسعر حسب الاتفاق بين السائق والراكب لكنه لا يقل باية حال عن عشرين جنيها، ورغم ذلك لا تعجب هذه الأسعار عم محمود الذي يمتلك حنطورا يعمل عليه منذ اكثر من ثلاثين عاما، وما زال الرجل يتحسر على ايام زمان ويقول كانت الأجرة قليلة، أما الآن فتعتمد على السياح العرب.
وهم غير متعبين بل أحيانا يدفعون اكثر من الأجرة ويطلبون حتى ان ألف بهم اكثر من مرة «لكن المصاريف كثيرة وطعام الحصان غالي.. وعامة فأننا ننتظر زبون الصيف ليعوض كساد طوال العام».
ومن أهم مواقع السهرات في مصر كباري القاهرة التي أصبحت مناطق جذابة، خاصة كوبري قصر النيل الذي يمثل لمسة غاية في الجمال على خريطة سهرات الليل، ويعد من الأماكن المفضلة لهواة الصيد، إلا أن الزحام فوقه يحول دون إمكانية البقاء طويلا.. دقائق معدودة فقط يختطفها المشاة من متعة النظر إلى القاهرة عبر الكوبري، والبعض يفضل الجلوس في المساحة الخضراء حول تمثال سعد زغلول المواجه للبوابة الرئيسة للأوبرا، وبعض الشباب والفتيات والأسر أيضا يتخذون من المنطقة المجاورة لحديقة الأندلس أماكن للمتعة والراحة.
أما كوبري 6 أكتوبر فيتميز بهدوء نسبي، إلا أن مواكب الأعراس تمنحه بهجة مميزة جدا، حيث يهوي العرسان التقاط الصور فوقه وكذلك كوبري الجامعة، والأخير اكثر هدوءا بسبب موقعه والوجود الأمني المكثف فوقه. والمنطقة المواجهة له أمام جامعة القاهرة مفضلة ايضا لالتقاط الصور التذكارية، بجوار النافورة الشهيرة ذات الأنوار مختلفة الألوان.
اما كوبري الساحل فله خصوصية شديدة لما يتمتع به من شعبية لدى المصريين وبعض السياح العرب، الذين عرفوا طريقة وأدمنوا الاستمتاع بالنيل من فوقه، وقد استثمر الباعة جاذبية الكوبري، لعرض ما لذ وطاب من المشروبات الساخنة والباردة، ويتراوح سعر كوب الشاي بين جنيه واثنين وكذلك حمص الشام والذرة المشوية.
والكوبري الذي يربط بين حي امبابة الشعبي وحتى شبرا، يعد من أطول الكباري الموجودة على النيل بالقاهرة، واستخدمه المصريون كمتنزه شعبي، وأصبحت مكانته كمتنزه صيفي لا تقل عن أهميته لعبور السيارات، خاصة انه يتميز برصيف عريض يسمح بجلوس اسر بأكملها فضلا عن الاسرة التي تتخذ من سياراتها مكانا لقضاء وقت ممتع واحتساء المشروبات اللذيذة، واصبح من المشاهد المألوفة ان تري السيارات مفتوحة الأبواب يطل منها أصحابها. فضلا عن المقاعد البلاستيكية التي وضعها الباعة الجائلون. «سيد» بائع حمص الشام أعرب عن ضيقه ببعض المواطنين الذين يحضرون كل ما يحتاجون معهم بدءا من ترمس الشاي وزجاجات العصائر وحتي الكراسي، وقال اذا استمر الأمر هكذا لن نجد فرصة للبيع واكتساب الرزق، وإذا كان البعض يتعلل بارتفاع ألسعار المشروبات «فان هذا هو الموسم الوحيد الذي نعتمد عليه ونحن نراعي الزبون ولا نصر على السعر إذا وجده الزبون مرتفعا!» للشباب أيضا حظ وافر في الاستمتاع بالسهر في ليل القاهرة لدرجة ان مناطق بأكملها اشتهرت بجذب فئات عمرية معينة، منحوها بدورهم طعما خاصا مثلما يحدث في شارع جامعة الدول العربية حيث يتجمع الشباب من أعمار ومستويات مختلفة بطول الشارع الممتد من ميدان «سفنكس» إلى مدخل شارع السودان، ويتركز التجمع الشبابي حول محل شهير جدا تخصص في صنع عصائر الفواكه الطازجة والآيس كريم الطبيعي، حيث يقف الشباب بجوار سيارتهم لتناول المشروبات فضلا عن انتشار السيارات الثابتة التي تبيع الساندويتشات واكلات «التيك اوي»، هذا المكان المبهج يجذب أيضا الشباب من جنسيات عربية مختلفة فضلا عن ممارسة هواية المشي والفرجة على المحلات المنتشرة بطول الشارع.
كذلك شارع عباس العقاد بمدينة نصر، الذي يعد شارعا شبابيا جدا، نظرا لكثرة عدد زائريه والمتنزهين به، خاصة مع انتشار مقاهي الإنترنت والمقاهي السياحية، التي تعد القاهرة عاصمة لها نظرا لكثرة عددها، وقد ذكر إحصاء أخير ان المقاهي وصل عددها الى 1000 مقهى.
وزبائن المقاهي من مختلف الفئات العمرية، إلا أن الشباب يغلبون عليها في فصل الصيف.. وتقدم بعضها فضلا عن المشروبات التقليدية الساندويتشات والشيشة، وبعضها يحتوي على طاولات البلياردو وتنس الطاولة التي يهواها الشباب، وتنتشر بشارعي جامعة الدول العربية وعباس العقاد فروع عديدة لسلاسل مطاعم عالمية، وهي بهذا تتناسب مع المستوى المادي والاجتماعي المرتفع للشباب الذي يفضل قضاء ليل الصيف بها.
منقول