1. يوم داخل الحمام في مراكش


2. روماني الأصل تركي الشهرة

يوم داخل الحمام في مراكش

روماني الأصل تركي الشهرة

الاستحمام عادة عملية بسيطة، ولكن في الحمام المغربي يختلف الأمر. فليس هناك حوض معدني، بل شيء شبيه بقرص العسل من غرف مكسوة بالآجر وحنفيات بخار وجدران تساعد على التعرق. واسلوب التنظيف الذي يتسم بتعدد الخطوات يستدعي مزيجا يقوم به صيدلاني من الماء البارد والحار، والصابون المصنوع من زيت الزيتون وصلصال شبيه بالطين. وانت بحاجة الى أن تعرف متى تغطس ومتى تشبع جسمك بالمزيج، ومتى تفرك الجسم، ومتى تنقعه. واذا ما اجريت ذلك على نحو صحيح فانك ستخرج من غرفة التعرق وأنت تشعر بالاسترخاء والتألق. أما اذا أخطات في العملية فان عليك ان تبقى في حمامك الخاص.
ويعرف معظم المغاربة هذه الممارسة ذلك انهم اعتادوا على الذهاب الى الحمامات منذ ان كانوا صغارا وبوسعهم حشر انفسهم داخل الدلو، وهو مشهد مألوف في هذه الأماكن. وفي يوم واحد من الصباح الباكر حتى المساء المتأخر يمكنك أن ترى رجالا بجلابياتهم، ونساء مع اطفالهن وصديقاتهن وهن يحملن عدة الحمام.
ومن المؤكد ان الأماكن الشعبية هي اكثر من مجرد مكان تحصل فيه على «تنقيع وبخار وفرك جيد، وتقشير جلدك والتخلص منه كما تفعل الأفعى»، وفقا لما قاله لطيف، دليلي السياحي في مراكش.
وهذه الحمامات التي تتحدر من الحمامات الرومانية وتتخذ نموذج الحمامات التركية، فان الحمامات في مراكش كانت في الأصل للزبائن المغاربة الذين تفتقر بيوتهم الى أنابيب المياه الداخلية. كما ان جذور الحمامات ترتبط بطقوس الوضوء الاسلامية التي يمارسها المسلمون قبل اداء فروض الصلاة اليومية. غير انه مع تحديث المجتمع تحولت الحمامات الى مراكز للتنظيف واقامة العلاقات الاجتماعية. والحقيقة فان الثرثرة في حمام ماجوريل الواقع في الضاحية الجديدة خارج مدينة مراكش تتدفق مثل تدفق حنفية الماء.
وتختلف جاذبية كل حمام بصورة هائلة. فبعضها غير نظيفة حيث تنتشر فيها الرطوبة وبقايا الشعر. والبعض الآخر نظيفة وحديثة مثل مستشفى، وبين هذه المجموعة حمام ماجوريل الذي يحمل اسم الحدائق ذات الطابع الشرقي التي اقيمت اثناء فترة الانتداب الفرنسي والتي يمتلكها، في الوقت الحالي، مصمم الأزياء الشهير ايف سان لوران. كما انه توجد في الفنادق الراقية حمامات، ولكن الكثير منها غالبا ما تكون منعزلة وصامتة. وبدا ذلك مثل حمام قديم ممل في البيت.
وقال لطيف وهو يرشدني الى مدخل النساء في حمام ماجوريل «أنت هنا مع المغربيات. انها ممارسة تقليدية. وأنا معتاد على الذهاب الى الحمام كل أسبوع».
وبالنسبة للشخص الذي ليست لديه معرفة او خبرة يمكن ان تكون الحمامات مربكة. هل تستخدمين الصابون أولا ام القناع؟ الماء البارد أولا ثم الحار ام العكس؟ ومن حسن الحظ ان عملية الاستحمام الكاملة، التي تكلف تسعة دولارات، تشتمل على عرابة خرافية مع دلو سحري. وكانت عرابتي تحمل اسم ربيعة. وقد أخذت بيدي وقادتني الى الغرفة الأكبر في الخلف، حيث كانت مجموعة من النساء يجلسن خلف صف من الدلاء وهن يفركن اجسادهن وشعرهن.
وملأت ربيعة مغرفة من مزيج الحنة والطين وطلبت مني أن اصبغ نفسي باللون البني الداكن. وقد غطيت جسمي بالراسب الطيني ورحت انتظر عودتها. وعندما طال انتظاري كتبت بالانجليزية على ساقي المغطاة بالطين كلمة «النجدة» ولكن جارتي لم تكن تعرف سوى العربية. وأخيرا عادت ربيعة ووضعتني تحت شلال ثم رافقتني الى الغرفة الوسطى. ثم اشغلت نفسها بملء الدلاء. ثم بدات بفرك كل انحاء جسمي، بينما كنت اشعر انني انزع جلدي مثل أفعى. ثم كان المزيد من التدليك والرغوة، وهذه المرة بصابون زيت الزيتون الذي ينز مثل الكاراميل الدافئ. ثم جاء دور المساج. وبعدما يقرب من ساعة من التنظيف والفرك والتدليك، لم يبق سوى الجزء الأخير، وهو افراغ الدلو فوق رأسي. وبعد أن غدا جسمي بلون أحمر وردي كنت مستعدة للعودة الى رمل مراكش. وبينما كنت اجمع حاجياتي اعطتني ربيعة هدية وداع: كيس الحمام. وكل ما احتاجه الآن هو الدلو.