وقفة مع العيد
السلام عليكم أيها الاحباب الكرام
تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام و الصدقة , و الصالح من القول و العمل
هذه قصيدة قديمة كتبتها عام 1416 بمناسبة أحد الأعياد التي مرت بنا قديما
و قد نشرت وقتها في ملحق الندوة الأدبي الشهير أيام الكاتب الشهير محمد المفرجي
و أردت ان تكون بين أيديكم هذه الليلة بمناسبة عيد الأضحى المبارك
لا حرمنا الله و إياكم الأجر العظيم و الثواب الجزيل في هذه العشر المباركات
وقفة مع العيد
عيد أتاني ألا فليهنأ العيد ... بثلة سعدها في الناس محدود
و ثلة قدمت في عز فرحتها ... حبا , فجملها للعيد مردود
و لتهنأي يا نفوس الناس من فرح ... يبني الجسور فينسي الزهو تقديد
و لتهنأي يا حقول الشعر في زمن ... به ولدنا , و هام اليوم مولود
عيدي أتتك خيوط الفجر أشرعة ... تهوى القياد و ماجت في الربى الغيد
عيدي قدمت و شمس الصحب مشرقة ... على قرانا و ذكرى الأمس تمجيد
عيد أتى و القلوب اليوم ظامئة ... فقد سقاها بهذا الهاطل الجود
عيد .. و يشدو من الأعياد فرصته ... حتى يحيق بجل الحزن تهديد
فينتهي البؤس و الأحزان إذ صرخت ... نفوسنا لا تعودوا بل هنا بيدو
بشرى تلوح فهل ما زلت مرتديا ... ثوب العبوس , و فوق الصدر جلمود ؟
عيدي محياك في الآفاق منتزه ... يحوي الجمال و فيه البيض و السود
يزهو جمالك في هذا المسا قمرا ... فوق البوادي و فيض النور أخدود
به دفنا خلاف النفس فانتبهت ... لنا النفوس فرفد الكل مرفود
يحيطنا و بياض الصبح يغمره ... فنلتقي و صفاء النفس منشود
أما رأيت غناء الطفل مبتهجا ... و قد تناهى إلى الأسماع ترديد ؟
يجري إلى مرتع الأقران قد نطقت ... آماله و انتشى في الأيك تغريد
أحلامه رافقت نورا بطلعته ... يرنو سعيدا على الأحلام محسود
لا يستريح من التجوال إن له ... قصدا جميلا , و يوم العيد مشهود
ألعابه تحرق الدنيا فتسعدنا ... و في يديه حزام النار مشدود
أما رأيت شبابا يحفلون به ... و يسعدون و يعلو الحزن تفنيد ؟
أما رأيت شيوخا لا وجوم لهم ... يستذكرون و في التذكار توليد ؟
كم قد قضوا من سني الدهر مرحلة ... مرت و كم شابها سعد و تهكيد
كم طاعن قد رأى في العيد ملحمة ... فجدد العزم و انزاحت رؤى سود
كم غادة في دروب الغيد قد برزت ... بمنظر حفه سحر و توريد
خرودة في ثياب الملتقى قمر ... مرصع بالضيا عال و محمود
عيد مضى في قديم العهد نتبعه ... سعدا تبدى و حبل الود ممدود
عيد مضى و الأماني البيض زاهية ... لها حضور و ثغر الحب مورود
عيد مضى و الذي ما جاء محتفلا ... أمسى و في رأسه من شؤمه عود
هيهات ننسى ندوبا ظل معلمها ... يزري بنا , و الطريق الحر مسدود
لكننا قد تركنا بعض فتنته ... زرناه مهما شكى من فيه مجلود
هيهات ندني دفينا صار في كفن ... و قد تعدى على أوصاله الدود
لكننا بادكار زان في زمن ... جئنا به و الذي قد جاء تجديد
بالأمس كنا صفاء لا انقطاع له ... نزجي الورى بسمة تزهو بها البيد
كم قد سرقنا نعيم الوقت في ألق ... و ما اشرأبت سوى للخالق الجيد
كم قد لهونا بكل العيد نترعه ... لهوا بريئا غفت عنه المواعيد
عيدي أتيت و في الأحشاء معمعة ... فهل تراني غريبا زاره العيد ؟
بما يجول بدنيانا و غربتها ... فهل سيكرمنا بالسعد معبود ؟
يا أيها العيد إني هاهنا قلق ... من حزن ليل ففي العينين تنديد
أنى ذهبت ترى الإعياء يسبقني ... إلى الأماسي و نور الليل مفقود
إني سعيد و في بعض الورى غصص ... قد كدرتني فهل في الأفق تجديد ؟
طافت بقلبي مع الأعياد أغنية ... قد خانها من بديع اللحن تسديد
أريدها في حمى الإيقاع صاقعة ... لواؤها في فيافي الشؤم معقود
تقضي على حالق الأخلاق زينها ... قرب الصديق و جمع القوم منضود
فهل سمعت حداء البحر يسعفني ... و هل رأى ما يرى بالعين عربيد ؟
قل لي أيا عيد ما للنفس قد جنحت ... و ما أباح جنوح النفس معبود ؟
قل لي أيا عيد ما للقوم قد قطعوا ... أهلا و آلا ؟ أغيض اليوم مورود ؟
أفيهم من هوى التنصير مدخل ؟ ... أم طالهم من جمود القلب تهويد ؟
أما استحى من بغيض الصنع منقطع ... تطغى على وجهه تلك التجاعيد ؟
أنى تراءت له الأطيار يرجمها ... أيستعيذ من الترفيه مكدود ؟
عيدي إليك مع الأنسام تذكرة ... بها أراك فهل في الفجر تأكيد ؟
انتهت
أحمد المتوكل بن علي أحمد النعمي
جازان - حرجة ضمد
- 1416 ه
وكل عام وأنت بخير