- عشت معه قصص وحكايات .
لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول *** من سره زمن سرته أزمان
نعم أحبابي إنه اللفاء الأخير .
كم من خليل فارق خليله ، وكم من صاحب فقد صاحبه .
وجاء اليوم الذي لم أحسب له يوماً حساباً .
جاء اليوم الذي أنظر إليه النظرة الأخيرة ، نظرة الوداع .
إنه رفيق دربي ، وصديق عمري
وداعاً لا لقاء إلى الحشر
كم مرة قدمته على نفسي ، وكم ليلة أحرق فؤاده من أجلي
أذكر ذلك اليوم الذي التقينا فيه أول مرة فتدمع عيني كلما ذكرته
نعم ، ذلك اليوم ذهيت أنا وأخوتي وأبنائي للقائه وإحضاره لبيتنا لأول مرة .
التقينا به فتعرف على الجميع لأول مرة . ووالله كم كان الجميع فرحاً بذلك اللقاء الأول .
حتى والدتي فرحت فرحاً لا تسعه الدنيا بأكملها .
بل :حتى زوجتي كانت الفرحة على محياها وهي تلتقي به لأول مرة في بيتنا .
ولا أبالغ حتى أخواتي منهن من اتصلت مهنئة ومنهن من جاءت لتراه .
إنه رفيق دربي . بل قطعة مني .
كيف لا وهو صديقي الوفي .
عشنا ثلاث سنوات سوياً أحلى أيامنا ، في كل يوم أراه ويراني ، أنظر إليه فيزيد حبي له يوماً بعد يوم .
عشت معه قصص وحكايات .
منها ما كان نصيبه قمة السعادة ، ومنها ما كان فيه من الهم والغم ما لا يعلمه إلا الله .
أذكر يوماً من الأيام يوم الجمعة عصراً انطلقت وإياه من بلدتي حفرالباطن قاصداً بلاد الشام العزيزة وقد نسيت أن أتزود بما يكفي من المال والعتاد للطريق ، ولم يكن هناك صرافات إلكترونية قريبة نسحب منها المال للتزود من حاجاتنا ، فأصابه العطش الشديد وجف جوفه ، فتوقفت في الطريق أومئ للمسافرين حتى يسعفوننا بشيء من المال ، لكن لا مجيب ، حتى جاء ذلك الرجل الشهم ؛ رجل من أهل رفحا ء من قبيلة مطير أعزها الله أبد الدهر ، فأقترضت منه خمسين ريالاً كانت كفيلة بإروائه ، وتزودنا من محطة في الطريق ما يكفي وصولنا مدينة رفحاء ثم سحبت ما يكفي من المال .
وأذكر يوماً من الأيام كنت والوالدة وعائلتي معنا في المدينة المنورة ونحن بصحبته ، وكان الطريق من المدينة إلى منطقة القصيم جديداً ليس به محطات وقود فكانت الوالده متوجسة خوفاً من هذا الطريق ، لكن رفيق دربي أثبت في تلك الرحلة أنه نعم الصاحب ونعم الرفيق .
كانت والدتي تحبه جداً ، حتى كنت أغار من حبها له .
كلما سافرت بصحبته سألت عنه وعن أحواله .
لقد زاد حبي له بسبب حب والدتي له .
لكن جاء اليوم الذي لم أرغب فيه .
جاء يوم الفراق .
لقد حانت لحظة الوداع .
جاء القدر المحتوم ، جاءت الظروف التي حالت بيني وبينه .
نعم والله لكأني أنتزع قلبي من مكانه وأحس بالعبرة تخنقني ، والدموع لولا الحياء ممن حولي لخضبت لحيتي .
ارحل يا غنام . . .
ارحل . . .
فوالله لم أرى منك إلا كل ذكر حسن ، وموقف مشرف .
وداعاً يا غنام ، والله لولا الظروف القاهرة لما رضيت بك بديلاً .
وداعاً يا غنام وداعاً .
((( غنام ))) هو الجيب اللاندكروزر ، بعته مضطراً لظروف تمر بي هذه الأيام
ولظروف خارجة عن الإرادة لم أستطع أنزال صورة له
ومعوض خير بحول الله..
وان شاء الله ربى يرزق بعائلة غنام جميعها...