مقولة دارجة على لسان أهل المغرب .....
(( ما دمت في المغرب فلا تستغرب ))
و أضفت عليها أنا و بالهدرة (اللهجة) المغربية الدارجة ....:
(( ما دمت في المغرب فلا تستغرب ....و لكن لا بدّ و أن تستغرب))
ما إن تطء قدماك مطار محمد الخامس بالدار البيضاء حتى تستشعر طيبة و عراقة هذا الشعب المضياف ....
تبدأ تلوح لك خصوصية المغرب العجيبة ....
تبدأ تحس بسحر طبيعة البلد بكل مافيه ......
قطاراته .... سياراته .... طبيعته الخلابة .... طيبة الأنفاس ...
مهلا .... فهذا ليس كل شيء ...
بل في الحقيقة هو لا شيء أبدا .....
فكل هذا ليس إلا افتتاحية!
افتتاحية مختصرة !!
أشد الاختصار ....
ركبنا القطار متجهين إلى داخل البلد لنستأجر (طاكسي) و نتجه إلى (مراكش) و في القطار بدأت الراحة النفسية ... و الطمأنينة ... التي لا تعرف من أي تنبعث ...
فهي تنبعث من كل شيء ....
ومشكور على مروركم
و اذكر هذا الأمر لصديقي و أنا مستغرب ... فيرد علينا طفل في العاشرة ... بأن المغرب أجمل بلاد الدنيا فلا تستغربوا ...
و انظر إليه بغرابة .... و اقول ( الظاهر انك صادق )
و ماهي الا دقائق معدودة حتى نصل للدار البيضاء و وجدنا (طاكسي) يقلنا إلى مراكش ....
و في الطريق إلى مراكش ترى العجب العجاب .....
ترى بائعي البيض و الدجاج ... في صورة باهية متناغمة تناغما مذهلا مع سهول المغرب الحمراء .....
في سيدي محمد بو رحال و هي منطقة بين الدار البيضاء و مراكش ... تجد المقاهي و المطاعم المغربية الشعبية
و يستقبلنا شعب هذه الارض المضياف المعطاء بكل ترحيب ....
و يقدمون لنا الأتاي ( الشاي باللهجة المغاربية ) و اقسم بالله العظيم ... إنه أطيب شاي قد يذوقه الشخص في حياته .....
بعدها تناولنا بعض المشاوي على الطريقة المغربية فكانت من أطيب ما قد ذقته ......
و إلى الآن لست أدري لم اشتهرت الهند و ارض سيلان بالشاي و لم تشتهر المغرب .....
لم اشتهرت دول الشام و تركيا و اليونان بالمشاوي و لم تشتهر بذلك المغرب؟
أسئلة لا إجابة لها .... و التعليق الوحيد الذي تسمعه .... لا تستغرب ....
ليس هذا كل شيء .... و يستمر الإستغراب .... !
الاستغراب الشديد .......
و مع مطلع مدينة مراكش ..... تدهشك بيتوها الحمراء بلون القرميد ...
و يذهلك الطراز الاوروبي ذو المستوى العالي جدا ....
بيوت انيقة ... و مقاه راقية .... و شعب متحضر ....
يسمونها مراكش الحمراء .... نسبة للون بيوتها ...
و يقولون ايضا بأن مراكش هي وردة وسط النخيل ....
كناية لكثرة النخيل في هذه البلد الحمراء ....!
في وسط البلد توجدة منطقة تسمى ب(( ساحة الفناء ))
و في ساحة الفناء تصل بك مرحلة الاستغراب إلى أشدها .....
ففيها ترى جميع مظاهر المغرب الشعبية ... سواء من مطاعم او اسواق و ملابس .....
تذوق فيها اطيب مأكولات شعبية على وجه الارض من لحمة راس و طنجية مراكشية ...... الخ
ترى قارئي الكف يطلبون رزقهم لتسلية الناس .....
تدخل سوق الطالعة فتجد فيه مالا يوصف من الملابس المغربية الاصيلة ....
ترى و تسمع الفرق الشعبية و هي تتغني بعيون بنات فاس تارة .... و بخصر بنت مراكش تارة أخرى .....
تجدهم يصفون الحاجب بالسيف و الانف بالقلم .... و تجد ما يصفونه أمام عينيك مباشرة...
و بالعين المجردة!
قمة أوكيمدن و هي أعلى قمة في مراكش و في الوظن العربي حيث يبلغ ارتفاعها 4 آلاف متر و كسور ...
ترى العجب في الطريق لهذه القمة ....
و بما أننا في فصل الشتاء تلوح لك الثلوج في قمم الجبال و انت في الطريق للأعلى ....
و ما إن تصل هناك بعد ساعة تقريبا حتى تذهلك الطبيعة الخلابة حيث تلتقي البحيرات بالجبال و الثلوج ....
و تدرك بأن المغرب ظلمت ايضا في طبيعتها كما ظلمت في الشاي و المشويات ....
و تستغرب لماذا اشتهرب جبال الألب بثلوجها و لم يتغن احد بثلوج جبال (اوكيمدن) ؟
و يأتيك التعليق من بعيد ... بأن تكف عن الاستغراب .....
و ترد عليهم ..... لا بد و ان تستغرب !!
و يستمر الاستغراب .......
في خلال أيامك الأولى بالمغرب ..... و حين تعود للمنزل استعدادا للنوم .... تشعر بحالة غريبة جدا ....
تشعر و كأنك في فلم ... او في خيال ....
تختلط الاماكن بالاسماء و الصور ....
تحس انك تفقد عقلك ....
تحس بحالة سرحان عجيبة ... قد تمتد لأيام !
يشعر من هم حولك بأنك مريض .... أو مكتئب ...
أو أنك لا تشعر بالانسجام و تريد العودة !
نعم سحر المغرب يصل لهذا الحد....
فلا تستغرب...
بعد كل هذا تستغرب من السمعة السيئة التي تحظى بها هذه البلد ....
فكل بلد فيها الخير و الشر إنما كل مافي المغرب ساحر و جميل ...
بمعنى اخر ان اردت الطبيعة فهي اجمل طبيعة ...
ان اردت الراحة النفسية و الهدوء فلن تجده في مكان اكثر من المغرب ...
ان كنت تحب الاسواق الشعبية فهي المغرب ....
أكاد اقول ان حتى هواءها انقى من اي هواء آخر ....
و اخاف ان أتهم بالمبالغة ان ذكرت ان سماءها ليست السماء التي نعرفها !
و ما نساؤها إلا جزء من هذا الجمال ...
فبما أن كل شيء فيها جميل ....
فإن نسائها هن ككل شيء في المغرب ..... ساحرات فاتنات ..... حد الذهول !
و هو سحر طبيعي رباني .....
لذلك من يذهب للمغرب طلبا للزواج فقد يقضي بقية عمره مسحورا بطيبة و صدق و بساطة و وفاء المغربية ....
لعل جمالها ليس هو ما يسحر ... فكل نساء العالم فيهم الجميلات ....
و لكن ما يسحر هو الطيبة و البساطة و الادب ..... و أشياء أخرى ...!
و في طريق العودة .... و بداية من مراكش حتى مطار الدار البيضاء .... تظل تلوي عنقك لترى اخر المشاهد و عينك تلفظ انفاسها الاخيرة في المغرب ...
تغالبك الدمعة ... و تحس بأنك لا تقوى فراقها .... و ستحتاج إلى قلب جامد جمودة الصخر لتقوى فرافها .....
تحس بأن قلبك بدأ يذوب .......
و تتذكر طلال مداح رحمه الله و هو يقول : ( اذا لاح الجمال و ضعت كفي على قلبي مخافة أن يذوب )
و تتذكر اغان اخرى للمداح و تنساها في وقتها .....
تأتي لمخيلتك أغنية في سلم الطايرة فتجد نفسك تغني وقفت اودع في المطار!
تحس انك بلا عقل مرات .... و تحس بعقلك مرات اخرى ...
تضحك و تحس انك تريد البكاء:k: و بكل مرارة .... :k:
تنزل الدمعة و ترسم على شفتيك اجمل ابتسامة ....
تدرك صدق طلال مداح و يسلم بن علي ... حين وصفوا المغرب ب(جنة الدنيا)
تصل للمطار ..... و لا تدرك ماذا تفعل ......
تقلع الطائرة .... فيذوب قلبك ... حين يلوح الجمال ...
في الأفق البعيد البعيد البعيد البعيد......
من لمني في حبكم مامعه ساس ربي خلق فيها من الناس اجناس
هي جنة الدنيا بها طيب الانفاس مشتاق للمغرب ولي قلب حساس