الطائرالجريح
31-10-2022 - 01:32 am
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد ..
أيها الأعضاء الكرام .. و الأخوة الافاضل .. و القارئون المتذوقون كما عهدتكم ...
كنت قد وعدتكم بأنني سأتطرق لقصيدة و معلقة الوالد الكريم شاعر جازان
علي أحمد النعمي , و التي تحمل اسم ( الصقر الجريح ) .. هذه القصيدة الرائعة
و المعلقة الفريدة في هذا الزمان لكنني ترددت كثيرا في انزالها لسببين :
1 أن القصيدة لوالدي حفظه الله ... و خشيت من قذفي بالمحاباة ...
2 أن القصيدة طويلة و بوزن واحد , و قافية واحدة .. حيث يصل عدد أبياتها الى
0بيتا يجول و يصول فيها الشاعر في فلسفة الحياة التي يبين فيها أن الحياة
متقلبة و أن الصديق قد يصبح عدوا و العكس .. و يطرح رحلته الحزينة بين أيديكم ,
و فلسفته العميقة تجاه من أحبهم فلم يبادلوه ,, و جهد في ارضائهم فأرهقوه و أزهقوه
قد نتفق معه و قد نختلف .. لكننا نحترم وجهة نظره مهما كان لدينا أخرى .. فهو الشاعر
و نحن المنصتون القارئون .. و قد نعلم ماذا أراد و قد نؤوله حسب تذوقنا .....
لكنني عقدت العزم على طرحها بين أيديكم و في هذه البوابة فقط لعلمي بمدى تفاعلكم
و تذوقكم الشعري و لأنكم تستحقون أن تتذوقوا الشعر العربي الفصيح , و لقد عقدت
العزم على أن أقسمها على حلقات .. أبدأ بحلقة ثم أنظر مدى جودتها لديكم و هل
ناسبتكم أم لا و على ضوء ذلك سأواصل باقي الحلقات ...
و هذه المعلقة ليست بأفضل شعره بل من أفضل شعره و قد كتبت في عام 1409
و للشاعر 6 دواوين مطبوعة و لن أتعرض لها ...
فالى الصقر الجريح و معلقته الصقر الجريح .. مع مقدمة الشاعر للقصيدة ..
الصقر الجريح
الحياة ميدان واسع واسع , و رحب رحب ... المتصارعون فيه هم البشر وحدهم
بصفتهم الجنس الناطق , و المخلوق المكلف و العاقل , و بصفتهم الكائن الخاضع
رغم أنفه للثواب و العقاب .. ان خيرا فخير .. و ان شرا فشر ...
و الشاعر بكل المقاييس واحد من أولئك البشر الا أنه يظل المخلوق الوحيد الذي
يقف على رصيف الحياة كالصقر الجريح , تجيئه الطعنات من حيث قدر البسمات ,
و تنهال عليه النصال من حيث قدر دفء الظلال .....
فهل ذلك قدره ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من يدري ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
و لكنها الحياة !!!!!
و لكنهم الناس !!!!!
و كفى !!! و كفى !!!!! و كفى !!!!
أنا و الرصيف فلو نظرت تراني ... و ترى ظلال الحزن في أجفاني
أنا و الرصيف .. وقفت أسأل ماالذي .. يجري ؟؟ و هل تثني الخطوب عناني
أرنو لآفاقي البعيدة ,, أقتفي ... أضواء نجم لم يزل يرعاني !!
و أطيل في التحديق يلسع خافقي ... نصل ,, و ليل بالأسى يغشاني
و أعود منكسرا تلوب بمهجتي ... ذكرى .. و توقظ عبرتي أشجاني
تتحسس القدم الأليمة راحتي ... و تعي الخطى المتعثرات بناني !!
أنا و الرصيف .. بشقوتي عزف الأسى ... لحن الضياع بمعزف أبكاني !!
سأهيم رغم تمزقي كالطيف في ... سبحات حلم للسرى استهواني
فالبحر من حولي حكيم مبدع ... و محدث لبق بغير لسان
و على امتداد الأفق جال بخاطري ... ما فيه من در زهى ,, و جمان
و أخذت أصنع زورقي من زفرتي ... و أصوغ مجدافي من الحرمان
و جدلت من حرق السنين شراعه ... و من الدموع أريكة الربان
و وقفت وحدي و الرصيف و زورقي ... و البحر ,, والترحال ملء كياني
و ركبت بحر الهول بعد تردد ... و كأن من حولي شهود عيان
بحر يخيف بكل ما في الخوف من ... معنى ,, و ما في الهول من غليان
بحر يفوق بعمقه و هديره .. بحر الحياة الصاخب الفوران
بحران !! من ماء و من ماء , وفي ... جوفيهما وجهان مختلفان
و مضيت أشهد كيف يصفع زورقي ... موج الخداع ,, و عاصف الأضغان
و لقيت من سحب النفاق صواعقا ... مجنونة الضربات في الآذان
و عبرت منخفض الوشاة و تهت في ... جزر الرياء .. مرابع الشيطان
جزر الرياء بعابها و شعابها ... و بكل ما فيها من الأدران
لا بد للملاح أن يجتازها ... حتى و ان كانت من النيران
و وجدتني ما بين فكي مارد ... أخشى ملامحه ... و لا يخشاني
في رحلة ينسى الخبير طريقه ... فيها ,, و يشقى في طريق ثان
هو مارد يبدو بألف عباءة ... همجية عن سائر الأردان
و غريبة .. ليست من الأصواف في ... شيء ,, و لم تنسج من الكتان
هو لا يرى لكنه متلون ... خبثا ,, و يلدغ لدغة الثعبان
متسلط ما حل قلبا فاهتدى ... و له قوى في المكر و الطغيان
لكنني بعزيمتي سأزيحه ... و أصد كل مكابر يلقاني
و أدك كل جزيرة مجنونة ... بحثا عن الياقوت و العقيان
ياقوت نور الحق جل جلاله ... زاد المعاد ,, و جنة الرضوان
و جلال عقيان الخشوع انابة ... و تضرعا للواحد الديان
صارعت أمواجا , و خضت مجاهلا ... و شقيت في شعب و في خلجان
و حملت أوضار الحياة على يدي ... و قذفتها في اليم للحيتان
و خرجت من لجج الفواجع ظافرا ... و رفعت أعلامي على الشطآن
يا شاطيء الأحلام كم من شاطيء ... ودعت قبلك عاش في أحزاني ؟؟
كم شاطيء أرسيت بعدك زورقي ... فيه ,, فأجفل رهبة و جفاني ؟؟
و الآن عدت الى الرصيف كأنما ... هو وحده الباقي من الخلان !!
يتبع
...
, ...
,,
!!
8... 122
( )
.. ..( ... )