- مطعم يعيد المصريين إلى بيوت الأجداد ومطابخهم القديمة
- «أبو السيد» يستعيد أجواء ثلاثية نجيب محفوظ
مطعم يعيد المصريين إلى بيوت الأجداد ومطابخهم القديمة
«أبو السيد» يستعيد أجواء ثلاثية نجيب محفوظ
بين بنايات قديمة تعود إلى أوائل القرن الماضي، وسط الزحام الذي يتصارع فيه الماضي والمعاصرة، بوسع القادم من أول منطقة الزمالك، جهة وسط القاهرة، أن يعود إلى الماضي قليلا، بعد أن يركب آلة الزمن ويحط في أواخر القرن التاسع عشر وأن ينتقل إلى زمن ولى بمجرد دخوله إلى مطعم جديد، يبيع الماضي لزبائنه في أول منطقة الزمالك.
بوابة طويلة ضخمة، عليها نقوش قديمة، طلاؤها متساقط، يقف عليها حارس يشبه حراس البيوت الملكية القديمة أيام المماليك، البوابة التي تفتح بصرير كبير، يليق بمنزل قديم، ستجعلك تتذكر المقولة الشهيرة لمارلون براندو، وآل باتشينو، في فيلم الأب الروحي «سأقدم له عرضا لن يستطيع رفضه»، والعرض الذي يقدمه المكان هنا، هو استغلال حنيننا الدائم إلى الزمن القديم، إلى بيوتنا الريفية القديمة، حكاياتنا، وجلساتنا الأرضية، المقاعد الواطئة والأكلات الشعبية التي لا يعرفها الكثيرون.
«أبو السيد» هو اسم المطعم، وينطق بتشديد السين وكسرها، والمطعم من اسمه يستعيد أجواء الثلاثية، وشخصية ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة «سي السيد»، المطعم بداية من مدخله، من بوابته الكبيرة الضخمة بمجرد ولوجه، وإغلاق الباب خلفك، بداية من إضاءته الخافتة، ورائحة الطعام التي تشعرك وكأنك في منزل بأحد الاحياء الشعبية القديمة، كل هذا سيمنحك الإحساس بأنك عدت إلى الماضي.
محمد إبراهيم، المشرف على المطعم، يقول إنه أنشئ منذ ست سنوات، في شراكة بين عدد من رجال الأعمال، ويقول إنهم عمدوا إلى تقديم التاريخ لزبائنهم.
يمكن للداخل إلى المطعم أن يلمح بسهولة الموتيفات الشعبية المتناثرة بعرض المطعم، وأن يرى صور أم كلثوم القديمة، صور يوسف وهبي ونجوم الزمن الماضي، والنجف القديم المعلق في السقف، وعودا قديما موضوعا على رف خشبي قديم، يجعلك تنتظر أن تسمع ألحانه.
يقول محمد إبراهيم إن الزبائن «يأتون للماضي ونقدم لهم أطعمة الماضي، فبرغم أن المطعم في منطقة الزمالك الراقية إلا أن القادمين إلى هنا يأكلون الشركسية والألماسية كما سيجدون البصارة، وورق العنب، والفتة، والكرشة والفول والطعمية بطبيعة الحال، والممبار والعدس والكشك والملوخية والكشري والفطير المشلتت، وكلها أكلات شعبية تقدم في الريف المصري أو كانت تقدم فيما مضى بعد أن طغى ذوق جديد حتى في الطعام».
زوار المطعم كما قال محمد متنوعون ومن طبقات اجتماعية مختلفة، لكنهم يأتون جميعا إلى هنا قاصدين شيئا واحدا، أن يركبوا آلة الزمن ويعودوا إلى الوراء قليلا. احد زوار المطعم الذي كان يتناول عشاءه بصحبة عدد من اصدقائه قال ل«الشرق الاوسط» : «هنا اشعر وكأنني في حي السيدة زينب الذي ولدت وعشت فيه سنوات طويلة حيث اشم رائحة الطعام الذي اعتادت امي اعداده لنا قبل وفاتها. ليس هذا فقط بل انني اعيش ذات الاجواء التي اعتدت عليها في الماضي». ويضيف قائلا: «هذا المناخ يبعث في نفسي نوعا من الاسترخاء والراحة، واحساسا عميقا بالسكينة التي نادرا ما اشعر بها. ولهذا احرص علي المجيء الي هنا مع اصدقائي المقربين فقط بعيدا عن الزحام والمصالح الشخصية والمجاملات الاجتماعية الزائفة فقط لنتذكر ايام الماضي الخوالي».
شكرا لك