- شلالات الدر دارة
شلالات الدر دارة
أثناء رحلتي الأخيرة للبنان قرر سائقي أبو يوسف إلا أن يأخذني الى نهر العاصي في منطقة الهر مل ، ويغدينى في مطعم شلالات الدر دارة. لم أكن متحمساً كثيرا للفكرة وذلك لبعد المكان عن بيروت قرابة ساعتين بالسيارة، إلا انه نظرا لإصراره خضعت للأمر ووافقت. كانت الطريق من بيروت الى بعلبك ، ثم الهر مل تمر بجبال لبنان الساحرة ، ثم تنحدر الى البقاع في عقبة صغيرة ، مرورا بالعديد من القرى الصغيرة ، وبين الفينة والأخرى يقف بعض الصغار بائعوا الحمص على جنيات الطريق ليبيعوا الحمص الطازج في شجيراته الصغيرة المحملة بحبات الحمص الطازج اللذيذ ، فكان أجمل تسلية لنا في الطريق .
منطقة البقاع اللبناني رغم مزارعها الشاسعة إلا انه يغلب عليها الفقر حيث يلاحظ الزائر الفرق بينها وبين باقي مناطق لبنان الأخرى من حيث ضعف البنية التحتية ، وتردى أوضاع الطرق . اللافتات السياسية يشاهدها الزائر في كل مكان حيث يتصدر حزب الله معظمها ، وما أن يتجاوز الزائر منطقة بعلبك إلا وتختفي تلك اللافتات حيث يبدأ الدخول في منطقة الهرمل ذات الأغلبية النصرانية ، فتتبدل أوضاع المباني والطرق ، وحتى الطبيعة .
ثم يبدأ نهر العاصي يلوح للزائرين تمتد على جنباته المطاعم والمقاهي والنزل والاستراحات.
كانت هذه زيارتي الأولى لهذا الجزء من لبنان ولذلك كنت منسجما وراصدا لكل ما تشاهده عيني.
كنت دائم السؤال لأبي يوسف كم بقى من الوقت ، فيجيبني دقائق معدودة . لم تكن المناظر التي مررنا بها في نظري تستحق العناء فكنت كاتماً لغيضى وأشعر اننى أخذت مقلبا لرحلة شاقة .
وفجأة يقف أبو يوسف لننزل في مطعم يقع في منحدر جبلي ذو صخور كلسيه غير ذات شجر ، فزاد غيظي قائلا في أعماقي هل هذا ما تجشمنا عناء الطريق إليه ، إلا اننى كنت صامتا ولسان حالي يقول ليتنى لم أوافق.
وما أن دلفنا الى المطعم حتى دهشت حقيقة بكل ما تعنيه هذه الكلمة حيث شاهدت شلالات ذات مياه غزيرة وخضرة وارفة تحيط بها بينما تقع طاولات المطعم على جانب الشلال في منظر ولا أروع.
كان الاستقبال حميما والترحيب بنا لم ينقطع خلال فترة جلوسنا، وقد اخترنا طاولة مقابلة للشلال مباشرة ، فكان هدير المياه يداعب أذاننا بصوت موسيقى لا أجمل ولا أعذب.
سبحان الله ما أجمله من منظر، وما أروعه من مكان. شكرا لك أبا يوسف على إحضارنا الى هذا المكان الرائع هذا ما قلته من كل أعماقي.
روعة المكان انستنى الجوع ، وعناء الطريق ، فلم أعد مهتما إلا بمشاهدة هذا الإبداع الإلهي.
لم ينتهي رفضي لمقترحات أبي يوسف بلا استمر في عناد طفولي ، حيث عرض على أن أجرب السمك الحراق الذي يشتهر بتقديمه المطعم ، فأخبرته اننى لا أحب السمك النهري ، حيث أن السمك يصطاد فورا من النهر ثم يطهى طازجا في توابل خاصة ، فقال سوف نطلب سمكة واحدة ، وأنت خذ ما تشاء فطلبنا مشويات.
وما أن حضر الطعام وشاهدة السمكة الحراقة حتى ابتعدت عن المشويات وانقضيت على السمكة التي لم أذق اللذ منها وهنا كان على أن أعتذر ثانية لأبي يوسف فقد كان الرجل رائعا في كل اختياراته .
وبعد الوجبة الشهية طلبنا شايا فكان الشاي مع المناظر المحيطة له مذاقا خاصا جعلني أهيم في ملكوت الله مسبحاً لأجمل منظر رأيته في لبنان.
كان أبو يوسف يقترح علينا أن نجرب الرحلة النهرية في نهر العاصي على القوارب المطاطية وهي ما يسمى ( الرافتنقRafting ) حيث أن المطعم يقدم هذه الرياضة المائية ، إضافة الى انه يوجد به فندقا لمن يحب أن يقضى بعض الوقت بعيدا عن صخب الحياة في بيروت.
وبالرغم من أنني قررت أن لاأخالف مقترحات أبي يوسف مرة أخرى إلا أن الظروف كانت غير مناسبة حيث لا يوجد لدينا ملابس إضافية في حالة تعرض ملابسنا للبل وهو أمر لا مفر منه . فقررت أن يكون ذلك في زيارة أخرى لهذا المكان الرائع.
ومن أشهر النشاطات التي يمكنكم الاستمتاع بها في الهرمل وفي مطعم وفندق شلالات الدردارة ما يلي؛
التجذ يف المائي الجماعي على مركب مطاطي والمغمارة مع تيارات نهر العاصي ضمن مجموعة يقودها أحد اعضاء النادي
. التجذ يف المائي المنفرد على مركب خاص مع جميع التجهيزات اللازمة لأمان والسلامة الصحية
رياضة المشي واكتشاف طبيعة الجبال الهرمل
كان أبو يوسف كريما سخيا ، فحلف إلا أن نزور مزرعته في بعلبك في طريق عودتنا الى بيروت وأن نقطف منها كرزا طازجا فكان ذلك حيث استمتعنا بألذ كرز حلينا به الوجبة الدسمة.رغم قصر الزيارة لهذا المطعم الراقد في أحضان العاصي إلا أنها كانت من أجمل الزيارات والتي أتمنى أن أكررها في زياراتي القادمة بصحبة أبي يوسف ، الذي أشعرني أنه يعرفني من مدة طويلة ، فلم يكن مجرد سائق مرافق لسائح بل كان نعم الرفيق والصديق .