- أصوات معتدلة
- ثمانية فروع
- ازدهار ملحوظ للحلال
أثارت سلسة مطاعم "كويك" الشهيرة للوجبات السريعة جدلا واسعا شمل مختلف الأحزاب السياسية الفرنسية باقتصارها بيع أكلات حلال فقط في ثمانية من فروعها في فرنسا.
فقد رأى البعض في الخطوة التي اتخذتها مطاعم كويك تمييزا ضد غير المسلمين، فيما اعتبر آخرون أن النقاش الدائر حول هذه المسالة "مبالغ فيه" ويأتي في إطار استهداف المسلمين.
فقد هاجم "رينه فانديريندونك"، رئيس بلدية مدينة روبي، الخطوة التي اتخذتها مطاعم كويك قائلا: "ما فعلته كويك تمييزاً ضد غير المسلمين، لأنها تقدم منتجات حلال فقط"، مضيفا: "الأمر يمكن أن يكون مقبولاً لو تم تقديم كل المنتجات إلى جانب منتجات الحلال".
ورأى فانديريندونك - بحسب ما نقل عنه موقع إذاعة "دويتشه فيله" الألماني مؤخرا - أن سلسلة مطاعم كويك تبالغ في مراعاة مشاعر خمسة ملايين مسلم في فرنسا، إلى درجة أنه سعى إلى رفع دعوى قضائية ضد هذه المطاعم بسبب ما سماه بالتمييز ضد غير المسلمين.
لكنه سرعان ما سحب هذه الدعوة حين قوبلت بترحيب كبير من قبل اليمينيين المتطرفين، وخاصة من مارين لوبين، ابنة مؤسس الجبهة الوطنية المتطرفة جون ماري لوبين، التي أعربت عن تأييدها الكبير للسياسي الاشتراكي بالقول: "أين هي إذن حرية الآخرين؟ هل هي حرية الذين يؤمنون بدين معين أو لا يؤمنون بشيء؟".
وفي سياق الهجوم ذاته على خطوة مطاعم "كويك"، رأى وزير الزراعة الفرنسي "برونو لومير" في تصريحات أدلى بها مؤخرا لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن "حجب كل ما ليس حلالاً من مطاعم مفتوحة للعامة يجعلها تميز على أساس طائفي أو ديني، وهذا يتنافى مع مبادئ الجمهورية الفرنسية".
الممثلة السينمائية الفرنسية، بريجيت باردو، أعلنت هي الأخرى اعتراضها على تقديم وجبات حلال في مطاعم كويك، ووجهت رسالة إلى مديري هذه المطاعم، زعمت فيها إن طقوس ذبح الحيوانات تتسبب في عذابها قبل الموت.
أصوات معتدلة
ووسط هذا الاحتجاج ظهرت بعض الأصوات المعتدلة التي ترى أن النقاش الدائر حول مسالة تقديم مطاعم كويك لوجبات حلال مبالغ فيه.
ومن هؤلاء "دانييل كون بيندت"، عضو عن حزب الخضر في البرلمان الأوروبي، الذي قال: "هناك الكثير من المتاجر اليهودية في فرنسا التي تبيع المنتجات الكوشير، ولم يبد أحد اعتراضه على ذلك". وأضاف كون بيندت، المنحدر من عائلة يهودية، أنه "لا أحد يرفع دعوى ضد محل أو متجر يبيع المنتجات العضوية، أي تلك التي لم تدخل على تركيبتها الجينية أي تعديلات".
من جهتها، بررت سلسلة مطاعم "كويك"، التي تنتمي إلى مؤسسة مالية حكومية، تمسكها بموقفها بحرية التجارة، التي أيدتها الأحزاب الليبرالية وحزب الخضر.
المسلمون بدورهم أعلنوا عن سعادتهم بخطوة مطاعم كويك، ومن هؤلاء "مالك"، الشاب الفرنسي المسلم، الذي قال: "ما فعلته كويك أمر جيد، على الأقل نرى أن الوضع في مدينة روبي في تحسن مستمر، وأن الانفتاح على المسلمين بدأ يتسع تدريجياً ليشمل مجالات مختلفة".
"آبيل" شاب فرنسي مسلم، يتردد أيضاً إلى مطعم المأكولات الخفيفة الحلال، رأى أنه "إذا كانت غالبية الزبائن تريد استهلاك المنتجات الحلال، فمن المنطقي أن يتم تقديم المنتجات التي تلقى إقبالاً كبيراً".
ثمانية فروع
ومنذ منتصف شهر ديسمبر (2009) اعتمدت سلسلة مطاعم "كويك" تقديم الأطعمة الحلال فقط في ثمانية فروع جديدة افتتحتها في فرنسا، يوجد اثنان منها في مدينة "مرسيليا"، وفرع واحد في كل من مدن: "تولوز"، "روبي"، "فيلوربان"، "جارج ليه جونيس"، "بوتشلاي"، "أرجينتيول".
وعلقت الفروع الثمانية الجديدة لافتات توضح أن اللحوم التي تقدمها حلال، وتتم الموافقة عليها من قِبل المسجد المحلي في المدينة التي يوجد بها المطعم، والمسجد الكبير في العاصمة الفرنسية باريس.
وقد وصفت وسائل الإعلام الفرنسية هذه الخطوة من قبل مطاعم "كويك" بأنها "سابقة لم تشهدها أي من المطاعم الشهيرة في أوروبا ولا أمريكا من قبل"؛ نظراً لأن "كويك" لم تدرج أطعمة حلالاً ضمن وجباتها، وإنما جعلت الأطعمة الحلال هي المكوِّن الوحيد لوجباتها في هذه الفروع الجديدة".
ازدهار ملحوظ للحلال
وتشير التقارير إلى أن سوق المنتجات الحلال في عام (2009) شهد ازدهاراً ملحوظاً في فرنسا، التي تحتضن أكبر أقلية مسلمة في أوروبا، تمثلت أهم مظاهره في دخول شركات ومطاعم كبرى في مجال المنافسة على تقديم المنتجات الحلال.
وذكرت دراسة حديثة أجرتها "وكالة سوليس" أنَّ سوق الحلال في فرنسا وصلت استثماراته في (2009) إلى 4 مليار يورو تقريباً (5,90 مليار دولار)، وأنَّ معدل نموه السنوي يقدر بنحو (15%).
وأضافت الدراسة أنَّ السنوات الخمس الأخيرة شهدت توسعاً كبيراً في بيع المتاجر الكبرى للمنتجات الحلال، وعلى رأسها: "أوتشان"، "لو كليرك"، "سوبر يو"، "كارفور"، "كازينو".
يشار إلى أنَّ القائمين على المساجد الكبرى في المدن الفرنسية يقومون بدورٍ رئيسٍ في التحقق من المنتجات المطروحة في سوق الحلال، وعلى رأس هذه المساجد "المسجد الكبير" في باريس والذي يشرف على مراقبة وتوزيع (70%) من هذه المنتجات، إضافة إلى مسجدي "إيفري"، و"ليون".
ولا تقتصر المنتجات الحلال في السوق الفرنسية على اللحوم، وإنما اتسعت في الآونة الأخيرة لتشمل العديد من المواد الغذائية الأخرى؛ مثل الألبان والحلويات والأطعمة الخفيفة، ومواد غير غذائية؛ مثل مستحضرات التجميل.
وتعتبر الأقلية المسلمة بفرنسا أكبر أقلية في أوروبا، حيث تقدر بنحو 6 ملايين مسلم بحسب تقديرات رسمية فرنسية، في حين تذهب تقديرات داخل المنظمات الإسلامية إلى أن الرقم قد يصل إلى عشرة ملايين نسمة من إجمالي تعداد السكان البالغ حوالي 64 مليون نسمة.
واعتُرِفَ بالإسلام رسمياً في فرنسا عام 2003م بعد تأسيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" عن طريق الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي"، والذي كان آنذاك وزيراً للداخلية.
منقول من موقع رسالة الاسلام