- بوابة الصحراء
- مدينة المتناقضات
- سحر المكان
- أسواق السحرة
- بيوت الرياض
- المطبخ المغربي
لا توجد مدينة لها من الغموض والسحر ما يجعلك تعيش صفحات من خيال ألف ليلة وليلة مثل مدينة مراكش· تلك المدينة ذات الألف عام والمخبأة في أحضان التاريخ والتي قال فيها الغزاة قصائد مزجت فيها حلاوة العشق بمرارة الهزيمة· تحيط بها أسوار شاهقة صدت عنها الغزاة قديما وجذبت لها الزوارحديثا، ولعبت على مر العصوردور البوتقة التي صهرت الهويتين الأفريقية والإسلامية في دماء أهلها بشكل فريد· على عتبات أبوابها تقف الصحراء بكثبانها الحمراء الناعمة تردد صدى المآذن وتنشر شذى النسمات وتنقل حكايات السحرة والتمائم والتعويذات· عندما تسير في شوارعها يجتاحك مهرجان من الأحاسيس والصوروالألوان والأصوات والمذاقات · إنها السياحة في مراكش·· رحلة من ذكريات لا تنسى·
بوابة الصحراء
ما يقال عن روما يصلح أن يقال عن هذه المدينة ، فكل الطرق تؤدي إلى مراكش ·فهي العاصمة الجنوبية للمملكة المغربية الشقيقة·وهي أشبه بواحة وسط الصحراء· تحيط بها الأسوار من كل جانب · فيحد الجانب الشرقي من المدينة ارتفاعات جبلية هي امتداد سلسلة الجبال في شمال أفريقيا حيث قرى البربر التي شهدت الازدهار و التنوير بعد الفتوحات الإسلامية منذ 900 عام· وإلى الجنوب تقع مدينة جوليميم الصغيرةوالتي تعرف باسم بوابة الصحراء· لكونها أشهر سوق لتجارة النوق والجمال في العالم· كما يحد مراكش من الغرب شواطئ تطل على المحيط الأطلسي و تعرف باسم الريفيرا المغربية· و هي تمتاز عن نظيرتها الفرنسية بدفء المياه وسحر المنظر و بانتشار قرى الصيادين والتي يطلق على أهلها اسم الزرق و ذلك لوشم أجسادهم باللون الأزرق أو ربما للون ثيابهم المائل إلى زرقة البحر· وككل المدن القديمة المحصنة لمراكش أبواب ضخمة وأقفال هائلة ومفاتيح ثقال و تاريخ طويل من صد الغزاة وقهر الطامعين·
وقف الغزاة أمام أبوابها مبهورين بعظمتها وأصالتها · فلقد كتب أحد جنرالات الجيش الفرنسي في مذكراته عن مراكش صفحات طويلة سرد فيها تفاصيل كثيرة تدل على عظم ما تركت فيه هذه المدينة من ذكريات عميقة· فقال:لي مع أبواب مراكش ذكريات غالية · فعندما وقفت لأول مرة أمامها شعرت وكأن البساط السحري قدأخذني إلى هناك·كانت مدينة من صنع الخيال بكل تفاصيلها الدقيقة ، ولقد تسمرت قدماي عند أبوابها عند الرحيل وأبى علي الوجد أن أغادر ولولا احترامي لهيبة وطني لأخذت حفنة من رمالها أيقونة أضمها إلى صدري·
مدينة المتناقضات
مثل العديد من المدن المغربية تمتاز مراكش بالتناقضات ففي فترات الظهيرة يخيم الهدوء على المدينة بأكملها وتتحول إلى أميرة نائمة في سبات عميق لا يوقظها منه سوى نسمات باردة تهب من المحيط فإذا بالشوارع تضج بالمارة وتمتلأ الأسواق بالسياح والباعة والمشترين ويصبح لا مكان في مركز المدينة لقدم· ويطلق على مركز مدينة مراكش اسم ساحة الفناو هي ساحة كبيرة اشتهرت في العصورالماضية بجمهرة الناس للشهادة على إقامة الحدود، ثم تحولت مع الزمن إلى سوق كبير يختلط فيه السحرة والمشعوذون بالباعة المتجولين ورواد المطاعم والسياح المصطافين· ومن المشاهد المألوفة في ساحة الفنا المراكشية رؤية استعراض الثعابين المروضة، والحركات البهلوانية و اللعب بالنارو قراءة الطالع و تبصير الفنجان وشراء البضائع،و بيع الصابون العطري وخلطات الجمال السحرية بينما وسط هذه اللوحة الصاخبة بالأحداث هناك من يجلس على طاولات المقاهي بهدوءلاحتساء الشاي المنعنع والمحلى بالسكر· وستجد نفسك في النهاية تسير في مهرجان غريب من الأحاسيس المتداخلة تختلط فيها الحركات بالألوان ، بنداء الباعة وأجراس العرافات ، بروائح العطور و البخور وشي الكباب·
ويصطف على أرصفة الساحة عدد كبير من النسوة المتخصصات في صناعة الخلطات السرية من الزيوت والأعشاب والعطور·ويكفي أن يقترب السائح من إحداهن و يشرح لها طلبه فتناوله الخلطة المناسبة للعلاج بكل ثقة·و بعضهن من تفلح في إقناع مشتري الأعشاب بقراءة الكف أو الفنجان أوالنجوم·و تنتقل متعة المشاهدة إلى أرصفة أخرى من الميدان ينتشر عليها باعة الماء و العصائر و العرقسوس وفرق موسيقية تعزف ألحانا شرقية أصيلة·يمكنك أن ترى مشهدا ممتعا كاملا في كل التفاتة، وكأنه مسرح كبير يعج بالممثلين و الفنانين و لكنه مسرح غير تقليدي بلا خشبة أوستارة أو موعد عرض وإنما أرصفة و بنايات و عرض مستمر دون انقطاع· هذا المشهد المراكشي الأصيل هو ما دفع بآلاف السياح للتوافد على هذه المدينة على مر السنين·وفي فترة من الفترات كادت تتحول نقطة الجذب السياحي تلك إلى نقطة ميتة مظلمة · عندما ظهرت خطة بتحويل هذه الساحة إلى موقف عام للسيارات· إلا أنه ولحسن الحظ لم يتم تنفيذ الخطة ·و عاد لأهل مراكش بهاء ساحة الفنا التي يعتبرونها الرئة الحقيقية التي يتنفسون منها وبدونها لن يكون هناك سبيل للحياة·
سحر المكان
عند بزوغ أول شعاع للفجر تتحول مراكش إلى قلب يتدفق بنبض الحياة وروح الإصرارعلى البقاء·و لكن قبل أن تبدأ في جولتك السياحية لابد أن تستعين بمرشد سياحي معتمد، يعينك على التجول في المدينة· فحتى السائح الخبير بالاتجاهات و الذي جاب البلاد شرقا وغربا وسلح نفسه بالمعرفة و الخرائط والكتيبات يمكنه أن يضل الطريق و يفقد الأثر· فكثير ما تجد نفسك مأخوذا بسحر المكان فتسلمك المشاهد لبعضها و تقودك إلى متاهات من الأزقة والحارات والشعاب المتشابهة حتى تجد نفسك تسير في شيء أشبه بالمتاهة·و من فوائد المرشد السياحي أيضا أن يكفيك شر المتطفلين و الباعة المتجولين ومحترفي التسول·
على مقربة من الساحة العامة وسط مدينة مراكش يوجد سوق للتحف و السجاد· ربما لن تجد الجودة الكافية للشراء لكن متعة التجول في السوق لن تمنعك من سؤال الباعة عن الأسعار·و ستدرك من ارتفاعها أنها بضائع مخصصة للسياح ، فأهل مراكش أنفسهم لا يتسوقون منها و لا يستخدمون أزقة السوق إلا مرورالكرام رغبة في اختصارالطريق· وأفضل نصيحة إن أردت أن تتسوق أو تشتري هدايا تقليدية أو تتناول طعاما عليك أن تذهب حيث يذهب أهل البلاد وتشتري من حيث يشترون ·فهناك ستضمن الجودة و السعر المناسب·
أسواق السحرة
أول ما سيقابلك عند البوابة الرئيسية هو مقهى علاء الدين الشهير، ويقع خلفه سوق الأقمشة والسجاد ،و الذي ما أن تنتهي منه حتى يقودك إلى الأسواق المسقوفة التي يباع فيها العطور والبخور والصابون وفراء الحيوانات· و هناك سوق خاص بالسحرة يجلسون فيه و يبيعون أرجل الدجاج و مناقير الديوك ورؤوس الخفافيش و جلود الثعابين وأشياء من هذا القبيل ستجدها مجففة ومعلقة أو مخلطة و معبأة في قوارير· و يكثر فيه العرافون والمشعوذون و قارئو الطالع·وبعطفة صغيرة يمكنك أن تدخل سوق الأحجار الكريمة و المجوهرات و الفضيات ثم أسواق الفواكه و الخضار و اللحوم· وهذا شيء من قليل · فلكل زقاق طابعه الخاص و سلعته المتخصصة ورواده المتميزون· و نظرا لتقارب هذه الأسواق تختلط الروائح ببعضها و تمتزج لتقودك إلى مشاعر فريدة ليس لها مثيل· وهناك مسجد الكتيبة الذي ترتفع مئذنته 77 مترا عن وجه الأرض · وهو مسجد قديم استمد اسمه من أسواق الكتب العتيقة التي كانت تشتهر بها الشوارع المجاورة للمسجد·و كان هذا المسجد قد بني عام 1126 ميلادية في عهد عبد المؤمن ويعد مثالا نموذجيا للعمارة الإسلامية· و هو رمز المدينة و أهم معالمها· و هناك مسجد بن صالح و الذي تزينه أربع منارات جميلة مزينة بالفسيفساء الخضراء و الذي يمكن أن يرى بوضوح من بعد·
بيوت الرياض
أبرز ما في مراكش من جمال يتجلى في البيوت التقليدية الجميلة التي تقع خلف أبواب المدينة و يطلق عليها اسم الرياض· و هي بيوت وجهاء و أثرياء مراكش الذين كانوا يسكنونها فترة من الزمان ثم هجروها للعيش في بيوت على الطراز الفرنسي في الأحياء الراقية من المدينة· فباعوا الرياض إلى تجار أوربيين حولوها إلى فنادق للسياح و بات يسكنها المشاهير و الأثرياء من جميع أنحاء العالم· و الذين يفدون إلى مراكش مأخوذين بسحر المكان والفن القديم· و بعض هذه الرياض باتت ملكا للمشاهير أمثال مصمم الأزياء الفرنسي جان بول جليتير و المغني البريطاني جورج مايكل و الممثل الأميركي كايت وينسليت بطل فيلم تيتانيك · و اجتمع كلهم على أن السحر العجيب في جمال الصحراء وروعة المعمار الإسلامي يجعل من الرياض روضة من الجنة·
أبواب الرياض جميلة ذات ألوان و زخارف متقنة · و يتوسط البيت حديقة من أشجار الفواكه تطل عليها كل الغرف و القاعات و تتميز بأقواس و زخارف المغرب الجذابة التي تزين الأبواب و الممرات· و لا يسعك إلا أن تقف منبهرا أمام الحدائق الغنية بالزهر و الثمر وأشجار الليمون و الزيتون وآبار المياه العذبة و الهواء الطلق الذي يتخلل كل جنبات الرياض · و المبيت في إحدى هذه الرياض يعد تجربة فريدة لا تقاوم فرغم ارتفاع سعر الإقامة و الذي يتراوح بين 200دولار و 1500دولار لليلة، يحرص الكثير من زوار مراكش الإقامة فيها و لو ليلة واحدة مع الحرص على السكن في الحي الفرنسي الذي يبعد نصف ساعة عن المدينة طوال فترة الرحلة·
المطبخ المغربي
ومن يزور مراكش لابد أن يستمتع بالمطبخ المغربي وأطباقه الشهية في المطاعم العديدة ذات الطراز الاسلامي و النقوش المراكشية ذات الألوان الزاهية· فوجبة العشاء في مطاعم مراكش تدليل للنفس و بهجة من الأطعمة الغنية بالنكهات· وأشهر ما يقدمه المطبخ المراكشي في المغرب هو رأس الغنم المطهي في التنور بالبهارات على نار هادئة على مدى أربع و عشرين ساعة· و هناك حساء الحريرة الشهير المطهي من لحم الغنم و الخضروات و أكلة الكسكس الشهيرة والعديد من الطواجن التي تمتزج فيها الخضروات بالفواكه المطهية في مرقة من اللحم و تضاف إليها المكسرات· و من أشهر المطاعم في مدينة مراكش مطعم علاء الدين الذي يتصدر ساحة الفنا الكبيرة و يتميز ببوابته الفارهة ذات النقوش الذهبية والتي تعد معلما من معالم مراكش· كما تكثر المطاعم على جانبي الساحة تقدم اللحم المشوي و الأرز و الحلوى و أكواب الشاي بالنعناع· و من أشهر الشخصيات التي عرف عن ولعها بزيارة مراكش رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وينستون تشرشل و الذي كان له طاولة خاصة يجلس عليها كل ليلة لتناول العشاء و له غرفة خاصة في أحد الفنادق يتردد عليها من حين لآخر· وفي مذكراته الخاصة ذكر تشرشل مشاعره تجاه مراكش ووصفها بأنها المدينة التي هبطت على الأرض من عالم الخيال·
و تبقى السياحة في مراكش رحلة لا تنسى من الذكريات و الأحاسيس و المشاهد الفريدة التي لا تتماثل مع أي مدينة أخرى في العالم· و ليلة الوداع يحرص العديد من السياح على رؤية مشهد الغروب الذي يذوب فيه قرص الشمس في الأفق البعيد · وقتها تتحول المدينة ذات الرمال الحمراء إلى لون قرمزي شديد الحمرة يبعث الدفء في قلب كل من يزورها و يهون عليه قرار الرحيل·
منقول
المغترب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوي /// المغترب
كفيت ووفيت
وموضوع كامل من مجاميعه
وبصراحه التميز سمه بارزه في موضوعاتك والتي احرص انا والاخوه الاعضاء في بوابة المغرب بالذات على متابعتها والاستفاده منها
كل الشكر لك اخي الكريم
وتحياتي