- نبذة مختصرة عن ... كرداسة
- مصانع فاشلة
الجزء التاسع - 9
نبذة مختصرة عن ... كرداسة
في بطن أحد الجبال الشاهقة التي تحيط بالقاهرة من ناحية الجنوب تقع قرية كرداسة التي تعد أشهر القرى المصرية في صناعة النسيج بكل أشكاله، خاصة المشغولات اليدوية، وأهمها الجلابيب بمختلف أنواعها.
كما تعد كرداسة نموذجا فريدا للقرى في المنطقة العربية التي نجح سكانها في أن يصنعوا لأنفسهم خصوصية بأدوات بسيطة من البيئة المحلية، واستطاعوا أن يكوّنوا علاقة متميزة بين التاريخ والجغرافيا، فقد تحولت كرداسة من قرية عادية يعاني أغلب سكانها من الفقر إلى موقع بارز على الخريطة السياحية المصرية بجانب الأهرامات، و"أبو الهول". وأضحى معظم السياح الأجانب الذين يفدون إلى مصر يحرصون على زيارة كرداسة ضمن برامجهم السياحية.
لا يفصل كرداسة عن أهرامات الجيزة التي يزورها آلاف السياح الأجانب يوميا سوى حوالي عشرة كيلومترات. ويقيم بها حاليا نحو 120 ألف نسمة. نصفهم ليسوا من أهل البلدة بل نزحوا إليها من أقاليم مصر المختلفة بحثا عن العمل والسكن؛ نظرا لقربها من العاصمة المزدحمة بالسكان.
أما الباقون فمن السكان الأصليين لكرداسة، وهم عبارة عن مجموعة من عائلات معروفة بالاسم، أبرزها: بيت عيسي، مكاوي، الشيخ، السيد، محمود، الطيار.. وكل هؤلاء توارثوا العمل في النسيج بكافة أشكاله، بدءا من صناعة السجاد اليدوي والجلباب البلدي، وانتهاء بأزياء خاصة بالسيدات اشتهرت بها ورش التصنيع في كرداسة.
والجيل الحالي الذي يعمل في صناعة النسيج ورث العمل عن الآباء، وإن كانت صورة القرية اليوم مختلفة؛ فالعاملون بهذه الصناعة يرتدون الملابس الحديثة ويركبون سيارات فارهة ويتحدثون في "الموبايل". وهي عكس الصور التي يضعونها لآبائهم على حوائط الورش وهم يرتدون الجلباب البلدي، وهو الزي التقليدي لمعظم أهل قرية كرداسة. وهناك زي خاص للمرأة وهو الذي انطلقت منه العباءة البدوية التي يحرص السياح العرب والأجانب على اقتنائها عند زيارتهم لهذه القرية.
وتجمع الحياة الاجتماعية بكرداسة ما بين خصائص الريف والمدن؛ فتجد الأب يبني بيتا مكونا من عدة طوابق يخصص الطابق الأول للحياة الجماعية بينما لكل ابن "شقة" مستقلة لا يدخلها إلا في نهاية اليوم. وأمام هذا البيت تقف سيارة "أحدث موديل"، ويتعلم أبناء هذا الرجل في الجامعة الأمريكية. وهناك تنازع-أو بالأحرى صراع- بين الآباء الذين يرغبون في التمسك بعادات وتقاليد توارثوها، وبين أجيال جديدة نشأت في جو تتوافر فيه سبل العيش الكريم والدخل المرتفع؛ وبالتالي وجدوا أنفسهم يُحسبون على طائفة الأثرياء بينما يقيمون وسط قرية بسيطة يتمتع أهلها بروح التواضع والكرم المعروف عن أهل الريف المصري.
مصانع فاشلة
بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 تم إقامة 3 مصانع ضخمة في القرية، كان أحدها مخصصا لصناعة الشاش الطبي، والآخر للقطن الطبي أيضا.. أما الثالث فكان يتم فيه تصنيع المستلزمات القطنية للفنادق. وكلها كانت تدار بطريقة القطاع العام. واستوعبت المصانع الثلاثة نحو ثلثي طاقة العاملين في مجال النسيج بكرداسة، مقابل رواتب شهرية منتظمة.
وكانت الدولة مسئولة عن توزيع واستيعاب المنتَج. وبجانب هذه المصانع كان يوجد مشاغل (ورش) صغيرة تتخصص في تشغيل النساء والبنات في تصنيع الشيلان (جمع شال) والعباءات المطرزة. وظلت المصانع والمشاغل تعمل بطاقات ضخمة وحدثت انتعاشة في القرية خلال السنوات العشر الأولى من بدء تطبيق التجربة، وسرعان ما بدأ الفشل يهدد المشروعات بسبب سوء الإدارة وعدم اختيار الكفاءات والفساد.
وخلال عشر سنوات أخرى كانت الخسائر تتراكم على المصانع، والعمال يتسربون إلى أن انهارت التجربة تماما في مطلع السبعينيات من القرن الماضي وأغلقت الدولة المصانع التي مازال بعضها قائما حتى الآن.. عبارة عن خرابات ومقالب للزبالة والمخلفات.
وفى الطريق الى كرداسة مرورا من شارع فيصل ( رحمه الله ) ، ومن ثم شارع الهرم ، دخلنا مدينة ريفية ذات أشجار عالية ، ونخيل باسق مثمر ، وترع جانبية وسواقى ، ومواشى ومراعى وبيوت طينية ، وحجرية
متنوعة ، وعند مفترق أحد الطرق ، رأينا لا فتة على جانب الطريق مكتوب عليها ( أهلا بكم فى كرداسة ) ..
مدينة حلوة من النظرة الا ولى ، تحسبها وكأنها أستديو كبير لاحدى أفلام الريف المصرى !!
وما أن دخلنا الى أسواقها ومشاغلها للبحث عن المنسوجات والملا بس المشهورة بالجلا بيات النسائية
( كهدايا ) للا هل وتذكار من أشهر محلات القطن المصرى !!!
البازارات ذات النكهة القديمة لبيع النحاسيات والا نتيكة ، تملاْ المكان بشتى أنواع المعروضات الفرعونية
والمصرية من الماضى الى الحاضر ....
دخلنا المحلات ، هنا وهناك ، وأشترينا جديد السوق ، وحملنا أكياسنا ، وجلنا بأسواق المدينة الخضراء ،
التى أعجبتنى فعلا بنظامها الريفى العتيق !! وكم هالنى اسعار المعروضات والفرق بينها وبين الا سواق فى القاهرة ( مع العلم وبالمقارنة بين البضاعة ذاتها وجدت الفرق كبير ) !!!
وفعلا أنصح جميع من يذهب الى القاهرة بالذهاب الى كرداسة أذا ماأراد الهدايا وشراء اللوازم النسائية ،
ومنها جولة ومشوار وتسوق وشراء بأسعار أفضل من محلات القاهرة المبالغ بأسعارها !!!
فكرداسة جميلة بطابعها الريفى لعشاق الريف المصرى ، والمنظر البلدى !! الحلو ....
والمدينة لا تبعد عن القاهرة بأكثر من مشوار السيارة بنصف ساعة مع الزحمة .. !!!
وماأجمل صوت ماكينات سحب الماء من الترع على جوانب الطريق الاخضر والنخل الطويل الجذاب بسموه
الرفيع يعانق الفضاء الرحب مشكلا أجمل لوحات الطبيعة الرائعة ....
وطبعا بعد أن قضينا وقتنا القصير فى ( كرداسة ) الجميلة وأسواقها الشعبية العامرة ، يممنا وجوهنا نحو
القاهرة قاصدين زيارة الاهرامات لقضاء أوقات سعيدة فى أحضان التاريخ الضارب ب7000 سنة ولت
ومازالت كما هى بحضارتها الشامخة تكتب لنا ( الا مس ) وكأنه ( اليوم ) ماثلا أمامنا على ماتركوه الفراعنة
من ذكريات ورموز والغاز وكتابات ومرامى لم تصل اليها عقولنا والتكنولوجيا المعاصرة !!!
الا ن ومن بعد أذنكم سنذهب لحجز تذاكر ( القرية الفرعونية ) التى سنزورها من بعد الا هرامات بعد ظهر
اليوم ذاته الذى سنتكلم عنه فى الجزءالحادى عشر باذن الله .....
وفى القرية الفرعونية وجدنا التاريخ يتكلم بصوته الشجى َ ، ولسان حاله يقول ( شفتوا أزاى أنا جميل وماتغيرتش ) !!!! فعلا أنه تاريخ جميل ورائع بكل صوره وأدابه ورموزه ووجوده .... !!!
وحتى يحين موعد زيارتنا الى القرية الفرعونية ، دعونا الان نذهب بمعيتكم الى زيارة ( الاهرامات ) ....
وننتظر دخولك الاهرامات .