القاهرة المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
رمح الشمال
01-05-2022 - 04:10 pm
  1. كنوز قاهرة المعز‏..‏ من ينقذها؟


كنوز قاهرة المعز‏..‏ من ينقذها؟

في الجزء الأول من دراسته القيمة أثار القاهرة الاسلامية في العصر العثماني والتي رصد فيها الباحث الأثري محمد أبوالعمايم مجموعة الآثار العثمانية في القاهرة كتب يقول عن مدينة القاهرة وتعتبر الآثار العثمانية هي الأكثر عددا بين الآثار التاريخية التي مازالت قائمة لطول أمد العصر العثماني وقرب العهد منه‏,‏ حيث يبلغ عدد الآثار العثمانية التي تم تسجيلها رسميا بمدينة القاهرة وحدها حوالي‏220‏ أثرا ما بين مساجد وزوايا وتكايا وبيوت ووكالات وأسبلة ومدارس وحمامات وأضرحة وغير ذلك‏..‏ ثم يشير في موضع آخر إلي بعض العناصر الجديدة التي أضافتها العمارة العثمانية للعمارة المملوكية وماسبقها من طرز معمارية عبرالعصور في القاهرة
وكان من أهمها المئذنة العثمانية الأسطوانية ذات القمة المخروطية المدببة والتي ظهرت في البداية بشرفتين في جامعي سليمان باشا بالقلعة وبولاق وفي جامع جاهين الخلوتي‏,‏ ثم أصبحت بعد ذلك ذات شرفة واحدة ونموذجا شائعا في مساجد القاهرة‏,‏ وإلي استخدام العقد القوسي في المداخل والوكالات والبيوت والأسقف الرومية‏(‏ التركية‏)‏ وتعدد المساجد الصغيرة المساحة قياسا إلي مساحات المساجد في العصور السابقة وظهور مساجد عثمانية خالصة الأسلوب مثل جامع سليمان باشا الخادم بالقلعة والكتاب الملحق به وجامع سنان باشا وجامع محمد بك أبوالدهب والمدارس العثمانية التصميم مثل المدرسة السليمانية والمحمودية وتكية اسكندر باشا
والتي كان يميزها جميعا فكرة الصحن المكشوف الذي تحيط به غرف يتقدمها رواق يطل علي الصحن‏..‏ ومن خلال صفحات الدراسة وبعض الصور يوثق الباحث بداية دخول الزخارف النباتية للعمارة الاسلامية سواء في المساجد أو المدافن‏,‏ كما يشير إلي انتشار الزوايا الصغيرة والأضرحة ويربطها بانتشار الصوفية والدراويش في تلك الفترة التي شهدت أيضا كثرة عدد الأسبلة المفردة والملحق بها كتاتيب‏,‏ ثم تمضي الدراسة لترصد المتغيرات والتأثيرات المعمارية التي لحقت بأشكال هذه العمارة مع بداية حكم أسرة محمد علي علي امتداد القرنين التاسع عشر والعشرين
‏..‏ صور وصفحات من تاريخنا لم يكن الدافع الوحيد للعودة إليها الندوة التي عقدها المجلس الأعلي للثقافة مؤخرا تحت عنوان مصر في العصر العثماني والتي تعرض الزميلة ايمان فهمي لجانب منها علي هذه الصفحة‏,‏ بل أيضا علامات الدهشة والاستنكار التي تعلو وجوه المارة في أحياء وأزقة القاهرة القديمة عندما يواجههم اختفاء مبني كان ملء السمع والبصر أو عندما تصطدم أعينهم ببقايا لوح أو حجر أثري يطل علي استحياء من بين أكوام القمامة وحالة التبلد والتعايش أو ربما الاستسلام التي ترتسم علي وجوه سكان الحي‏,‏ربما نتيجة لحالة العجز عن فعل أي شئ للحفاظ علي معلم من معالم المنطقة أو ربما جهلا بقيمة الأثر أو وجوده أصلا مثل الحوض الفريد الجيركو روماني الذي كان موجودا بفناء مدرسة فاطمة النبوية واصبح في خبر كان‏!!‏تحت رقم‏212‏ تم تسجيل جامع جاهين الخلوتي في سجلات الآثار باعتباره واحدا من أهم معالم مدينة القاهرة القديمة‏,‏ وقد جاء ذكر هذا المسجد في كتاب علي بك مبارك‏(‏ الخطط التوفيقية‏)‏ ووصفه بأنه يقع بسفح المقطم ويصعد إليه بمزلقان وبه أربعة أعمدة من الحجر وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف يكتنفها عمودان من الرخام ومنبر خشبي ودكة قائمة علي عمود من الرخام وتتمثل ملحقات المسجد في مساكن وخلوات للصوفية ومقابر منحوتة وبعضها مبني وصهريج للماء وبيت خلاء‏,‏ بالإضافة لمجموعة من المغارات المنحوتة في الصخر علي مستوي واحد أو علي مستويات مختلفة من الجبل
وكان يتصل بعضها ببعض بأنفاق ويتم الوصول إليها بدرجات منحوتة في الجبل طبقا لوصف الباحث محمد أبوالعمايم‏,‏ الذي أضاف
أنه بحكم موقعه يحتوي علي مبان من عصور مختلفة وأن مأذنته التي أنشئت منفصلة عن مباني المسجد‏,‏ يلاصقها بناء ضيق من الحجر به شباكان من أعلي وتضم قبته مجموعة من الشبابيك المغلقة والمفتوحة علي التوالي‏,‏ ويعد من أهم أشكال العمارة العثمانية المبكرة‏,‏ هذا المسجد الذي يمثل قيمة أثرية ومعمارية لاتقدر‏,‏ قد تدهورت حالته‏,‏ حيث لم تمتد إليه أية أعمال حفظ أو ترميم منذ عام‏1905,‏ بل إن الأمر إزداد سوءا بعد اكتشاف كنز منزل زينب خاتون إذ تعرضت المنطقة للنبش وتم العبث بالقبور وتمزيق الأكفان الأثرية التي تعد أثرا للمنسوجات من العصور المختلفة‏.‏
وإذا كان جامع الخلوتي ومرافقه لايزال صامدا يدعونا للتدخل السريع والانقاذ فإن قمة المأساة تتجسد في هدم جامع السيدة فاطمة النبوية ورباعه الأثرية والذي ضم أجزاء من عصور عثمانية مختلفة رغم أن تاريخ بنائه يعود لعهد عباس الأول‏.‏ فهذا المسجد الذي احتوي علي أعمدة من المرمر ذات تيجان وقواعد ومنبر خشبي ولوحات تاريخية من الرخام ومئذنة ثمانية كانت تمثل معلما للحي‏.‏ وتمتد قائمة الإهمال والتعدي لنشهد تحول مدفن عبداللطيف الروزمنجي بشارع القادرية‏(‏ بين السيدة عائشة والامام الشافعي
والمسجل تحت رقم‏380,‏ لمقلب للقمامة وهدم عدد من الوكالات المسجلة وغير المسجلة مثل وكالة أوده باش في ش باب النصر‏(1‏ و‏3)‏ ووكالة الخرنوب بشارع التومباكشية بالجمالية بالقرب من جامع الأقمر قبل أن يتم تسجيلها أو إجراء أية حفائر أو تصويرها بدعوي تطوير المنطقة‏!!..‏وتمتد يد الاهمال لتطول أثر تكية السيدة رقية‏(6‏ ش الخليفة‏)‏ والذي كان من ملحقات مشهد السيدة رقية وكان له باب بشارع الخليفة نقش عليه بقعة شرفت بآل النبي وبنت الرضي علي رقية‏1175‏ ه‏.‏ وتتكاثر الأنقاض علي الطريق لنشهد تحول سبيل يوسف بك‏(1044‏ ه‏/1634‏ م‏)‏ بشارع مراسينا بالسيدة زينب والمسجل تحت رقم‏219,‏ الذي أهمل وتم هدم ملحقاته‏.‏ والزاوية والضريح اللذان حملا رقم‏18‏ بنفس الشارع‏,‏ وقد تحولا لمقلب للقمامة‏,‏ لينشب فيه الحريق أكثر من مرة ويدمر سقفه قبل تصويره‏,‏ بالاضافة إلي نزع مصبعات نافذته الصغيرة‏(‏ مربعات الحديد المتقاطعة‏)‏ ليصبح خرابة ومقلبا للقمامة‏.‏
وعلي بعد خطوات من هذا الأثر تطالعنا قبة الأربعين بنفس الشارع فتبدو مهملة وقد ظهر بوضوح أثر رشح المياه علي الجدران وباتت آيلة للسقوط‏.‏ وقد جاء ذكر هذه القبة في كتاب الخطط التوفيقية‏.‏ ولم يقتصر التخريب علي الآثار المسجلة وغير المسجلة التي طالها الإهمال إذ نجد أمثلة أخري لعمليات الترميم العشوائي غير العلمي التي تهدر العديد من الآثار مثلما حدث مع قصبة رضوان بك‏(‏ شارع علي جانبيه دكاكين تعلوها رباع وسقف يقي من الشمس‏)..‏ فمنذ سنوات قامت الشركة الموكلة بالترميم بهدم العديد من الجدران الأثرية في الأدوار العليا رغم أنها كانت بحالة جيدة وتمثل نموذجا معماريا لامثيل له‏,‏ كذلك فقد لوحظ في الآونة الأخيرة عمليات تخريب‏(‏ تحت عنوان الترميم‏)‏ بالتكية السليمانية بشارع السرجية‏.‏ صور ومشاهدات لصور الإهمال والتخريب سواء عمدا أم بدافع الجهل
ولكثرة تكرارها باتت وكأنها تتساوي إن لم تزد عن عدد الآثار التي ترتكب في حقها وحقنا هذه الجرائم‏..‏ والحقيقة أن هذا الرصد السريع لحالات الإهمال والتعدي علي الآثار التي تمثل العصر العثماني في القاهرة بقدر ما أثار في نفسي الدهشة لعدم التعرض لهذه القضية أثناء احتفالية المجلس الأعلي للثقافة‏(‏ مصر في العصر العثماني‏)‏ والخروج بقرارات وخطوات عملية جادة للحفاظ علي هذا التراث المعماري العام بقدر مايدعونا للمطالبة بعقد مؤتمر عاجل يضم كل أطراف المشكلة من الأثريين ووزارة الأوقاف والآثار ومحافظة القاهرة لحل هذه المشكلة التي رصدناها ورصدها غيرنا علي مدي سنوات‏.‏
كتبت: سناء صليحة



خصم يصل إلى 25%