- وعليه فالفندق يتفاخر انه لجيه تسع قنوات فضائية.
بادئ ذي بدء أحب أن أحييكم جميعا فسلام الله عليكم ورحمته وبركلته. وبعد:
سبق أن أتحفنا كاتبنا القدير أبو سلطان بموضوع عن السودان ، وقد أبدع في وصفه أيما ابداع. تمنيت من كل قلبي أن ازور هذا البلد الشقيق والحبيب والذي أتمنى من الله أن يخرجه من المحنة التي هو فيها وان يحفظ إخواننا في الدين ، كذلك في الوطن. حصلت بيني وبين أبو سلطان بعض التعليقات عن هذا البلد وكل منا تمنى أن يتحقق له زيارته . وجائتنى الفرصة سبحان الله دونما ترتيب . تلقيت دعوة كريمة لزيارة هذا البلد للمشاركة في عمل علمي. فلم أتردد لحظة واحدة في الموافقة . وكنت أتذكر أبو سلطان دائما وأقول في نفسي ( ياأ با سلطان بزور قبلك السودان). بدأت إجراءات السفر بترتيب إجراءات الفيزا أو التأشيرة وهذه معلومة جديدة على حيث عرفت أنهم يطلبون فيزا على السعوديين ، وتكلف قرابة 200 ريال . إلا أنهم لم يأخذوا منى مبلغاً مالياً لأني سأسافر بدعوة رسمية . حصلت على الفيزا وجهزت كافة الأمور للسفر وكنت متلهفاً ليوم السفر. وفي اليوم المحدد أقلعت الطائرة من مطار الملك خالد الدولي ، كان موعد الرحلة مزعجاً جداً حيث انه في الرابعة وعشر دقائق صباحاً وهذا هو موعد رحلة الخرطوم . اى يعنى انه ما فيه نوم ليلة السفر. استغرقت الرحلة 2.40 ساعتين وأربعين دقيقه. وحينما قربت الطائرة من مطار الخرطوم كنت متشوقا لرؤية الأرض . كنت أتوقع الخرطوم ارض خضراء لأنه يشقها نهران عظيمان هما النيل الأزرق والذي يأتي من الحبشة ، والنيل الأبيض والأتي من أوغندا ويلتقيان في الخرطوم ليكونا نهر النيل العظيم في مثلت يطلقون عليه ( المقرن) بفتح الميم وتسكين القاف. اى من الاقتران.
كم كانت دهشتي حينما ألقيت ببصري مع نافذة الطائرة لأرى ارض صحرواية في غالبها يخترقها ما عدا بعض البقع الخضراء المتناثرة على استحياء هنا وهناك . لم اصدق وقلت في نفسي لا يكون الطيار غلط ورجع الرياض . ولم يخرجني من حيرتي إلا نداء الطيار بالاستعداد للهبوط . كان الوقت صباحا حيث كانت الساعة قرابة السادسة ، وخمسين دقيقه تقريبا. وحينما هبطت الطائرة كان في استقبالي بعض الأخوة الكرام . اخذ ونى إلى صالة التشريفات الصغيرة في حجمها الكبيرة بأهلها. وقد حصل لي موقف طريف معهم حيث اركوبنى في السيارة بعد النزول من الطائرة فاعتقدت أن الصالة بعيدة إلا اننى فوجئت أن السيارة تحركت قرابة 100 م ثم توقفت مره أخرى ليدعوني للنزول ، والحقيقة أن الطائرة كانت اقرب إلى الصالة من موقف السيارة التي اخذتنى إلى الصالة فجلست اضحك معهم وقلت لهم لو توجهنا للصالة مباشرة لكان اقرب إلا أنهم اخبروني أن هذه بروتوكولاتهم . مطار الخرطوم بشكل عام كبير من حيث المدرجات إلا انه صغير جدا من حيث المبنى صالات القدوم والمغادرة وهم الآن يقومن بتحديثها ، حيث شاهدت صالة حديثه تحت الإنشاء زجاجية جميلة الشكل أتمنى أن تنتهي قريبا إن شاء الله . لم يتسنى لي رؤية الصالات حيث أن صالة التشريفات تقع خارج الصالة وفى موقع قريب من مهبط الطائرات ولم يتح لي دخول مبنى المطار.
أخذت إلى الصالة وهي عبارة عن حجرة يتراوح حجمها بين سبعه متر عرضا ، وقرابة تسعة أمتار طولاً . مؤثثه أثاثا بسيطاً . إلا أن الملفت للانتباه هو أن الصالة رغم صغرها يوجد بها أربعة عشر مكيف بين مكيف نافذة ، ومكيفات كبيرة مثل مكيفات المساجد ومشغلينها كلها من زود الكرم والعناية بالضيف لكي لا يشعر بالحر مما جعل الحجرة أو الصالة تصبح مثل ثلاجة الموتى . والحقيقة بعد موتى بضع دقائق أصبح جسمي مثل دجاج( دو الفرنسي) تجمدت. واستحيت أقول لهم طفوا المكيفات . و تحملت حتى انهوا إجراءات دخولي واخذ ونى إلى فندق الهيلتون وهو الفندق الوحيد في السودان الذي ينزلون فيه الضيوف الرسميين بمختلف فئاتهم حتى أن قرنق نائب الرئيس يسكن في الفندق ذاته اذا حضر للخرطوم، ويعد من فنادق الخمسة نجوم تجاوزا . يقع هذا الفندق على شارع النيل . كنت اعتقد أن هذا الفندق فعلاً خمسة نجوم ولكن فوجئت انه اقل من فنادق الأربعة أو الثلاثة نجوم اذا ما صنف عالميا فأثاثه متواضع جداً وقديم جدا إلى درجة متهالك . وعرفت انه يدار من شركة كويتية ولم تستطع الشركة أن تجرى اى تعديلات في الفندق للكثافة العالية من مرتادي الفندق فهو مشغول بالكامل طوال أيام السنة . أما سعر الغرفة به فهي تصل إلى 250 دولار للغرفة العادية، ويمكن أن يخفضوها إلى 180 دولار اذا احضر الشخص خطابا رسميا من جهة ما . .دخلت الحجرة وأردت اطل على النيل وأشاهد التقاء النهرين من غرفتي في الدور الثامن. إلا اننى فوجئت أن الستائر لا مصنوعة من القش المقوي والقماش على الفلكلور الأفريقي وان على أن أبقى حاملاً للستارة طوال الوقت الذي أقف فيه أمام النافذة حيث أن الستار ة لا تثبت في مكانها اذا أردت فتحتها. كان لدى متسع من الوقت حيث أن اليوم الذي وصلت فيه لا يوجد به جدول إعمال وإنما هو يوم حر فقلت فرصه ارتاح قليلا ثم اخرج لرؤية الخرطوم التي حلمت أنا وأبو سلطان برؤيتها.
حاولت أن أشاهد التلفزيون فاكتشفت انه لا يوجد به سوى قنوات محدودة . بالرغم من ذلك فقد يكون من الفنادق القليلة التي يوجد به قنوات فضائية حيث أن البث الفضائي في السودان قليل جدا إلى معدوم لدى عامة الشعب .
وعليه فالفندق يتفاخر انه لجيه تسع قنوات فضائية.
ارتحت قليلاً ثم نزلت إلى بهو الفندق لأكتشف البهو والمناطق المحيطة به . كان البهو صغيرا نسبياً إلا انه مرتب نوع ما وتبدو عليه وقار فخامة قديمة فجميع أثاثه قديم جداً. وضعت جواز سفري ، واغراضى الهامة في خزنة الغرفة حيث أن كل غرفه بها خزنة يمكن برمجتها برقم سرى من قبل النزيل ، ولا يقبلون أن ترك اى شيء لدى الأمانات في الفندق ولا توجد لديهم هذه الخدمة.
انتظرت إلى صلاة العصر ثم خرجت لاكتشاف الخرطوم بطريقتي الخاصة بعد أن زوغت من السائق الرسمي المكلف بمرافقتي وقلت له اذهب لمنزلك فانا لا أريد الخروج اليوم وسأتصل بك اذا أردتك . وصرفت من الفندق بعض الجنيهات السودانية التي ذهبت ورجعت وأنا لا اعرف كيف أتعامل معها حيث أن عندهم عملتين دينار سوداني ، وجنية سوداني ، والحقيقة ما فهمت الفرق إلا أنى ضبطت مقدار الصرف فالريال السعودي يصرف ب 66 دينار . والدولار 250 دينار . إلا اننى وجدت صعوبة كبيرة في المحاسبة واحد يقول دينار والآخر جنية وشغله . المهم في النهاية صرت أقول لهم بالريال أو الدولار ارحم وصرت أحاسب بالريال السعودي وبالمناسبة الكثير من المحلات يقبلون الريال السعودي مباشرة.
اخبرني الرسيبشن أن التكاسى الواقفة أمام الفندق متعاونة مع الفندق وأنها أكثر أمنا ً. إلا إن سعرها ضعف سعر التاكسي العادي ، بدلت ملابس الخليجية وخرجت أمام الشارع العام وما أن لمحنى أصحاب التكاسى إلا وتسابقوا على ، ركبت مع احدهم الذي ارتحت له والذي قدم ارخص العروض. ( مناقصة).
لا اعرف أين اذهب وقال لي وبن ماشى يا زول ، قلت ودي أشوف الخرطوم أبيك تودينى فىجولة على أهم الملامح العامة في المدينة .
ما أن تحرك قليلاً حتى عرف اننى من المملكة فحلف وطلق أن لا يأخذ منى قرش وان يمشينى حتى اتعب . أنا خجلت حقيقة وقلت في نفسي ليتي ما قلت له. اخذنى في جولة على شارع النيل وهو شارع قديم محاذ للنيل يقع عليه القصر الجمهوري ، ومعظم الفنادق الرئيسة وان كان ما فيه إلا الهيلتون ، وفندق آخر اسمه قراند هولدى فيلا وهو يصنف خمسة نجوم إلا أن الواقع أن نجمتنين كثيرة عليه لأنه قديم جدا من أيام الاستعمار ولم يجدد فيه شي إلا أن موقعه على النيل مباشرة أعطاه ميزه وأهمية كما انه كان مقر استقبال الوفود الرسمية وكبار زوار الدولة. إلا اننى لا حظت أن هناك مشاريع فنادق جديدة حيث أن ابن الرئيس معمر القذافى ي يشيد فندقا فخما جداً مع مركز تسوق في الشارع ذاته وهو يقف شامخا في خيلاء ويتوقع أن ينتهي منه خلال عام من الآن تقريباً . كما أن الأمير الوليد شرى ارض في ملتقى النيلين ويريد أن يقين عليها فندق فخم يتبع سلسلة فنادق الانتركونتنتل كما سمعت. في الجهة المقبلة شاهدت فندق آخر كبير نسبيا إلا انه ليس خمسة نجوم علمت انه مشغول بالكامل من وفود الشركات الصينية التي بدأت تتوافد للاستثمار في البلاد. أيضا يقع في الشارع فندق السودان وهو فندق تقريبا نجمتين .
في الحلقة القادمة أن شاء الله سأخبركم عن مغامراتي مع محجوب وهو اسم سائق التاكسي الذي أصبح صديقي في أحياء الخرطوم وأسواقه الشعبية، ومطاعمه ، واهم ملامحه .