- حدائق المنارة في مراكش
أول ما بنى في مراكش دار من حجر حفظ فيها المرابطون أموالهم وسلاحهم وفيها سكن الأمير (يوسف بن تاشفين) أقدم أثر فيها بعد دار الحجر ما يعرف بقبة المرابطين جزء من مسجد بناه (علي بن يوسف المرابطي) في بداية القرن الحادي عشر الميلادي بنيت للوضوء صهريج ماء تغطيه قبة، شكل البناء مربع زُين بخطوط هندسية بارزة، وفي الجدران فتحات للإضاءة والتهوية أقواسها صغيرة مختلفة الأشكال منحنية أو منكسرة.
استخدم ابن يوسف أمهر البنائين لإعمارها وزخرفتها، فجاءت إنجازاً مميزاً للعمارة المغربية الأندلسية، زينت القبة من الداخل بزخارف متقنة، المحار عنصر بارز فيها.
ننتقل إلى مكان آخر وإلى زمان آخر، دار إقامة كبيرة بناها وزير الحرب (سعيد بن موسى) في نهاية القرن الثامن عشر في حي رياض الزيتون في مراكش. ساحات تربطها ممرات مسقوفة حولها غرف واسعة تعرف اليوم بمتحف دار السي سعيد، نزورها لسببين لأنها نموذج للفن المعماري المغربي الأندلسي الجميل، ومثال على حسن الاستفادة من الأماكن ذات القيمة الفنية والتاريخية والتي تستعمل مراكز سياحية ثقافية قاعات عرض للفنون بأنواعها أو متاحف وطنية.
الصناعات الفخارية أوان جمعت من أنحاء مراكش المدينة ذات استعمالات متعددة للطبخ والزينة والإنارة، قدور ومباخر وقناديل مصبوغة ملونة أو غير مصبوغة.
في عام 1957م تم تحويل دار السي سعيد إلى متحف محلي يعرض الصناعات التقليدية ووجوها للحياة التراثية المراكشية، جانب من البيت المراكشي في غرفة تلونها الزخارف الجبسية التي تتخذ شكل النوافذ الجدارية المتشابكة، اشتهرت مراكش أحوازها وأطراف الأطلس المجاور لها بصناعة البُسط أو الزرابي الصوفية التي تميز ألوانها أنواعها ونواحي صنعها.
وفي الدار المتحف جناح يعرض صناعات خشبية أبواب ونوافذ من بيوت مراكشية قديمة ملامح من حياتها الاجتماعية كالناعورة، اللعبة التقليدية تدور في الهواء تسعد الأطفال يوم عيدهم ولهوهم.
ننتقل إلى مكان آخر وإلى زمان آخر، على مقربة من موقع مسجد على بن يوسف المرابطي في قلب مدينة مراكش تقع مدرسة ابن يوسف، يرجع البعض إنشاءها إلى القرن الثاني عشر الميلادي إلى العهد المرابطي، وينسب آخرون ذلك إلى الملك السعدي عبد الله الغالب في القرن السادس عشر الميلادي، عاشت المدرسة ما عاشته مراكش المدينة من صعود وهبوط، نهار وليل، لهذا رممت بعد خراب أكثر من مرة.
ولابد أن بناءها أعيد أيام عبد الله الغالب عام 1570 ميلادية مع ما شهدته المدينة في عهده من نهضة عمرانية شاملة، على جانبي الساحة رواقان شمالي وجنوبي، تعلو أعمدتهما سواقف خشبية مستقيمة استخدمت بدل الأقواس المنحنية أو المتموجة، المدرسة من طابقين تتوزع عليهما غرف الطلبة، نوافذ الغرف محاطة بزينتها تطل على الساحة الوسطى.
آيات من القرآن الكريم وأبيات من الشعر محفورة منقوشة على الجدران والأعمدة بخطوط عربية بديعة متقنة بأنواعها كالنسخ والكوفي، تزيدها جمالاً زخارف نباتية أوراقها منحنية.
قرميد يغطي سقف المدرسة، مراكشي الطابع، أخضر، تحت السقف في أعلى الجدار حزام خشبي منقوش، محفور يزيده لونه الداكن مهابة، زخارف الجدران جبسيه محفورة تحاكي في صنعها زخارف قصر الحمراء في الأندلس، تتألف من أشكال هندسية وخطوط وزخرفة نباتية مورقة.
يحد الساحة من جهة الشرق بيت الصلاة، مسجد بمحراب تشهد نقوشه والجدار المحيط به بفن فريد قد لا تراه العين في غير هذا المكان، في المسجد أعمدة ستة أقواسها منحنية، وفوق الأعمدة تيجان، جدار القبلة لوحة كبيرة من الزخارف النباتية لا يخلو جزء منها من لمسة إبداع وروعة صناعة، السقف من الخشب مزيج من الإتقان والأصالة ورائحة الزمان.
درجات تؤدي إلى الطابق العلوي، ممرات طويلة على جانبيها غرف الطلبة، يقال إن المدرسة بنيت في الأصل سكناً لطلبة مسجد ابن يوسف المجاور وعدد غرفها مائة وثلاثون غرفة، بنيت مجموعات، المجموعة غرف ست حول ساحة لها.
حدائق المنارة في مراكش
ننتقل إلى مكان آخر وإلى زمان آخر، حدائق المنارة والعصر عصر الموحدين، وسط حدائق أجدال يقع صهريج المنارة، كبير مملوءٌ بالماء عمقه متران ومحيطه خمسمائة وعشرة مترات، يصله الماء عبر قنوات من جبال الأطلس المتوسط.
استعمل صهريج المنارة مدرسة عسكرية يتدرب فيها الحفاظ، وهذا لقب لرتب عسكرية في الدول الموحدية يتدربون على السباحة، ويتهيأون للقتال البحري لخوض المعارك قبل التوجه إلى الأندلس أو الانتشار لحماية السواحل المغربية من أعدائها.
في القرن التاسع عشر تم توسيع المحيط الجغرافي للموقع، عُززت مصادر مياهه، وبني جناح المنارة، بناية من طابقين في الناحية الشرقية، تزين واجهتها الخارجية كتابات دينية مؤرخة بعام ألفٍ ومائتين وستة وثمانين هجرية.
الطابق الأول يتميز بزخارف هندسية، وسقف مصنوع من خشب الأرز المصبوغ، العلوي قبو كبير، نوافذه مفتوحة واسعة تستقبل الضوء من الجهات الأربع، في غربه شرفة تطل على صهريج الماء وعلى الشمس في غروبها.
الخطوات في مراكش عبر المكان وعبر الزمان طرقها سطور في كتاب التاريخ، وكذلك الأمر في المدن العريقة العتيقة.
منقول
المغترب
أخوك
المسافر