- بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
كلما كانت السيارة تقترب بنا من مدخل القرية الحالمة كان قلبي يرتجف لهفة وشوقا , ولساني يردد حامدا شاكرا لله أن حقق الحلم , وبالرغم من الظلام الدامس الذي يغطي الطرقات غير أني كنت واثقة بأن على جانبي الطريق جنات تسلب اللب من روعتها وبهائها .
توقفت بنا السيارة أمام فندق أنيق مكون من مجموعة من الأكواخ الخشبية الصغيرة ذات الأسقف المنحدرة , تنهدت بسعادة وقلت في نفسي :
- ما أروع أن تتحقق الأحلام كاملة !!! فلطالما غبطت ساكني الأكواخ على بساطة عيشهم .
كان الكوخ مكون من حجرة نوم وحجرة معيشة صغيرة , على جانبها طاولة خشبية صغيرة وحولها ثلاثة مقاعد خشبية على الطراز القديم , وعلى الجانب الآخر خزانة خشبية منخفضة وضعت بداخلها سجادة صلاة , وبالرغم من صغر حجم الكوخ إلا أنه كان يحتوي على العديد من النوافذ التي تطل على حديقة الفندق وتغطيها ستائر في منتهى الرقة والجمال .
استسلمت للنوم وأنا أمني النفس بالغد , وأستعجل الشروق لأمتع ناظري بروعة الطبيعة , سأشاهد البحيرة والجبال الخضراء والأكواخ والمسجد و ... و ... و .
نهضت مبكرة وكانت الشمس قد نشرت ضياءها وسكبت دفئها , أخذت أنتقل من نافذة إلى أخرى وقدماي لا تستقران ,يا الله !!! أي جمال أودعته في هذه الأرض !!! بدأت أضيق ذرعا بالكوخ وأتوق لمغادرته , فافتعلت ضجيجا لأوقظ زوجي من نومه الهادئ , لم يخذلني ونهض مبتسما يسابقني في التهيؤ للخروج .
قررنا أن نتناول إفطارنا في حديقة الفندق , حيث المساحات الخضراء وأحواض الأسماك والزهور , غير أن نحلة مشاكسة أجبرتنا على الفرار وحمل أطباقنا إلى داخل المطعم .
كان إفطارا شهيا بالرغم من بساطته , فكل صنف فيه كان له مذاقا عذبا اكتسبه من عذوبة الماء التي تروي الأرض .
غادرنا المطعم وبدأنا جولتنا المرتقبة , وربما لهفتي البالغة لرؤية البحيرة جعلتني لا أستمتع كثيرا بما أراه حولي , وكلما توقف زوجي متأملا لمنظر ما أحاول أن أستحثه على المضي نحوها !!!
رأيتها أميرة تفرش ثوبها الفضي بدلال ما بعده دلال , كمرآة مستديرة صافية انعكست فيها صور الجبال الخضراء بأدق تفاصيلها , حتى أسقف الأكواخ الحمراء كانت تطرز صفحتها الرقراقة كزهور وفراشات قرمزية اللون , تعانق أسراب البط وتنافسها في تجميل ثوب الأميرة , أما المئذنة البيضاء فكانت وساما لؤلؤيا زاد من سحر المنظر , رباه ما أبدع صنعك وما أعظم اتقانك !!!
جلسنا على ضفاف البحيرة نحتسي القهوة وكلانا صامت مذهول وربما مأخوذ ويحدث نفسه : إن كان هذا الجمال على الأرض , فكيف بها جنة الخالق في السماء !!!
أمضينا سبعة أيام نرتشف الجمال والعذوبة دون ارتواء , وحانت لحظة الرحيل والوداع , شعرت بقلبي ينفطر حزنا , وقدماي تأبى الحراك , وعيناي تنظران إلى الوراء حتى توارت الجميلة عن الأنظار .
يتبع