الأندلسي
15-02-2022 - 08:15 am
تعتبر مدينة طليطلة أو توليدو، أول الولايات العربية التي استقلت عن الخلافة في قرطبة ودمشق، ومن سخرية التاريخ، أنها كانت أولى الممالك التي سقطت بيد الإسبان، وبعد سقوط طليطلة، أصيب عرب الأندلس، بدهشة شديدة خيل لهم أن سلطانهم قد زال عن ديار الأندلس بأجمعه، لولا نجدة المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين، والتي أجلت سقوط الأندلس 400 عاماً تقريباً .
ومن الجدير بالذكر أنه بعد أقل من 14 عاماً على سقوط طليطلة في عام 1085م. شهد الشرق موجات جحافل الصليبيون.. وخلال تلك الفترة أستطاع الكرسي الرسولي إخضاع ممالك الإسبان وخاصة بالشمال، إلى أن جاء ملوك الكاثوليك، فرناندو وايزابيل الثانية، وحدث سقوط غرناطة عام 1492م.
أشهر من ملك في طليطلة هم بنو ذي النون، ملوك برابرة كانوا يخدمون في الدولة العامرية، واسم جدهم الذي ينسبون إليه هو زنزن، اشتهر في أمرهم في دولة المنصور محمد بن أبي عامر.
ومدينة طليطلة تلقب بالمدينة المتحف وزياراتها، ضرورية وهامة لكل سائح عربي يود التعرف على آثارنا في إسبانيا ومدن الأندلس، فهي عاصمة مطلع العصر العربي الإسلامي في الأندلس.
وتقوم طليطلة على ضفاف نهر التاخو " التاج " والذي يكلل هذه الهضبة الواقعة وسط مناظر الريف الممتد إلى الآفاق البعيدة، وهي مدينة لعبت أدواراً هامة في التاريخ، وبناها الزمن حجر فوق حجر، وتبعد عن مدريد حوالي سبعين كيلومتراً.
عند الإقتراب منها تشاهد أشجار وغابات الصنوبر ومساحات واسعة مزروعة بأشجار الزيتون، ومن حين لآخر تطالعك دور ريفية أقيمت التماساً للراحة في هذا المحيط الحالم.
الدخول إلى المدينة من بوابة " بيساغرا " أو الشقراء، التي يعلوها الشعار الأمبراطوري لشارل الخامس، وسرعان ما تواجهك طليطلة بأبنيتها العربية وساحاتها وطابعها الدمشقي.
من أهم معالمها :
ساحة ثوكودوبير : أو سوق الدواب، وهو أسم الساحة الرئيسية للمدينة وسوقها الرئيسي في غابر الأزمان وما يزال يمثل قلب المدينة وملتقى الحركة فيها، غير أن تجارتها وبضائعها اختلفت وتغيرت.
الكتدرائية : وهي مقر أسقف إسبانيا، ويتمثل في بنائها الطراز العربي القوطي المدجن.
متحف سانت كروث: وهو الآن متحف الفنون الجميلة، والكاثار (القصر)، الترانستو، كنائس سان خوان دي لو ريس، سانتياغو دل ارابال، معبد كريستو دي لا لوث، متحف بيكتوريو ماتشو، وصومعة كريستو دي لا بيغا.
المسجد المردوم : هو الوحيد الباقي من آثار المساجد في طليطلة، تحولت جميعها إلى كنائس منذ نهاية القرن العاشر، بعد أن استباحها الفونسو السادس في عام 1085م.
ولكي تصل إلى أعماق النفس الطليطلية وتتحسس روحها العربية الإسلامية، عليك التجول في شوارعها العتيقة الضيقة ومختلف حاراتها وأن تطل على نهر التاج وتتمتع بالأفق البعيد القادم إليك مع حلول الليل .. عندما تسمع وقع خطواتك وسط السكون المخيم وصوت خرير الماء وهبات النسيم، وتكتشف أن ضوء القمر يتكيف ويأخذ شكل أحجار طليطلة القديمة حسب أجواء هذه المدينة العربية .. عندها تشعر بسحر طليطلة .. وينساب هذا السحر إلى أعماق قلبك .. وتتمنى دوام إقامته !!.