صور
ملكة البحار القديمةمرّ على صور عدد كبير من الملوك والحكام ، من الملك أحيرام الذي شحن خشب الأرز الى الملك سليمان لبناء هيكله , مرورا ً بإليسا , الأميرة الفينيقية التي أنشأت قرطاج ( في تونس ) , والملك البابلي نبوخذ نصّر الذي حاصر المدينة لمدة 13 عاماً , وصولاً الى الإسكندر الكبير الذي فتح صور التي صمدت في وجهه حتى نجح في ردم البحر وبناء معبر اليها اشبه بالجسر ... وغيرهم كثيرون .
إشتهرت صور أيام الفينيقيين ، بصناعة الانسجة المصبوغة باللون الأرجواني النادر والمستخرج من أصداف بحرية . وقد أصبح هذا اللون بفضل تميّزه ونُدرته، اللون الملكي بإمتياز للاباطرة والملوك ومن ثم لكبار رجال الدين . ذلك الصدف البحري معناه باللغة الاغريقية " فونيق " ومن هنا اطلقت التسمية بداية على سكان صور ومن ثم على الكنعانيين في تلك المناطق.

تغرق صور في رمال التاريخ الغابر وقد عرفت شعوب متنوعة كالمصريين والأشوريين والفينيقيين والإغريق والبيزنطيين والعرب والعثمانيين , إلا ان الرومان كانوا من تركوا بصماتهم واضحة على معالم صور: فمنها أكبر مضمار روماني في العالم لسباق العربات التي تجرها الخيول ، قوس نصر ضخم , ومقبرة رومانية جماعية وغيرها . هذا وتنتشر اثار صور التراثية والتاريخية في ثلاثة مواقع رئيسية، هي:

• موقع الميناء (منطقة 1) فيه طريق معمّدة طويلة تصل السوق بالميناء. أما الارصفة فبعضها مصنوع من الفسيفساء البيزنطية. في الموقع أيضاً حوض سباحة روماني مستطيل وحمّامات رومانية ومبانٍ سكنية أرضياتها مصنوعة من الفسيفساء , وأحجار كبيرة هي بقايا لحائل الأمواج , ومحطّات السفن الفينيقية.

كان هذا الموقع مقسماً الى مدينتين ربط بينهما الملك أحيرام في القرن العاشر قبل الميلاد.

• موقع الكاتدرائية الصليبية ( منطقة 2) : وفيه أساسات الكنيسة التي تعود الى القرن الثاني عشر اضافة الى أعمدة من الصوّان .

تقول الأسطورة أنه تمّ تتويج ملك القدس في هذا الموقع , وكذلك دُفن فيه الملك الألماني فريدريك برباروسا. يلاحظ الزائر أنّ الكاتدرائية محاطة بشبكة طرقات ومبانٍ رومانية وبيزنطية.

• موقع البصّ ( منطقة 3) : يبعد سيراً على الأقدام حولي 30 دقيقة عن الموقعين الآنفي الذكر. تعبر خلالها حيّ الرمل وهو حيّ صور السكني الذي بناه الإسكندر الكبير خلال حصاره للمدينة في العام 332 ق.م. نجد في هذا الموقع بقايا لقنّوات جرِ المياه الى المدينة , ومقبرة كبيرة فيها حجارة مزخرفة أو منقوشة , ورخام نواويس تعود الى عهد الرومانيين والبيزنطيين.

اضافة الى بقايا أكبر مضمار روماني في العالم حيث كانت تُقام سباقات المعجلاّت في تحدٍّ رهيب للموت.
ولكن روعة صور لا تقتصر على آثارها ومواقعها التاريخيّة فحسب , فهي أيضاً محطّة مهمة لعشاق رياضة الغطس , إن لمتعة الرياضة او لاستكشاف الاطلال الرومانية والفينيقية القابعة في قاع البحر , إضافة الى مشاهدة حلزون الصدف الأرجواني الشهير . كل هذا دون أن ننسى الأسواق العثمانية القديمة والمطاعم الواقعة على الميناء والتي تقدّم أطيب المأكولات البحريّة وثمار البحر الطازجة.
نجد بالقرب من صور أيضاً عدّة مواقع دينية مهمّة ، منها: قبر الملك أحيرام الذي عاصر الملك داود والملك سليمان , وضيعة قانا حيث قام النبي عيسى (ع) باول معجزاته.