- وفي خلال نصف ساعة نصل إلى محطة قطار قرية ميرينجن Meiringen
- تتقدم قليلاً وتصعد سلم أخر
- تواجهك غابة وأيضاً على أطرفها مياه وأنهار وشلالات
Rosenlaui Glacier Gorge
شلال الخانق الرهيب روزنلوي
النهر الجليدي في قمة خانق روزنلوي
رحلتنا اليوم جبلية مائية نستشعر فيها من بدايتها بصوت الشلالات المدوي والعنيف
فنسد أذاننا بأطراف أصابعنا خوفاً عليها من شدة الصوت وتتحرك أمامنا المناظر أكثر فنرى المياه الهادرة المنسابة بتسارع على قطع الصخور اللامعة ونمسح بسعادة ما يلامس بشرة وجهنا من رذاذ بارد متطاير من قوة إندفاع الشلالات.
ننظر للأسفل ونزداد حذراً رغم سعادتنا بالمكان لكي لا ننزلق على الدرجات الرطبة من المياه المحيطة بالمكان من كل جانب ومن قطرات المياه المتساقطة من أعلى قمة خانق الجبل.
شلالنا هذا نصل إليه بداية بالقطار من محطة إنترلاكن الشرقية Interlaken Ost
وفي خلال نصف ساعة نصل إلى محطة قطار قرية ميرينجن Meiringen
ثم نتوجه إلى الساحة الصغيرة الخاصة بمحطة الباصات والمقابلة تماماً لمحطة القطار في قرية ميرينجن ونركب الباص المخصص للذهاب إلى شلال خانق روزنلوي نسأل سائق الباص عن Rosenlaui وهذا الخانق يبعد عن قرية ميرينجن 10 كم وتصل إليه بالباص في خلال 33 دقيقة.
وبالمناسبة نفس هذا الباص سيتوجه بعد توقفه بالقرب من روزنلوي إلى قمم جبلية أعلى كقمم Schwarzwaldalp و Grosse Scheidegg
ثم يكمل لقرية جريندفالد Grindelwald ثم يعود يبدأ من جديد الرحلة من محطة ميرينجن وهكذا... والباص كغيره من باصات الرحلات له مواعيد ثابتة في الإنطلاق ومواعيد أخرى للعودة من مكان الرحلة إلى ميرينجن.
هذه صورة للباص وفي الخلف منه الجبل الذي يوجد به الخانق...
مواعيد إنطلاق رحلة باص روزنلوي من قرية ميرينجن إلى روزنلوي:8:15/9:15/10:15/11:15/13:15/14:15/15:15/16:15
تركب الباص وتستند بظهرك على المقعد... تترك المهمة لسائق الباص فهو من يعرف الطريق ولكن إنتبه لن يسلك الباص طريقاً مستوياً بل سيصعد بك جبل عندها تسوي من جلستك وتعلق ناظرك بالنافذة تراقب تارة حواف الشارع الضيقة والملتوية بين الجبال الخضراء المغطاة بغابات الأشجار العالية وتارة أخرى البلدة في الأسفل التي تبتعد عنك أكثر وأكثر...
يتقلب الجو فجأة وتتساقط زخات المطر ثم تزيد شيئاً فشيئاً تسمع طرق قطرات المطر على نافذتك وتشعر بمزيج من الفرح والإنقباض على حد السواء... الفرح كما نفرح جميعاً بالمطر والشعور بالإنقباض.. تفكر قد يحدث أن ينزلق الباص بالركاب من أعلى الجبل إلى الأسفل فهذا أول ما يخطر ببالك وأنت في وسط هذه الجبال وعلى هذا الشارع الضيق الشديد الإنحدار ومع مشاركة المطر هذا المشهد
كذلك تتذكر ما قرأت مسبقاً عن الخوانق بشكل عام بأنه من الخطر جداً الذهاب إليها في يوم ممطر فالخانق هو شق ضيق جداً بين جبلين وفي الأصل هذين الجبلين كانا جبل واحد وبسبب إنكسار في منتصف هذا الجبل إنفصل الجبل مكوناً شقين قريبين من بعضهم البعض لدرجة الإلتصاق
ويمر في أسفل هذين الشقين أو الخانق نهر و شلالات مصاحبة له... ومع زيادة المطر يرتفع فجأة منسوب المياة في أسفل الخانق حتى يصل إلى منتصفه أو إلى قمته ويجرف معه كل ما في طريقه وهنا تكمن خطورة هذه الخوانق.
لكن لمحبي إستكشاف معالم الطبيعة لا يوجد ما يمنع من زيارة هذه الأماكن خاصة في الجو الصحو فلا توجد أية خطورة من القيام بذلك.
ما زلنا في الباص يتوقف المطر وكما نعرف جو سويسرا تشاهد فيه الفصول الأربعة في اليوم ذاته....يتوقف الباص بالتحديد مقابل فندق روزنلوي وهو مسمى بإسم الخانق...تعبر جسر صغير يمر في الأسفل منه نهر ثم تتقدم للأمام مشياً لمسافة 200 متر تكون قد صعدت تلك التلة الخضراء التي توجد في منتصف الطريق..تصل لمبنى شراء تذاكر الدخول لهذا الخانق وسعر التذكرة 6 فرنك ويفتح مكتب التذاكر من الساعة التاسعة وحتى السادسة.
يشير إليك الموظف بالداخل إلى بداية الطريق المؤدي للخانق تسلك هذا الطريق وتستقبلك الأنهار السريعة الجريان والمنسابة من بين شقي الجبل في كل ناحية
ويلفت نظرك تطاير رذاذ المياه فوقاً منها مكوناً طبقة شبيهة بالسحب ويملأ المكان بأكمله صوت هدير المياه صوت كالرعد هذه المياه التي لم ترها بعد.
تتقدم قليلاً ثم أكثر فأكثر فتجد سلم درجاته من الصخور وتحد أحد أطرافه أنهار وشلالات صغيرة تصل إلى نهاية هذه الدرجات وتجد حفرة على شكل باب في الجبل تدخل
وتعبر هذا الممر البارد والمضاء من الداخل ثم تخرج من الجهة الأخرى فترى النور ثانية وقمم الجبال المحيطة بالمكان ورؤوس قمم الأشجار القريبة منك في هذا المكان المرتفع ..
تكمل المشي على سلم مرة أخرى وترى بداية الشق بين الجبلين وفي جانب واحد من أحد الشقين على جهة اليمين تم حفر مغارات أو أنفاق تدخل وتخرج من هذه الأنفاق على طول شقي الجبل فهذه هي الطريقة للمشاهدة في المساحة الشبه ملتصقة بين الجبلين التي تضيق في أماكن معينة وتتسع بعض الشيء في أماكن أخرى..
ترى المياه تندفع بقوة في بداية دخولك للمكان وتلاحظ بعض جذوع الأشجار العالقة في وسط المياه بين شقي الجبل
يلفت نظرك شكل بعض الصخور التي تترواح ألوانها ما بين اللون البني والبرونزي وفي نفس الوقت تأخذ هذه الصخور أشكال كشكل وجه فيل أو كشكل ثعبان وبعضها في بعض جوانب الخانق الأكثر ضيقاً معلقة ومحصورة بين شقيه يخيل لك إنها تكاد تقع كما في هذه الصورة...
كلما تقدمت إلى منتصف شقي الجبل تكون قد إرتفعت والمنظر أسفل منك يزداد عمقاً بسبب الإرتفاع ثم يزداد عنف وإنهدار المياه وكذلك تزداد البرودة وتشعر بإهتزاز المكان..تظهر من أحدى المغارات ويواجهك الشلال المتفجر بقوة إندفاعه وصوته المدوي كالرعد وأكثر والذي لا يفصلك عنه سوى مسافة قصيرة جداً جداً ...
هنا لن تسمع حتى من يكلمك بالقرب منك قد تحتاج أن تصرخ لكي تكلم من بجانبك..تتسمر في مكانك وأول ما تنطق به كلمة سبحان الله
تود أن تبقى أكثر أمام روعة ورهبة هذا المشهد بالذات لولا خطورة القرب بهذه الطريقة من الشلال وصوت دوي المياه مع إهتزاز المكان ...تصعد بعض الدرجات للأعلى وبهذا تكون قد إقتربت من نهاية الخانق
تتقدم قليلاً وتصعد سلم أخر
ثم تخرج من الخانق بعد أن إنفصلت عن العالم الخارجي وغرقت في سحر وغموض تلك الطبيعة الآسرة والقاسية في الوقت نفسه ... خرجت من مغارات وحفرة مياه عميقة وساحقة إلى النور من جديد ...تودع وتترك خلفك الصوت الهادر وذكريات مكان لن تنساه ما حييت...
تواجهك غابة وأيضاً على أطرفها مياه وأنهار وشلالات
وتستريح لبعض الوقت على أحد الكراسي المصنوعة من جذوع الأشجار بشكل متقن ثم تنزل تدريجياً على بعض السلالم إلى الأسفل وتهدأ أصوات المياه المتفجرة التي كانت تملأ المكان بأكمله بالتدريج ..
تتقدم أكثر وتعبر جسر خشبي صغير تجري في الأسفل منه المياه وترى نفسك أمام تلال خضراء تفصلك عن الفندق الذي أنزلك الباص بالقرب منه.... تنزل من على هذه التلال بالتدريج وتصل للشارع الذي سيأتي الباص بعد قليل ليقلك إلى محطة الباصات في ميرينجن.
مواعيد عودة رحلة باص روزنلوي من أمام فندق روزنلوي إلى قرية ميرينجن :9:20/10:20/11:20/12:20/14:20/15:20/16:20/17:20
(هام جداً لاحظ أخر موعد للعودة 17:20 ويفضل الذهاب باكراً في الصباح أو الظهيره إلى هذا الخانق)
ثم تأخذ قطار إلى إنترلاكن وأنت تفكر وتحلم طوال الطريق بالخانق وبذلك الصوت الهادر الذي علق بروحك قبل سمعك..
وإلى رحلة أخرى بإذن الله...
تحياتي للجميع...
ال1000ف مليون شكر لك راعي سويسرا بصراحه تقرير مره ممتاز