1. صرخ الحنين إليك بأقلع ونادتني الرياح

يا شام عاد الصيف متأداً وعاد لي الجناح

صرخ الحنين إليك بأقلع ونادتني الرياح

طوال عمري .. من سنين طفولتي الأولى .. وانا احبكِ يادمشق ... اتمنى معاتقتكِ .. لم اكن اعرف عنها إلا اشياء قليلة ...
الدولة الأموية ... عمر بن عبدالعزيز .. الجامع الأموي .. خالد بن الوليد .. البيوت الشامية .. ازقة الحارات القديمة وأقواسها .. رجالها القبضايات .. وبناتها المحجبات اللاتي يصورن لي بقايا عهد الدول الإسلامية الكبيرة ... اشياء واشياء اغلبها تتصل بتاريخنا الإسلامي الرائع الجميل ...
وجاءت سنة 1999 كانت هي سنة اول زيارة لي لهذا البلدالحبيب ... كنت قد زرت قبلها الكثير من البلاد العربية والشرق آسيوية ... لكن كانت سوريا غير ... بكل المقاييس كانت غير ...
الله الله ياشام ... الله الله يابلد الأمويين وعاصمة الخلافة العظيمة ... كانت لحظات لاتنسى تلك التي عانقت فيها عيناي شوارعها .. واستنشقت بحب هوائها ... شعرت حينها اني عانقت حلم جميل طالما راودني منذ صغري ... شعرت بعبق التاريخ يسمو بي فوق زوايا هذه المدينة العتيقة ...
اشجارها .. شوارعها .. أزقتها .. اقواس خاناتها .. حماماتها .. رائحة بزاراتها .. نداءات باعتها .. لهجة اهلها التي تجدها قوية نافذة على السنة الرجال ، ناعمة متغنجة على السنة نسائها .... كل هذه المعطيات جعلتني اتمسك بتلك الصورة التي نشئت عليها في طفولتي وأوسع إطارها لتشمل كل مالم اعرفه من قبل عنها ، وأضفت عليها احاسيس الحواس التي شاركتني هذا الحب لهذه البلد الجميلة الرائعة ..
كنائسها وأديرتها ... وجوه جميلة لسوريا عرفتها في زيارتي الثانية لها عام 2001 فإكتشفت ملامح اخرى عن بلد يحمل اكثر من وجه ومن حضارة .. ولكل وجه جماله ورونقه وعظمته ..
المريمية .. كبرى كنائس دمشق وأقدمها ..
كنيسة اللاتين – باب توما ..
بلدة مرمريتا .. اللغة .. الحرف .. والسيد المسيح عليه السلام .. وآخر من يتكلم لغة لم تندثر ..
الينابيع ودفق المياه العذبة من باطن الأرض .. ومن صلب الصخر ..
مدارس عتيقة .. زوايا وتكايا .. مكتبات وعطارة .. اشجار برتقال وشبابيك ياسمين ... علماء سمعت عنهم من خلال كتبهم وتاريخهم العلمي .. وقلاع صامدة لتاريخ عتيد ..
ذهبت اليها في الصيف .. فبهرني جمال حدائقها .. وروعة انهارها .. وعذب ينابيعها ..
ذهبت اليها في الشتاء .. فذهلني ثلج جبالها .. وجفاف اشجارها رسم اجمل اللوحات الرومانسية .. ودفء لياليها اعطى أنساً للمكان وعطر الزمان ... الله الله ياسوريا .. الله الله ياشام ...
كلها صور ارتسمت في ذاكرتي ومخيلتي عن هذا البلد الذي وقع حبه في قلبي كما لم يقع بلد آخر رأيته وأختزل في ذاكرتي كأجمل ماأحمله من ذكريات وإنطباعات عن هذا الجزء الغالي من ارضنا الحبيبة من وطننا العربي الجميل ...
.
.
.
.
.
لكن
.
.
.
.
حيل بيننا وبينها ... كيف ... بواسطة اخبار تنافلتها الصحف ومواقع الإنترنت ، وحكايات المجالس ..
لماذا ... لست ادري .. هل للضروف السياسية ومواقف الحكومات المشتعلة مؤخراً سبباً لكل هذا التنافر وهذه القصص والحكايات التي تصلنا عن مايحصل للسياح الخليجيين عموماً والسعوديين خصوصاً ...
هل هي حقيقية ام كذبة من الكذبات المقصودة للتفريق بين شعبينا !!؟!!...
هل قصص السرقات وقطع الطرق علينا .. وأعمال المخابرات الخفية .. وأحداث العنف والإختطافات مجرد قصص وهمية .. ام هي حقائق دامغة تشعل بيننا وبين ذاتنا الف سد وسد عن تلك الأرض الحبيبة ...
هل خطفوك .. هل ابعدوك .. هل منا وعنا اخذوك ومن دروبنا اليك أقصوك
آه ياسوريا .. آه يادمشق ... آه ياشام ...
وياشام هاقد اقترب الصيف .. اقترب.. وعاد الصيف ...
صرخ الحنين إليك بأقلع ونادتني الرياحُ
أصوات أصحابي وعيناها و وعد غدٍ متاحُ
كل الذين أحبهم نهبوا رقادي واستراحوا
وعليكي عيني يا دمشق .. فمنكِ ينهمر الصباح
يا حبُ تمنعني و تسألني متى الزمنُ المُباحُ
وأنا إليك الدرب والطير المشرد والأقاح ...........