عاشق اندونيسيا
09-11-2022 - 03:40 pm
عندما وصل البيض الاوائل الى افريقيا اعتقد الافارقة بانهم البشرة بسبب سلخ جلودهم السوداء . لذا وحتى يومنا هذا ينادي اهالي كينيا البيض باسم " موزونجو " ومعناها بالسواهيلية " مسلوخ " انا لست الفتاة " المسلوخة " الاولى التي قدمت لتعيش في افريقيا . ولكن لدي قصة مثيرة سأقصها عليكم حول المكان الخاص الذي اعيش فيه وهو "مساي مارا" مساي مارا هي محمية طبيعية كبيرة موجودة فيمنطقة قبيلة المساي , الكلمة مارا هي كلمة مسائية معناها " منقط " . وبالفعل في الفصول التي يبدأ بها العشب باليبوس في منطقة " مساي مارا " كل المنطقة تكون صفراء ولكن يمكننا ان نرى بقع خضراء من الاشجالر والشجيرات والنباتات المائية
تختلف المحميات الطبيعية في افريقيا عن تلك الموجودة في البلاد . حول المحمية , لا يوجد جدار , وباستطاعة الحيوانات الخروج والدخول بحرية . يأتي العديد من الزوار من جميع انحاء العالم الى افريقيا لمشاهدة الحيوانات في السفاري والتي اعتدنا على رؤيتها في حدائق الحيوان - في اماكن معيشتها الطبيعية . وحيد القرن . الفيلة . الزرافات , حمر الحش , الشينل الافريقي , الاسود , النمور والكثير الكثير من الحيوانات الاخرى المشهورة لدى الجميع والاقل شهرة
واضح انه يمنع التجول في المحمية مشيا على الاقدام . ممنوع كذلك السكن بجانب ارض المحمية . يعيش المسائيون في قرى اقاموها بين المحميات وبيوتهم مصنوعة من الطين . يطلق على تلك القرى اسم "منياتات " . بالمقابل ينام السواح في اراض مسيجة والتي اقيمت في داخلها فنادق خاصة تسمى " لودجات " وفي احد هذه اللودجات والذي يسمى " ماراانتربيدي " سكنت انا وكان من حظي ان اعمل كمرشد لسفاري خاص من نوعه - " سفاري ليلي " .
في جميع المحميات الطبيعية في كينيا في غالبية البلدان الافريقية الاخرى لا يخرجون للسفاري الليلي . لكي لا يزعجوا الحيوانات بفوانيسهم ومصابيح الات التصوير , ولكننا نستعمل نواظير خاصة نرى بواسطتها في الليل وكاميرا الفيديو مع التلسكوب المربوطة بشاشة التلفزيون الموجودة داخل سيارة الجيب , نحن لا نضيء انوار الجيب ولا نستعمل الفوانيس ولذا فان الحيوانات لا تغشى , لا تهرب منا ولا تثور .
المكان الذي اعيش به في المحمية موجود داخل منطقة تابعة لفريق كبير من الاسود , وقد حظينا اكثر من مرة بمشاهدة لاسود التابعة للمجموعة تهاجم وتطارد اسودا اخرى تحاول الدخول الى منطقتنا لكي تصطاد او لكي تحاول التسلط على اللبوات , من الجميل ان نرى اثناء الليل كيف يتم تقسيم العمل بين جميع اعضاء المجموعة : فالذكور مسؤولة عن حماية المنطقة . الاناث تصطاد وتحافظ على الجراء , الجراء تحافظ على الا تمل فهي تعبث , تعض بعضها اذان واذناب الاخر وحتى انها تغرغر عندما تقوم اللبوات بتنظيفها تماما كالقطط الصغيرة .
في القطيع الذي يعيش في منطقتنا يوجد 20 اسدا . ثلاثة ذكور كبيرة والباقي اناث وجراء صغيرة , احد الجراء مشاغب بشكل خاص ويطلق عليه اسم " متاتا " كلمة في السواهلية معناها مشاكل , ومتاتا يسبب الكثير من المشاكل حقا فهو يعدو خلف العجلات الخلفية للجيب ويقوم بعض اخوته واحيانا يجرؤ حتى على اغاظة والده الاسد الكبير .
نحن نبحث عن عائلة متاتا في كل رحلة في السفاري . ونعلرف الاماكن التي تنام بها والاماكن التي تشرب منها وحتى اننا قمنا بدراسة منطقة صيدها واية حيوانات تفضل ان تصطاد .
ذات ليلة شاهدنا امرا غريبا جدا . قامت اللبوات بالتسلل بارتفاع العشب بحركة بدت لنا وكأنها حركة صيد . اعتقدنا انها تلعب , لا ننا لم نرى أي حيوان اخر في المنطقة عدا فرس النهر . هنالك مناطق في افريقيا تعرف بها الاسود صيد فرس النهر . ولكن في منطقتنا لديها تشكيلة كبيرة جدا من الحيوانات الاخرى ولهذا فان الاسود تفضل الا تدخل في مغامرات من الممكن ان تشكل خطرا عليها .
امعنا النظر بفرس النهر والذي بدأ بالتليسكوب كبيرا جدا , ولكن بما انه كان مغطى بالعشب فقد اصبح بالامكان الظن بأنه صغير الحجم . وبالفعل فقد تسللت الاسود باتجاه فرس النهر والذي واصل الاكل . فجأة شعر فرس النهر بحركة الاسود , خرج من بين العشب وبدأ بالعدو السريع نحوها .
الاسود التي كانت قريبة جدا منه اصيبت بالذعر حين ادركت كم كانت مخطئة بتقدير حجم فرس النهر . انذاك رأينا منظرا مثيرا جدا ( اثارنا نحن على الاقل ) فرس نهر كبير ومنرفز يعدو بسرعة مطلقا اصوات تحذير ( ليؤكد للاسود ان خطأ كهذا لا يجب ان يحدث ثانية ) وراء مجموعة من الاسود الخائفة والتي فرت مذعورة عندما تأكد فرس النهر ان الاسود تعلمت الدرس استدار وعاد مسرورا راكضا بخفة باتجاه الماء .
لكل حيوان يوجد عدو طبيعي . هذه هي الطريقة التي تحافظ الطبيعة بواسطتها على التوازن العدد بين الانواع المختلفة , بحيث يبقى عدد افراد النوع الواحد ثابتا . هنالك حيوانات تأكل العشب وحيوانات اخرى تفترسها ولكن من يستطيع ان يصطاد فرس النهر ؟ خاصة وانه يكون ملتصقا غالبية الوقت بامه وكلاهما موجودان معظم الوقت في الماء ؟ بما ان " غالبية الوقت " لا يعني " كل الوقت " . في الليالي عندما يخرج فرس النهر من الماء لرعي العشب , يشكل هذا الوقت المناسب لخروج الحيوانات المفترسة للبحث عن فريسة . واحيانا يحدث ان فرس نهر صغير السن يبتعد قليلا عن امه وعندئذ فهو معرض لفقدان حياته , طبعا يجب الحذر من الام وذلك لان الاسود تعلمت بانها لو سمعت صراخ ابنها فها توجه بسرعة كبيرة لمساعدته وعندها ويل للمهاجمين .
الحيوان الوحيد الذي باستطاعته مع كل هذا قتل فرس النهر هو فرس نهر اخر , حين تتشاجر الذكور فيما بينها ويجرح احدها الاخر من المحتمل ان تكون الجروح عميقة لدرجة ان فرس النهر المجروح يمزت نتيجة لفقدان الدم .
فرس النهر يأكل كميات هائلة من العشب , حوالي 57 كغم في الليلة , لكي يقوم الحيوان بأكل كمية كهذه فهو مضطر لبقاء معظم الليل في الخارج . عندما يأكل فرس النهر تجده يحدث ضجة كبيرة لدرجة انه لا يستطيع سماع اقتراب حيوان اخر منه , وبما ان انفه يكون موجها اثناء تناول الطعام الى الاسفل فليس باستطاعته ان يشم اية رائحة ولذا فكل بضع دقائق يتوقف فرس النهر عن الاكل يرفع انفه للهواء يشم .
ينظر حواليه , ينصت للهمسات وعندما يقتنع بان المنطقة خالية من المفترسين يعود لتناول الطعام , يبدو فرس النهر هادئا وغير ضارا ولكن في الحقيقة هو عدواني جدا .
ويغضب بسهولة ولديه ميل لمهاجمة وقل الحيوانات التي تغضبه , تقترب منه اكثر من اللازم او تسد طريق عودته الى الماء .
في منطقة اللودج تعيش حيوانات نباتية أخرى عملاقة تبدو كذلك هادئة . ان تشاهد قطيعا كبيرا من الفيلة فهي دائما متعه , حتى حين نلتقيه يوميا كل مرة تجدنا ننفعل من جديد وكأنها المرة الاولى ( ليس فقط السياح والذين تكون بالنسبة لهم هذه المرة الاولى التي يلتقون فيها قطيعا من الفيلة . وذلك لاننا ايضا بالنسبة لنا نحن المرشدين فمشاهدة قطيع من الفيلة كل يوم هو متعة متجددة ) .
يعطيك العافية أخوي عاشق أندونيسيا
وياليت إذا فيه أحد زار كينيا يفيدنا أكثر عنها أو زار زنجبار
تحياتي
أخوكم منذر