1. ساحات أصيلة المغربية باسماء شعراء عالميين

ساحات أصيلة المغربية باسماء شعراء عالميين

ظلت مدينة أصيلة المغربية منذ ثمانية وعشرين سنة خلت محج كبار المثقفين والشعراء والفلاسفة العرب والأفارقة والعالميين. مدينة هادئة صغيرة يحتضنها المحيط الأطلسي في الشمال المغربي، على بعد 42 كلم جنوب عروس الشمال مدينة طنجة. تتحول خلال صيف كل سنة إلى لوحة فنية من خلال معارضها المختلفة وخاصة من خلال جداريات أسوار مدينتها العتيقة. أسماء تلك الشخصيات التي مرت ذات يوم بين تلك الأزقة الضيقة النظيفة خلدت، إذ قرر المجلس البلدي للمدينة ومنتدى أصيلة منح أسماء بعض ساحات المدينة إلى بعض تلك الشخصيات "الساحات ترتبط بموسم أصيلة، لذا أطلق اسم أصدقاء أصيلة على بعضها، وذلك بمنطق الوفاء لهؤلاء" يقول لبسيري عبد الكريم، مسؤول من مؤسسة منتدى أصيلة وعضو في المجلس البلدي للمدينة. هذا الوفاء جعل أصيلة تطلق اسمين على ساحتين تتواجدان في مدخل المدينة العتيقة، الأولى على يمين المدخل تحمل اسم "بلندر الحيدري"، تتضمن الساحة حاليا نصبا تذكاريا من الرخام وأبيات شعرية للراحل العاشق لمدينة أصيلة باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية يقول فيها "مبحر إلى آخر نقطة ضوء في عينيه. يمد يديه. يقول: انتظري. يا نجمة فجري...ها أنذا آت. من آخر ما تملك مرآتي من ذكري". أصيلة كانت "نقطة ضوء" للشاعر، تيم بها وحرص على حضور أنشطتها صيف كل سنة. هذا الحب المتبادل تجسد في تلك الحديقة "لقد هيئت الحديقة بشكل جديد مختلف عن شكلها الأول، وأضيف إليها نافورة، وذلك وفاء لروح الشاعر"، يوضح مسؤول من مؤسسة المنتدى. تكريم أضيف إليه جائزة تنظم مرتين في السنة في موسم أصيلة للشعر العربي تحمل اسم هذا الشاعر العربي الكبير.
في الحديقة المواجهة لحديقة بلندر الحيدري، تتواجد حديقة باسم شاعر وأديب إفريقي كبير، إنه الكونغولي تشيكايا أوطامسي. الحديقة تعود إلى العام 1956، وشهدت تحولات بعد تلك الفترة قبل أن تسرو على حالها وتحمل اسم أحد أكثر الشعراء الأفارقة شهرة، وقد حفر نصب تذكاري للراحل. كان أوتامسي العاشق لأصيلة موهوبا حمل القارة السمراء في قلبه وحنايا وجدانه، متشبثا بالحياة، فوفت أصيلة لذكراه، مخلدة اسمه المحفور على الرخام وفي ذاكرة أبناء المدينة، كما أضحت جائزة الشعر الإفريقي في موسم أصيلة التي فاز بها ذات مرة تحمل اسمه وتوزع في "حديقته" بأصيلة.
اسم ثالث مغربي هذه المرة كرمته أصيلة ومنحته اسم أحد حدائقها وساحاتها ويتعلق الأمر بالفيلسوف الكاتب ورئيس اتحاد كتاب المغرب الأسبق الراحل محمد عزيز لحبابي، إذ أطلق على حديقة بمكتبة الأمير بندر بن سلطان اسم عزيز لحبابي، كما أطلق اسم ساحة على مشارف سور المدنية العتيقة اسم الشاعر الرئيس ليوبولد سيدار سينغور، وساحة قريبة من المسجد الأعظم في المدينة العتيقة ومركز الحسن الثاني للندوات اسم المفكر المغربي الراحل عبد الله كنون. وحسب لبسيري، فإن اختيار هذه الأسماء راعى تلك العلاقة الروحية التي ربطت هؤلاء المبدعين بأصيلة "عملية الاختيار تفرض نفسها على الجميع على الكاتب العام وعلى المجلس البلدي، وهذا ليس اختيار شخص بل اختيار جماعي للمدينة، وفاء منها لتلك الأسماء".
لأصيلة علاقة قديمة مع أسماء شعرية إبداعية، فمجموعة من ساحاتها وأزقتها تحمل أسماء شعراء من الجاهلية والعباسي أمثال زهير بن أبي سلمى والنابغة وأبي تمام وأبي فراس الحمداني ومفكرين أندلسيين أمثال بن رشد...وأخرى تحمل أسماء كتاب وشعراء جدد أمثل المنفلوطي وحافظ إبراهيم وشوقي، كما تحمل أزقتها أسماء أعلام محلية. الورود حاضرة في أصيلة الجميلة، إذ تجد أسماء للورود والزهور تطلق على بعض الأزقة أمثال الأقحوان والياسمين.
أصيلة نهلت في اختيار أسماء أزقتها من معجم الشعراء والكتاب والمبدعين، لتظل المدينة الفنية الأكثر جمالا في المغرب.