- مقدمة : قصة السفر
- و زهور عطورها نافثة...و بحيرات متناثرة...و لحظات سعيدة...و أيام سارة
زهور و أشجار وأنهار و جبال ...سويسرا ما هذا الجمال ؟ ( رحلة نسيم نجد 2006 بالصورة و الكلمة )
مقدمة : قصة السفر
اشتريت مجموعة من الكتب من مدينة بون العام الماضي... و أخذت دورها في طابور الانتظار الطويل ...حتى يحين موعدها ..و أبدأ بتتبع حروفها ... و كان من بين تلك الكتب كتاباً واحداً جذبني عنوانه و شدني أن أقدمه على أقرانه ...فلما كانت الأجازة ذهبت برحلة داخلية مع عائلتي ..
و قلبت الكتب في مكتبتي لكي أصطحب معي بعضها ...فما كان مني إلا أن أمسكت بيد الكتاب الذي يغازلني باسمه ...و يخبرني بأن هناك شيئاً يستحق أن يقرأ بين دفتيه...أخذته و خبأته عن زوجتي و وضعته في ثنايا ثيابي ...حتى لا تقول لي ريحانة نجد أنك قد اصطحبت معك ما يشغلك عنا ( أعداء المرأة أربع : أي امرأة جميلة و الزوجة الثانية و الكتاب و الإنترنت )...بدأت استغل فترة الصباح الباكر فخصصته للجلوس مع هذا الكتاب...هو كتاب من الحجم المتوسط بعدد صفحات تقارب 400...فيه مذكرات شخصية لصاحبة الكتاب...و أحب الكتب إلى نفسي هي كتب المذكرات ...و التي تحكي تجارب الناس في الحياة...ففيها عصارة جهدهم...و كل خبرتهم...و تعكس فكرهم و شخصيتهم...و هي تمد القارئ بسعة الأفق و الحكمة و الفهم الواسع بوقت قصير..وهي تختصر عليك المرور بكثير من محطات الحياة...اسم الكتاب : مذكرات أميرة عربية...حكت فيه تلك الأميرة مراحل حياتها ...و تفاصيلها الدقيقة بدءاً من الحياة الرغيدة...و العيشة السعيدة...و القصور الفارهة... و المآكل المتنوعة... و الملابس الفاخرة ...في بيت الملك ...بيت أبيها... فكان وصفها جميل و عيشتها على من هم من أمثالي غريبة...و قصتها عجيبة...هي بنت الملك ...من أحد السراري البالغ عددهن 77 ممن يعشن في قصر الملك.. فهي بنت الملك من بين 100 من أبنائه...حكاية هذه الأميرة طويلة...و لكن الذي يهمني منها و جعلني أقف متأملاً قصتها...أنها عاشت سنين الرفاهية في بيت أبيها ...و لما مات الملك دبت الخلافات بين الأبناء ..فما كان إلا أن تفرق المُلك بينهم...و صارت دولة العز دويلات صغيرة....ثم سقط الأبناء شيئاً فشيئاً و لم يبقى منهم حياً إلا 37 ...و كان الأخوة يتحزبون ويتآمرون على بعضهم...فما كان من الأخوة الكبار و هم الملوك إلا أن كشفوا خططهم ...فمنهم من نال العقاب ...و منهم من تاب عن طريق التحزب و اختار أن يعيش في زوايا الحياة و رجع إلى الصواب ...أما هذه الأميرة فقد وقعت في حب سرق قلبها ...لمسوق يعيش في بلدتها..و هذا المسوق ألماني يعمل عند شركة مصدرة بجانب قصرها....قررت بعد فترة حب طويلة..أن تهرب معه إلى ألمانيا...هربت واستقرت معه في ألمانيا لمدة ثلاث سنوات...ولكن هل انتهت الحكاية...لا...لقد توفي زوجها في حادث سير...و خلف من خلفه زوجة وثلاث أطفال...لقد سكنت هذه الأميرة مدينة كولون وبرلين و غيرها من المدن..سبت الكثير من المدن الألمانية وامتدحت مدن أخرى...و يهمني من القصة أنها سكنت مدينتي التي أرسل هذا التقرير منها...وهي مدينة كولون ..وه تقول : لا تعالم ما السر خلف التعامل الألماني الجاف مع كافة الغرباء..رغم أنني أحمل جنسيتهم و عشت لسنين معهم... لكن لم تكن تربطني إلا القليل من العلاقات مع بعضهم.....نعم لقد وقعت هذه الأميرة على الجرح...و أعلنت شيئاً مما في النفس...وعبرت بما في الخاطر...فهذا الشعب لم ترى عيني أغرب منه وأعجب من طريقة حياتهم...فكأنما حُرمت الابتسامةعليهم ...لذا و من هذا المنطق قررت قبل أن آتي إلى ألمانيا أن أنهي أعمالي مبكراً ..و بعدها أخرج من ألمانيا... لكي أتنفس... و أبتسم كما يبتسم الناس...ولكي أسأل في الشوارع و أجد من يجيب على تساؤلاتي بنفس مرحة أو قلب يحب المساعدة...لقد خلفت ألمانيا خلف ظهري و توجهت إلى أرض الابتسامة... أرض سويسرا...حيث الطبيعة التي تناسبني...أرض عجيبة ..طبيعتها غريبة... ساكنيها لطفاء...بلد ترقد على الجبال الخضراء المنبسطة...إنها بالعكس من غابات ألمانيا الكثيفة...و التي تشكل بأشجارها الطويلة المتماسكة قضبان زنزانة مقفل على سجين مظلوم...و ترسم عبر أنهارها خنادق تمنع زائريها المساكين من التمتع بجمال من حولها...لقد اخترت أن أغادر المدن الألمانية ...و هربت من أرض التعاسة إلى أرض السعادة... لأنقل لكم أيام السعد...و أحدثكم عن جمال الأرض...و صفاء السماء...و نسمات الهواء...أحدثكم عن أنهار جارية...
و زهور عطورها نافثة...و بحيرات متناثرة...و لحظات سعيدة...و أيام سارة
لكي أنقل لكم الجمال ...أنقل الجمال لعشاق الجمال...أنقل لكم ألوان مختلفة من ألوانها الفاتنة...ألوان ورودها الحمراء التي تعلن العشق...و مياهها الرقاقة و التي تنثر الحب ...و سحبها المنتشرة التي ترسل عبر قطراتها عهد الصداقة و الوفاء ...
هناك سماءٌ زرقاء ترسم الصفاء والنقاء...
و أرض خضراء تلبس النفس بالسكينة و القلب بالهدوء والجسم بالدفء...
و طيف يحيط بالكون لينشر البهجة و السرور والسعادة...
هناك كل أرض هي أجمل من أختها ...و كل شيء له ألوان عدة ....
كل الطبيعة و ألوانها و أشكالها تتزاحم من أجل أن تأخذ مكانا هناك لها ...
وكل الأشياء صغيرها وكبيرها يجمعها قاسم مشترك...وهو الجمال الساحر...
فالحروف تتزاحم ...و القلم يحتار...والورق يتمنى أن يكتب كل وصف حسن تستحقه تلك الأرض...
لكن...تختفي الأمنيات مع قوة السحر و فتنة الجمال و سيطرة الأغراء ...
و يبقى شيئاً واحد يردد ..و هو االعبرة بجميل خلق الله العزيز الواحد الأحد الغفار سبحانه و تعالى
اليوم أحدثكم عن زيارتي الأخيرة لسويسرا أرض الزهور و الابتسامة....لقد خرجت إلى تلك الأراضي و أحمل بيدي قلمي...و بقلبي عشقي...و بذهني صور ترسم حبي...
دخلت إلى سويسرا فوجدت الزهور باستقبالي...
وقطرات الندى تنادي...
و الطيور تغرد و تغني و تسامرني...
والأطفال ببراءتهم يرسمون سعادتي
كل شيء يدعوك لتتقدم للعناق ...فلم أطق صبراً ..فكان العناق و إليكم بعض اللقاء .
نلقاكم بإذن الله تعالى بحلقات ( مختصرة )
نسيم نجد
اخي العزيز نسيم نجد الحمد لله على سلامتك ، وما هذا الجمال والروعة ، قلم مبدع كالعاده واسلوب متميز وصور والتقاط لها ولا اروع .
صدقني عزيزي الصور قمه وروعه وسحر والاجمل انت بقلمك اخي العزيز، وخيرا فعلت بتركك لبلاد الالمان وشعبها الجاف والغريب والذي لم افهم الى الآن سبب تعاملهم العجيب مع السياح ومع انفسهم قبل كل شيء ؟؟؟ .