- مروان دراج
ريف دمشق .. طبيعة ساحرة تجذب المستثمرين
جريدة الثورة السورية
السبت 29/3/2008
مروان دراج
بعض المناطق الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة ريف دمشق, تعتبر الأكثر جذباً للسياح, سواء خلال فصل الصيف أم في أوقات محددة من الشتاء
, ويأتي هذا الجذب السياحي, من كون أن هذه المناطق تتميز بطبيعة ساحرة قل مثيلها في بعض المحافظات الأخرى, بدءاً من حضور السهول والوديان والجبال وليس انتهاء بالينابيع والأنهار والمساحات الخضراء, ولعل مثل هذه المقومات كانت وعلى مدارسنوات طويلة, قد شجعت على تشييد مئات المشاريع السياحية في هذه المنطقة, بدءاً من المطاعم والنوادي وليس انتهاء بالفنادق.
والذين تعرفوا على مصايف ريف دمشق ليسوا فقط من السوريين, فهذه المناطق ذاع صيتها واشتهرت حتى بين صفوف الأشقاء الخليجيين, ومن يقصد بلودان وبقين والزبداني ووادي بردى في ذروة الموسم السياحي, وعلى وجه التحديد خلال شهر آب وأيلول وتشرين الأول, فسوق يلحظ أن عشرات الآلاف من الخليجيين يقصدون هذه المناطق, بل إن البعض منهم بات يمتلك (الفيلات) الضخمة والشقق الفخمة المشيدة على مساحات واسعة وفي مناطق لاتخلو من الجاذبية والتميز, وفي حال الحديث عن منطقة بلودان على سبيل المثال, نجد أن هذه الأخيرة اكتسبت تميزها وجمالها بسبب موقعها المرتفع, حيث يزيد ارتفاعها عن سطح البحر نحو (1500)م, وأطلق عليها منذ القديم, إنها المنطقة التي لاتنام نظراً للأعداد الكبيرة التي تشهدها من السياح خلال فصل الصيف على وجه التحديد, وإذا كان هذا الوصف أوالتشبيه يعود إلى عقود من الزمن.
فإنها وفي الوقت الحاضر, أكثر إغراء من السابق, بسبب ماشهدته من نقلة نوعية لجهة الخدمات وحضور كل مايستوجب للذين يقصدونها من السياح, سواء الشوارع والطرق الواسعة والنظيفة أو حتى (مرائب) السيارات وكل مايلزم المرء من حاجيات وخدمات ضرورية, وربما مثل هذه العوامل هي التي جعلت السياحة الشعبية تتنامى وتزدهر خلال السنوات الأخيرة.
إلى جانب أن محافظة ريف دمشق قريبة جداً من العاصمة, وفضلاً عن سهولة التنقل وتوافر وسائط النقل في الليل والنهار.
.. و الحديث عن مناطق الاصطياف والجذب السياحي في ريف دمشق لايتمثل فقط في منطقة بلودان, والزبداني, ومضايا, وإنما هناك مناطق أخرى لاتقل في جاذبيتها ومكانتها عن سابقتها, مثل عين الفيجة وعين الخضراء, والديماس ويعفور وصيدنايا والمعرة ومعلولا والهامة, ورنكوس وعسال الورد ويبرود والنبك وتل منين.. جميع هذه المناطق وغيرها تمتلك كل مقومات التنوع المناخي والجغرافي بدءاً من الجبال والوديان وليس انتهاء بالينابيع والأنهار والمساحات الخضراء, كما ويكفي الإشارة إلى أن منطقة (معلولا) تعتبر الأشهرفي العالم على مستوى السياحة الدينية ويقصدها سنوياً عشرات الآلاف من جميع بلدان العالم, وذلك ليس فقط بسبب الطبيعة الخلابة, وإنما أيضاً نتيجة ما تعنيه من مكانة دينية, حيث تنتشر فيها الكنائس القديمة والأديرة التي تحكي سيرة حقبة محددة من التاريخ القديم.
ولأن مناطق ريف دمشق كانت قد غصت خلال العقود الأخيرة بزحمة التوسع السكني, فإن أعداداً كبيرة من سكان العاصمة, لاتجد ملاذاً لها, سوى بهذه المناطق نظراً لقربها من مناطق سكنهم - كما سبق وذكرنا- ويكفي التذكير بقضية لاتخلو من الأهمية, أنه ومنذ سنوات طويلة, لايجد الأطباء وصفة طبية أوصحية لبعض الأمراض, سوى قضاء بعض الوقت في مصايف ريف دمشق, فأمراض الجهاز التنفسي لاعلاج لها سوى الهواء العليل والجاف والذي لايتوفر سوى في مناطق مرتفعة مثل بلودان وحتى إن المطرب الراحل محمد عبد الوهاب, كان من بين مئات الشخصيات الشهيرة في العالم التي قصدت هذه المنطقة خلال ستينيات القرن الماضي وفي أوقات محددة من فصل الصيف.
وإلى جانب الهواء العليل والجبال والتلال والسهول, فإن أبرز مايميز تلك المصايف, كثرة الينابيع والعيون والمياه العذبة التي تتدفق وبنسبة عالية من البرودة, ومياه الينابيع في هذه المناطق وحسب شهادات طبية قديمة وجديدة, تتميز في كونها من المياه العذبة الصالحة كدواء ومعالجة للكثير من الأمراض, وبعض أطباء سورية يصفون مياه منطقة (بقين) كوصفات طبية لأمراض هضمية ولأمراض الجهاز البولي, مثل مرض الرمل وأمراض الكليتين, حتى إن الأطفال الذين يصابون في السنوات الأولى من عمرهم بمرض التجفاف لايجدون وصفة شافية سوى المياه المعدنية والتي تتوافر بكميات وغزارات كبيرة بسبب كثرة الينابيع والعيون وازدياد معدلات الهطل المطري في هذه البقعة الجغرافية التي باتت أكثر جذباً للسياح.
ولأن الشروط والعوامل التي تحدثنا عنها في ريف دمشق تشكل اليوم مثار اهتمام في جانب معظم شرائح المجتمع, فقد كان من الملاحظ, أن هناك زحفاً غير عادي لتشييد المزيد من المنشآت السياحية. ومن باب التذكير لا أكثر, فإن الأجيال المتعاقبة سواء في دمشق وريفها أوفي المحافظات الأخرى, لطالما تغنت بالطبيعة الخلابة والساحرة التي تتميز بها هذه المناطق, حتى إن المعسكرات الشبيبية والكشفية للطلاب كانت تقام قبل عقود في منطقة الزبداني حتى إن هناك أغنية شهيرة, كانت قد أطلقت قبل أقل من نصف قرن, ومازالت الأجيال ترددها حتى الوقت الحاضر.
وما أجمل دمشق وريفها