- رندة Rona
- معالم مدينة رندة
رندة Rona
أحببت أن أذكر في هذا الموضوع بعض مشاهداتي في مدينة رندة, وبعض الآثار الإسلامية فيها.
من أجمل ما يمكن أن تراه العين في أسبانيا, ولكن جمالها ليس بجمال الطبيعة أو بفخامة المباني وعلوها, ولكنه جمال حسي ومعنوي, فمجرد دخولك لهذه المدينة تحس بالطمأنينة, مدينة تقع على علو مرتفع, مبانيها التاريخية وشوارعها الضيقة تعيدك إلى الوراء, فهذه المدينة مرت على عهود رومانية و إسلامية, وأصل هذه المدينة روماني, وازدهرت في العصر الإسلامي, وهي من أكثر المدن التي لا تزال تحافظ على الكثير من الآثار.
و تقع مدينة رندة شمال غرب مدينة مالقةMalaga, وهي اليوم تدخل ضمن محافظة مالقة, و مالقة تدخل اليوم تحت إقليم الأندلسAndalucia , ولكن الوصول الطرق المؤدية إليها وعرة, وعلا شأن هذه المدينة في عهد ملوك بني نصر. وهي مدينة متوسطة الحجم مقارنة بالمدن الأسبانية الأخرى .
سقطت في يد النصارى في جمادى الأولى لعام 890ه - مايو 1485م. وبعدها سهل على القشتاليين الإستيلاء على مالقة بعد سبع سنوات, وقد قال عنها الرحالة المسلم ابن بطوطة (( أنها من أمنع معاقل المسلمين وأجملها وضعا)), وذكر ابن بطوطة بعض أعيان رندة في وقت زيارته لها.
و تبعد رندة عن مدينة مالقة 122 كم في الشمال الغربي, وتقع بين مالقة ورندة مدينة مربلة Marbella التي تسمى اليوم ماربيا, وتبعد ماربيا عن رندة 48 كم , و يقارب سكانها اليوم 35 ألف نسمة, و ارتفاعها عن سطح البحر 750 م, وتقع على نهر وادي لبين Guadalevin الذي تقع عليها القنطرة الرومانية والعربية.
وتقرب رندة من جهة الشمال مدينة أشبيلية Sevilla ومن جهة الغرب مدينة شذونة Medina Sidonia , والطريق الواقعة بين رندة و شذونة تكثر فيها البسائط الخضراء, وشهرة هذه المدينة اليوم بين الأسبان كانت بسبب وجود أو حلبة مصارعة ثيران في أسبانيا والتي أنشئت عام 1785م, في عهد فيليب الثاني Felipe, أما المدينة فبالرغم من وجود المباني الجديدة بشوارعها و محالها التجارية فإنك تحس بأن كل المدينة تعود إلى مئات السنين, و وسط البلد اليوم هو المدينة القديمة و تقع فيها الآثار الرومانية و الأندلسية.
الطريق المؤدية من مربلة Marbella إلى رندة
معالم مدينة رندة
تبدأ معالم رندة ابتداء من ساحة الثيران Plaza de Toros: وهي أقدم ساحات الثيران في أسبانيا, وتتسع هذه الساحة لخمسة الآلاف متفرج, وتحتوي على 136 عقدا وبها متحف مصارعة الثيران وهو من أشهر متاحف أسبانياMuseo Taurino.وتقع ساحة الثيران على شارع Virgin de la Pazوهو من أهم شوارع رندة وبعد الخروج مباشرة من ساحة الثيران متجها نحو رندة القديمة التي تقع في الجهة الجنوبية للمدينة فإنك تمر أولا على ساحة أسبانيا Plaza de España: وهي نقطة التوزيع الواصلة بين رندة القديمة و رندة الحديثة, والمنطقة الشمالية بالجنوبية, وقد أنشئت هذه الساحة أوائل القرن التاسع عشر, و تقع الساحة بين ساحة الثيران و القنطرة الجديدة.وللعبور لرندة القديمة فالمرور يكون عبر القنظرة الجديدة El Puente Nuevo: وهذا الجسر يربط رندة القديمة بالحديثة, و يعود تأسيسه إلى عام 1793م, و لكن العمل فيه بدأ عام 1735م, في عهد فيليب الخامس Felipe.
وبعد عبورك الجسر فإنك تبدأ بالانعطاف يسارا ناحية الجهة الشرقية للمدينة متجها نحو القنطرة عبر شارع القديس دومينغو,و أول ما تمر به هو دير القديس دومينغو Convento de Santo Domino الذي أمر بإنشائه الملكين الكاثوليكيين, وبجانبه يقع منزل سانتا بولاCasa de Santa Pola ويسمى أيضا Casa de los Guerreros de Escalante ويعود تاريخ هذا المنزل إلى القرن الثالث عشر للعهد الناصري ولم يبق فيه إلا أجزاء بسيطة, ويعتقد أيضا أنه كان مسجدا صغيرا, والمنزل اليوم هو عبارة عن مطعم, وبجانب هذا المنزل يوجد منزل الملك العربي Casa del Rey Moro: وهو منزل يعود إلى القرن الثامن عشر, ولكنه مع الوقت والترميمات فقد كثيرا من ملامحه الأصلية, و الأرجح أنه بني على بيت يعود إلى أوائل القرن الرابع عشر, ويوجد خلف هذا المنزل في جهته الشمالية على النهر سلم ينزل إلى نهر وادي البين يتكون من 365 درجة, وعلى واجهة هذا المنزل وضعت لوحة مرسومة على سيراميك للملك أبي مالك المريني.
وبعد هذا البيت تواصل عبر المنحدر مارا بقصر ماركس سالباتييرا Palacio del Marques de Salvatierra ويميز هذه القصر واجهته الفنية والشرفة الرائعة وعليها تماثيل بيروفية, ويمثل هذا المنزل الفن الرندي, وبه فناء على الطراز الأندلسي, وقبل البدء بالنزول أكثر عبر هذا الشارع الشديد الانحدار فإنك تدخل من تحت بوابة فيليب الخامس Puerta de FelipeV
التي بنيت على البوابة العربية القديمة وتم إنشائها عام 1741, وسبب بنائها هو زيادة الحركة السكانية وكثرة المرور من عندها, وبعد الدخول من هذه البوابة والبدء في النزول أكثر مع الشارع المنحدر فسوف تشاهد أمامك القنطرة القديمة Puente Vieja وتعود إلى عهد ملوك بني الأحمر في القرن الرابع عشر ويرى آخرون أنها تعود إلى عهد الملك أبي مالك المريني, وقد تهدم الكثير من هذا الجسر بسبب فيضان حصل عام 1616م, فتم إعادة بناء ما تهدم منه, و يبلغ طول هذا الجسر 10 أمتار على ارتفاع 31 متر عن النهر, وهي ذات عقد واحد, وقد تعرضت لترميمات بسيطة قبل عدة سنوات, وأجمل ما تشاهده عند هذه القنطرة هي الصخور العظيمة الكبيرة الحجم,
أما في الجهة الأخرى من الجسر فيوجد هناك حي الميركاديو Barrio del Mercadillo وكنيسة الأب عيسى Iglesia de Padre Jesus و نافورة الأنابيب الثمانية Fuente de Los Ocho Caños , وتعود هذه الكنيسة إلى أواخر القرن الخامس عشر الميلادي ذات مدخل ذو طراز قوطي, وبعد القنطرة القديمة تقع قنطرة أخرى تسمى بقنطرة القديس ميغيلPuente de San Miguel وتعرف بأنها قنطرة رومانية ولكن أصلها عربي.
ومقابل هذا الجسر تقع الحمامات العربية Los Baños Arabes وهي من أكثر الحمامات العربية التي حافظت على طابعها الأصلي في إسبانيا((مقارنة بالحمامات التي رأيتها في مدن أخرى مثل قرطبة ميورقة وغيرها)), وتعود هذه الحمامات إلى القرن الثالث عشر الميلادي, في العهد الناصري, وقد تمت فيه بعض الترميمات عام 1994م, وتحتوي هذه الحمامات على عقود بطراز أندلسي وتحتوي أيضا على البركة.
ومن عند هذه الحمامات فإنه بالإمكان مشاهدة الأسوار العربية Murallas Arabes, أو أسوار رندة, الواقعة في الجهة الغربية للحمامات, وتعود هذه الأسوار أيضا إلى العهد الناصري في القرن الثالث عشر, وأجزاء منها تعود إلى القرن الحادي عشر, وقد تعرضت أجزاء منها للترميم وخاصة الجزء المجاور لبوابة المقابر((وهي البوابة الواقعة في الجهة الجنوبية لرندة)),
ومن أهم شوارع رندة أيضا شارع أرمينيان Calle Armiñan ويبدأ هذا الشارع من الجسر الجديد عند ساحة أسبانيا, ويمتد هذا الشارع داخل رندة القديمة,
ويأخذك إلى بوابة المقابرLa Puerta de Almocabar, و التي تقع في الجهة الجنوبية للمدينة, وهذه الجهة هي أقل الجهات منعة, وهذه البوابة هي إحدى أبواب الأسوار, ويعود تاريخها إلى نهاية القرن الثالث عشر في عهد ملوك بني الأحمر, وقد تعرضت لبعض الترميمات في عام 1965م, وتحتوي هذه البوابة على ثلاثة عقود, وبجانب البوابة توجد أنابيب مياه تشبه مواضئ المساجد,
وخلف هذه البوابة توجد كنيسة إسبيريتو سانتوIglesia del Espiritu Santo وقد بنيت هذه الكنيسة على مسجد بأمر من الملك الكاثوليكي فرناندو بعد سقوط رندة بأعوام قليلة, وهي كنيسة مبنية على الطراز القوطي, ولم أجد فيها أي بقايا للمسجد القديم, وبالقرب من هذه الكنيسة يوجد متحف اللصMuseo del Bandolero والتي تحتوي على مستندات و صور ويحتوي هذا المتحف على خمس صالات, وعلى نفس شارع أرمينيان توجد ساحة مسماة على الشاعر الأندلسي الرندي العظيم صالح بن شريف الملقب بأبي البقاء الرندي صاحب القصيدة المرثية المشهورة:
لكل شئ إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان
واسم هذه الساحة ساحة أبي البقاء Abul Beka المطلة على شارع أرمينيان, وداخل هذه الساحة توجد منارة سان سيباستيان Alminar de San Sebastian,
وقد أنشئت في عهد ملوك بني نصر, في القرن الرابع عشر الميلادي, أما المبنى المجاور له فهو المركز الأسباني العربي للفنون الإسلامية في رندة فقد تم ترميم هذا المبنى في عام 1973م ليكون فيه هذا المركز, وهذه المنارة هي ما تبقى من المسجد القديم, وتحتوي هذه المنارة على نوافذ صغيرة وبابها ذا طراز أندلسي, أما مساحة هذه المنارة فهي 1,83×1,88م . وفي آخر شارع أرمينيان وبالقرب من بوابة المقابر توجد بقايا القصبة الأندلسية, Alcazabaالتي لم يبق منها الكثير وقد تهدم جزء كبير منها عند دخول الفرنسيين في عهد نابليون, بسبب القصف الذي تعرضت له,
, ومقابل القصبة توجد كنيسة ماريا أويكسيادوراIglesia Maria Auxiliadora, وهي كنيسة حديثة الإنشاء وقد أنشئت في عام 1950م, ومقابل هذه الكنيسة يوجد مبنى البلدية Ayuntamiento, وقد أنشئت في عام 1734م, ويقع مبنى البلدية أمام ساحة وحديقة اسمها ساحة دوكيسا دي بارثينتPlaza Duquesa de Parcent, أو الساحة الكبرى Plaza Mayor, وفي هذه الساحة يقع معلم من أهم معالم رندة وهو جامع رندة الكبير والذي يعود أيضا إلى العقد الناصري في القرن الثالث عشر الميلادي, وهو اليوم يقع داخل كنيسة سانتا مارياSanta Maria La Myor, وقد احتفظ المسجد ببعض آثاره مثل المحراب وقد تبقى منه عقده والذي يبلغ عرضه 1,25م, وقد تسنى لي دخول منزل داخل الكنيسة تسكنه عائلة أسبانية وهذا المنزل يحتل اليوم منارة المسجد, والمنارة باقية كما هي, و سلم المنزل هو منارة الجامع,
ومن نفس هذه الساحة يوجد شارع اسمه شارع مونتC/M.Mont يؤدي هذا الشارع إلى قصر موندراقون Palacio de Mondragonوهو منزل على طراز مدجني, وقد بنى على أنقاض منزل عربي يعتقد أنه منزل لأبي مالك المريني, ويحتوي هذا المنزل على فناء رائع وهو فناء بطراز أندلسي يتوسطه بئر وتطل عليه الغرف من أعلى وهو أسلوب مدجني Mudejar بالإضافة إلى حديقة, وإذا عدنا للساحة الكبرى فإن هناك شارع آخر يتفرع منها وهو شارع سان خوان بوسكو San Juan Bosco ويقع على هذا الشارع منزل الخيقانتيCasa de los Gigantes, ويعود تاريخ هذا المنزل إلى نهاية القرن الثالث عشر, ويقع على الساحة التي تسمى بنفس اسم الشارع, ويقع المنزل على مساحة 312م.
ومن الآثار الأخرى في مدينة رندة بعض الأبواب الموجودة على الأسوار, مثل بوابة المنجم, La Mina وهي في جهة قصر الملك العربي, ومن هذه كان النزول إلى النهر, وداخل هذه البوابة توجد غرف صغيرة وحمامات, وتعود للقرن الرابع عشر الميلادي, وبوابة لا إكسيخارا Exijara وقد تعرضت هذه البوابة لبعض الترميمات في عام 1974م, وهي إحدى بوابات الأسوار,
وبوابة الطواحين Los Molinos وتعود أيضا للقرن الثالث عشر ويسمى أيضا بقوس كريستوArco de Cristo, وكانت إحدى بوابة الأسوار في الجهة الغربية, ويوجد فيها 3 عقود, والبوابة على حال غير جيدة وتحتاج لبعض الاهتمام. وفي الجهة الغربية لرندة توجد كنيسة السيدة دي لا كابيثاIglesia de Nuestra Señora de Cabeza, وتعود هذه الكنيسة إلى القرن التاسع الميلادي خلال فترة الحكم الإسلامي, وهذه الكنيسة تشهد بالتسامح الإسلامي.
هذه بعض مشاهداتي في مدينة رندة العظيمة التي كانت لها شأنها في التاريخ الإسلامي. أتمنى أن أكون قد وفقت في ذكر ملامح وآثار مدينة رندة, وأن تفيد كل من يود زيارتها.
ملاحظة: جميع هذه الصور من تصويري, وهناك صور لم أقم بتحميلها حتى الآن, وإن شاء الله أحملها بأسرع وقت,
كتبه/ أخوكم عبدالمجيد (الشاب)
أسبانيا .... جميلة ...
و كاميرا أخونا عبدالمجيد ... أجمل ............ ( مع انه بعض الصور محتاجه فلاش كانت )
انشالله يوم بعزم زيارة أسبانيا مرة ثانيه بتكون انته دليلنا .....
يعني سيارتك تمشي ... ونحن وراها ...
( أسولف )
مع خالص تحياتي
الأخت سفريات