- الجزء الثالث - 3
الجزء الثالث - 3
وفعلا ذهبنا الى ( الباخرة النيلية ) التابعة لفندق ماريوت ( نيل ماكسيم ) وماأن دخلنا الى الباخرة الكبيرة المنتظرة لركابها !! وصدف أنه كان هناك عرس مصرى والزفة فى الشارع من السيارة الى القاعة فى الفندق ، فأحببنا أن نتابعه بكافة فصول العرس المصرى المعروف والذى يكون برعاية الفرقة الموسيقية
التى أصطفت على الجانبين ( وكأنهم فى أستعراض حرس الشرف !! والعرسان يمرون من وسط الطريق
الموسيقى والمدعوين والمتابعين يلا حقونهم بالتصفيق والزغاريط !! ( بصراحة كان رائع بروعة الجو ) .
وبعد أن حضرنا جانب كبير من هذا العرس ، دخلنا الى الباخرة التى كانت فى أنتظار ركابها .......
وماأن أستوينا على مقاعدنا فى صالة الا حتفالا ت فى المركب الكبير ، وجلسنا على الشباك لمتابعة القاهرة
النيرة فى أجواءها المعروفة !! وخاصة أن ليالى القاهرة لا تحتاج الى تفسير وتعليق !! فهى أكبر من أن
نكتبها فى سطور قليلة !! المهم سأصف لكم الجو العام داخل السفينة ( نيل ماكسيم ) ، ديكورات رائعة
ومزيج من الكلا سيكى والشرقى فى بوتقة متناقضة من المنظر الرائع !! الصالة كبيرة جدا ، وفى صدر القاعة ( بست الفرقة الموسيقية ) التى ستحى معزوفات هادئة لعشاء على أنغام ليالى سحرية من الا نوار
الخافتة ، والقاهرة بأضوائها تلمع من طرفى الضفتين المحيطتين كما لو أنها لؤلؤ منثور فعلا .....
يعكس بريقه على صفحات الماء الملون !!! هنا شيراتون الجزيرة ، وهناك الميرديان يسطع بأنواره البراقة
والتى أنعكست على رمال الشاطىء الجميل بصورة رائعة من التكوين الاجمل للعيون ......
ياألهى ... ماهذه المناظر ... ؟
قلت لصاحبى أنا سأخرج الى الشرفة الخارجية للسفينة وأراقب هالمناظر فى الهواء الطلق ....
وفعلا وما أن تناولنا عشاءنا الفاخر ، حتى قمت وذهبت برفقة صاحبى الى خارج الصالة فى الباخرة ، وبقينا
نراقب القاهرة بليلها الا خاذ من خلف ( درابزين السفينة ) ونسيم النيل يلفح الوجوه ، ويداعب العيون
، ويسكب العبرات على الشفاه بمناظر ... ماأقدر أوصفها بليلة من ليالى القاهرة الساحرة !!
حتى مررنا على ماسبيرو ( وزارة الا علام والتلفزيون المصرى ) الشهير بمبناه المعروف ، والذى يجاور
فندق ( هليتون رمسيس ) ، وكم كان المنظر والجلسة والموقف أكبر من التعبير !!
وبرج القاهرة بأضوائه المشعة والمنعكسة أمامنا على صفحلت النيل الا زرق ، تعبر عن مزيج متلآلآ من
اللوحات التشكيلية الحلوة .. بالفعل ، وفى طريق العودة التى كنا نقطع فيها الطريق من أسفل الكبارى والجسور المعلقة فوقنا وأصوات السيارات والمشاة والمارة يقفون على أطرافها يؤشرون لنا ويلوحون
بأيديهم والا بتسامة تملأ وجوههم بالفرح والسرور ( ماركة مسجلة للمصريين ) مع كم كلمة وتعليقة كنا
نسعمها ونبادلهم النكتة بالنكتة !! والا بتسامة بالا بتسامة ..... كيف لا ؟ وأنت فى مصر !!!
ماكان لى خلق أدخل الى الصالة ، أما صاحبى فقد تركنى وذهب وبقيت وحدى مع أفكارى المتوهجة فى
حوارها القديم الجديد عن تلك الا مانى التى تحققت فى القاهرة ، ها أنا أخطو أول خطوات الحلم الشخصى
فى ترجمة أشواقى الماضية والساكنة فى أعماقى الملتهبة فى حب مصر !!
عدت الى ملفات الفكر ، ورجعت الى أرشيف الا مس ، والهواء يدغدغنى بنسيم عليل يكاد يسكب دموعى
على صفحات أحلا مى الماثلة أمامى وأراها على صفحات هذا النيل الا زرق ......
وبدأت فى متابعة ماتحيطه عينى من مشاهدة ، ورؤية ، لكل مأراه مجسما فى ذاكرة التاريخ والسنين التى
مرت هنا ومازالت باقية بقاء هذا النيل الجارى من القلب الى القلب !!
مازلنا نمخر عباب النهر الا زرق ، وها هى القاهرة أراها كما تمنيت ، ومازلت أعد الا يام وأراقب الساعة وأخشى من النظر الى عقاربها اللا سعة ، فأخاف أن ( تقرصنى ) بنهاية الرحلة وأنتهاء الا جازة !!
أخاف أن تفوتنى القاهرة ولا أراها كما تمنيت !! كنت أريد أن أطوى الا يام ، وأثنى الا وقات ، لتبقى تحت
يدى أسيرة متابعتى .. وأراها أنا فقط بعينى دون الاخرين !! أنها الا نانية الحميدة التى جعلتنى أعشق حلم
مصر وأخشى من أن يوقظنى أحدهم على صوته : من فضلك أنتهت الاجازة ... !!!
لا أريد أن أسمع هذه الكلمة .....
وأخاف أن أسمعها فعلا .... !!
شربنا من النيل حتى أرتوينا ، ولو كان علينا لما أنقطعنا منه رغم كل شىء !!!
كنت مازلت فى مكانى أتكأ على ( الدرابزين ) الخارجى للباخرة ، ومازلت فى دوامة أحلامى التى لا تنتهى ،
لا أرى أحد ولا أحد يرانى ، فأنا فى قوقعة من التفكير الذاتى الذى يحجب عنى الرؤية فلا أرى أحد ولا أحد يرانى فعلا !! حتى دوى صوت الباخرة بصافرة تقطع أحبال الصمت الممدودة من فكرى الى عينى !!
مؤذنة بوصولها الى مرفأ الفندق حيث أنطلقنا ، معلنة نهاية رحلة نيلية أمتدت لنحو ساعتين من الزمن لم
أشعر بها الا وأنا أداعب بعينى صفحات النيل المتحركة بظلمة متموجة ملونة بمزيج من الا لوان الطاغية
على سطحه الا زرق الذى ذاب فى سواد الليل ليضفى عليه جمالا على جماله الساحر !!!
جاءنى صاحبى والا بتسامة تملا وجهه الباسم ، وقال : ها أيشرأيك ؟
قلت له وقد ثقل الكلا م على لسانى العاجز : عن ماذا تسألنى ياصديقى ؟ عن فرحى فى الرحلة أم عن فرح القاهرة بلقائى ؟ !!!
فلسفة طارئة !! ترجمها فمى الى حقيقة لا أستوعبها أنا !! فقلت على أى حال لنا عودة الى مثل هذه الرحلا ت النيلية الرائعة ... فأومىء لى صاحبى برأسه موافقا ولسان حاله يقول لى : أشفق على نفسك
من الحب .. طال عمرك !!!! فأبتسمت ومشيت فى طريقى وأنا أعيد شريط الذاكرة الى الوراء ، حتى وجدنا صاحبنا ومرافقنا صاحب التاكسى ينتظرنا فى الموقف ......
أن شاء الله تكونوا قضيتوا وقت حلو ؟
الحمد لله ، ربنا يخليك ....
ودى لوقت حتروحوا فين ... ؟
قلت لصاحبى : ودك تروح مكان ثانى ؟
قال : على كيفك ؟ فيك شدة ؟ قلت بصراحة اليوم لا ... خلنا نريح وبكرة ورانا جدول مزدحم !!!
قال : خوش ...
نروح ونقعد فى لوبى الفندق ، على مانروح ونام ...
توكلنا على الله ......
يالله ....
وفى الكوفى شوب لشيراتون الجزيرة كانت لنا أوقات قليلة قبل النوم مع عصير البرتقال والمانجا الطازج ،
وقد بدأ النوم يتسرب الى عيوننا ، ولم نستطيع مقاومته !! حتى غلبنا وقهرنا وأجبرنا على الصعود الى
الغرفة ، والا رتماء على السرير بعد يوم حافل بالنشاط الغير عادى فى قاهرة المعز .......
ولنا باذن الله غدا موعدا مع الذكريات فى القاهرة ، فى المتحف القومى المصرى .......
نلقاكم على خير ، وتصبحون على خير ......
( تذكرة الرحلة مع عشاء ) فقط 90 جنيه مصرى للشخص الواحد !!
مع الجزء الرابع ( فى المتحف القومى المصرى ) الى اللقاء ......
وما أن أشرقت شمس يوم جديد بأذن الله ، الا وتلفون الغرفة فى الفندق يرن .....
آلو .. صباح الخير .
صباح الخير ياهلا والله ...
أستاذ ........ ؟ التاكسى بيستنى بحضرتك !!
ولا يهمك أخى الفاضل عشر دقائق ونكون جاهزين .....
مع السلامة ...
مع السلامة ...
وفعلا جهزنا أنفسنا ، وأخذنا كاميرتنا ، وقلنا يارب .......
وماهى الا لحظات الا ونحن فى التاكسى ، فى طريقنا الى المتحف القومى المصرى فى ميدان التحرير ....
وطبعا المشى فى شوارع القاهرة متعة ، وروعة من الروائع المحببة لك وأنت تمشى وتشاهد الناس يمشون
على الطرقات ، يزاحمون السيارات ، ويتدافعون للركوب بالا توبيسات !! والباعة منتشرون على الا رصفة
وعلى قولة أخواننااللبنانيين ( الشوارع عجأه ) !! يعنى زحمة .. !!
ياه .. بصراحة شوارع القاهرة لا تمل ، وبودك فعلا تحط لك كرسى فى الشارع على الرصيف وتطالع منظر
الناس والا وادم وهم يتشابكون ومشتركون برسم لوحة رائعة مشكلة الا لوان !!!
أحنا فى التاكسى ، وصاحبنا السائق مايقصر برمى التعليقات هنا وهناك ... تارة على أمرأة مع زوجها يقطعون الشارع !! وتارة على سيكل بصوته المميز يزاحم السيارة ( ويبغى يدش داخل ) وأنت واقف جنبه
على الا شارة !! الله يامصر ....
الله يالقاهرة ....
وين تشوف مثل هالمناظر ... ؟
ماكو الا فى القاهرة .....
عمارات مصر مميزة بنكهة الماضى المرسوم على جدرانها ... ورائحة التاريخ المصبوغة فوق أعمدتها
وحيطانها .....
تشم الا مس وكأنه مازال أمامك اليوم ماثلا بلا تغيير !!!
بالفعل .. كم أحب أن أمشى فى شوارع مصر الرائعة .....
وأسير على أرصفتها العامرة ....
وأدور محلا تها ( المتراصة ) بتميز واضح ، وديكورات ملونة !!
طبعا حنا طلعنا من الفندق ومافطرنا .....
قلت لصاحبى .. أيش رأيك نتريق سندويش فلا فل ؟
( بعد ماكو فى مصر الا كل مشكلة !!! ) رغم توفر المطاعم وانتشارها !! بس مو كل مطعم مطعم !!!
المهم نزلنا على أحد المطاعم ( نوارة ) وأخذنا لنا وللسائق مرافقنا ( فطور ) خفيف ..
ورانا مشى طويل فى المتحف القومى الا يبيله يومين لين نخلصه !!!!
وفعلا وماهى الا لحظات الا ونحن أمام المتحف فى ميدان التحرير .....
وللمتحف راح نفرد جزء خاص به ....
أوكى ؟ يالله ندش معا الى المتحف ........
تفضلوا ....