- يرتاده الآلاف من المصريين والعرب يوميا للتسوق والمتعة .
- القاهرة:
يرتاده الآلاف من المصريين والعرب يوميا للتسوق والمتعة .
القاهرة:
يبقى حي الحسين وتحديداً في شهر رمضان حالة فريدة من نوعها بين سائر أحياء القاهرة، فعلى الرغم من حالة النشاط التي يعج بها المكان طوال العام لما يضمه من مساجد ومتاجر ومقاه شهيرة تعطي جميعها نكهة خاصة للمكان وتجعل الآلاف من البشر يرتادونه من العرب والمصريين, منهم من يذهب للمتعة , ومنهم من يذهب للمتاجرة والشراء.
والمقاهي في الحسين تمثل حالة خاصة بين مقاهي القاهرة وربما أعطاها هذه الروح التي تتميز بها, ارتيادها من قبل عدد كبير من الفنانين والكتاب وتحولها من مجرد مقهى يقدم المشروبات لرواده إلى عالم كامل من المتعة, فالغناء ينبعث من أركانها حيث يرتادها الكثير من المطربين المتجولين وهناك المنشدون في ساحات المنطقة غير بعيد تصل قصائدهم محملة بعبير وروح المكان.
هذا هو حال حي الحسين في الأيام العادية فما بالك بشهر رمضان حيث تصل المتعة في لياليه إلى ذروتها والزائر لهذا الحي في ليل رمضان يشعر أنها كما لو كان الناس هجروا بيوتهم وانصرفوا عن مشاهدة المحطات التلفزيونية الفضائية والأرضية وجاؤوا إلى حي الحسين الذي يعد حيا رمضانيا ليعيشوا جواً روحانياً من طراز خاص ونكهة عمرها ألف عام تتلألأ في رمضان بالأنوار وتجذب الناس من كافة الطبقات والألوان والأجناس إما للإفطار أو لجولة بعده والسهر في الحسين حتى الصباح .
و يعتبر عدد كبير من الناس سواء من المصريين أو العرب أو الأجانب هذا الطقس بمثابة نزهة رمضانية ممتعة وهناك من يأتي إلى القاهرة خصيصاً من الدول العربية أو الأجنبية للاحتفال بهذا الشهر في هذا الحي ويقوم هؤلاء بالصلاة في الجامع الأزهر أو مسجد الحسين أو الأنوار والأقمر ثم يتجولون للتسوق والتمتع بمشاهدة معروضات خان الخليلي.
ويقوم البعض الآخر بالإفطار في المطاعم التي تقوم بوضع موائدها في عرض الشارع وعقب الإفطار وصلاة العشاء والتراويح ينصرف الجميع إلي مقاهي الحسين ومحاله وبضائعه المتنوعة حتى انطلاق مدفع الإفطار وعلى الرغم من أن عوامل التغيير أحدثت آثارها على هذا الحي سواء من خلال نفق الأزهر الشهير أو إعادة ترميم بعض المباني وتحويل مسارات الطرق وهدم بعض المباني التي كانت مدارس للعلم وخلوات للتصوف وقصوراً للخلفاء والأمراء.
وتحول بعض بناياتها الأثرية إلى حوانيت وورش للصناعات البدائية فإن حي الحسين لا يزال الأثر الباقي من القاهرة الإسلامية والحي الرمضاني المرغوب والذي يمثل عنصر البهجة لأهالي العاصمة وزوارها.
ويضم الحي إلى جانب ذلك عددا من البيوت الفنية التي تشرف عليها هيئة قصور الثقافة والبيت الفني للمسرح وأكاديمية الفنون ودار الأوبرا المصرية والبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية وهي بيت الهراوي ووكالة الغوري وبيت السحيمي وبيت الغوري " الصحن " وقصر الأمير طاز وتشهد هذه البيوت طوال ليالي رمضان نشاطاً فنياً وموسيقياً وشعرياً كبيراً .
وبدأت العروض في هذه البيوت هذا العام منذ التاسع من شهر رمضان وتستمر حتى 26 منه وتتضمن حفلات غنائية يشارك فيها عدد من المطربين الكبار أمثال محمد ثروت الذي افتتح الليالي الرمضانية وهناك المطرب مدحت صالح ومحمد الحلو وطارق فؤاد ومها البدري ومجد القاسم .
إلى جانب حفلات موسيقية ليحيي خليل أشهر من قدم موسيقى الجاز مع فرقته الموسيقية وأيضا فرقة هاني شنودة الموسيقية، كما تشارك في هذه البيوت بفقرات متعددة فرق الإنشاد الديني وهناك الكثير من الأمسيات الشعرية والغنائية.
وكانت مقاهي الحسين قبل إنشاء أو ترميم هذه البيوت واستعمالها للنشاط الفني مسرحاً لفناني الربابة الذين كانوا يرددون السير الشعبية وينشدون القصائد والتواشيح كما شهدت مقاهي الحسين ومساجده بدايات العديد من رواد الغناء سواء في مصر أو العالم العربي ومن هؤلاء عبده الحامولي الذي كان يحرص على الإفطار طوال شهر رمضان في الحسين وكان يتسامر مع أصدقائه ومستمعيه على مقاهيه وكان يصعد عقب أذان العشاء إلى منارة مسجد الحسين وينشد التواشيح التي جرت العادة في هذا الزمان على أدائها من أعلى مآذن القاهرة، وكان الناس يحتشدون حول مسجد الحسين من كل صوب وحدب ليستمعوا إلى التواشيح الدينية بصوت عبدالحامولي الأصيل الذي كان ينساب محملاً بكل معاني الوقار والخشية والرجاء.
وكان الشيخ علي محمود رائد فن الإنشاد يؤدي تواشيحه من فوق منارة الحسين وكان معروفاً بشغفه بالموسيقى والطرب وكان يبدأ الإنشاد قبل أذان الفجر وكان يخص كل يوم من أيام الأسبوع نغمة معينة يوم السبت لنغمة "عشاق" والأحد ل"حجاز" والاثنين ل"سيكا" ثم "الصبا "والجركاه" والراست في التالية ويختتم بنغمة البياتي "يوم الجمعة.
وفي "بيت الهراوي" حيث "بيت العود العربي" الذي انتقل من الأوبرا المصرية إلى هناك وصار مكاناً لاجتذاب مريدي العازف العراقي نصير شمه من العازفين من شتى أقطار الدول العربية وقد كون نصير فرقة تقيم الكثير من الحفلات في ليالي رمضان.
وبعيداً عن الحالة الفنية والروحية في هذا الحي فإن شهر رمضان يمثل لأصحاب المحال والمقاهي فرحة كبيرة لتحقيق ما كانوا يأملونه طوال العام. كما تنشط حركة سيارات الأجرة بشكل كبير بعد قرار إلغاء مرور الأتوبيسات والسيارات الكبيرة.
إن جولة في هذا الحي ولو لساعات قليلة في ليالي رمضان تجعل صاحبها يعيش ويتنسم عبق الماضي الجميل كما تدخله في حالة من التأمل والإبداع, إن نظرة في الوجوه الكثيرة لآلاف البشر الذين يتجولون في المكان يمكنه من خلالها أن يعرف كيف أن البشر قادرون رغم ما يحملونه على أكتافهم من الهموم والضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية على أن يبتسموا ويضحكوا بصوت مسموع... ربما لم يفقدوا الأمل بعد.
هذه الصوره وتظهر فيها المقاهي المتاخمة لمسجد الحسين رضي الله عنه .
وهذه الصورة يظهر فيها المسجد والمقاهي وغيرها من المحلات التجارية
هذه صورة اعجبتني وحبيت أخذ رائكم فيها.
وإلى لقاء آخر .تحياتي