1. «وين فرسان هذي؟!»..

جزر فرسان.. «أرخبيلٌ» من كل شيء
عمرها أكثر من ثلاثة ملايين عام.. وفيها مخزن ألماني للذخيرة

«وين فرسان هذي؟!»..

جواب أحد موظفي خدمة دليل الاستعلامات الهاتفية عندما سألته «الشرق الأوسط» عن رقم هاتف بلدية جزر فرسان، التابعة لمنطقة جازان (جنوب السعودية)، ويبدو أن هناك عددا من السعوديين لا يعرفون شيئاً عن محافظة فرسان، وبعضهم لا يعرف أنها مجموعة من الجزر السعودية في جنوب البحر الأحمر.
يقع أرخبيل جزر فرسان في البحر الأحمر، إلى الغرب منطقة جازان (جنوب غربي السعودية)، ويتكون الأرخبيل من أكثر من 84 جزيرة، ويبعد عن مدينة جازان نحو 50 كيلو متراً، ويقطنه نحو 14ألف نسمة، 13 في المائة منهم غير سعوديين، بينما يصل مجموع أطوال شواطئ الأرخبيل «الفرساني» حوالي 216 كيلومتراً، فيما تبلغ مساحة الجزر مجتمعة 600 كيلومتر مربع، أكبرها مساحة وكثافة سكانية جزيرة فرسان الكبرى، وتأتي جزيرة السقيد أو السجيد (أو فرسان الصغرى) في المرتبة الثانية، إضافة إلى جزر «قماح» و«ختب» وغيرها من الجزر.
وتتوفر في «فرسان» العديد من مقومات السياحة، مثل تكوينات الشعب المرجانية، والشقوق الغريبة ذات المياه العذبة، والقواقع والسلاحف والكائنات البحرية المتحجرة، كما تشتهر جزر «فرسان» بسياحلها البكر، خصوصاً سياحل شرق جزيرة فرسان، المتميزة باللون الأبيض، نتيجة حطام الأصداف الكلسية، وهي رمال نظيفة جداً تخلو من الملوثات والشوائب، والغنية بأصداف «اللؤلؤ» وكتل «العنبر».
وتتكون جزر فرسان من مسطحات من الأحجار الجيرية الشعابية، التي ولدت نتيجة لوجود كتل هائلة من الملح «المايوسيني» المندفع إلى أعلى، مكوناً قباباً ملحية صخرية، قامت برفع ما عليها من ترسبات كلسية، وقد تعرضت هذه الجزر لعدة انكسارات وتصدعات؛ نتيجة لتوسع البحر الأحمر في عصر (البلايستوسين)، الذي أدى بدوره إلى عملية رفع مستمرة لهذه الجزر.
ويعود نشوء جزر فرسان، بحسب ما أعلنه أستاذ الجيولوجيا في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران (شرق السعودية) الدكتور عبد الله الدباغ، ما بين 3 3.5 مليون عام، مقارنة بعمر الأرض، بينما يصل عمر منطقة جازان وسلسلة الجبال الموجودة بها، إلى ثلاثة ملايين عام فقط.
وتحتوي الجزر «الفرسانية» على عدد من الآثار التاريخية المهمة، مثل القلعة العثمانية في شمال الجزيرة، تقع على مرتفع يمنحها موقعاً استراتيجياً، وبنيت القلعة من الحجارة والجص وجريد النخل وقضبان الحديد، وهناك عدد من المباني دائرية أو مستطيلة الشكل، تقع جنوب فرسان، في منطقة تسمى (العرضي)، كان قد اتخذها الجنود «العثمانيون» كثكنات عسكرية لهم.
أما منطقة غُرين الأثرية، فيبلغ مساحة الحجر الواحد فيها حوالي 4 أمتارمربعة، وفي موضع آخر يدعى «القريا»، توجد آثار مشابهة، أبرز ما فيها الأسرة المصنوعة من الحجارة، وبقايا غرف، فيها كتابات تعود إلى عصور ما قبل الإسلام.
فيما يوجد في وادي «مطر» التاريخي، الذي يقع على بعد 9 كيلومترات جنوب بلدة فرسان، بعض الأطلال ذات الصخور الكبيرة، التي كُتب على بعضها كتابات «حميرية».
ويعد مسجد «النجدي» الذي شّيده تاجر اللؤلؤ إبراهيم التميمي في 1928 1929، من مساجد جزيرة فرسان القديمة، ويتميز بالنقوش والزخارف الإسلامية، التي تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في مسجد قصر الحمراء بالأندلس (اسبانيا).
أما منزل «الرفاعي»، تاجر اللؤلؤ، فيعد تحفة في مجال الفن المعماري القديم، إذ يعكس الثراء والترف بفرسان أيام ازدهار تجارة اللؤلؤ، ولمنزل الرفاعي نسخة طبق الأصل موجودة في العاصمة السعودية بالقرية التراثية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة.
كما يوجد بيت «الجرمل»، مبنى يقع على ساحل جزيرة قماح، قام الألمان ببنائه، كمستودع للأسلحة والذخيرة، لتمويل سفنهم المتجولة في البحر الأحمر أثناء الحرب العالمية الأولى، ويعتقد أن السبب في عدم إنهاء بنائه هو انتهاء الحرب، وكثير من أعمدته قد انهارت نتيجة تآكلها، ويبلغ طوله حوالى107 أمتار وعرضه حوالى 34 متراً.
ويقع الأثر التاريخي «الكدمي» في قرية القصار، على هيئة أبنية متهدمة من أحجار كبيرة على شكل مربعات ومستطيلات، وبقايا أحجار تشبه الأعمدة الرومانية، عليها كتابات قديمة بالخط المسند، وهناك قلعة «لقمان» أو جبل «لقمان» كما يسميها أهالي فرسان، تقع على يسار الطريق المتجه إلى قرية المحرق، عبارة عن مرتفع مكون من مجموعة من الصخور مربعة الشكل تقريباً.
وساحل «عبرة»، ويقع في الجنوب الغربي من فرسان، يقصده سكان الجزيرة لصيد السمك، إلى جانب خليج «جنابة»، أكبر خلجان الجزيرة وأكثرها وفرة من حيث الأحياء المائية، ويقصده بعض الشباب لمزاولة هواية استخراج اللؤلؤ.
وهناك أيضاً، منطقة «القندل»، الواقعة شمال الجزيرة، فيها غابة من أشجار الشورى (المانجروف) وأشجار القندل، وتتخللها الممرات المائية، إضافة إلى ساحل «العشة» الواقع في جنوب فرسان، ويعد من أجمل سياحل الجزيرة، لنظافة رماله وصفاء مائه، لذلك يقصد للسباحة، إلى جانب ساحل «الفقوه»، القابع شمال قرية «الحسيّن»، ويعتبر من المناطق التي يرتادها سكان الجزيرة لصيد الأسماك بالشباك.
وكشفت دراسات حديثة أنجزتها «الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها» في السعودية حول فرسان، عن توفر 1300 غزال، بالإضافة الى 60 نوعاً من المرجان، و 120 نوعاً من الطيور، وتتوفر في «فرسان» بيئات المانجروف وبيئات الحشائش البحرية وبيئات الشعاب المرجانية، أما البيئات الأرضية، فتشمل مزارع النخيل وبيئات أشجار «السمر» و«السدر» و«البشام» و«الأيفوروبيا» وأخاديد الأحافير المرجانية، و88 نوعاً من النباتات الزهرية تنتمي إلى 49 عائلة نباتية، وسجلت في محمية فرسان 7 أنواع من الحشائش البحرية، وتعد مصدراً هاماً لتغذية الأحياء البحرية العاشبة، مثل عرائس البحر والسلاحف البحرية وبعض أنواع الأسماك والقشريات وقنافذ البحر والحلزونيات وبعض أنواع الجمبري.
وهناك طريقتان للوصول إلى الجزيرة، عن طريق «العبّارة»، وتستغرق رحلتها ثلاث ساعات، وتتسع ل 30 سيارة، وبها قسم للرجال وآخر للنساء، وتبدأ رحلتها يومياً في تمام الساعة السابعة صباحاً، وهي وسيلة مجانية، أما طريقة الوصول الثانية فهي «الفلوكة»، يبلغ طولها تسعة أمتار تقريباً، وتستغرق رحلتها حوالي ساعة، وتتسع ل 15 راكباً، وتقتصر على الركاب والأمتعة فقط، ويتوجب توفر الحد الأدنى من المسافرين، حوالي سبعة أشخاص، ويدفع كل راكب 50 ريالاً.
.
.