القاهرة المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
New Way
01-07-2022 - 01:50 pm
  1. ثمانية أيام في القاهرة

  2. كيف أبدأ الحديث عن رحلتي من غير أن أتحدث عن نفسي؟


ثمانية أيام في القاهرة

كيف أبدأ الحديث عن رحلتي من غير أن أتحدث عن نفسي؟

أسلوب الكتابة الذاتية الذي أنتهجه في جل ما أكتبه، يجعل من أي شأن صغير أقوم به شأنا ً ذاتيا ً، ويجعل بالتالي من كتابتي عنه محاولة لاكتشاف هذا الشأن واكتشافي أنا معه، ولكن هذه رحلة لم أكن فيها وحيدا ً، وهذا ينزع القليل من الذاتية عنها، ويجعلها رحلة جماعة، لا رحلة فرد، رغم أني قلت لأحد أصدقائي وقد سألني في نهاية الرحلة أن أكتب عنها، بأن عليه أن لا يأمل كثيرا ً، لأني عندما أكتب عن الرحلة لن أكتب عنها كما يراها ويتصورها هو، وإنما سأكتب عن ما رأيته وما عايشته أنا، وهي أشياء تختلف بالتأكيد عما رآه هو، وإن وجدنا في ذات المكان ورأينا ذات الأشياء، ثم إنها كانت رحلة عمل أولا ً، رغم مساحات الوقت الهائلة التي توفرت لنا، وسمحت لنا بأن نجعل منها رحلة استكشافية أيضا ً.
لا أرى – وأنا الآن أراجع ما كتبته أعلاه – بأني قد نجوت من الذاتية الشديدة، ولكني راض ٍ إلى حد ما عن ما كتبته، لأني ولأكن صريحا ً لا أريد لرحلتي أن تتحول إلى مجرد سرد آخر لما مررت به منذ غادرت الرياض وحتى عدت إليها، رغم متعة السرد وجاذبيته، وطرافة البعض التي تجعل من جدالهم مع سائق أجرة أو نادل مطعم حكاية كبيرة، تستهلك سطورا ً طويلة.
كيف سأحمي حكايتي إذن من شهوة السرد إن لم أوفر لها عمقا ً ذاتيا ً يلتقط شيئا ً مما يدور وراء الأحداث، ويحاول أن يوقف السرد قليلا ً ليترك المساحة للتاريخ والأدب ليعبرا، وليصنعا مع الرحلة مزيجا ً فريدا ً، أدرك بأنه لن يعجب الجميع، ولكنني أعتبره نوعا ً من أدب الرحلات المفقود.
غادرنا الرياض في يوم مايو الأول، أربعة زملاء عمل وأصدقاء رحلة، أحدنا كان جديدا ً في السفر، وآخر كانت تجربته الأولى في الطيران، وبقيت أنا وصديقنا الرابع محملين بتجارب السفر والطيران، وحكايات المدن البعيدة المختبئة بين الغابات أو على ضفاف الأنهار.
كنت أحمل معي حقيبة أعدتها لي يدان دافئتان، وجدت حنانهما في طيات الملابس، التي لم يفقد بعضها جدته بعد، ولازال بعضها الآخر يتشبث ببطاقات السعر أو تعليمات الغسيل، وأحمل معي كتبا ً – لا أذكر بأني سافرت بلا كتب !! رغم أن الوقت أحيانا ً لا يتوفر لي لأقرأ، إلا أن صفحتين أقرئهما في هذا المطار، وأخريين في ذاك المقهى، وثالثة في ليل لم يزرني فيه النوم سريعا ً، تجعل من ذلك الكتاب وثيقة ممتعة للرحلة، وتجعلني عندما أعود له ذات يوم، أطوي آلاف الأميال والأيام وأعود إلى ذلك المطار أو ذلك المقهى أو تلك الغرفة الصغيرة -.
وصلنا القاهرة إذن، الغريب في الأمر هو أن وصولي لها يختلف عن وصول أصدقائي، صحيح أننا ركبنا ذات الطائرة، ومررنا بذات المسارات، وقرأنا العبارة ذاتها التي تستقبل زوار مصر ( ادخلوا مصر إن شاء الله امنين)، إلا أن الفارق أني وصلتها فانفتحت لي أبواب التاريخ، أن تزور القاهرة وأنت لا تعرف عنها إلا ما سمعته من أصدقائك أو قرأته بعجل في الانترنت، ومعلوماتك عنها لا تتعدى معلومات جغرافية وسياحية بسيطة، أهم فنادقها ومطاعمها، أهم مزاراتها، وأين تجد قهوتك وعشائك فيها، يختلف عن أن تزورها وقد قرأت تاريخها الفرعوني والبطلمي والروماني والإسلامي من بعد ذلك، وتابعت نابليون وهو يحتلها ويدك فرسان المماليك بمدافعه، ويفاجئهم بفنونه الحربية وتشكيلاته التي لم يعهدوها من قبل، ومن ثم رأيت محمد علي من بعده وهو يقضي على المماليك، ويستولي على مصر، ومن ثم الإنجليز وهم يستولون عليها لسبعين عاما ً، وقرأت عن ثورة 23 يوليو وجمال عبد الناصر، والسادات، ومن ثم أسلمك التاريخ للأدب والفلسفة فقرأت لمحفوظ وصنع الله إبراهيم وطه حسين والعقاد والرافعي وبدوي والمسيري، حتى صرت ترى شوارع القاهرة وميادينها يظللها التاريخ، ويحمل لك كل اسم فيها ذكريات وحكايات لا تنتهي.
القاهرة من المدن القليلة التي أزورها بذاكرة متخمة يتداعى علي فيها كل شيء، فلذا عندما أفرح فيها يكون فرحي طاغيا ً، وعندما أتألم – وكثيرا ً ما تؤلمني هذه المدينة – يكون ألمي عاتيا ً لا يرحم.
لازال في الحكاية بقية إن أردتم.


التعليقات (9)
MCSEman
MCSEman
ويبدو أننا على أعتاب رواية شيقة بأسلوب رائع
أنا مثلك أرى القاهرة بكل زخمها التاريخي وعلى وجهها التغييرات والملامح منذ الفراعنة إلى الإغريق إلى البطالمة إلى الرومان ثم البيزنطيين .. ثم مرحلة جديدة تماماً تبدأ بالفتح العربي لمصر .. ثم الأمويين ثم العباسيين فالطولونيين فالإخشيديين .. ثم الفاطميين الذين أنشأوا القاهرة .. ثم الأيوبيين ثم المماليك .. وما حدث في هذه الفترة من حملات الصليبين المتتالية التي استهدفت مصر .. ثم المغول .. ثم العثمانيين ... الحملة الفرنسية .. محمد علي .. الإحتلال الإنجليزي .. الثورة
متابعين معك أخونا العزيز

رسامة مصرية
رسامة مصرية
بالتأكيد متابعين بقوة وشغف رؤيتك ونظرتك الخاصة فى زيارتك لمصر الحبيبة

أبن السعودية
أبن السعودية
رحلة موفقه ياخوى الكريم وكلام ولااروع منه واسلوب شيق يشدك
للانتباه ،،،،،،،

ابو فطوم
ابو فطوم
وانا ايضاً متابع معك جذبني اسلوبك الشيق في السرد الذي اره لاول مره في البوابه
تحياتي لك اخي الكريم اخوك ابو فطوم

New Way
New Way
الأخ الكريم MCSEman
ولهذا تأتي زياراتي للقاهرة كنوع من السياحة التاريخية، قليلة هي المدن ذات الذاكرة الثرية.
شكرا ً لك.
رسامة مصرية
شكرا ً لك ِ، وأتمنى أن يعجبك ِ ما ستقرئينه عن مصر والقاهرة هنا.
ابن السعودية
شكرا ً للطفك يا عزيزي.
أبو فطوم
أتمنى أن تعجبك الفصول القادمة، وتحياتي لك.

bepa
bepa
يبدو اننا امام موضوع قيم ورائع
احييك اخى الفاضل ومتابعين بشغف موضوعك

الشايب العاشق
الشايب العاشق
اسلوب حلو ، ومتابعين معاك . تحياتي ،،،،،،

بلا_عنوان
بلا_عنوان
متابعين ومن البدايه تبين لي ان الكاتب انسان مثقف وبالتاكيد التقرير سوف يكون
تقرير رائع واعتبرني متابع لك ياخوي تحياتي

almushiben
almushiben
هذا اكثر ما يحبب القاهره الى قلبي ( ايغالها في التاريخ )
وبطنها الذي يلد في كل جيل آلاف المؤرخين والفلاسفه
ولك أن تجعل المسيري
أيقونه هذا العصر !
الا ان له شطحات في بعض الاحيان كوقوفه الى جانب الحزب الايراني في لبنان


خصم يصل إلى 25%