- تونس الخضراء تزيد جمالها بهاءً
تونس الخضراء تزيد جمالها بهاءً
تونس الخضراء" هو الوصف الشائع لتونس في اللغة العربية. وينبغي أن نتذكر، على أية حال، أن تونس ليست هي الجبال الخضراء في عين دراهم وأشجار الزيتون الخضراء حول سوسة. وتونس مثل قوس قزح: زرقة السماء في جربة ونوافذ سيدي بوسعيد، وصفرة الرمال في دوز والأبنية القديمة في القيروان، وتين الصبير الأحمر قرب دوكة وسطوح البيوت في طبرق، وأشعة الشمس البرتقالية عند المغيب في الحمامات والألوان البنفسجية لثياب النساء البربريات التقليدية الجميلة. وأينما تذهب، تجد السياح من كل بلد. إنهم يكتشفون الآثار الأفريقية والرومانية في قرطاج ودوكة، والعربية الإسلامية في القيروان المقدسة، والفسقيات (صهاريج المياه)، والقرى البربرية القديمة حول مدينين، ويتمتعون بالشواطئ المتوسطية الرائعة والواحات الصحراوية.
وقد واجه سوق السياحة التونسية أوقاتا عصيبة في السنوات الثلاث الأخيرة، ليس فقط بسبب الأزمة التي لحقت بالسياحة العالمية عقب 11/9 وإنما بسبب الهجمات الإرهابية على السياح الأوروبيين في جربة، في نيسان/ أبريل 2002. وكان أكثرية الضحايا من الألمان، وكانت ألمانيا وقتها هي البلد الذي يزود تونس بالسياح أكثر من غيره. وكان أكثر من مليون سائح ألماني يقضون عطلهم في تونس سنويا. وتراجع الرقم منذ ذلك التاريخ بشكل درامي إلى أقل من 600 ألف سائح سنويا. ورغم ذلك، فإن السياحة التونسية استردت عافيتها بشكل سريع وأثبت موسم 2003/ 2004 أن البلد يسير في الاتجاه الصحيح نحو استعادة كاملة لأعداد السياح، وشغل أسرة الفنادق والواردات أيضا.
وأظهرت أزمة 2001/ 2002 في الوقت نفسه عوامل الضعف والقوة في السياحة التونسية. ونقاط القوة هي، وما تزال، أولا: أعمال الضيافة التلقيدية من حيث الروابط العالمية والشركاء، وثانيا: البنية التحتية السياحية الجيدة من حيث المصادر الطبيعية والثقافية وكذلك السكن والمواصلات، وثالثا التنظيم المحكم للاعبين الأساسيين في مجال السياحة من القطاعين العام والخاص، ورابعا المناخ العام للانفتاح والتسامح تجاه السياح هو الطاغي في البلد. والعوامل السلبية الكبيرة تكشفت أيضا بفعل الأزمة، وهي تحديدا، الاعتماد الأحادي الطرف على سوق سياح أوروبا الغربية، الألمان والفرنسيين بشكل أساسي، الاتجاه الأحادي في تطوير سياحة الشواطئ/ الترفيه، ونوعية الخدمات السياحية ليست بالمستوى المطلوب عالميا.
ويغلب على قطاع الفنادق في تونس الاستثمارات التونسية (93%) وإدارات الفنادق التونسية ذات الفروع الكثيرة. والاستثناءان الوحيدان هما فنادق أبو نؤاس التي تملكها مجموعة كويتية ومجموعة تورجينيس التي تملكها ليبيا. وسلسلة الفنادق الكبرى، مثل "المرادي"، "مرحبا"، "بالم بيتش"، "لا أورنجيري"، "مهاري/ غولدين ياسمين"، وغيرها، تسيطر على معظم طاقة الفنادق ولها أيضا عقود الفرانجايس (التخويل) مع سلاسل الفنادق العالمية، مثل "أكور"، "رايو" و"سول-ميليا". والنمط المحلي للتنمية والإدارة يسمح بالتعاون الوثيق والتنسيق في مجالات التسويق، الترويج وعمليات البناء الإستراتيجي مع المنظمات الحكومية على مختلف المستويات في أوقات الأزمات.
إن الوعي بوجود نقاط الضعف المذكورة أعلاه من قبل القطاعين الحكومي والخاص قبل الأزمة، سمح لقطاع السياحة بامتصاص الأزمة بشكل سريع ومؤثر. وقد وضعت في موضع التنفيذ برامج جديدة لتحقيق نتائج إيجابية على المديين القصير والطويل. وتمثل هذه البرامج خليطا من الأستراتيجيات المنوّعة لسوق السياحة الوافدة وعروض السياحة المحلية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، برامج ومبادرات للارتفاع بمستوى الخدمات، الهدف منه تحقيق تحسن على المدى القريب ونجاح للصناعة السياحية على المدى البعيد.
وللتعويض عن النقص الهائل في أعداد السياح الألمان، فقد اتبعت سياسة تسويقية وترويجية صارمة ومبدعة في أسواق عدد من بلدان أوروبا الغربية، خصوصا في فرنسا، بلجيكا، إيطاليا وأسبانيا، وهي دول تألف تونس تقليديا ويسهل وصول السياح منها عن طريق الجو والبحر. وجرى التوجه أيضا إلى عدد من الأسواق العالمية الجديدة لتوفير تنوع على المدى البعيد. ومن ضمن الأسواق الجديدة: جمهورية التشيك، بولنده، البرتغال، الدانمارك، روسيا، بل وحتى تركيا، اليابان والصين. وكان لاكتشاف أسواق الجيران الليبيين والجزائريين، وكذلك المهاجرين التونسيين والشمال أفريقيين، أعطى دفعة قوية أيضا للسياحة التونسية.
وتنوع العروض والخدمات السياحية برزت في عدة قنوات، الأول هو تطوير أبعد لسياحات الرياضة والعلاج بالمياه المعدنية، نوادي الغولف، المارينا ومراكز العلاج بمياه البحر، هذه كلها هي التي تحظى بالرعاية حاليا. والقناة الثانية هي تطوير السياحة العلاجية، خصوصا للأعداد المتزايدة من الليبيين. والقناة الثالثة هي سياحة المايس (اللقاءات، الدوافع، المؤتمرات والمعارض)، من بين سياحات أخرى، خصوصا في مناطق مثل توزر في الجنوب وطبرق في الغرب. والقناة الرابعة هو توفير مناطق ترفيهية للسياحة العائلية. قرطاجولاند في المجمّع الجديد المتكامل في ياسمين الحمامات هو مثال لخدمات الترفيه المذكورة. والقناة الخامسة هي توفير أنماط من السكن إلى جانب الخدمات العادية للفنادق والقرى السياحية. ويشجع هذا التوجه فنادق "هوتيل دي جارم" الصغيرة والراقية والمليئة بالدفء. وهي تقدم خدمات من نوعية راقية وشخصية للسياح الأثرياء، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، "فنادق الشقق والفيلا" (فنادق سكنية) التي تستجيب لطلبات السياح والعوائل المقيمين لفترة طويلة.
وفي إطار تحسين نوعية الخدمات السياحية، والتي بدأت قبل الأزمة، فإن أهمية إنشاء المجمّع السياحي المتكامل الجديد ياسمين الحمامات ينتظر التقييم. وبعد عشرين عاما من إنشاء المجمّعات التمكاملة في تونس والعالم العربي برمته في وسط السبعينات، وتحديدا مرفأ الكنتاوي، فإن المشروع الثاني بمثل هذه الضخامة جاهز حاليا لاستقبال السياح. ياسمين الحمامات الذي يقع على مسافة 10 كم إلى الجنوب من مدينة الحمامات استثمار تونسي 100 %، يعرض14000 سرير في فنادق النجوم الأربعة والخمسة بصورة أساسية، ملعبي غولف، ملعب للتزلج، كازينو، مارينا تسع لنحو 740 مرفأ، مراكز للعلاج بالثالاوس، دزني لاند للترفيه، قرطاج لاند، مركزان للمؤتمرات ومنطقة سوق-ترفيه وسكن في جو شرقي متوسطي تسمى "مدينة".
وجسّد هذا المجمّع الجديد رؤية سياحة العائلة الترفيهية في المستقبل كما يراها اللاعبون التونسيون الكبار، مع انفتاح على الرياضة، سياحة المياه المعدنية والخدمات ذات النوعية العالية. والهدف البعيد المدى هو الترويج لتونس باعتبارها وجهة للسياحة العائلية التي توفر مزيجا من الخدمات العالية الجودة والفريدة في جو منفتح ذهنيا وآمن. وبالنسبة للسياح المهتمين بالسياحة الثقافية والبيئية وكذلك سياحة المايس والسياحة العلاجية فإن الإستراتيجية الرئيسية تهدف إلى تطوير هذه الأنواع من السياحة ليس فقط كسياحة شاملة للعائلة، ولكن كجزء أساسي من سوق سياحي متنوع.
شكرا تذكرة سفر