ابن بطوطة
09-03-2022 - 12:28 pm
أعزائي ..
أحببت أمتك نواظركم بهذه القصيدة الجميلة عن دمشق ..
أتراها تُحبني مَيسونُ =أم توهَّمتُ والنساءُ ظنونُ
كم رسول أرسلته لأبيها = ذبحته تحت النقاب العيونُ
يا ابنة العم والهوى أمويٌ = كيف أخفي الهوى وكيف أُبينُ
كم قُتلنا في عشقنا وبعثنا = بعد موت وما علينا يمينُ
ما وقوفي في الديار وقلبي = كجبيني قد طرزته الغصونُ
لا ظباء الحمى رَدَدْنَ سلامي = والخلاخيلُ ما لهنَّ رنين
هل مرايا دمشق تعرفُ وجهي = من جديد أم غيرتني السنينُ ؟
يا زماناً في الصالحية سمْحاً = أين منّي الغوى وأينَ الفتونُ ؟
يا سريري ويا شراشف أمّي = يا عصافيرُ .. يا شذا .. يا غصونُ
يا زواريب حارتي خبئيني = بين جفنيك فالزمان ضنينُ
واعذريني إذا بدوتُ حزيناً = إن وجه المحبّ وجهٌ حزينُ
هاهي الشام بعد فرقة دهر = أنهر سبعةٌ .. وحورٌ عينُ
النوافير في البيوت كلامٌ = والعناقيد سكر مطحونُ
والسماءُ الزرقاءُ دفتر شعر = والحروف التي عليه .. سنونو ..
هل دمشق كما يقولونَ كانَتْ = حين في الليل فكر الياسمين ؟
آه يا شام كيف أشرح ما بي = وأنا فيك دائماً مسكون
سامحيني إن لم أكاشفك بالعشق = فأحلى ما في الهوى التضمين
نحن أسرى معاً وفي قفص الحب = يعاني السجانُ والمسجونُ
يا دمشقُ التي تقمصتُ فيها = هل أنا السروُ .. أم أنا الشربينُ ؟
أم أنا الفلُّ قي أباريق أمّي = أم أنا العشبُ والسحابُ الهَتون
أم أنا القطة الأثيرةُ في الدار = تلبي إذا دعاها الحنينُ ؟
يا دمشق التي تفشّى شذاها = تحت جلدي .. كأنه الزيزفونُ
سامحيني إذا اضطربت فإني = لا مقفّىً حبي ولا موزونُ
وازرعيني تحت الضفائر مشطاً = فأُريك الغرام كيفَ يكونُ
قادمٌ من مدائن الريح وحدي = فاحتَضنّي كالطفل يا قاسيونُ
احتَضنّي .. ولا تناقش جنوني = ذروة العقل يا حبيبي الجنونُ
احتَضنّي .. خمسين ألفاً وألفاً = فمع الضم لا يجوزُ السكونُ
أهي مجنونةٌ بشوقي إليها = هذه الشامُ أم أنا المجنونُ
حاملُ حبها ثلاثين قرناً = فوق ظهري وما هناكَ معينُ
كلمّا جئتُها أردّ دُيُوني = للجميلات حاصَرَتني الديونُ
إن تخلَّت كلُّ المقادير عني = فبعَيْن حبيبتي .. أستعينُ
يا الهي جعلتَ عشقيَ بَحراً = أحرامٌ على البحار السكونُ
يا الهي هل الكتابة جرحٌ = ليس يُشفى أم ماردٌ ملعونُ
كم أعاني في الشعر موتاً جميلاً = وتُعاني من الرياح السفينُ
جاء تشرين يا حبيبة عمري = أحسن الوقت للهوى تشرينُ
ولنا موعدٌ على ( جبل الشيخ ) = كم الثلج دافئٌ .. وحنونُ
لم أعانقك من زمان طويل = لم أحدّثك . والحديثُ شجونُ
لم أغازلك والتغزلُ بعضي = للهوى دينُهُ .. وللسيف دينُ
سنواتٌ سبعٌ من الحزن مرت = ماتَ فيها الصفصافُ والزيتونُ
سنواتٌ فيها استقلتُ من الحب = وجفت على شفاهي اللحونُ
سنواتٌ سبعُ بها اغتالَنا اليأسُ = وعلْمُ الكلام .. واليانسونُ
فانقسمنا قبائلاً .. وشعوباً = واستبيحَ الحمى وضاع العرينُ
كيف أهواك حينَ حول سريري = يتمشّى اليهودُ والطاعونُ ؟
كيف أهواك والحمى مُستباحٌ = هل من السهل أن يحبَّ السجينُ؟
لا تقولي : نسيتَ .. لم أنس شيئاً = كيف تنسى أهدابهنَّ الجفونُ ؟
غير أن الهوى يصيرُ ذليلاً = كلما ذلَّ للرجال جَبينُ ..
شام.. يا شام.. يا أميرة حبي = كيف ينسى غرامه المجنون؟
أوقدي النارَ فالحديث طويلُ = وطويلُ لمن نحب الحنين ُ
شمس غرناطةَ أطلت علينا = بعد يأس وزغردت ميسلون
جاء تشرين.. إن وجهك أحلى = بكثير... ما سره تشرينُ ؟
كيف صارت سنابلُ القمح أعلى = كيف صارت عيناك بيت السنونو ؟
إن أرض الجولان تشبه عينيك = فماءٌ يجري.. ولوز.. وتينُ
كلُّ جرح فيها .. حديقة ورد = وربيعٌ .. ولؤلؤ مكنونُ
يا دمشق البسي دموعي سواراً = وتمنّي .. فكلُّ شيء يهونُ
وضعي طَرحَةَ العروس لأجلي = إنَّ مَهْرَ المُناضلات ثمينُ
رضيَ اللهُ والرسولُ عن الشام = فنصرٌ آت وفتحٌ مبينُ
مزقي يا دمشق خارطة الذل = وقولي للدهر كُن فيكونُ
استردت أيامها بكِ بدرٌ = واستعادت شبابها حطينُ
بك عَزَتْ قريشُ بعد هوان = وتلاقتْ قبائلٌ وبطونُ
إنَّ عمرو بنَ العاص يزحف للشرق = وللغرب يزحفُ المأمونُ
كتب الله أن تكوني دمشقاً = بكِ يبدا وينتهي التكوينُ
لا خيارً أن يصبح البحرُ بحراً = أو يختارُ صوتَهُ الحسُّونُ
ذاك عُمْرُ السيوف .. لا سيفَ إلا = دائنٌ يا حبيبتي أو مَدينُ
هزم الروم بعد سبع عجاف = وتعافى وجداننا المطعونُ
وقتلنا العنقاءَ في ( جَبَل الشيخ ) = وألقى أضراسَهُ التنّينُ
صَدَقَ السيفُ وعدَهُ .. يا بلادي = فالسياساتُ كلُّها أَفيُونُ
صدق السيفُ حاكماً وحكيماً = وحدَه السيفُ يا دمشقُ اليقينُ
اسحبي الذيلَ يا قنيطرةَ المجدِ = وكحِّل جفنيك يا حرمونُ
سبَقتْ ظلَّها خيولُ هشام = وأفاقت من نومها السكينُ
علمينا فقه العروبة يا شام = فأنتِ البيان والتبيينُ
علمينا الأفعالَ قد ذَبَحَتْنا = أحرفُ الجرّ والكلام العجينُ
علمينا قراءة البرق والرعد = فنصفُ اللغات وحلٌ وطينُ
علمينا التفكير لا نصرَ يُرجى = حينما الشعب كلّه سَرْدينُ
إن أقصى ما يُغضبُ اللهَ فكرٌ = دجّنوهُ ... وكاتبٌ عنّين
وطني، يا قصيدة النارِ والورد = تغنت بما صنعتَ القرونُ
إن نهرَ التاريخ ينبع في الشام = أَيُلغي التاريخَ طرحٌ هجينُ ؟
نحن أصلُ الأشياء ... لا فوردُ باق = فوق إيوانه ولا رابينُ
نحنُ عكا ونحنُ كرمل حيفا = وجبال الجليل .. واللطرونُ
كل ليمونة ستنجب طفلاً = ومحالٌ أن ينتهي الليمونُ
إركبي الشمس يا دمشق حصاناً = ولك الله ... حافظ و أمينُ
قصيده في قمة البيان والروعه.
تحياتي
ودمت موفقا
أخوك
مسفار