ابوالشهيدين
26-04-2022 - 08:21 am
تكشف مدينة تدمر القابعة وسط الصحراء السورية عن تجددها وتغيّرها ومواكبتها للعصر السياحي، بعدما تعددت محمياتها الحيوانية وامتلأت متاحفها بالآثار المستخرجة من الأرض الرملية وبأدوات الحياة القديمة التي ميزت التدمريين في فترة مملوءة بالانتصارات والرفاهية. فالآثار على مد النظر، والفولكلور والتراث والمفاجآت دائمة تقدمها تدمر لزوارها، ولذلك لا تنقطع الزيارات طيلة الفصول الأربعة. حكاية تدمر في التاريخ القديم توسّع خصوصية المدينة وتشكّل جاذبية خاصة أيضاً، ولابد من استرجاع تاريخ الملكة زنوبيا أمام هذه الصخور الناهضة في الأفق أو التحف المتجمعة في المتاحف.
وعلى مدى السنوات السابقة، وعت الإدارات السياحية أهمية هذا المكان القديم، فدعمته باكتشافات متتابعة وترميم مستمر وترويج واسع نقلته البرامج السياحية المطبوعة على “البروشورات” إلى أنحاء العالم.
وتتصدر مدينة تدمر لائحة البرامج السياحية العالمية نتيجة معطيات تاريخية وحضارية وأثرية مميزة لم توجد في بقع قديمة أخرى، كما يؤكد علماء الآثار والمؤرخون، ومنهم فولني وستاركي وغيرهما. واكتسبت تدمر بصمة خاصة من التفرد عبر الأزمنة بوجودها وسط الصحراء، حيث سكنها الإنسان منذ العصر الحجري الحديث، كما سكنها الكنعانيون والآراميون والعرب والأنباط، وحكمها الرومان نحو 400 عام، بينما جاء الحكم البيزنطي ليرمم أبنيتها وأسوارها ويغيّر من بعض معالمها حين أقام معسكره على أنقاض قصر الملكة زنوبيا.
وكانت بداية نشأة الحضارة التدمرية على يد بعض القبائل الكنعانية والآرامية حيث أعطاها الآراميون اسم “تدمرتو” وتعني الأعجوبة، ولا يزال هذا الاسم مرتبطاً بها منذ أربعة آلاف سنة، ويلفظه العرب “تدمر”، ويقول بعض العامة “تطمر” إشارة إلى أن الرمال طمرتها، كما حملت اسماً لاتينياً أطلقه عليها الرومان “بالميرا” المشتقة من “بالم” نسبة إلى النخيل الذي كان يكثر في واحتها، ومنحها الإمبراطور الروماني هارديان لقب المدينة الحرة، لكن اسمها المستمر والشائع مستمد من الدمار، وهذا المعنى رافقها عبر الأزمنة نتيجة ما تعرضت له من نكبات وتغيرات، ومازال يعبّر عن حالة هذه المدينة حتى الوقت الحالي بعدما تحولت إلى أطلال متناثرة، لكنها عامرة بالزوار الآتين من كل أنحاء العالم في كل فصول السنة.
وكانت تدمر محطة أساسية للقوافل التجارية بين بلاد الرافدين وبلاد الشام، وعلى طريق الحرير من الصين إلى البحر المتوسط، فعرف أهلها التجارة بكل أنواعها، وشهدت على مدى فصول السنة مرور القوافل التجارية الغزيرة والغنية، لذلك تعتبر هذه المدينة مخبأ للكنوز إضافة إلى كنوزها الأثرية التي كشفت عنها خلال السنوات الماضية عمليات التنقيب تحت الرمال. ويؤكد علماء الآثار أنه مازال هناك معالم كثيرة لم يكشف عنها، وذكرت في الوثائق، مثل قاعات المحاكم وقاعة الاستماع إلى الموسيقا وملعب السباق ومسرح المصارعة.