القاهرة المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
سفير الغيوم
13-01-2022 - 07:14 am
  1. إحدى نسائهن قالت: «نريد أن تسعدونا لا أن تغيرونا»

  2. سيناء (مصر):

  3. وزع الصبية «الشاي بالحبق، وهو عشب جبلي يضاف للشاي.


إحدى نسائهن قالت: «نريد أن تسعدونا لا أن تغيرونا»

سيناء (مصر):

برغم اقتحام الكثير من مفردات العولمة والحداثة مظاهر حياتهم الخشنة المجدبة في الصحراء ، إلا أن الكثير من بدو سيناء يتعاملون مع هذه المفردات بخوف وحذر شديدين وكأنها ضيف ثقيل أو غاز، جاء ليقلب حياتهم رأسا على عقب، ويهدد أعرافهم وتقاليدهم التي يتوارثونها ويعتزون بها..
فهم بدو، ولا شيء يستطيع أن يغير هذه الحقيقة: «نحن بدو لنا عاداتنا وتقاليدنا، هذه الوسائل فقط تساعدنا لجعل الحياة أكثر سهولة».. وتحكي أم دهب ،46 سنة ، «لم تستكمل ابنتي التعليم فالبنت لا يمكن أن تخرج من بيتها لوحدها، ثم إن مصيرها للزواج، وممنوع أن يتزوج رجل أو فتاة من خارج قبيلته».
وتضيف «تزف البنات على الهودج، ويكون مهرها من الإبل والأغنام على حسب مقدرة العريس. أما الأولاد فيمكنهم أن يكملوا تعليمهم، حتى في جامعات «المصاروة» المصريين إلا أنهم لا بد أن يعودوا مرة أخرى إلى حياة البدو.. «هذا يناسبنا ورضينا به، نريد أن تسعدونا ولا تغيرونا».
في «الزرانيق» هذا النجع الصغير الذي سيبدأ فيه برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة مشروعه «الغذاء مقابل العمل.. والغذاء مقابل التدريب» مع خمس أسر فقط من 25 أسرة تسكن النجع فبرغم الفقر المدقع الذي يعيشون فيه، إلا أن استقبالهم لبعثة البرنامج والصحافيين المرافقين اتسم بالكرم والحفاوة.

وزع الصبية «الشاي بالحبق، وهو عشب جبلي يضاف للشاي.

ثم وقفت زينة ،35 سنة، ببرقعها السيناوي الشهير وخاطبت الرجال والنساء مطالبة إياهم بأن «يجلبوا لهم الطعام ، فهم لا يأكلون إلا الخبز «اللبة» باللغة البدوية المكون من دقيق ومياه يسوى على صاج ساخنة، وذلك في وجبتي الإفطار والعشاء مع الشاي الساخن، ووجبة الغذاء مكونة من «العدس أو الفول مع اللبة»، وكثيرا لا يجدون الدقيق لعمل الخبز ولا يذوقون اللحوم إلا مرة كل سنة إن تيسرت الأمور».
وأضافت زينة: «نريد غطاء من البطاطين فالجو شديد البرودة ليلا وخيامنا مصنوعة من الخيش ولا نجد ما يدفئنا نحن وأولادنا، نريد مدرسة، وحدة صحية، كهرباء، تلفزيونات، «مياه» قالتها في نهاية مطالبها.
«الشرق الأوسط» سألت إحداهن: ألا توجد مياه ؟، أجابت بشكل قاطع: لا.. إحنا بنشتري مياها كل فترة طويلة ونقوم بتخزينها، وتكون مخصصة بالأساس للأكل والشرب».
وأضافت: أحيانا لا تكفي المياه لباقي الاحتياجات كالاستحمام وغسيل الملابس عندها نضحي بهذه «الرفاهية» يمكن كل عشرين يوما أو شهر نستمتع بذلك».
وحاولت زينة الاستطراد في مطالبهن الإنسانية، لكن قاطعها سفير الصين بالبعثة ووجه سؤالا لجميع النساء: «هل تريدن هذه المطالب كلها هنا في هذه المنطقة؟ ولم يكمل حتى قاطعته جميع النساء في نفس واحد: «هنا في نفس المكان ولا مكان غيره ، نحن بدو ولا نكون إلا كذلك»، وعلق ضاحكا مندهشا: ما الذي يعجبكن في مثل هذه الصحراء الموحشة، وهذا الطريق الوعر؟! ولم تفهم حمدية التي لا تعرف كم سنها ،70 عاما تقريبا كلماته الأجنبية إلا أنها استشعرتها من ضحكاته، وقالت بصوت لا يكاد يكون مسموعا: «هذه أرضنا أنا وأحفادي فقد عشت في هذا المكان من ثلاثين عاما برغم قسوة الحياة التي تزيدها الصحراء، إلا انه ليس لنا مكان غيره».
وعن المسافة التي يقطعونها إذا أرادوا شراء ملابس أو طعاما، قالت إحدى النساء: «نخرج على الجمال وتستغرق رحلة الذهاب والإياب ثلاثة أيام».
وانهال الصحافيون عليهن بالأسئلة: «ثلاثة أيام !!، ماذا تفعلن، إذن في حالات الطوارئ ؟ مثلا إذا داهمت إحدى السيدات آلام الوضع، أو مرض احد الأطفال الرضع، أو لدغت العقارب أحدا ما ؟ «ربنا موجود هو اللي بيشفي وهو اللي بيحيي ويميت»، هكذا قالت الحاجة حمدية.
وتضيف نورا ،18 سنة أم لطفلين: إذا مرض طفلي أقوم بتسخين المسمار على النار ثم أقوم بكي الطفل به، أو اعمل له أعشابا جبلية يشربها، والشافي هو الله».
هذه النزعة البدائية أو بحسب أعرافهم «العلاج بالفطرة» لا تتسم بالعشوائية ولا تنفصل عن النظام لاجتماعي الذي يحكم نمط حياة هؤلاء البشر، ويتجلى بصورة لافتة في الزواج والطلاق وفض النزاعات. إنه مجتمع يحكمه قانون خاص غير مدون، بل تتوارثه أجياله شفهيا، ويعرف بالقضاء العرفي والمدهش، إنه قد يبدو أكثر فاعلية وإنجازا من الأشكال الاجتماعية الحديثة، لأنه، على الأقل، الأكثر ملاءمة لهذه البيئة التي يبدو أن البقاء فيها وتنميتها ضرورة لحياة المصريين الذين يزدحم بهم الوادي.
«ألا تزالون تتزوجون ب«القصلة»، وهي عبارة عن خشبة يعطيها الراغب في الزواج إلى والد العروس، وفي حالة الطلاق يستردها منه»؟ فأجابت فاطمة العروس الحديثة: «نعم نتزوج بها، ولا يوجد عقود للزواج أو الطلاق أو شهادات ميلاد».
لكن كيف تقضون وقتكم ؟ أجابت الحاجة حمدية: «نجهز الأكل، ونجلس مع أولادنا ومع حلول المغرب الكل ينام، ويستيقظ مع الفجر» .. هكذا تتجدد دورة حياة خشنة في حياة هؤلاء البشر، مسكونة بخطى بطيئة وثقيلة للزمن، حتى كأنه يعود دائما للوراء .
في ظلال كل هذا لم تصمد الروح المتفائلة لتقارير برنامج الأمم المتحدة ، حيث لا تزال حلقة الفقر مستحكمة في تلك المناطق ولا يزال الصراع بين البداوة والمدنية حلقة أخرى مفقودة، تنتظر من يزرع بذور الحوار والتعايش في تربتها المجدبة.
في منتجع الشيخ عواد يبدو الانطباع الأول أن سكانه يلهثون وراء التقدم والحداثة، وأنهم يعيشون بالفعل بعض مظاهرها، في لواقط الأقمار الصناعية المثبتة أعلى البيوت، شديدة البساطة والمكونة من طابق واحد، لكن الكهرباء لا تصل إلى هذه البيوت إلا عندما يحل المساء ولساعات قليلة.
هكذا إذن يعايش أهالي الشيخ عواد مظهرا متقدما من مظاهر التطور بينما يعانون من عدم انتظام خدمة أساسية وأولية كالكهرباء، الأمر الذي يجعل هذه المظاهر عديمة الجدوى. لكن مع ذلك فمستوى المعيشة مرتفع نسبيا.
ولم يكن كافيا أن يقال هنا أن سبب ذلك يرجع الى أن برنامج الأغذية العالمي يباشر تقديم خدماته لسكان الشيخ عواد منذ 2001 ففي الشيخ عواد يوجد نزل بيئي عبارة عن «منتجع» عتيق استوحى عمارته من طبيعة الصحراء الخواجة الفرنسي أوليفييه زيتونة صيدناوي، المولود في القاهرة لأسرة صيدناوي المصرية الشهيرة.
يرتاده السياح هذا المنتجع، ويقوم أهل الشيخ عواد بتقديم خدماتهم لهؤلاء السياح مما يعني أن هناك رواجا جزئيا للنشاط الاقتصادي، وتقوم البدويات بأشغال يدوية بألوان مبهجة «مودرن» للعباءات والإيشاربات والوسائد ، وأجربة الموبايل بجميع أحجامه، ويقوم الرجال برحلات السفاري للسائحين الأجانب وإقامة منتجعات جبلية للاستجمام .
لكنهم مع ذلك لا يرضون إلا بالجبال مسكنا لهم ، يعيشون فيها بزيهم البدوي المميز «العقال للرجال والبرقع للنساء»، ويمارسون فيه جميع أعرافهم وتقاليدهم في الأفراح والأتراح..
إنهم فقط يرقصون على حبال العولمة والحداثة كوسيلة لكسب لقمة العيش، طالما أنها لا تمس هويتهم أو تهددها بسوء.


التعليقات (6)
عاشق الوطن2
عاشق الوطن2
شكرا يا سفير الغيوم،،،تقرير جيد وجميل عن جزء وشريحة من السكان مجهول للكثيرين ،،،حتى من أبناء مصر أنفسهم كما أعتقد،،،وفقك الله.

ملاذ
ملاذ
روعه جدا يا سفير مشكور اخي .

deplomasy
deplomasy
مشكور ويعطيك العافية ياسفيرنا على هذا الموضوع

كراميلا
كراميلا
:x1: :x1:

رسامة مصرية
رسامة مصرية
موضوع جميل جدا"
وخاصة أنى بعشق البدو وبعشق عيشتهم الطبيعية بدون أن تطغى المدنية بكل قسوتها عليهم

ريح الشرق
ريح الشرق
سلام عليكم
شكرا لك أخي الفاضل


خصم يصل إلى 25%