- يوماً يحلق في الزمان الأول
- قبر ابن مارية الكريم المفضل
- أشكو العروبة أم أشكو لك العربا
- أتى يصفق يلقانا بها بردى
- كما تلقاك دون الخلد رضوان
- القصر والبئر والجماء بينهما
- أشهى إلى النفس من أبواب جيرون
- كأنك جنة عرضت بدنيا
- يقصر عنك يا نور العيونِ
- بانت دمشق فيا أيامنا بيني
- فالحسن محبوب وقلبي هاما
- بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا
- بالرقمتين وبالفسطاط جيراني
السلامُ عليك يا أرض شيخ الإسلام ، ورحمة الملك العلاَّم ، أيها الحضور الكرام ، في دمشق الشام .
يا دمشق ماذا تكتب الأقلام ، وكيف يرتب الكلام ، وماذا نقول في البداية والختام.
في دمشق الذكريات العلمية ، والوقفات الإسلامية ، والمآثر الأمويّة . وفيها يرقد ابن تيمية ، وابن قيم الجوزية . وفي دمشق حلقات الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية .
يحق لحسان أن ينوح على تلك الأوطان ، ويسكب عليها الأشجان .
لله در عصابة نادمتهم
أبناء جفنة حول قبر أبيهم
يوماً يحلق في الزمان الأول
قبر ابن مارية الكريم المفضل
تذكرك دمشق بمعاوية بن أبي سفيان ، وعبد الملك بن مروان ، وبني غسان ، والشعر والبيان ، والمجالس الحسان . دمشق سماء زرقاء ، وروضة خضراء ، وقصيدة عصماء ، وظل وماء ، وعلو وسناء ، وهمة شماء . ما أبقى لنا الشوق بقية ، لما سمعنا تلك القصيدة الشوقية ، في الروابي الدمشقية .
سلام من صبا بردى أرق
ودمع لا يكفكف يا دمشق
ومعذرة اليراعة والقوافي
جلال الرزء عن وصف يدق
دخلتك والأصيل له ائتلاق
وملأ رباك أوراق ووُرْق
في دمشق أكباد تخفق ، وأوراق تصفق ، ونهر يتدفق ، ودمع يترقرق ، وزهر يتشقق
دخلنا دمشق فاتحين ، وصعدنا رباها مسبحين . فدمشق في ضمائرنا كل حين . وهي غنية عن مدح المادحين . ولا يضرها قدح القادحين .
آه يا دمشق كم في ثراك من عابد ، كم في جوفك من زاهد ، كم في بطنك من مجاهد ، كم في حشاك من ساجد . أنت يا دمشق سفر خلود ، وبيت جود ، منك تهب الجنود ، وتحمل البنود . يصنع على ثراك الأحرار ، ويسحق على ترابك الاستعمار ، ويحبك يا دمشق الأخيار . فأنت نعم الدار . تقطع إليك من القلوب التذاكر ، من زارك عاد وهو شاكر ، ولأيامك ذاكر ، يكفيك تاريخ ابن عساكر ، صانك الله من كل كافر
ألقيت فوق ثراك الطاهر الهدبا
فيا دمشق لماذا نكثر العتبا
دمشق يا كنز أحلامي ومروحتي
أشكو العروبة أم أشكو لك العربا
في دمشق روضة العلماء ، وزهد الأولياء ، وسحر الشعراء ، وحكمة أبي الدرداء ، وجفان الكرماء .
في دمشق عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد ، والملك الزاهد ، والولي العابد ، يطارد الظلم والظالمين ، ويحارب الإثم والآثمين ، فيذكر الناس بالخلفاء الراشدين ، ويعيد للإسلام جماله في عيون الناظرين . في دمشق براعة ابن كثير ، وعبقرية ابن الأثير ، وتحقيق النووي ، وفطنة ابن عبد القوي .
لولا دمشق لما كانت بلنسية
ولا زهت ببني العباس بغدان
أتى يصفق يلقانا بها بردى
كما تلقاك دون الخلد رضوان
يكفيك أيها الشام السعيد ، أن فيك القائد الفريد ، والبطل السديد ، خالد بن الوليد . سيف الله الهمام ، كاسر كل حسام ، أغمد في الشام ، السلام عليك يا أبا سليمان ، يا قائد كتيبة الإيمان ، ويا رمز كتيبة الرحمن .
يا ابن الوليد الأسيف تناولنا
فإن أسيافنا قد أصبحت خشبا
لا تخبروه رجاءً عن هزائمنا
فيمتلئ قبرُه من قومه غضبا
صحح الألباني ، المحدث الرباني ، أحاديث في فضل تلك المغاني .
وأول أبيات في الأغاني ، لأبي الفرج الأصبهاني . في وصف دمشق وتلك المباني .
حيث يقول الشاعر :القصر والبئر والجماء بينهما
أشهى إلى النفس من أبواب جيرون
وقد نسى ابن كثير نفسه ، وملأ بالمدح طرسه ، لما تحدث عن دمشق ، فقلمه بالثناء سبق ، وبالإطراء دفق ، وحار الحكماء في وصف دمشق وطيب هوائها ، وعذوبة مائها ، واعتدال أجوائها ، وذكاء علمائها ، وبلاغة خطبائها ، وتقدم شعرائها ، وعدل أمرائها ، وجمال نسائها ، حتى إن بعض العلماء ذكر أن دمشق أم البلدان ، وأنها في الدنيا جنة الجنان .
دمشق الشام كل حديث ركب أثرت على هوى قلبي شجوني
كأنك جنة عرضت بدنيا
يقصر عنك يا نور العيونِ
دخل دمشق الصحابة ، كأنهم وبل سحابة ، أو أسد غابة ، فلقيتهم بالأحضان ، وفرشت لهم الأجفان ، فعاشوا على روابيها كالتيجان . في دمشق فنون وشجون ، وعيون ومتون ، وسهول وحزون ، وتين وزيتون . دمشق جديدة كل يوم ، وهي حسناء في أعين القوم ، وقد بكى من فراقها ملك الروم . إذا دخلت دمشق تتمايل أمامك السنابل ، وتتراقص في ناظريك الخمائل . وتصفق لقدومك الجداول ، . دمشق أعيادها يوميّه ، وأعلامها أمويّة ، وأطيافها سماوية ، وبسيوف أهلها محميّة
دمشق في الحسن مفرطة ، وبجواهر الجمال مقرطة ، وفي الطقس متوسطة .
فارقتها وطيور القاع تتبعني بكل لحن من الفصحا تغنيني
كأنما الطير يهوى حسن طلعته
بانت دمشق فيا أيامنا بيني
الجمال دمشقي : لأنه لا بد له من روضة فيحاء ، وخميلة غناء ، وحبة خضراء ، وظل وماء . والحب دمشقي : لأنه لا بد له من أشواق مسعفة ، وأحاسيس مرهفة ، وألمعية ومعرفة .
كتب ابن عساكر في دمشق تاريخ الرجال ، وسطر المزي في دمشق تهذيب الكمال، وألف الذهبي في دمشق ميزان الاعتدال ، واحتسب ابن تيميه في دمشق الرد على أهل الضلال ، وأرسل لنا المتنبئ من الشام تلك القصائد الطوال ، وذاك السحر الحلال .
قالوا تريد الشام قلت الشام في قلبي بنت في داخلي أعلاما
هي جنة الدنيا فإن أحببتها
فالحسن محبوب وقلبي هاما
في دمشق رسائل الياسمين ، ودفاتر اليقطين ، ومؤلفات النسرين ، للحمام بها رنين ، وللعندليب بها حنين ، كأنها تقول : ادخلوها بسلام آمنين .
ليس لدمشق الشام ، دين غير الإسلام . فطرت دمشق على الإيمان ، ولذلك طردت الرومان ، ورحبت بحملة القرآن . ليس بقيصر الروم في دمشق قرار ، ولذلك ولى الأدبار، ولاذ بالفرار ، لأن الدار دار المختار ، والمهاجرين والأنصار .
من مخبر القوم شطت دارهم ونأت
أني رجعت إلى أهلي وأوطاني
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا
بالرقمتين وبالفسطاط جيراني
في الشام يرقد سيف الدولة الملك الهمام ، وابن نباته خطيب الأنام ، وابن قدامة تاج الأعلام ، وأبو فراس الحمداني الشاعر المقدام . وفي دمشق سكن الزهري المحدث الشهير ، والأوزاعي العالم النحرير ، والبرزاني المؤرخ الكبير ، والسبكي القاضي الخطير .
أتانا من دمشق كتاب رياض الصالحين ، وكتاب روضة المحبين ، ونزهة المشتاقين ، وكتاب عمدة الطالبين ، وكتاب مدارج السالكين ، وكتاب أعلام الموقعين