- شاهد علي عصور الخير
- النظافة أصبحت تاريخا
المعز.. عاد إلي صباه
قلب مصر الإسلامي جاهز الآن
والافتتاح بعد رمضان.. شهر الليالي المضيئة!
الشارع العجوز
شهد إضاءة ساحرة وترميم فاق الخيال
تساؤل محير يتردد الآن في الشارع المصري وعاشقي ليالي السهر في أحضان وعبق العمارة الاسلامية.
والتساؤل عن شارع المعز لدين الله الذي انتهت الآن أعمال إنقاذه من الدمار.. وشارع المعز تاريخ وحاضر عريق وعصور من الجمال وفنون العمارة الإسلامية الفريدة ظلت الف عام من عمر الزمن صامدة أمام جبروته وجبروت عشوائيات الفوضي والدمار. والشارع العجوز شهد عمليات إنعاش أعادت اليه شبابه الذي كاد يضيع.. بل أضافت اليه وهجا من النور لم يعرفه الشارع علي طول تاريخه.
أما التساؤل المهم والمحير فهو: لماذا تم تأجيل افتتاح الشارع بكل مافيه من مظاهر عبقرية العمارة الاسلامية والاضاءات الحديثة الأخاذة الي مابعد شهر رمضان.. شهر السهر والليالي المبهجة في رحاب الحسين والجمالية والمعز لدين الله؟
لماذا التأجيل والشارع جاهز الآن تماما للافتتاح.. ولماذا نحرم سكان مصر المحروسة من ليالي رمضان التي تهل هذا العام مع نسمات سبتمبر الناعمة؟.. لماذا لاتتم الفرحة في ميعادها؟
أربعة وعشرون ألف ألف دينار بالتمام والكمال بتكرار الألف حيث لم يكن المليون مألوفا رصدها الخليفة الفاطمي المعز لدين الله لفتح مصر علي يد قائده جوهر الصقلي.. كان ذلك بالتحديد منذ الف عام.. وكان نصيب مصر من هذا الفتح العظيم إنشاء قلب القاهرة الاسلامية ابتداء من الجامع الأزهر وقصور الفاطميين ثم هذا الشارع الطويل الذي جمع كل صفوف العمارة الاسلامية.
وتحكي كتب التاريخ والسيرة تفاصيل طويلة وعديدة عن تاريخ الشارع القديم الذي أسميه مرة الشارع الاعظم.. وشارع لكل العصور ثم شارع المعز.
ويحكي التاريخ أيضا كيف ان المعز لدين الله جاء الي مصر يوم10 يوليو973 م.. وأول مافعله إنشاء مقبرة كبيرة لدفن أجداده الذين استحضر رفاتهم معه في توابيت.. وفي آخر شهر رمضان362 هجري أقام الصلاة بنفسه في الجامع الازهر وخطب خطبة العيد.
وأصبحت بذلك القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية بعد انتقال المعز لدين الله وأسرته اليها من المغرب.. واتخذ الخليفة مصر موطنا له.. وبمرور بضعة أعوام اتسعت المدينة ونمت نموا كبيرا.. وقد تكاثرت في شارع المعز المنشآت الاسلامية علي امتداد ستة عصور إسلامية كبري.. فاطمية وأيوبية ومملوكية بحرية ثم مملوكية جركسية.. ثم عثمانية تركية حتي عصر محمد علي الكبير.
وقد جمع الشارع من المنشآت الاسلامية المساجد التي شيدت بفنون عبقرية ينحني أمامها كل عشاق الفن الاسلامي وروعته.. كما ضم عديدا من المدارس والمستشفيات.. واشتمل أيضا علي الخنقاوات وهي دور للتعبد والتقرب الي الخالق عز وجل.. ثم تباري المحسنون في إنشاء الاسبلة التي تقدم جرعة الماء لكل عابر سبيل.. وكذلك الكتاتيب والوكالات التجارية.
وكان الفن المعماري المصري قد تفاعل مع المدرسة المعمارية التي جاءت بها الدولة الفاطمية من المغرب ممزوجة بفن العمارة الاندلسية والبيزنطية وارتقت فيها المنشآت التي استخدم في بنائها الخشب والمحاريب الخشبية وارتقت القبة. وتطور فن بناء المآذن.
شاهد علي عصور الخير
ان شارع المعز يعتبر شاهدا علي عصور الخير في مصر المحروسة ففيه يتقرب الانسان الي الله بالعبادة في المساجد والخنقاوات.. ونشر العلم بالكتاتيب.. ثم الاسبلة لارواء عطش الانسان بل أنشأوا يجوارها أحواضا لإرواء عطش الدواب مثل سبيل وحوض محمد ابو الدهب.
النظافة أصبحت تاريخا
وفي شارع المعز أيضا مظهر من مظاهر حرص المصريين علي النظافة الخاصة بإنشاء الحمامات العامة.. مثل حمام السلطان المملوكي.. وحمام الملاطيلي وحمام السكرية وحمام الامير بشتاق وحمام السلطان المؤيد.
وقد استطاعت الجهود إنقاذ درة شارع المعز وهي مجموعة السلطان قلاوون التي تضم مسجدا وبيمارستان وقبة ومدرسة ويتصدرها باب يعد تحفة معمارية فهو مغطي بالكامل بالنحاس المشغول المنقوش من الجانبين وكانت هذه المجموعة تتعرض لعمليات إهمال وصلت الي حد عمليات صلب لمناطق معرضه للسقوط.
ثم تنافس مجموعة برقوق مجموعات اسرة قلاوون في الشارع العريق.. وقد أقام السلطان برقوق مسجدا ومدرسة يتصدر مدخلها تركايه كان يجلس عليها السلطان برقوق ليحل مشاكل الناس ويعتبر المسجد تحفة فنية نادرة.
ويضم الشارع أيضا مجموعات طويله من أندر الآثار الاسلامية امتدت إليها جميعا يد الانقاذ كما يشرح لي المهندس محسن سيد مدير الآثار الاسلامية التي تضمنت تغيير كل شبكات الخدمات وتغيير واجهات المحال.. وتم تبليط الشارع بأحجار بازلتية وان كان يشكو منها السياح حيث تعوقهم عن السير المريح خلال الشارع الطويل وتم عمل بياض لجميع العقارات المطلة علي الشارع.. علي ان أهم ماتم إعداده ترميم جميع آثار شارع المعز ترميما معماريا شاملا وأيضا ترميم الزخارف وأدخل في إعداد الشارع استخدام الإضاءة بشكل جذاب تضفي علي الشارع سحرا أخاذا طوال الليل وإقامة بوابات الكترونية علي جميع مداخل الحارات والشوارع المؤدية الي شارع المعز, وإزالة العشوائيات بمدخل شارع بيت القاضي وتطوير حديقة الحاكم بأمر الله.. وسوف يتم إغلاق الشارع من دخول السيارات طوال النهار وحتي منتصف الليل ويسمح لها بالدخول حتي التاسعة صباحا.
مدير الآثار الاسلامية.. والمهندس رجائي حسين المسئولان عن متابعة تنفيذ عمليات تطوير الشارع التاريخي أكدا لي أن الاعمال قد انتهت تماما وباق تشطيبات بسيطة يمكن ان تنتهي خلال أيام.
جريدة الأهرام 13 أغسطس 2008
تحقيق (رياض فؤاد )
شكرا يا رسامة