لقد استفزني تقرير السيد فتى كراتشي وقبله تقارير اخرى من اعضاء آخرين وندمهم على زيارة مصر رغم ان ماذكروه كان صحيحا من تلوث وحرارة الجو وكثرة الشحاذين والتعرض للنصب واستغلال البعض للسائح الخليجي في التاكسي والمطعم والفندق والشقه واماكن اخرى. المشكلة انه بالرغم من هذه الحقائق انا ومن على شاكلتي نحب مصر وتلك هي المعضله. لقد فكرت كثيرا في سر حبي لمصر ولم اجد جوابا شافيا . لماذا ارتاح في مصر رغم تلك المنغصات؟ لماذا احزن عندما يقترب موعد مغادرة مصر؟ في المقابل لم احزن في العام الماضي عندما حان موعد مغادرتي لندن وكأنني مغادر من منطقة الى منطقة في بلدي. لم يكن هناك اي ندم اطلاقا او تمني لاطالة المدة في مدينة الضباب. قد يقول قائل ربما لانك لم تزر بعض البلاد الجميلة واقول لقد زرت اغلب البلاد الاوربية وشرق اسيا واميركا وافريقيا والبلاد العربية. من الطرائف عندما كنت استكمل دراستي العليا في الولايات المتحدة انتهى الفصل الثاني في شهر مايو وحجزت مباشرة للعودة الوطن فاستغرب اصدقائي العرب من تلهفي للعودة الى الوطن فقلت لهم لابد ان اجلس بعض الوقت مع الاهل حتى يتسنى لي الذهاب الى القاهرة. قالوا متهكمين (في واحد يترك امريكا في شهر مايو ويروح القاهره!) قلت لهم:انا. قالوا (تترك الربيع والجو البديع وتروح للحر) قلت لهم احب القاهره ولاادري لماذا وحتى الآن لا اعرف لماذا. في اول زيارة لي للقاهره سمعت كثيرا( من يشرب من مية النيل يرجع لها تاني) لكني ليس دائما اشرب من مية النيل. هل هي تراكم الذكريات الجميلة عندما كنت مراهقا ومن ثم شابا يافعا؟ هل السبب يعود لحصانتي ضد النصب والاحتيال؟ بالمناسبة من المفيد هنا ان اذكر اسباب الحصانه ضد النصب والاستغلال وهي اولا انني تعرضت للنصب في اول زيارة لي وكنت مراهقا في السابعة عشر فاخذت اول مصل للنصب واصبحت حذرا. ثم خبرات السنين والعلم بالسمات العامه للمجتمع المصري والخبرات المكتسبة من عملي في وطني لدرجة انني من الممكن ان اعرف النصاب واللص من عينيه دون ان ينبس ببنت شفة. ثم هناك حكمة تقول ان النصاب لايمكن ان ينصب الا على طماع. فاذا لم تطمع لايمكن النصب عليك والاهم من ذلك اذكار الصباح والمساء والتوكل على الله والاستقامه. هل سبب حبي لمصر يعود لطريقتي لتلافي سلبيات السياحة في مصر فمثلا لتلافي الحر انا اخرج بعد العصر ولتلافي الشحاتين اتحاشى المشي على الاقدام في اماكن الشحاتين وانزل من السياره امام المكان المقصود ولتلافي نصب بعض السماسره والشغالات والبوابين اسكن في فندق راقي ولتلافي استغلال بعض اصحاب التكاسي استاجر سيارة بسائق مستخدما نظرية التجربه والخطا حتي عثرت به. قد يقول قائل ولماذا هذا المجهود لاستمتع لماذا لا اسافر الى بلد آخر اقول ربما لكن لم اجد بلدا اسعد به اكثر من مصر لقد زرت اغلب البلدان التي قد يفكر بها القائل ولم اجد احلى من مصر قد تكون بعيني ربما لكن لايوجد بلد احى من مصر برأيي. انها القاهره اللغز التي لم اعرف سببا بعينه يحببني لمصر. ارجو من يعرف السبب ينبأني به.