القاهرة المسافرون العرب
أكتشف العالم بين يديك
المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة.
artravelers.com ..
-
- الدول العربية
- مصر
- القاهرة
- القاهرة رحيق أربعة عشر قرنا من الحضارة
خالد 55
25-08-2022 - 06:51 am
مثل كائن أسطوري تمتد أطرافه على شاطئ النهر الخالد، تبدو القاهرة على زحامها وصخبها الذي لا يهدأ ليل نهار مدينة لا تعرف النوم، بأبراجها وشوارعها وكباريها ومنشآتها الحديثة وأحيائها التي ما زالت تحتفظ رغم مرور مئات السنين بطابعها التقليدي القديم.
يبدأ تاريخ القاهرة العربي في العام 20 للهجرة، وهو العام الذي دخلت فيه جيوش الفتح العربي مصر، لتتأسس الفسطاط، ومن بعدها القاهرة الفاطمية في العام 358 من الهجرة. وعلى مدى أربعة عشر قرنا، راحت العاصمة العربية الأشهر تتوسع فتضاعفت حاراتها ودروبها ومساجدها من مساحة لم تكن تزيد حينذاك على 2900 فدان إلى ما تبدو عليه الآن، وقد بسطت مساحتها حتى حدود محافظة القليوبية من ناحية، وضواحي الجيزة من ناحية أخرى.
وتستحق القاهرة بعمارتها التي تمزج بين فنون العمارة الإسلامية والعمارة الحديثة بمختلف عصورها لقب “أم الدنيا” فعلى رغم زحف الحداثة إلى العديد من مظاهر الحياة بها منذ بداية القرن الفائت، ما زالت عاصمة المعز تحتفظ بأخلاقيات وشهامة وأصالة أحيائها الشعبية العريقة التي تجلت في أحياء الحسين والسيدة زينب وباب الخلق وخان الخليلي والدرب الأحمر والإمام الشافعي والخليفة.
كانت القاهرة تتألف من أربع مدن قديمة، هي الفسطاط والعسكر والقطائع والقاهرة المعزية، وكانت كل واحدة منها عاصمة في حقبة من الزمان، وتمثل كل منها طورا في حياة العهد الإسلامي بمصر، ونظمه السياسية وملامح حياته الاجتماعية والاقتصادية. وكانت المدن الأربع تقع فيما بين شاطئ النيل الشرقي وتلال المقطم. حيث كان طبيعيا أن تلي الواحدة الأخرى ناحية الشمال، وأن يكون نمو القاهرة وامتدادها من الجنوب إلى الشمال، مادامت تلال المقطم تقف حائلا دون نموها ناحية الشرق، والنيل من ناحية الغرب، إذ كان النيل في تلك الأزمنة يحف بجدران جامع عمرو وقت إنشائه.
وتعد الفسطاط أول حاضرة لمصر الإسلامية، والتي أنشأها عمرو بن العاص في العام 20 هجرية، وظلت مركز السيادة طوال عصر الخلفاء الراشدين والدولة الأموية، فلما أفل نجم الأمويين وزالت دولتهم، وقامت على أنقاضها دولة بني العباس، أنشأ أبو عون عبد الملك بن يزيد والي مصر من قبل الخليفة أبي العباس عبد الله السفاح، أول الخلفاء العباسيين مدينة العسكر سنة 133هجرية، واتخذها قصبة لولايته.
ولما آل حكم مصر إلى الأمير أحمد بن طولون، أنشأ له عاصمة جديدة سنة 256 هجرية وهي مدينة القطائع، وقد ظلت كذلك طوال عصر الطولونيين والإخشيديين فلما غزا الفاطميون مصر، كان أول ما قام به جوهر الصقلي، قائد المعز لدين الله الفاطمي، بعد أن امتلك زمام البلاد وأخضعها لنفوذ الفاطميين، أن أنشأ عاصمة جديدة سنة 358 هجرية.
كانت تلك العاصمة هي القاهرة المعزية التي انتقلت إليها حاضرة ملك الفاطميين، ومركز سيادتهم من شمالي افريقيا، وانتشر في الخافقين صيتها وذاعت شهرتها، حتى فاقت بغداد وقرطبة، وصارت في وقت من الأوقات عاصمة العالم الإسلامي بأسره، ومركز تلاقي شعوبه، ومبعث النشاط والثقافة والعلوم الإسلامية.
وعندما قضى صلاح الدين الأيوبي على الدولة الفاطمية وأنشأ دولته الأيوبية، شرع يجمع العواصم الأربع سنة 572 هجرية في صعيد واحد، ليتخذ منها عاصمة موحدة، تتفق وجلال إمبراطوريته وعظمة ملكه، ولهذا الغرض ولكي تكون قادرة على رد هجوم الأعداء، والصمود أمام غارات المغيرين، أخذ يحيطها بسور عظيم لكنه توفي قبل إتمامه، فأتمه خلفاؤه من بعده، وهو السور الذي يمتد من أثر النبي جنوبي الفسطاط وينتهي عند قلعة المقس.
وظلت القاهرة منذ عهد الفاطميين حتى الوقت الحاضر عاصمة البلاد وحاضرة الملك، ومركز السيادة فيها، ولم يقتصر تخطيطها على الحدود التي حددت بها وقت أن أنشأها الفاطميون، بل ظلت تمتد شمالا وغربا مسافات طويلة، ولم يقف النيل عقبة في سبيل امتدادها غربا، بل إنها كانت تزداد مساحة عاما بعد عام، ويتوالى زحفها باستمرار، حتى تلاقت بحدود محافظتي الجيزة والقليوبية، وذلك بفضل ما أنشئ على النيل من “كباري” ربطت بين شاطئيه، وجعلت امتداد القاهرة ناحية الغرب أمرا ميسورا وضروريا، لمقابلة الزيادة المطردة في عدد السكان.
من شارع الأزهر الملاصق لشارع الموسكي، وبداية من ميدان العتبة يمتد الشارع العريق إلى جامع الأزهر الشريف، ومن هناك إلى حي الأزهر والحسين، حيث المحال التجارية تعرض بضاعتها التقليدية للزائرين من الحلويات البلدية والمطاعم الشعبية التي اشتهرت بالكفتة والكبدة ومسامط لحم الرأس واللسان والكوارع ومن حي الأزهر إلى سوق بين السورين حيث الأقمشة والزينة في حي الموسكي الذي تم إنشاؤه في عهد صلاح الدين الأيوبي، ومازال يعرف باسم منشية الأمير “عز الدين موسك” حيث تمتد الأسواق والحوانيت وأصحاب الحرف إلى حي الغورية الذي اكتسب اسمه من السلطان “الغوري” آخر سلاطين دولة المماليك.
ومن الغورية إلى حي الجمالية حيث الطابع الشرقي ومئات الأزقة والحارات والدروب والعطفات التي تنتهي إلى خان الخليلي في الجنوب الغربي، حيث ملتقى المساجد وحيث تتجلى السمات الدينية والفنية إذ يشكل حي الجمالية الذي يحمل ملامح خاصة بالمشربيات والمساجد القديمة فنا راقيا مؤثرا غنيا يعكس تطور الفن الإسلامي من خلال الأزهر الشريف الذي يقع فيه، ومسجد الحسين وجامع قلاوون وبيت القاضي وبيت السحيمي وهي أبنية تمثل في حقيقتها نماذج لتطور الفن الإسلامي من بداية العصر الفاطمي إلى العصر المملوكي.
ويعد خان الخليلي الذي يحده من الشرق مسجد الحسين ومن الجنوب حي الموسكي من أهم الأسواق السياحية في مصر، بل ومن أشهر أسواق الشرق الأوسط وأقدمها وقد كان يطلق على هذا الحي اسم شارع الفنون والتاريخ كونه واحدا من أعرق أحياء القاهرة التي تمثل الآثار الإسلامية الخالدة، حيث يشعر الزائر بعراقة المكان الذي يعد من أهم المعالم التاريخية والحضارية. وفي هذا الحي تمتد جذور المشاعر الدينية من مسجد الجامع الأزهر ومسجد وميدان الحسين الشهير إلى السوق الذي اشتهر بالهدايا والتحف النادرة التي يصنعها فنانون مهرة توارثوا مهنتهم أبا عن جد.
ويعود تاريخ خان الخليلي إلى القرن الثامن الهجري واسمه ينسب إلى تاجر من منطقة الخليل في فلسطين كان يتردد على مصر التي أحبها وبقي فيها وفتح فندقا يستضيف فيه زملاءه من التجار.
وكان الفندق في ذلك الوقت يطلق عليه “خان” وعرفت المنطقة باسم خان الخليلي الذي تحول عام 1388 في عهد السلطان برقوق إلى مركز تجاري كان يعتبر من أكبر المراكز في منطقة الشرق، فقد كان عبارة عن حي صغير به سلالم وبيوت قديمة، وبدأت تظهر البيوت في هذا الحي بعد اهتمام الأميرة شويكار بخان الخليلي وهو لا يزال يعتبر من أكبر المراكز لإحياء التراث الإسلامي في كل المنطقة العربية، حيث يتميز بالعمال والحرفيين الذين يقومون بصناعة التحف في كل مراحلها إذ تنتشر به المصانع اليدوية ومحلات السجاد المشهور بالسجاد اليدوي الشيرازي والعجمي والحرير الذي ترجع صناعته إلى القرن الرابع عشر الميلادي والتحف والكريستال والمشغولات الفضية والنحاسية والنقش عليها وصناعة الزجاج والرسم عليه بمياه مذهبة وصناعة البردي والرسم عليه برسومات فرعونية باللغة الهيروغليفية القديمة وصناعة الحلي الذهبية والفضية والجلود والصناعات الصدفية الخشبية.
ويعد حي الأزبكية من أشهر أحياء القاهرة القديمة، وكان قديما بركة من مجموعة البرك التي تتخلل المدينة حيث كانت مياه النيل تصل إليها فتملأها بالمياه وقد أصبح الحي قابلا للسكن في العصر المملوكي حيث أنشئت فيه المساجد والأسبلة والتكايا، وقد حملت الأزبكية اسم الأمير المملوكي أزبك، الذي كان قائدا للجيش في عهد السلطان قايتباي وهو الذي حول المكان إلى مكان يتميز بالمنشآت والحدائق والبساتين المحيطة به من جميع الجوانب، وقد أنفق الأموال لبناء مسجد كبير بني حوله الحمامات والطواحين إضافة إلى منتجع لخيوله مما جعل الأغنياء يبنون حول البركة قصورهم الفاخرة وبيوتهم الفخمة عام 1495 ميلادية، لتتحول البركة إلى مدينة جميلة رائعة في تصميمها وبنيانها. وظلت حديقة الأزبكية مع ما مر عليها من تغييرات تشتهر بسورها الحديدي الأسود الذي تم هدمه مع بداية ثورة يوليو 1952 حين تم تحويل الحديقة عام 1953 إلى مكان يدخله عامة الشعب، وإقامة سور حجري مكان السور الحديدي الذي تحول إلى مكتبة ثقافية تحولت مع مرور الوقت إلى بؤرة إشعاع للفكر من خلال الكتب والمراجع والموسوعات التي كانت تثير شهية المثقف والقارئ، قبل أن يتحول المكان إلى بؤرة جذب للعديد من المحلات التجارية المتخصصة ببيع السلع الاستهلاكية الجديدة.
منقول