ابوالشهيدين
19-07-2022 - 10:46 am
االمتجول في شوارع دمشق وفي أسواقها تلفته عشرات العربات الجوالة المزركشة التي تحمل على متنها إناءً كبيراً تنبعث من داخله روائح الماء الساخن وكأنها تنادي المارة ببخارها المتصاعد لتذوّق صحن من الفول البلدي بصلصته المشبعة بالكمون والليمون. والفول المسلوق فاكهة الشتاء في حساب الدمشقيين. ويحضّر البائع أطباق الفول موزعاً إياها على سطح عربته وقد التف حوله الزبائن، ثم يسكب الخليط الممزوج بالكمون والملح والسماق والحامض على مرأى من العيون النهمة، وقد جلس أصحابها على كراسٍ صغيرة في عجقة الأسواق وضوضائها.
خضر عباس كغيره من مئات الباعة، المنتشرين في كل ركن وحيّ من المدينة، يقصد حيّ المزة الدمشقيّ كلّ صباح جاراً عربته ذات العجلات الثلاث متخذاً له موقعاً استراتيجياً على مفترق الطرق. يقول عباس.. قبل شهر من بدء موسم الشتاء أتقدم بطلب إلى محافظة دمشق للحصول على رخصة لبيع الفول مدة ثلاثة أشهر مقابل 1800 ليرة سورية (نحو 34 دولاراً أميركياً) أدفعها للمحافظة. ويضيف..في كلّ عام أشتري نحو طن ونصف الطن من الفول في الصيف لأنّ سعره أرخص مما في الشتاء، فسعر الكيلو الواحد 55 ليرة صيفاً، فيما يبلغ 75 ليرة شتاءً.
يقصد عباس الحيّ كل يوم في التاسعة صباحاً ولا يبارحه حتى ساعة متقدمة من الليل. ويتراوح سعر صحن الفول لديه بين 10 و25 ليرة سورية. ويحصد من هذا العمل مبلغاً يفوق ألف ليرة سورية يومياً. يقول خضر..الفول النابت أكلة شعبية تتناولها طبقات المجتمع كافة وهي مرغوب فيها أثناء فترة البرد لأنها تقدم ساخنة. ويضيف..الفول طعام صحيّ، فهو يحتوي على البروتين نفسه الموجود في اللحم، وهو غنيّ بالحديد إضافةً إلى محاسن عصير الليمون كمادةٍ منشطةٍ للجسم.
وثمة زبائن يتجاوزون منفعة الفول الغذائية ليشيدوا بمنافعه النفسية، فهؤلاء لا يتوانون عن وضع أيديهم على الطنجرة الكبيرة بحثاً عن الدفء. ويقول سامر محمد..أتناول صحناً من الفول كلّ يوم. أحب مرقته ومذاقها الحامض، وأحبّ طعم الكمون ورائحته الذكية. ولا أخفي أنني في بعض الأحيان وفي لحظات البرد القارس ألجأ إلى الفوّال طلباً للدفء الجسدي والنفسي، فمشهد الأبخرة المنبعثة من الطنجرة الكبيرة يعيد الخدر الدافئ إلى حواسي المتجمّدة.
الحياة
اشكر ابوالشهيدين على الموضوع الجميل واللي محليه الفول