- قصة قصيرة في قاهرة التسعينات
- http://img171.imageshack.us/img171/4490/5006008345600.jpg
- الدكتور شديد مع إسماعيل ياسين،،،،،،،،،،،مش معايا أنا،،،
- http://thumbs.bc.jncdn.com/95686e752aafbc93abe71e97a3b72c71_lm.jpg
قصة قصيرة في قاهرة التسعينات
كانت رحلتي للقاهرة في العام 1992 من أجمل الرحلات التي قضيتها فيها فقد تعرفت خلالها على الدكتور شديد في "تي قاردن"، في فندق سمير أميس، وأول مرة لمحته فيها كان يلبس بدلة قديمة كحلية اللون ومخططة ،،،،،ويبلغ في حينها نحو السبعين من العمر،،، على ما أذكر،،،،بادرني الدكتور شديد بالحديث والتحية فجالسته وسعدت بخفة دمه ونكاته المتواصلة،،،،،،وعرفني باسمه الفني المشهور به وهو "الدكتور شديد" وذكر لي بأنه مثل مع كبار النجوم مثل فؤاد المهندس واسماعيل ياسين وغيرهم رحمهم الله جميعاً.....لم أدعه يبتعد عني كثيراً طوال مدة وجودي في القاهرة فمن هواياتي التعرف على الناس غير النمطيين والذين يحملون داخلهم الكثير من الأسرارا والمفارقات والخبرة في الحياة،،،،،،،،،،،الدكتور شديد هو كذلك سعد بلقائي ورافقني في رحلاتي للهرم والقرية الفرعونية ومطعم المشربية بجوار السفارة السعودية تلك الأيام،،،،،،لا أعلم هل مازال هناك أو حتى السفارة لا زالت هناك أم لا.......................حدثني الدكتور شديد عن أيام شبابة وقاهرة الخمسينات الجميلة التي كانت تغسل بالما والصابون كل ليلة،،،،،،،،،،وأناقة الطبقة العليا التي تنافس أناقة الأوربين ولياليها وحفلاتها الباذخة التي كانت أجمل من حفلات فينا وخصوصا التي كانت تغني فيها الممثلة الراحلة اسمهان،،،،،،،،،،،وكذلك ذكرياته مع سيدة الفن العربي الست أم كلثوم وقال لي أشيا كثيرة وغريبة لا أعلم مدى دقتها عن حياتها وعن أسرار الكثير من الممثلين من جيل الخمسينات والستينات والسبعينات.
http://img171.imageshack.us/img171/4490/5006008345600.jpg
الدكتور شديد مع إسماعيل ياسين،،،،،،،،،،،مش معايا أنا،،،
وفي آخر يوم في الرحلة كنا نسير بجوار مطعم ويمبي في شارع جامعة الدول العربية ودخلنا سوياً وكان المرحوم فؤاد المهندس يجلس مع ممثلة شابة في ركن قصي،،،،فرحب به أيما ترحيب وناداه لما رآه "أهلا يادكتور" فتأكدت بأنه فعلاً ممثل ولم يكن "يسرح بي".
بعد تناول الهمبرقر والبطاطا المليئة بالزيت الرديئ في تلك الأيام والكتشب السيئ كأنها معجون ألوان للسيارات،،،،،،،ودعت الدكتور شديد عند باب المطعم،، وقبل أن أركب التاكسي أتت بائعة الفل الطفلة الصغيرة الجميلة وسنها نحو 9 سنوات،، ونادتني،،،"فل يا فل،،،،فل يابيه يجعل أيامك كلها فل" "خذ مني الفل هدية" أخذت منها عقداً جميلاً ذي رائحة زكية وفتحت محفظتي فوجدت آخر 2000 جنيه بقيت من رحلتي التي استمرت نحو أسبوعين،،،،،،،،أعطيتها 1800 وأبقيت 200 جنيه،،، مئة لصاحب التاكسي الذي ينتظرني مع شنطي و 100 إكراميات لمن سأقابل في المطار.
لم يكن لدي في تلك السنة بطاقة إئتمان،،،وكنت لما أسافر لأي بلد أحضر معي شيكات سياحية والكثير من النقد،،،،،،وكعادتي أصرف كل مالدي،دون زلل، لأخر قطرة،،،،،،،وأعود للسعودية في بعض الأحيان بنصف ريال،،،،،،،،،،،،،،ولو لم يستقبلني أحد في المطار فعلى صاحب التاكسي الإنتظار حتى أحضر له المال من أمي أو جدتي أو من صاحب البقالة حتى أذهب للبنك في اليوم التالي وأصرف ما تيسر لي،،،،طريقة كانت غير مجدية،،،، ولكنها حياتي وقد عشتها كما أحببت.
http://thumbs.bc.jncdn.com/95686e752aafbc93abe71e97a3b72c71_lm.jpg
بعد ذلك توجهت للمطار،،،،،،،،،،بعد أن ودعت الدكتور شديد وطلبت منه الإهتمام بصحته وترك "اللزي منه" وركبت التكسي المصري الأسود والأبيض العتيق الذي ارتبطت صورته بالقاهرة وأيامها الجميلة.................وعندما وصلنا المطار وكانت الساعة تشير لنحو العاشرة والرحلة عند الساعة الثانية عشر،،،،،،،،طلبت من الحمال أن يتجه بشناطي نحو الخطوط السعودية،،،،،،،،،،،،ولكنه بخبرته قال أنه لا توجد رحلة للخطوط السعودية الآن،،،،،،،،ضحكت من "لقافته" وقلت يا سيدي إنت فاكرني تايه وإلا ايه تذكرتي معاي وموعد الرحلة الساعة 12 يعني بعد ساعتين،،،،،،،،،،،رد علي بأسى "يا باشا الرحلة صحيح 12 بس 12 الظهر،،،،،،،،،خلاص باي باي،،،،،،،،فات الميعاد ويفيد باية اية اية ياندم ياندم وتعمل اية اية اية يا نديم" ذهلت من رد الحمال وأسقط بيدي فدخلت وبحثت عن مكتب الخطوط السعودية ورأيت أحد موظفيها المناوبين في المكتب وسألته فأكد لي ما قاله الحمال،،،،،،،،،فشرحت له ظروفي وأن جيبي أنظف من الصحن الصيني بعد غسيلة،،،،،،،فما هو الحل،،،،،ولا أعتقد أنه يوجد مجال للسفر لاحقاً لأننا في الصيف والحجوزات في غاية الصعوبة،،،،،،،،،،،،،،،،،فنظر لي وقرأ تعابير وجهي ويأسي وعرف أني صادق،، وأني في ورطه وقال "دبر روحك لحد بكرة الساعة 12 وسوف أجد لك مقعد بأية طريقة"،،، رجعت سوياً مع صاحب التاكسي الطيب وقال لي عندي فكرة،،،،،،،،،،سوف أعود بك إلى كريمة بتاعة الفل وسنطلب منها أن ترد لك بعض المال الوفير الذي أعطيتها،،،،،،،،،،،،وتذهب وتأخذ فندق رخيص حتى الغد،،،،،،،،،،،،وربك يحلها ،،،بس خلينا نلحق،،،،،،،كريمة تجلس عادة عند مطعم ويمبي لحد الساعة 12 ثم تغادر لمنزلها،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،لم أكذب خبر وركبنا التكسي وانطلقنا في رحلة اليأس نبحث عن كريمة،،،،،،،،،،،وعندما وصلنا عند ويمبي سألنا أصحاب التكاسي الآخرين عنها فأخبرونا بأنها قد غادرت للتو باتجاه عمارة سفنكس فأسرعنا نحوها ،،،وفجأة لمحتها عند الدوار وصحت بأعلى صوتي "كريمة،،،،،،،،،،،،،كريمة،،،، كريمة،،، لحظة،،، أرجوك وقفي لحظة أنا عايزك ظروري" فألتفت نحوي الفتاة وابتسمت لي ورحبت بسعادة،،، أهلاً يابيه أأمرني،،،،،،،،،،،،،،لفينا لفة حول الدوار واستوقفناها وقلت،،، لها "يا كريمة أنا في عرضك الطيارة طارت علي وما معيش فلوس،،،،،،،،،،أرجوك محتاج 1000 وخلي ال 800 عشانك،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ولو رجعت مصر ثاني والله لأعطيك أكثر منها ،،،بس انقذيني الآن،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،صدمت كريمة من كلامي فقد كانت سعيدة في البداية على ما حصلت عليه من مال وفير بالنسبة لها،،،،،،،،،،وها أنا أعود فأسرق أحلامها قبل أن تصل بيتها فتقدمها هدية لأمها أو أباها،،،،،،،،الله أعلم بظروفها،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ففكرت لبرهة،،،،،،،مرت علي كأنها سنة،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،وقالت "ماشي،،،،،،،،،إنت تمر بنفس الظروف إلي أنا أمر فيها كل يوم،،،،،،،،،،،خذ ألف وتصرف،،،،،،،،،،،،،،،،،،وردهم لي لما ترجع مصر من تاني بالسلامة" أخذت منها الألف وكدت أقبل يديها خ بعد أن أنقذتني من أن أنام في الشارع،،،،،،،،،أو في ممرات مطار القاهرة،،،،،،،،،،،كالمتشرد.
أخذني صاحب التكسي الشهم إلى فندق خلف مطعم ويمبي رخيص ورديئ اسمه "فندق زايد" بمئة جنيه يومياً شامل فطور إنتر،،،،، بس مش كونتننتل،،، عبارة عن فول مسوس وميه من الزير وعيش الجمعية،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ركبت الأصانصير المتهالك وكان مليئ بالسياح الصيع المبهذلين لأخر درجة ،،،،،،،،،،،،،،،،وقارنته بفندقي السابق "ماريوت" وقلت سبحان الله، كم من شخص أمسى غنياً وأصبح فقيراً،،،،،،،،،لكني الحمد لله الآن لدي غرفة تسترني بالرغم من أن شباكها يفتح على زريبة فيها حمير،،،،،،،، وسرعا ما غطيت في نوم عميق تخللها أحلام طائرات تقلع وتهبط،،،،،،دون ركاب،،،،،،،،،،،،،،،، ومن الصباح الباكر توجهت للمطار قبل الرحلة ب 5 ساعات،،،،،،،،،،،،،وعدت للسعودية بالسلامة،،،،،،،بفضل كريمة بائعة الفل،،،،،،،،،،،،،،،،،،ليتني ألقاك يوما ما يا كريمة فلك عندي أمانة وهدية تفتح لك محل فل في أجمل شوارع القاهرة
نديم
قصة جميلة ، يستفاد منها ، لكن هل ارجعت المبلغ المذكور لبائعة الفل بزيارتكم القادمة ؟؟
تحياتي ،،،