سوريا المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
فيصل666
22-03-2022 - 05:44 pm
  1. الجامع الأموي الكبير

  2. منقول

  3. ولقد وصف ابن عساكر موضوع فسيفساء الجدار الجنوبي على شكل كرمة ذهبية.

  4. متحف الجامع الأموي:


الجامع الأموي الكبير

جامع بني أمية في دمشق هو أكمل وأقدم آبدة إسلامية مازالت محافظة على أصولها منذ عصر مُنْشِئها الوليد بن عبد الملك الخليفة المصلح الذي حكم من 86-96ه/705-715م وخلال حكمه كان منصرفاً إلى الإعمار والإنشاء، وكان بناء الجامع من أكثر الأمور أهمية عنده، ولقد استعان في عمارته بالمعماريين والمزخرفين من أهل الشام، ممن كان لهم الفضل في بناء كثير من المباني في دمشق، ولعل منهم من مضى إلى المدينة المنورة في أيام الوالي عمر بن عبد العزيز، وبأمر من الوليد لإعادة بناء مسجد الرسول على طراز الجامع الكبير بدمشق.

منقول

لقد أُقيم المسجد الجامع بدمشق بشكل مؤقت، بعد فتح بلاد الشام، في الجهة الشرقية الجنوبية من أطلال المعبد الروماني الذي أُنشئ في القرن الأول الميلادي، وأُنشئ في جدار هذا المعبد أول محراب في الإسلام مازال قائماً صلى فيه الصحابة مع خالد بن الوليد وأبي عبيدة الجراح، القائدان اللذان فتحا دمشق، الأول عنوة، والثاني صلحاً، وأعطى خالد لسكان البلاد عصره بالحفاظ على ممتلكاتهم ومعابدهم ومساكنهم.
وفي عصر معاوية بن أبي سفيان، والياً ثم أول خليفة أموي، كان يصلي في هذا المسجد المؤقت، يدخل إليه من الباب القبلي الروماني، ومايزال قائماً في جدار القبلة.
وكان معاوية قد أنشأ لنفسه قصر الخضراء المتاخم لهذا الجدار، وقد أنشأ معاوية في المسجد مقصورة خاصة به، هي أول مقصورة في الإسلام.
إثر زلزال عنيف أتى على المعبد لم يبق قائماً إلا الهيكل ناوس الذي يقع في منتصف فناء واسع محاط بجدار مرتفع تخترقه أربعة أبواب من الجهات الأربعة، وكانت كلها أطلال. وكان يحيطها سور آخر معمد.
ولقد استعمل المسيحيون من سكان دمشق هذا الهيكل كنيسة، وكانوا يدخلون من الباب ذاته الذي أصبح يدخل منه المسلمون إلى مسجدهم في الشرق.
ولم يكن من السهل أن يبقى المسلمون في عاصمتهم التي أصبحت تحكم أوسع دولة، وأن يكون مسجدهم مؤقتاً في دمشق وفي القدس.فقام عبد الملك بن مروان بإنشاء مسجد قبة الصخرة، وباشر بإنشاء المسجد الأقصى في المكان الذي صلى فيه عمر بن الخطاب عندما جاء إلى القدس وقدم لسكانها العصرة العمرية.
ولقد أكمل الوليد بناء المسجد الأقصى، وباشر ببناء الجامع الكبير بدمشق، بعد أن اتفق مع أصحاب الكنيسة - الهيكل على أن يقدم لهم بديلها، وهكذا استطاع البناؤون الإفادة من كميات هائلة من حجارة المعبد المتراكمة، ومن أعمدته وتيجانه لإقامة جامع ضخم، يعتمد على التخطيط الذي وضعه الرسول ( عند بنائه لمسجده الأول في المدينة المنورة، وكان هذا المخطط يقوم على تقسيم المسجد إلى بيت الصلاة وإلى فناء مفتوح. لقد استبقى الوليد الجزء السفلي من جدار القبلة أعاد الجدران الخارجية والأبواب، وأنشأ حرم المسجد مسقوفاً مع القبة.
وأنشأ أروقة تحيط صحن الجامع. وأقام في أركان الجامع الأربعة صومعة ضخمة، كذلك فعل في المدينة المنورة ولكن زلزالاً لاحقاً أتى على المنارتين الشماليتين، فاستعيض عنها بمنارة في وسط الجدار الشمالي، وأصبح للمسجد ثلاث منارات اثنتان في طرفي الجدار الجنوبي، وواحدة في منتصف الجدار الشمالي وتسمى مئذنة العروس.
إن هذه الصوامع المربعة هي أصل المآذن التي انتقلت إلى شمالي أفريقيا والأندلس، نرى تأثيرها واضحاً على مآذن القيروان والكتبية وحسان وإشبيلية.
ولم تكن هذه المنارات أو الصوامع موجودة في العصر الروماني، يؤكد ذلك الشبه الكامل الذي نراه بين هذا المعبد ومعبد زفس المسمى حصن سليمان قرب الساحل السوري.
كذلك لم تكن قائمة تلك الصالات الأربع الرحبة، التي تسمى المشاهد والتي أصبحت جزءاً من مقر الحكم الأموي مع أجزاء أخرى غربي وجنوبي الجامع مازالت آثارها قائمة، وكانت مخصصة للبريد وبيت المال والرسائل. ويتحدث المؤرخون عن استقبال الخليفة لموسى بن نصير وطارق بن زياد وقد عادا من الأندلس، وخلفهما ملوك الغوط والأمراء هذا الاستقبال الذي تمّ في الحرم وفي القاعة الغربية، وفي منشآت كانت قائمة في منطقة الغرب التي تسمى اليوم المسكية.
تبلغ مساحة المسجد كله 157×97م وتبلغ مساحة الحرم 136×37م أما مساحة الصحن فهي 22.5×60م وينفتح في الصحن ثلاثة أبواب، باب البريد من الغرب وباب جيرون من الشرق وباب الكلاسة من الشمال. وباب الزيادة من الجنوب وينفتح من الحرم.
أما الصحن فإنه محاط من جوانبه الثلاثة بأروقة شامخة ارتفاعها 15.35م، ومن الجنوب تنفتح أبواب الحرم التي أصبحت مغلقة بأبواب خشبية تعلوها قمريات زجاجية ملونة مع كتابات.
وتنهض الأروقة على صفٍ من القناطر المتراكبة، قنطرتان صغيرتان فوق كل قنطرة كبيرة، وتحملها سواري مربعة ضخمة وأعمدة، عمودان بين كل ساريتين في الجانبين ويبلغ عددها مجتمعة 47 سارية وعموداً. وهي تشكل واجهات الأروقة وواجهة الحرم المؤلفة من جبهة ثلاثية ذات نافذة مفتوحة على طرفيها نافذتان دائريتان، وتحت الجبهة واجهة مربعة في وسطها قوس كبير ضمنه ثلاث نوافذ، وترتكز هذه الواجهة على ثلاث قناطر محمولة على عمودين في الوسط، وركنين في الجانبين وتدعم هذه الواجهة من الطرفين دعامتان مربعتان ضخمتان. وعلى طرفي هذه الواجهة تمتد القناطر المتراكبة تسع قناطر إلى اليمين ومثلها إلى اليسار شرقاً.ومن الرواق تنفتح على الصحن 24قنطرة ومن الرواقين الشرقي والجنوبي تسع قناطر.
أما حرم المسجد فهو مؤلف من قناطر متشابهة عددها 24قنطرة تمتد عرضانياً موازية للجدار القبلي، يقطعها في الوسط جناح متوسط يمتد من باب الجبهة الرئيسي وحتى المحراب. ويغطي هذا الجناح المتوسط سقف سنمي في وسطه تنهض قبة النسر المؤلفة من قبة نصف كروية من الخشب المصفّح، ومن قبة ثمانية تنفتح فيها 16نافذة، وترتفع القبة عن أرض الجامع 45م وهي بقطر 16متراً.
وفي حرم الجامع أربعة محاريب، المحراب الأصلي في منتصف الجدار القبلي. وهذه المحاريب مخصصة للمذاهب الأربعة. وفي أعلى جدار القبلة، تنفتح على امتداده نوافذ ذات زجاج ملون. عددها 44نافذة مع ستة نوافذ في الوسط.
ويقوم إلى جانب المحراب الكبير منبر حجري رائع. إن جميع الزخارف الرخامية المنقوشة في المحراب والمنبر وفي المحاريب الأخرى هي آيات فنية، صنعها المبدعون الدمشقيون الذين نقلوا فنونهم إلى أنحاء كثيرة من البلاد العربية
والإسلامية.
ولقد زينت جدران الحرم بالفسيفساء والرخام، ومازالت أقسام كثيرة من الفسيفساء الأموي قائمة في الحرم من الشمال على الرغم من النكبات الكثيرة التي أصابت المسجد.

ولقد وصف ابن عساكر موضوع فسيفساء الجدار الجنوبي على شكل كرمة ذهبية.

وكانت الأروقة وعضاداتها وقناطرها مكسوة كلها بالفسيفساء الزجاجي الملون، ومازالت أقسام كثيرة باقية في واجهة الحرم وفي الأروقة، ولقد أعيد بعض ما سقط منها، وخاصة قبة الخزنة، التي استعادت زخرفتها الفسيفسائية مؤخراً، وهذه القبة هي غرفة مثمنة تعلوها قبة محمولة على ثمانية أعمدة، كانت تحفظ فيها أموال المسلمين، ثم أصبحت لحفظ المخطوطات الثمينة. ولقد أنشئت هذه القبة في العصر العباسي 780م. وثمة قبة أخرى هي قبة زين العابدين أو الساعات مازالت قائمة، ولقد أعيد مؤخراً 1995 بناء قبة الوضوء العثمانية 1769م التي كانت في منتصف صحن الجامع تحمي بركة ماء للوضوء.
ويبدو الجامع مهيمناً على مدينة دمشق القديمة بهامته المتجلية بقبة النسر، وبمآذنه الثلاثة التي أقيمت في وقت لاحق فوق الصوامع الأموية التي كانت مجرد بدن دون منارة عليه، كما هو الأمر في الصوامع المغربية. والمئذنة الشمالية هي الأقدم ولقد أضيف إليها منارة في عصر صلاح الدين، ثم في عصر العثمانيين وفوق الصوامع أنشئت المئذنة الشرقية في عصر الأيوبيين ثم العثمانيين، والمئذنة الغربية أنشأها السلطان قايتباي.

متحف الجامع الأموي:

في ركن الزاوية الشمالية القريبة من الجامع أقيم هذا المتحف عام 1989، ويضم نفائس الجامع القديمة وبعض الأحجار والسجاد واللوحات الخطية الجميلة، مع مصابيح إنارة وقطع فسيفسائية وخزفية وزجاجية ونقود إسلامية وساعات وصفحات من المصاحف المخطوطة القديمة.


التعليقات (3)
المشاغب
المشاغب
شكرا اخوي فيصل على المعلومات
المفيدة عن الجامع الاموي...
ومايحز في النفس صراحة
هو دخول غير المسلمين للجامع
وفي اعتقادهم بانه معلم سياحي
والتقاط الصور وتدنيس حرمة المساجد.

سفير الغيوم
سفير الغيوم
الجامع الاموى فى دمشق من معالم المدينة 0وهو قريب من سوق الحميدية 00

سوريا
سوريا
  1. دمشق - من نور الدين العويديدي

  2. القيمة الدينية للجامع الأموي

  3. قيمته التاريخية وظروف بنائه

  4. إبداع فني وهندسي عظيم

  5. مدرسة علم وحياة

  6. شذرات تاريخية


السلام عليكم, صحيح ياصديقي وكثير من المرات قد إمتعضت من دخول الغير مسلمين ولكن في كل مرة اجد الجواب نفسه بانه لايمكنهم منعهم لأن زيارة قبر النبي يحيى عليه السلام والذي هو بداخل الجامع, مرحلة من مراحل الحج عندهم, فنسأل الله العفو والعافية. وهذه مقالة عن الجامع الأموي
الجامع الأموي بدمشق: من هنا كان العالم يحكم يوما
فيه قبر النبي يحيى ومصلى النبي هود، ولعب دورا سياسيا عظيما في تاريخ الشام، وكان قلبها النابض.

دمشق - من نور الدين العويديدي

هو أحد أكبر الآثار الباقية من دولة بني أمية، وأحد أهم معالم الشام. إنه الجامع الأموي بالعاصمة السورية دمشق. جامع عظيم ضخم، وآية من الجمال، ودليل حي على عظمة إمبراطورية حكمت شطرا كبيرا من العالم القديم، وكانت دمشق الشام، ببهائها وعظمتها عاصمة لها. إنه أحد أبرز آثار تلك الدولة، التي عرفت لدى المؤرخين بدولة الفتح، التي امتد نفوذها مشرقا ومغربا، وشمالا وجنوبا، بشكل يكاد يكون أسطوريا.
والمسجد الجامع تحفة فنية وهندسية نادرة النظير. وكان له شأن عظيم في تاريخ دمشق خاصة، والشام عامة، فمنه جُيشت الجيوش، للفتح، أو لصد الغزاة، على مر تاريخ طويل، وفيه ظهر العلماء والقادة العظام. وكان على الدوام ملجأ المجاهدين، ومنطلق حركتهم، في التاريخ البعيد والقريب، بما في ذلك في مرحلة الاستعمار الفرنسي، الذي لعب الجامع الأموي دورا بارزا في دحره.
وتظهر من الجامع عن بعد ثلاث منارات رائعة الجمال. وله سور ضخم، يحيط به، يرجع بناؤه إلى آلاف السنين. وله قبة بديعة، ترتفع نحو 44 مترا في السماء. وتزين بعض جدران صحنه الرحب فسيفساء بديعة، فيه صور لأشجار وقصور عظام. وينقسم حرم الجامع الأعظم إلى ثلاثة أروقة، تفصل بينها سواري ضخمة رائعة التصميم، حسنة الجمال. وله منبر غاية في الحسن والإبداع. وفيه مقام نبي الله يحيى عليه السلام، وبجواره، داخل السور، مقام للحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، بحسب رواية أهل الشام. وهو مفروش بالفاخر من الزرابي والسجاد.

القيمة الدينية للجامع الأموي

والجامع الأعظم معلم ديني , مع ما فُقد من آثار الحضارة العربية الإسلامية، من كتب الفقه والحديث والسير والفلسفة وسائر العلوم، عند اجتياح البرابرة، مثل المغول والتتر وغيرهم، مدن الحضارة الإسلامية الرئيسية، مثل بغداد ودمشق، وإتلاف ما حوت خزائنها من درر العلوم وجواهر الكلم.
وينقل إمام وخطيب الجامع الأموي الشيخ نزار الخطيب عن بعض العلماء أن الجامع مقام في المكان، الذي يقال فيه إنه وادي التين، الذي أقسم به الله تعالى في القرآن الكريم، في قوله جل وعلا "والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين"، مشيرا إلى أن الآية تحدثت عن مكانين واضحين هما جبل سيناء، الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام تكليما، والبلد الأمين، مكة المكرمة، فكانت الإشارة إلى التين والزيتون، باعتبارهما أيضا أمكنة، فوادي الزيتون يشير إلى بيت المقدس، ووادي التين يشير إلى المكان، الذي أقيم فيه الجامع الأعظم في دمشق الشام، والذي كان مصلى لرسل وأنبياء وصالحون كثر، خلال التاريخ، منهم نبي الله هود ونبي الله يحيى عليهما السلام.
وفي داخل حرم الجامع الأعظم قبر النبي يحيى عليه السلام. ويقام اليوم عليه بناء أنيق، قائم بين أعمدة الرواق الأوسط من الجامع، شرقي المحراب. وأورد ابن عساكر في تاريخه نبأ العثور على قبر هذا النبي الكريم في المكان، أثناء تشييد الجامع. وقد أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك بأن يحافظ على القبر في مكانه، ويجعل فوقه عمود يختلف عن العمد الأخرى ليدل عليه، ثم أقيم عليه في وقت لاحق ضريح من الخشب، مزين بالنقوش، ذهب مع الحريق الأخير، فأعيد بناؤه بالرخام.
كما يوجد في جانب من الجامع الأعظم ضريح لسبط النبي عليه السلام، الحسين بن علي رضي الله عنهما، بحسب روايات بعض أهل العلم من أبناء الشام، إذ تشير روايات كثير من أهل الشام، إلى أنه جيء برأسه بعد مقتله في كربلاء، ودفن في طرف الجامع الأعظم. لكن روايات أخرى تنفي ذلك. ويوجد غير بعيد منه ضريح الفاتح العظيم الناصر صلاح الدين الأيوبي، مما يجعل المكان يحظى بقيمة دينية وروحية عالية.
ويرفع في الجامع الأعظم، أذان جماعي متوارث من عهد بني أمية، وذلك لضخامته، مما يجعل الجالس في طرفه لا يسمع الأذان، إن رفع في طرفه الآخر، فتقرر من زمن الأمويين أن يقام فيه أذان جماعي بأصوات عدد من المؤذنين المشهورين بعذوبة الصوت، وإتقان فن الأذان، تنساب أصواتهم في اليوم خمس مرات، بالتكبير والتهليل، فتغمر القلوب بدفء الإيمان وبرد اليقين.

قيمته التاريخية وظروف بنائه

ويعرف بعض المؤرخين الجامع الأعظم، ويتداول ذلك الناس اليوم، بأنه أقدم معبد في الشام. ويرجع المؤرخ السوري عبد القادر ريحاوي تاريخ تأسيس هذا المعبد، الذي أقيم الجامع مكانه، إلى الألف الثالث قبل الميلاد، إذ كان معبدا وثنيا، عُبد فيه الإله "حدد" في العهد الآرامي، في مطلع الألف الأول قبل الميلاد، ثم اتخذ معبدا للإله "جوبيتر" في العهد الروماني.
وبعد انتصار المسيحية على الوثنية، في آخر القرن الرابع الميلادي، تحولت أجزاء من المعبد إلى كنيسة، واستمر الأمر كذلك حتى مجيء الفتح الإسلامي، على أيدي القائد الكبير سيف الله المسلول خالد بن الوليد والذي قبر في مدينة حمص فيما بعد، الذي أخذ الجانب الشرقي من مدينة دمشق حربا، وذلك عام 17 هجرية، ودخلها من الباب الشرقي، وقاتل الروم في حواريها، وما أخذ من أجزاء من المعبد حربا اتخذ جامعا، وما أخذ منه صلحا ظل كنيسة مسيحية، وكان "الناس يدخلون من باب المعبد الجنوبي، ليتجه المسلمون يمنة، أي نحو الشرق إلى مسجدهم، ويتجه النصارى يسرة، أي نحو الغرب إلى كنيستهم"، كما يذكر المؤرخ ريحاوي.
وبعد 70 عاما من التجاور بين الجامع والكنيسة، وكان يضمهما سور المعبد القديم، ومع تزايد عدد سكان دمشق، وبالخصوص من المسلمين، ضاق الجامع برواده. وسنة 86 هجرية، الموافق ل705 ميلادي، آلت دفة الحكم والخلافة إلى الوليد بن عبد الملك، ففاوض الوليد رعاياه المسيحيين، لكي يتخلوا عن نصف المعبد، الذي تقوم عليه الكنيسة، بالطرق المشروعة، وبدأ تنفيذ مشروعه المعماري الهام، الذي يليق بعظمة الدولة، ويلائم حالة التطور، الذي بلغه المجتمع العربي الإسلامي، وقد غدت دمشق عاصمة لأعظم دولة عربية في التاريخ، فهدم الوليد الكنيسة، وكل ما كان داخل المعبد من منشآت رومانية وبيزنطية، ثم شيد الجامع، وفق مخطط جديد مبتكر، ينسجم مع متطلبات الشعائر الإسلامية، وأغراض الحياة العامة، فجاء فريدا في هندسته، لم يبن على نسقه في العهود السابقة أي بناء آخر، وذلك استجابة لرغبة الوليد الذي قال "إني أريد أن أبني مسجدا لم يبن في ما مضى قبلي، ولن يبني من يأتي بعدي مثله"، كما يورد ذلك المؤرخ ريحاوي في كتاب له عن الجامع الأعظم.

إبداع فني وهندسي عظيم

سور الجامع الخارجي مبني بالحجارة الكلسية، وهي على هيئة مداميك كبيرة الحجم، مزودة بدعائم سورية، وهو من العهد الروماني، من بقايا المعبد، إلا أن أكثر أقسامه جددت في العهود العربية. ويعتبر الجامع الأموي واحدة من التحف الفنية والهندسية والفلكية المعجزة. فطوله 160 مترا، وعرضه 120، وارتفاعه 24 مترا، ويبلغ ارتفاع قبته 44 مترا، وأبوابه الداخلية 40 بابا، وأبوابه الخارجية 4. وأعمدته الداخلية 40 عمودا، وفي الخارج مثلها أيضا 40 عمودا. ويبلغ عدد نوافذه من الجنوب 44 ومثلها من الشمال.
ويلاحظ الصحفي السابق والدليل السياحي داخل الجامع الأعظم، فاروق الجاسم (أبو خالد)، الذي بدا لي واسع الاطلاع على شؤون الجامع، ودقيقا في سرد التفاصيل، حين قارنت كثيرا منها بما أورده مؤرخون ثقاة، أن كل الأرقام المشار إليها آنفا تقبل القسمة على 4، منوها إلى أن المسجد لا توجد فيه الحشرات، ولا مكان في سقفه وجدرانه للعنكبوت أو الصراصير أو ما سواها من الحشرات، مرجعا ذلك إلى الإبداع الهندسي، الذي يجعل الضغط الجوي داخل المسجد منخفضا بنسبة نصف درجة، عن الضغط خارجه، وهو ما يجعل تلك الحشرات لا تجد مكانا مناسبا لها للمقام في الجامع الأعظم.

مدرسة علم وحياة

كان الجامع الأعظم منذ تأسيسه مدرسة علم، لا تنقطع فيه الدروس والمحاضرات، تلقى في مربعات وزوايا معروفة، في قلب الجامع، بعضها للعلوم الدينية، وأخرى للعلوم الدنيوية، وبعضها للرجال، وبعضها الآخر للنساء. وفي هذا الجامع، الذي لعب دورا سياسيا وجهاديا عظيما، على امتداد فترات التاريخ، إلى جانب دوره العلمي، كانت تؤخذ البيعة لكل خلفاء بني أمية. كما بويع فيه لاحقا سلاطين وقادة وأمراء كبار، من أشهرهم رجل الفتح والجهاد الكبير الناصر صلاح الدين الأيوبي، محرر بيت المقدس من أيدي الصليبيين.
وكانت المذاهب الإسلامية الأربعة الشهيرة من مالكية وشافعية وحنفية وحنبلية، لها فيه مواطن لتدريس علومها. وكان الجامع والمدارس الملحقة به والمجاورة له، بمثابة مدينة جامعية ضخمة، قبل قيام المدن الجامعية في العصر الحديث. وكانت تدرس فيه علوم الدين واللغة، مثل ما تدرس فيه علوم الرياضيات والفلك والفلسفة، وسائر العلوم.
ومن أشهر من درّس في الجامع ا ثلاث من أمهات المؤمنين من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وهن حفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم حبيبة وأم سلمة. كما علم فيه صحابيون وصحابيات أجلاء، مثل خولة بنت الأزور ورفيدة الأسلمية. ودرّس فيه من العلماء والفلاسفة الكبار العلامة أبو بكر الرازي والخوارزمي والفيلسوف الشهير أبو نصر الفارابي، الذي يوجد قبره في دمشق.
ولم تكن وظيفة الجامع في العهود الماضية تقتصر على العبادة، بل كان الجامع حافلا بالنشاطات السياسية والاجتماعية. وكان مركزا للإشعاع الثقافي والعلمي. وكانت تتجمع حول الجامع وعند أبوابه كل النشاطات الاجتماعية والسياسية والتجارية. كما شيدت إلى جوار الجامع قصور الخلفاء والسلاطين، وأشهرها قصر الخضراء، ودار معاوية، ودار الخيل، وأسواق الطيب والعنبر والصياغ. وكان يقف عند أبوابه الشرطيون والوراقون وعاقدو الأنكحة والشهود، كما يذكر ذلك بعض المؤرخين.

شذرات تاريخية

ينقل المؤرخ ريحاوي عن عدد من الروايات التاريخية أن الوليد بن عبد الملك قد أنفق في بناء الجامع 100 صندوق من الدنانير الذهبية، في كل صندوق 228 ألف دينار. وفي رواية أخرى أنه أنفق خمسة آلاف ألف دينار وستمائة ألف دينار. وقيل إن الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز لم يرض بما فيه من ترف وإسراف، فعزم على رد ما في الجامع من نفائس وذهب، إلى بيت المال، حتى جاء وفد بيزنطي إلى دمشق، واستأذن في مشاهدة الجامع، وقيل إن رئيس الوفد سقط مغشيا عليه، خلال تأمله روائع البناء، فلما أفاق سئل عما أصابه فأجاب بأن أهل رومية يتحدثون عن أن بقاء العرب في هذه البلاد قليل، فلما شاهد البنيان أيقن بأنهم باقون فيها، وأن لا رجعة لبيزنطة إليها بعد اليوم، فلما أخبر الخليفة عمر بذلك قال "ما أرى مسجد دمشق إلا غيظا على الأعداء"، وترك كان قد هم به.
وكان الجامع يضم نفائس كثيرة، منها مصحف عثمان، الذي كانت له خزانة خاصة به إلى جانب المحراب، وظل حتى الحريق الأخير، الذي أتى على كل شيء في الجامع، وذلك سنة 1893 ميلادية. وكانت في الجامع الأعظم أيضا خزائن كتب عديدة، من أعظم ما كتب في الحضارة العربية الإسلامية.
وكان للجامع أوقاف كثيرة، تجمعت خلال العصور، جعلته أغنى مساجد العالم. وكان من بين أوقافه قرى بأكملها وخانات وأسواق وحمامات، أثبتتها كتب الأوقاف، ونصوص منقوشة على حجارة الجامع، تضمن استقلالية الأئمة والخطباء، وعدم تبعيتهم للدولة. وكانت موارد الأوقاف تصرف في سبل شتى، منها رواتب العلماء والمدرسين والمؤذنين والخدم وطلاب العلم. ومنها ما ينفق في البخور والطيب والشموع. وكان قاضي القضاة هو المشرف على أوقاف الجامع، ثم أصبح للجامع ناظر خاص من كبار رجال الدولة، في عهود لاحقة.
وقد تعرض الجامع لحرائق وزلازل عديدة، على امتداد تاريخه. وكان آخر حريق تعرض له في العام 1893. وأعيد ترميمه وتزيينه وزخرفته في كل مرة، من دون أن يمس ذلك كثيرا بطابعه المميز وبأصالته، التي ميزته عن سواه من المساجد والصروح.
والجامع الأعظم اليوم من أبرز تحف دمشق والآثار الخالدة فيها. تقام فيه صلاة الجمعة والصلوات الخمس، ويزوره أهل دمشق نساء ورجالا، وكبارا وصغارا، بشكل لافت للنظر. ويكتظ في العطل بالزوار من الأطفال وتلاميذ المدارس. ويأتيه الناس من كل حدب وصوب. ومن يزر دمشق ولا يزور الجامع الأموي، ويطلع على عظمة الدولة التي أقامته، تظل زيارته ناقصة، تحتاج إلى الاكتمال.
والجامع الأعظم قريب من سوق الحميدية الشهير، ومن آثار تاريخية عظيمة، تمتاز بها دمشق عن سواها من مدن الأرض قاطبة. من يأتيه يمر بالسوق وبالآثار، ومن يزر السوق والآثار لابد أن يعرج عليه، فهو تحفة دمشق وقلبها الحي على الدوام، وصلتها بالسماء في كل يوم، ودافعها لعمارة الأرض، كما عمرها الجدود.


خصم يصل إلى 25%