- البواكي ·· تحكي حياة تجار مصر في عصر الأتراك:
البواكي ·· تحكي حياة تجار مصر في عصر الأتراك:
الأسواق المسقوفة او المغطاة أو 'البواكي' هى احدى العلامات المميزة لمدينة القاهرة فهناك عدد لا بأس به من هذه الاسواق التى تعد من افضل انواع الاسواق قديما وحديثا·· واللافت ان هذه الاسواق يشبه بعضها الاسواق الاوروبية ربما لتشابه الطرز حيث ان سوقا مثل سوق العتبة بوسط القاهرة امر الخديوي اسماعيل في القرن الثامن عشر بتشييده فى اطار اهتمامه بتحديث مصر وجعلها قطعة من اوروبا·
وبداية فان الاسواق المسقوفة عكست حاجة كل من البائع والمشترى الى وجود ما يحميهم من اشعة الشمس الحارقة صيفا ومن المطر والاتربة شتاء وكان ذلك يتم بوسائل بدائية بسيطة حيث يعمل كل بائع لنفسه مظلة تحميه وتحمى بضاعته اما من القماش السميك او سعف النخيل اوالخشب·
ومع تجاور اكثر من بائع وامتداد هذه المظلات وتشابكها واتصالها مع بعضها البعض تحقق اول شكل من اشكال الاسواق المغطاه او مايعرف بالمسقوفة، وهناك امثلة ونماذج لهذه الاسواق فى العالم منها على سبيل المثال ثلاثة اسواق بانقره وسوق مغطى فى كل من جدة والبصرة ودبى والشارقة ودمشق·
ومن ابرز واقدم الاسواق المسقوفة في القاهرة سوق الخيامية وهو على امتداد شارع المعز لدين الله فى القاهرة الفاطمية فى المسافة من باب زويلة حتى باب النصر والفتوح وهى سوق مسقوفة بالخشب ويوجد بها فتحات متساوية مربعة الشكل تسمح بمرور الاضاءة الكافية والهواء وتنتظم على جانبى السوق المحال العريقة ذات الابواب الخشبية القديمة وهذا السوق اغلب مابه من تجارة هو صناعة الخيام القماشية السميكة· وترى العمال المهره وقد انهمكوا فى اعمالهم فى صناعة الخيام والاقمشة السميكة ذات الالوان الزاهية المستعملة فى عمل السرادقات سواء لاقامة الافراح بالاحياء الشعبية او لسرادقات العزاء فى حالات الوفيات والتى اصبحت حديثا تستخدم فى عمل الخيام الرمضانية فى الفنادق الكبرى لتعطى طابعا شرقيا اصيلا· ويقول الحاج سعيد كامل شيخ صناعة الخياميه انه يعمل فى هذا السوق منذ كان طفلا مع والده وجده وانه لايتخيل نفسه يعمل فى مهنة اخرى او مكان اخر غير هذه السوق التى ارتبط بها فصار جزءا منها·
ويقول كامل ان السقف المغطى يحميه ويحمي غيره من اصحاب المحال من حرارة الشمس وان كانت الفتحات تسمح بدخول الضوء المناسب وقدرا من الدفء المطلوب فى الشتاء، واضاف ان زبائن السوق مازالوا يأتون من كل مكان رغم ان المهنة بدت بسبيلها الى الانقراض بعد ان دخل عليها القماش المطبوع بالطرق الحديثة الملونة الكترونيا الا انه هو وغيره من قدامى المهنيين في مهنته حريصون كل الحرص على الطريقة القديمة فى العمل·
وذكر ان هذه الطريقة تعتمد على رسم الاشكال المطلوبة بالقلم الرصاص وبشكل يدوى ثم اعادة طبعها على القماش يدويا والتى تأخذ وقتا اطول الا انها اكثر عائدا من الطرق الحديثة والتى تتبخر الوانها سريعا بعكس الطريقة اليدوية، وقال انه على الرغم من انها عملية مرهقه للعين والظهر بسبب الجلوس فترات طويلة على وضع معين الا ان العمل اليدوي له جماله وقيمته موضحا ان كثير من الزوار العرب والاجانب يحرصون على زيارة هذا السوق واخذ الصور التذكارية والذى لا يقل اهمية عن سوق خان الخليلي في قدمه وعراقته مع اختلاف نوعية المنتج·
ولكن من اهم الاسواق المسقوفة هو سوق العتبة حيث امر الخديوي اسماعيل بإنشاء سوق مبنى بالاحجار على مساحة واسعة ومسقوف بالكامل عام 1869 مقلدا بذلك الاسواق الحديثة فى باريس وتركيا، وقد تم تمديد المياه النقية له عن طريق خط عمومى كذلك تم عمل شبكه صرف صحي بقنوات رفيعة مغطاه بشبكة من السلك المخرم فى ارضية السوق ليسهل غسله وتنظيفه كل يوم لتتوافر فيه الشروط الصحية اللازمة كما تمت اضاءته بالغاز·
كما يوجد بالسوق عدة ابواب تطل على الشوارع الرئيسية المحيطة لتسهيل عملية الدخول والخروج من والى السوق، ومن الاسواق المغطاه ايضا سوق اخر فى باب اللوق بوسط مدينة القاهرة تم انشاؤه فى بداية القرن العشرين حيث يؤكد شيخ السوق الحاج محمود عبدالرحمن الذى تقلد هذا المنصب باعتباره من أقدم التجار ان للسوق تاريخا مهما·
وذكر ان السوق الذى يضم نحو 140 محلا كان ملكا لعائلة يهودية هاجرت من مصر عام 1948 وقد ألت ملكيتها بالشراء لاحد كبار التجار وقتها حسين احمد عيسى والذى اولى السوق عناية خاصة وحافظ عليه سنوات طويلة بحالة جيدة لكن الحال ولم يستمر طويلا بعد وفاته حيث لحق الاهمال بالسوق بشكل كبير·
ومن الاسواق المغطاه فى القاهرة كذلك سوق السمك بمنطقة امبابة بمحافظة الجيزة وهو سوق انشئ منذ احد عشر عاما فقط ومكون من دورين الاول للبيع والثانى للشواء وبه فتحات تهوية جيدة للغاية، كما تم عمل ممرات به للمياه وشبكة صرف للمخلفات لتنظيف السوق بصفة يومية من مخلفات التنظيف والبيع ورغم انه من الاسواق الحديثة الا انه اكتسب شهرة كبيرة واصبح من الاسواق المهمة· ويقول الحاج احمد عبدالمولى شيخ السماكين 'كنا قبل انشاء السوق المغطى نعانى صيفا من حرارة الشمس التى كانت تتسبب فى تلف الاسماك سريعا وكنا ننفق ثلث ارباحنا فى الواح الثلج لحمايته من التلف اما في الشتاء فكانت الامطار تتسبب فى فض عملية البيع سريعا تجنبا للامطار والبرودة'·
واضاف ان السوق المغطى يرتاده جميع اهالي المناطق المحيطة والبعيدة عن المنطقة لتنظيمه الجيد ونظافته ويعتبر اهم سوق للاسماك في القاهرة الكبرى معربا عن اعتقاده ان الاسواق المغطاه يجب ان تعمم فى جميع المناطق باعتبارها الحل الامثل لعملية البيع والشراء·
ورأى ان هذا النوع من الاسواق تصلح بصفة خاصة لكبار السن من الرجال والسيدات لنظافتها والاسقف التى تغطيها والتى تحميهم من التقلبات الجوية فضلا عن الامان الناتج عن عدم وجود سيارات داخل السوق، وقال ان الاسواق المسقوفة يجب ان تحل محل الاسواق العشوائية الاخرى وغير المغطاه التي تنتشر فيها عربات النصف نقل وعربات اليد والتى تسبب مشاكل مرورية واصطدامات للمواطنين كما انها كانت تقام في الشوارع الكبيرة وبدون ضوابط وتعرقل المرور وتسبب الضوضاء·
تسلمين وما قصرتي