- الأسعار تلتهب في مصر في يوليو تزامناً مع زيادة المرتبات
- حسام المهدي من القاهرة
مع اقتراب رمضان وحلول الصيف واعتماد العلاوة
الأسعار تلتهب في مصر في يوليو تزامناً مع زيادة المرتبات
حسام المهدي من القاهرة
صاحب الزيادة على الرواتب في مصر ارتفاع في الأسعار من 20 إلى 35% على السلع الغذائية والاستراتيجية. وبعدما كان شهر يوليو (تموز) يأتي للموظفين بعلاوات انقلب كابوساً عليهم بعد ارتفاع جنوني في الأسعار والمعيشة خصوصاً مع اقتراب رمضان.
القاهرة: أصبح شهر يوليو (تموز) هو شهر الغلاء في مصر، بعدما كان يحمل ذكريات اقتصادية سعيدة. فمن عام لعام كان ينتظره الموظفون وأصحاب المعاشات ليأتي بزيادة على الرواتب، ولو بسيطة، إلا أنها كانت تعين الشعب على متطلباته الأساسية، وكانت لا تصحبها زيادة في الأسعار بالشكل الحالي، ولا حديث عن المساس بالدعم أو إعادة هيكلته، لكن تبدل الحال، وأصبح شهر يوليو من كل عام هو موسم الغلاء، ومضاعفة الأسعار بشكل مبالغ فيه، لا يتناسب مع قيمة الزيادة.
وفي الوقت الذي قدرت فيه الحكومة الزيادة على الرواتب ب10%، صاحب هذه الزيادة ارتفاع في الأسعار من 20 إلى 35% على السلع الغذائية والاستراتيجية، وأصبح الناس لا يتمنون زيادة الرواتب، ما دام يصاحبها ارتفاع الأسعار التعجيزي – على حد وصف حسام عبد الله موظف - فبحساب بسيط فإن الموظف الذي كان يتقاضى 1000 جنيه كراتب شهري أصبح يتقاضى 1100 بعد الزيادة، وهذه الزيادة تضيع في فرق السعر بين سلعة واحدة فقط قبل، وبعد ارتفاع الأسعار، ويتحمل باقي المرتب باقي فروق الأسعار.
يقول أحمد خفاجي "فلنستعرض بعض السلع التي طالتها يد الغلاء، فمثلاً المنتجات الغذائية غالبها ارتفع بنسب تتراوح بين 20 و30 %، ومنها ما تعدت ال50 %. وضرب مثلاً بالفاكهة، فكيلوغرام العنب كان يبتاع ب4 جنيهات على أكبر تقدير، والآن أصبح سعره 6 جنيهات، والتفاح المصري زاد من 3 جنيهات إلى 5 جنيهات، وهكذا بالنسبة إلى باقي السلع، كما إن قرار إلغاء الدعم على الطاقة الذي طبقته الحكومة ينذر بارتفاع أي سلعة في أي وقت. كل هذا في كفة وزيادة الأرز التي تضاعف سعره 100 % في كفة أخرى، فهو يعد من الأطباق الأساسية على مائدة كل بيت مصري. وتسائل أحمد خفاجي "أين الإصلاح الاقتصادي الذي يتحدث عنه المسؤولون، وأين الهيكلة العادلة للدعم؟".
في هذا السياق، يوضح الخبير الاقتصادي ماجد عطية أنه "من خلال معايشتي لقضية الدعم يمكن أن أؤكد أن هذه المنظومة مسار انحراف من أولها لآخرها، بمعنى أن حلقات التداول بداية من التعاقد على توريد السلع التموينية وحتى وصولها إلى المواطن تشهد انحرافاً، بداية من الاستيراد وحتى وصولها إلى المواطنين. وقد فشلت كل المواجهات الرقابية في القضاء على الفساد الذي يشوب هذه المنظومة.
ومن ثم فإنه لا مفر من أن يعاد النظر في طريقة توزيع الدعم، حتى يمكن وصوله إلى مستحقيه الفعليين، خاصة وأن المنحرفين هم الأكثر استفادة من استمرار سوء هذه المنظومة، وأضاف أن حل هذه القضية يكمن في تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي بالكامل، وذلك لضمان حصول المواطنين على حقوقهم المادية، التي يستولي عليها مافيا المتاجرة بأقوات الشعب، فضلاً عن أن هذا النظام- النقدي- سيوفر على ميزانية الدولة أكثر من 50 % من المخصصات المالية للدعم".
ويرى "عطية" أن يقتصر الدعم على من تقل مرتباتهم عن 1000 جنيه شهرياً، وأن تمتد مظلة المساعدات التي تقدمها الدولة للمواطنين إلى أصحاب المعاشات والشباب الذين لا تتوافر لديهم فرصة عمل مناسبة، خاصة وأن دعم البنزين وغاز البوتاغاز فقط يقدر بنحو 50 مليار جنيه، ومن الصعب أن يتساوى الملياردير مع المواطن البسيط في هذا الشأن.
أما الدكتور أحمد خورشيد مستشار وزير التضامن الاجتماعي فيطالب بضرورة توعية المواطنين بحجم الفساد الذي تشهده منظومة الدعم العيني، الذي يلتهم أكثر من 50% من حجم الأموال التي تتحملها ميزانية الدولة لمساعدة غير القادرين في مواجهة الغلاء، مؤكداً أن الحكومات المتعاقبة فشلت في وقف تهريب الدقيق المدعم لتجار السوق السوداء، وذلك بسبب التفاوت الرهيب في الأسعار، حيث تحرص هيئة السلع التموينية على توريد "الشيكارة" للمخابز البلدية بسعر ثمانية جنيهات، في حين أنها تباع في السوق السوداء بعشرة أضعافها، وهذا الفارق الضخم يشجع الكثير من أصحاب المخابز على تسريب الدقيق المدعم لمحال البقالة ومصانع الحلويات.
ويشير إلى أن "بعض أصحاب المخابز دأبوا على التلاعب في مواصفات رغيف الخبر المدعم، حتى عزف عنه المواطنون، وقد نجحت مخططاتهم في توفير جانب كبير من الحصص المخصصة لهم، أخذت طريقها للسوق السوداء. وعلى الرغم من الظروف المادية القاسية التي يمر بها أصحاب الدخول المنخفضة، إلا أنهم لم يجدوا بداً من شراء العيش المحسن والطباقي بأسعار تصل إلى عشرة أضعاف الخبز المدعم.
مشدداً على أن "الفساد في منظومة الخبز المدعم لا تتوقف عند هذا الحد، بل أن الكثير من المواطنين في الريف والأقاليم استغلوا رداء التصنيع ورخص السعر، وراحوا يحصلون على كميات كبيرة منه لاستخدامها في تغذية الدواجن والمواشي، غير عابئين بالمبالغ الضخمة التي تتحملها ميزانية الدولة في سبيل توفير الخبز بسعر خمسة قروش".
المصدر http://www.elaph.com/Web/Economics/2010/7/579418.html