نيويورك المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
Mr.sa
07-08-2022 - 08:55 am
من أدب ( زمن الذل والهزيمة والهوان ) تأليف العبد الفقير ( عبدالرحمن الشويعر)
حميدة..
ها ..
حميدة ..
نعم .. نعم ..سامعاك يابوي ..
دقي الجوال على رباح .. أبي أكلمه ..
أخرجت الصبية ذات الثلاثة عشر ربيعاً جوالها من الدولاب واتصلت على أخيها في نيويورك .. أعطت
الجوال لأبيها ..
هلا .. هلا .. رباح ،شف يابوي حولت لك خمسة الأف ريال ، إقتصد ياولدي ، الله العالم كيف دبرتها ،
ماهي كثيرة ياولدي .. معليش المرة الجاية أبي أرسل لك اكثر منهن .. كيف الجو عندكم ؟
جاءت أم رباح تركض وبقايا الطبخ على كفيها : عطنيه ..عطنيه ..أبي أكلمه ..
وضع الجوال على أذن زوجته : بسرعه لاتطولي ..قصمت ظهورنا الفاتورة ..
هلا رباح .. عندكم ثلوج .. أحرص ياولدي من البرد .. رباح.. عمك بندر يسأل متى جيتك .. إنتظرناك
هالصيفية وماجيت .. ماتجينا بهالشتاء أدفى لك عندنا ياولدي ..
نظر لها زوجها بغضب : أقول أخلصي هاذي مكالمة لأمريكا ..قصت ظهري الفواتير ..
الفتاة : عطينيه ..أبي أكلمه ..
الأب : أقول اهجدي توك مكلمته قبل أسبوع ..
الله يخليك يابوي ..
رفع الجهاز من أذن زوجته وأعطاه للبنت : نصف دقيقه يالله ..
إنتهت المكالمة بينهم وبين إبنهم رباح ...
جاءت إليه وهو يغلق شنطة ملابسه : أبو رباح ..
نعم ..
ماقالك رباح ليه ماجا بهالصيفية ؟ ..
نفس الكلام اللي قاله لنا .. أخذ ساعات الصيف للكورس ، علشان يغلق بسرعه ..
الأم : حنا وش كان لنا ولهالسفرة .. ماكان عندنا هنا دراسة ( للكمبوتر) ..
وحنا خلينا شي معه .. قال سنه وهالحين دخلنا بالثانية ..
الأم : وكنا مواعدين الناس على هالصيفية ، والله تفشلت من امها ..
أبو رباح : أبوها بندر قام يلمح .. عز الله إننا مصخناها ... ماجبتي لرباح طرف هرجة عن الموضوع ..
إلا.. قلت له ..
وش قال ؟ ..
قال بعدين بعدين ..
أغلق الحقيبة قائلاً : أم رباح ..لأحد يدري إني رايح أمريكا ..
يابورباح استخيرالله .. ماسمعته يقول ثلوج وبرد وحاله ..
أم رباح عيني خير ، لازم من روحتي .. أنا قلبي ماهو مرتاح .. الولد هروجه ماهي عاجبتني ..
اذكر الله ، وش بلاك قمت تفول على الولد ..
أقول أتركِ عنكِ الكلام ولاحد يدري إني رايح لامريكا ..
أنا شايفه إنك لازم تقوله ..ياشيخ خاف الله ، تروح ديرة ماتعرفها وولدك هناك وماتخليه ينتظرك بالمطار ..
أم رباح عيني خير .. إن دري ولا دري أحد إني مسافر له ، بكيفك .. ماهو أروح منا وتتصلين فيه منا ..
وضعت غطاء رأسها على وجهها وأخذت في البكاء ..
لاحول ولاقوة إلا بالله .. يامره إذكري الله كلها يومين وارجع اطمنك عنه ..
متى الممشى ؟ ..
أبحرك الليله من الديرة وانام ليلة في جدة والصبح موعد الطائرة .. ولازم أمر على المكتب أخذ جوازي اللي
سوى التأشيرة ..
إستقل الطائرة من جدة إلى نيويورك ومعه حقيبة وتنكة كليجا وكيس مليء بالحبق والنعناع والصرار وتنكة
تمر ..
هبطت الطائرة بصعوبة في مطار نيويورك من جراء الثلوج الكثيفة ... وتوجه الركاب لصالة خاصة . قام
بربط شماغه من فوق رأسه مرتدياً ثوب صوف سميك من فوقه سترة ثقيله ..
عندما جاء دوره في التفتيش ، أشار له أن ينزع الشماغ من فوق رأسه ..
أكثر المسافرين غادروا المطار ،أما أبو رباح فقد استلزم الأمر منه البقاء حوالي خمسة ساعات ، بعد
تفتيش دقيق وتصوير وتبصيم ..
إستقل سيارة أجرة من أمام المطار وأعطى للسائق العنوان .. وانطلقا عبر كميات ضخمة من الثلوج ..
توقف في أحد الأحياء ، أخذ أمتعته بعدما نزل من السيارة ، وأخرج من جيبه بعض الدولارات ، أخذها
السائق بعدما أشار له إلى أحد العمائر ..
كان الثلج يتساقط بغزارة ، وقد شارف الفجر على البزوغ مختفياً ضوءه وراء سحب بيضاء كثيفة ..
طرق باب الشقة، وانتظر أن يفتح رباح له الباب .. وقد ملأ الشوق نفسه لرؤيته، متخيلاً حجم المفاجأة
والفرحة اللتين خبأهما عن ابنه الوحيد ذو الستة والعشرين عاماً ..
كانت تلك أول المفاجأت له عندما فتح باب الشقة شاب في منتصف العشرينات من عمره ، كان يرتدي
شورت قصير وقد بدا النصف الأعلى من جسده عارياً ، يتدلى من رقبته سلسلة عليها صورة فتاة .. جاءت
ووقفت وراءه تحتضنه من الخلف .. عرف أبو رباح أنها صاحبة الصورة التي تتدلى من عنق الشاب ..
مرحبا ياعمى ..
مرحبا .. أنا غلطت في الشقة ولا هاذي برضه شقة رباح ..
رباح الحماد ؟ ..
رباح الحماد ..
إنت أبوه ؟
أنا أبوه ..
اتفضل ..اتفضل ياعمي ..
عصف القلق به وقد توجس أمراً ..
أشار الشاب للفتاة ، التي ركضت وأغلقت باب إحدى الغرف عليها ..
الله يرضى عليك ياولدي .. هاذي شقة رباح ..
إلا شقته . بس ماتخلينا نضيفك أول ..
كثر خيرك .. ريحني ياولدي فين رباح ..
موجود .. رباح موجود وبخير ، بس أنت كذه ريحك نفسك واطمن ..
ياولدي الله يرضى عليك ويهديك تراك اشغلتني ..
هوا ماقال لكم ؟ ..
أحس الأب بعاصفة من الخوف والقلق تجتاحاه .. أيش قال ؟ ..
ماقال لكم إنه تزوج ؟ ..
صمت الأب محاولاً تخطي المفاجأة ، وقد شعر ان لسانه قد تجمد ..
ماهو معقول ياعمي .. يعني ماقال لكم ؟ إخس عليك يارباح .. هيا أمريكا كده تنسي الواحد أبوه وأمه ؟
هو هنا بالشقة ؟ ..
أي شقة ياعمي ..ولدك ساكن مع حرمته له تقريباً سبعه شهور .. لاتخاف عليه حرمته ( مقرقشة ) ..
تعرف عنوانه ؟ ..
يابالله عليَ..أنا كنت عنده أمس .. بس بالهداوة ياعمي .. دقايق ألبس وأجيك ..
لايدري كم من الوقت مر وهو ينتظر الشاب ، كل الذي يعرفه أنه رأه يقف أمامه وقد ارتدى ملابسه
وتلك الفتاة تتحدث معه بانفعال .. أحس أنهما يتشاجران ، أنهاه الشاب بالصياح عليها .. ركضت
وأغلقت على نفسها الغرفة ..
مشى برفقة الشاب وسط ثلوج تتساقط بغزارة .. عندما أصبحا عند تقاطع مجموعة من الشوارع ، أشار
الشاب لسيارة أجرة ... نظر السائق للشاب من خلال المرأة الخلفية ، متحدثاً معه بالإنجليزية .
وش يقول ؟ ..
بيقول أن المكان اللي إحنا رايحين له مليان( تلج ) ويبغا أربعين دولار ؟ يعني كذة حوالي ميه وخمسين
ريال ..
مايهم.. بس نوصل ..
نظر للشاب : برضه انت جيت لامريكا تدرس ( كمبوتر ) ؟ ..
لا .. أنا أدرس ( بزنس ) ..
أخذ يردد ..بزنس ..بزنس ..بزنس ..
الشاب : عمي ..
نعم ..
ابغى أكلمك في موضوع بس مستحي منك ..
ليش تستحي؟!.. إتفضل ..
لا ولا حاجه هيا شغلة بسيطة .. أقولك ..يقولوا اللي يستحي من بنت عمه مايجيله ولد ..بالصراحه ،
أهلي بعتولي حوالة بمبلغ وتأخرت الحوالة ..يعني معليش ياعمي ، لو ما إنك زي أبويا ماكان قلتلك ..
محتاج مبلغ سلفه ولما تجي الحوالة أدي الفلوس لرباح ..
شف عاد أنا أبي أطلعلك كل الفلوس اللي معي ، وشف وش تاخذ .. وأخرج من جيبه ربطة من
الدولارات ..
زاغت عينا الشاب : كم دول ؟ ..
خذ هاذي مائتين دولار ..
بس ؟! ..
أقولك أبغاها سلفة ..
أرجوك لاتحرجني ..
خلاص ..خلاص ، هاتهم ..
أشار الشاب للسائق بالوقوف عند أحد الأحياء ، وقد كسا الثلج كل شيء ..
شف ياعمي ..أنا رايح ، بس أمانه لاتقول لرباح إني جيت معاك .. هيا مع السلامة ..
بقي واقفاً تحت الثلوج المنهمرة بغزارة ، بعدما أشار له الشاب على منزل صغير ..
شعر ببرد شديد يجتاحه وهو يمشى بين الثلوج بخطى سريعة ..
عندما اقترب من المنزل ..شاهده واقفاً أمام نافذة المطبخ .. لايدري ماذا كان يفعل حينها .. لكنه يعرف أن
هناك إحساساً داخل صدره يتصارع بعنف مع خيبة امل وخوف وشعور بإحباط ..
مشى بهدوء مقترباً من البيت .. كان الثلج الكثيف أمام النافذة يحجبه عنه ..
سمعه جيداً ينادى بصوت عال ( ميوي ) ثم يكمل غسل الأطباق ..
رجع للخلف وأشار بيديه له ..
لوقالوا لرباح في تلك الساعة أن هناك مرتفع جوي قادم نحو ( نيويورك ) مصطحباً معه حرارة تبلغ
أربعين درجة مئوية لصدق .. ولو قالوا له أن البيت الأبيض قُصف بطائرة لصدق ذلك أيضاً ، أما أن يرى
أباه يقف أمامه تحت ثلوج تهطل بغزارة ، فذلك شيء لايصدق .. وبالرغم من ذلك كله هاهو أباه بشماغه
الأحمر يقف أمامه ..
ركض للباب تاركاً كل شيء ، وخرج لحديقة المنزل ، وتعانقا الإثنان ..
أحس رباح ببرودة السلام والمعانقة من أبيه ..
أما مفاجأة يابوي .. الله يسامحك ماقلت لي إنك جاي ..
لم يرد عليه بشيء .. ودخلا للمنزل ..
رأى الصالة الصغيرة مليئة بالبالونات والأوراق الملونة والشموع ..
هالله هالله هالله ..أيش هذا كله .. هذا دكان ولا بيت ..
أجلس أبيه على الكنبة الكبيرة ، وجلس جواره على كنبة صغيرة ..
تقول مفاجأة يارباح؟! ..هه .. تصدق ياولدي .. مفاجأتي أكبر من مفاجأتك ..
إلا كيف عرفت يابوي البيت؟! .. ماشاء الله عليك ..
أقول اتركنا من كيف عرفت البيت؟ وخلينا في المفاجأة ..
أيش تقصد يابوي ؟ ..
شف يارباح .. صدقني ماحد يعرفك مثل مايعرفك ابوك .. هات السالفة وخلنا من ( المطمطة ) ..
تقصد زواجي ؟؟ .. يعني عرفت ؟ ..
عرفت ماعرفت هات العلم ، عجل .. عجل يارباح ..لحسن ياولدي هالصالة تدور بي ..
صمت الإبن ، وأحس أن الحياة كلها قد توقفت ، فلايرى شيئاً سوى وجه أبيه النحيف وقد كسا
الشيب إبن الخامسة والستين ، فما ترك ادنى مساحة ضئيلة في رأسه ولحيته وشاربه .. رأي صور
كثيرة من الماضي تتداعى بقوة في مخيلته ، وكأنهن شريط يُعرض أمامه ..كان يرى كل شيء قد توقف
ماعدا وجهه أبيه النحيل وتساقط الثلوج في الخارج ..
بقي كل منهم غارقاً في صمت موحش .. قام برمي الشماغ من فوق رأسه ومد ساقاه فوق الكنبة ، وأخذ
يراقب تساقط الثلوج قائلاً : الله يهالثلوج .. بحياتي ماشفت مثلها ..
يعرف رباح والده جيداً في مثل هذه المواقف .. فهو يجد متعة في الهروب من كل تلك المواقف التي
تجعله يفقد حلمه وصبره.. ولكن ليس أكثر وأغرب من هذا الموقف ..أما الصحيح كله الذي يراه امامه
وهو الذي دون أدنى شك أنه حقيقة ، وليس حلماً جميلاً أن يرى أباه أمامه بعد غياب سنة كاملة ، كما انه
ليس كابوساً مريعاً عندما يفترقا سنة كاملة ، ثم يكون اللقاء مؤلماً موجعاً ، كما هو الحال في هذه الدقائق
القاتلة ، التي توقف فيها كل شيء .. نعم كل شيء ... ماعدا ثلوج تتساقط ..
خليق بنا أن نكون حذرين ونحن نرى ( ميري ) أو ( ميوي ) كما يحلو لرباح بن شنان الحامد أن ينادي به
زوجته .. أقول علينا ان نعرف جيداً أن ( ميوي) قد هالها رؤية رجل غريب ممدداً على كنبتها العزيزة
وقد وضع قدماه الخشنتين المتشققتين عليها ..
تقدمت إليهما عبر الصالة الصغيرةالمزدحمة بكل مايلزمه ( عيد الديك الرومي ) ومن خلال ضوء باهت
أخذت كرسي وجلست تاركة بطنها الكبيرة تتدلى أمامها ..
رباح .. من هذا ؟ ..
أبي ..
إذن هذا أباك ..
هز رأسه ..
متمعناً في بطن زوجة أبنه وقد كظم غيظه بأقصى مايملك.. حامل؟ ..سرع مالقحت ! ..
جلس ناظراً إليه بحدة : رباح ؟ ..
نعم يابوي ؟ ..
تدري وش الشي اللي أنا أتمناه هالحين ؟ ..
صامتاً ..
قل وش اتمنى ؟..
وشو ؟ ..
أتمنى يارباح ( أللخك بكف ) أخلي كل اللي بامريكا يسمعونه ..
تحسس رباح صفحة خده ، وطأ طأ برأسه ..
المشكلة يارباح إنك تعرف عمرى ماضربتك ..أجي عقب ماصرت رجال بالست والعشرين أضربك ..
تأمل أبيه بشفقه .. فلاأحد يعرف أبو رباح جيداً كما يعرفه رباح .. يعرف أباه جيداً ويعرف كل حب
وحنان أغدقه عليه منذ وفاة أخواه سالم وفلاح في ذلك الحادث البشع .. يذكر جيداً ذاك الصباح الباكر
عندما كان يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً ، ويبلغ كل من سالم وفلاح الثلاثين عاماً .. يذكر جيداً أخواه
وهما أسفل الشاحنة الضخمة المحملة بأكياس بالشعير ، يقوما بإصلاح عطل في الجزء الأخير ، وقد
رفعا الشاحنة برافعتان كبيرتان .. لاينسى أبوه وهو ينادى عليهما من نافذة منزلهم الكبير أن يخرجا من
تحت الشاحنة ، ويقوما أولاًً بإنزال أكياس الشعير .. أخر كلمة سمعها من سالم وهو يقول له : رباح قل
لابوك قضينا خلاص ..باقي شوي ..وبعدها بقليل هوت الشاحنة عليهما ..
يعرف رباح جيداً مرض والده عقب ذلك بمرض السكر ، وبقي هو وحده له الحب والحنان بعدما جائت
( حميده ) بعد وفاة سالم وفلاح في ذلك الحادث الشنيع بسنوات ..
أفاق من شروده على صوت أبيه يسأله : إذن هذه حرمتك واللي في بطنها ولدك .. ولا لأ ؟ ..
إكتفى بهز رأسه ..
أما هي فقد أخذت تقلب بصرها بينه وبين أبيه ..
لأحظت أن أبيه يتأملها بحدة من وراء عينان ذابلتان ..
ردت على هذه النظرات الحادة بابتسامة قائلة : هالو دادي ..
نظر لأبنه : وش تقول ؟ ..
تقول : حياك الله ..
رباح
نعم
لف هدومك وياالله مشينا ..
على وين !؟ ..
على ديرة أبوك وامك وأختك .. مشينا يارباح ..
عرفت أن هناك حديث هام يدور بينهما .. ماذا يقول أبيك ؟ ..
يريدني أن أعود معه ؟
وانت ماذا قلت ؟ ..
ميوي أطلعي فوق وخليني أتفاهم انا وابوي ..
أطلع !؟ ..لابد ان أعرف ماذا يحدث هنا ؟
ميوي .. لو سمحتي بس دقائق بعدين تعالي ؟
قامت بعصبية .. بعدما أشعلت سيجارة وأتت بقنينة ( خمر ) جاءت وجلست بينهما ..
كظم رباح غيظه ناظراً إليها ..
لاحظ أبوه ( تكهرب الجو بينهما ) .. لالا لالا.. على هونك ياولدي ، المره حامل ..خلها ( تزقر ) وتنسطل
مضبوط .. يعني ماراحت وجت إلا على هاذي؟! ..
رأت تمعن أبيه بزجاجة الخمر ..ظنت انه يريد كأساً : دادي ..فيه ..فيه ..
زعق بعصبية : ميري ..
نهضت بغضب وأرجعت زجاجة الخمر .. جاءت وجلست بينهما ..
نظر لابنه : رباح .. لاتطولها ياولدي وهي قصيره ..قم هات شنطتك ومشينا ..
أبوي .. ماقدر ..ماقدر .. طيب وولدي اللي في بطنها ..
أقول قوم وبعدين نشوف له حل ..
كانت تنقل بصرها بينهما بحيرة ..ثم قامت وصرخت ..أنا أعرف ، أبوك يريدك ان تعود معه ، رباح ،
يجب أن يعرف أباك كل شيء .. يجب أن يعرف ان هذا البيت بيتي ، وأني انا من يصرف عليك ،
وأنك لن تستطيع العودة لبلدك إلا بأذني ..هيا قل له ذلك ..
وش تقول هاذي ياقليل المروة ..أنا قايل من أول وش لنا ولامريكا تضحك علي وتقول : لايابوي
معاهدنا ماتعطي شهادة دولية ..شهادات ( الكمبوتر ) في أمريكا غير ..وضحكت علي .. ضحكت علينا
كلنا يارباح .. نفسي أعرف كيف وصلك عقلك لهالمواصيل .. أه أه أه يارباح ..ياخساره .. ياخساره
ياولدي
أبوي ..أبوي ماقدر أرجع معك .. أرجع انت وتوكل على الله ، وبعدين أنا أرتب كل شي ..
رن جرس جوال رباح : هلا يامه ..كيف حالك .. إيه وصل أبوي هذا هو عندي .. تبينه ..
أعطى الجوال لأبيه : مرحبا ..إيه وصلت ، يالله بعدين ... بعدين بعدين .. رمى بالجوال على الطاولة
مشينا يارباح ..
ماقدر يابوي ..
أخذ شماغه وحقيبته .. وتوجه للخارج وهو يبكي .. رح يارباح منك لله .. بريء منك ليوم الدين ..
أخذ يرقب أبيه وهو يسير فوق الثلج متجاوزاً الحديقة الداخلية ، كان بادياً عليه الحزن ، لكنها
أدارت برأسه ناحيتها وطبعت على فمه قبلة عميقة ..
لكن كان هناك مفاجأة ( لم يكن أبو رباح ولارباح ولا ميوي ) يحسبون لها أي حساب ..
فقد إنطلقت كلبة سوداء ضخمة كانت داخل حظيرة ، صوب أبو رباح ، وقد أثارها الشماغ الأحمر ،
وأخذت تنهش فيه وسالت الدماء غزيرة على الثلج الأبيض ..
ركض رباح نحو أبيه ومن خلفه ( ميوي ) ببطنها الكبير المتدلي .. وحاولا تخليصه من أنياب الكلبة
السوداء ولكن الكلبة أصرت على عدم إفلاته ، وأخذت تعضه من فروة رأسه ..
رباح : ريكسي .. ريكسي ..
عندما رأى تشبث الكلبة بأبيه ركض وجاء بقطعة حديد وأراد أن يضرب به الكلبة مع رأسها .. لكن
ميري ولولت ووقفت أمامه قائلة : دعني أعالج الموقف ..إقتربت من الكلبة وهى لازالت تنقل أنيابها
الحادة بين رأس ورسغ أبو رباح ..
ريكسي .. ريكسي ..وأخذت تلاطفها ، وأخيرأً تركت الرجل بعدما فقد وعيه وأخذت جروحه تنزف ..
حضرت سيارة الإسعاف ونقلته لأقرب مستشفى ... إحتاج علاجة عدة غرز في أنحاء متفرقه
من جسده كان أكثرها في فروة رأسه ..
غادرا المستشفى متكئاً على ابنه .. أريد المطار ..
ماسمعت يابوي الدكتور ..لازم ترتاح أسبوع وبعدين تسافر ..
أقولك وديني المطار ، خليني لامت أموت هناك ..
أبوي إنت قلت أنهم في المطار أخبروك لابد من مراجعة مكتب الأمن ..
لا انا رايح ولاانا جاي ..أقولك وديني المطار ، ولاخلني أروح ..
يابوي ماتقدر ، مايخلونك تسافر ..خلنا نراجع مكتب الأمن .. توجها بسيارة ( ميوي ) إلى مركز
الأمن وهناك كانت ( ثالثة الأثافي ) ..
تمعن المحقق فيه : إذن انت شنان بن فلاح الحامد.. الشهرة ( أبو فلاح )
لم يرد
لقد كنت في باكستان منذ خمسة عشر عاماً ودخلت عن طريق مطار إسلام أباد..صحيح ؟
بقي صامتاً من وراء ضمادات رأسه ورسغه ..
قام المحقق الأمريكي وجاء محقق عربي : سلامات ..سلامات .. شفيك ..
بقي صامتاً ..
باهي ..باهي .. ماتخافش ..ماتخافش أبو فلاح .. كلها ساعه وبتروح ..
أستمر التحقيق لساعات طوال وعرف الأمريكيين انه ذهب لباكستان قبل خمسة عشر
عاماً بحسب ماجائهم من مكتب الإستخبارات الباكستاني ... وكان ذهابه ليحضر عاملين من باكستان
بعد أن حصل على تأشيرتيهما .. لكنه زار بعض الأصدقاء في بيشاور وأعطاهم مبلغاً يعينهم على
الجهاد ..
دخل عليه المحقق العربي : باهي ..باهي أبو فلاح .. ماتخافش .. ماتخافش .. كانوا مصرين على
تصنيفك في كوبا جونتانامو ... لكن أقنعتهم إنك ماتستاهل ..بنبعتك لرومانيا ومن هناك بيشوفوا تبقى
هناك ولا يودوك لبولندا ... هيا معتقلات بس أرحم من جونتانامو ...
كان المحقق العربي يزف هذه البشريات المتتابعة لابو رباح أو كما هو معروف لدي مكتب الامن
الأمريكي ( أبو فلاح ) ولكن المضحك والمبكي والذي يدعو للرثاء والسخرية ..أن تلك البشريات عندما
كان ينثرها عليه المحقق العربي ( الممسوخ ) كان أبو رباح يغط في نوم ... عميق ...
منقول .


الدراسة في امريكا
التعليقات (9)
smilewolf
smilewolf
خههه هه
وين ياحبيبي والله لوانه فلم هندي لكنها بصراحة قصة جميلة ولكنها طويله بس اني قريتها للآخر والقهر صار نايم

alhamoor555
alhamoor555
طويلة ولا قريتها ...عذراً

الجمعان
الجمعان
عطيك العافية أخوي
وصراحة هي من أجمل ما قرأت من ناحية التأثير والأسلوب والعبارات
ولا تستغربون ...... نسمع قصص واقعية قريبة من هذه
والله يستر على أبنائنا عند ذهابهم إلى تلك البلاد المدعية الدمقراطية

al3aneed_2000
al3aneed_2000
قصه ممتعه ونتمنى المزيد من القصص الجمليه ...........

ما في احد مرتاح
ما في احد مرتاح
قصه ممتعه ورائعه ابداع بصراحه
يعطيك العافية

fw_kw
fw_kw
يعطيك العافيه على القصة
اكثر الناس يستغربون من القصة ويحسبون انها خياليه لكن للاسف موجوده للاسف وتحصل

ظاعنة
ظاعنة
يا إلهي قصة محزنة ووصفية رائعة .....
بصراحة أحبطتني كثيرا ......................................

سفر وسياحة
سفر وسياحة
قصة جميله .. (بس طويله وماكملتها)

جوليــانــو
جوليــانــو
.. يعطيك العافية أخوي مستر سا ..
.. عاد أنا اليوم قريتها من المصدر اللي نقلته منه .. و الله قصه عجيبه .. احلى شي نهايتها المضحك .. ههه .
.. يعطيك العافية ..
.. و على طاري القصص لا تفوتك قصة الطالب السعودي في نيوزلاند .. مرة مؤثرة ومفيدة لكم ..
https://artravelers.com


خصم يصل إلى 25%