رائع جدا
11-12-2022 - 07:22 am
تنويه هام
.. جميع أحداث هذه القصة حقيقة وليست منسوجة من الخيال ..
.. فكل ما ستقرأ وتشاهد ..
.. عبارة عن أحداث ومشاهدات ..
.. سجلتها ذاكرة الكاتب الدماغية وذاكرة كاميراته الإلكترونية ..
.. إلا أن بعض الشخصيات الواردة في سياق التقرير ..
.. ألبست بأسماء مستعارة ..
.. وطمست صورهم بألوان قاتمة ..
.. حفاظاً على خصوصيتهم ..
.. وجميع الصور التي تحمل توقيع الكاتب ..
.. التقطت من عدسة كاميراته Nikon D5000 ..
.. أما خلاف ذلك فهي من فضاء الشبكة العنكبوتية ..
.. ولذلك جرى التنويه ..
رحلتي الى سويسرا
لم تكن وقتها تلك الدقائق العشر التي تفصل بين انقضاء يوم الثلاثاء 25/5/2010م وميلاد اليوم الذي يليه
سوى أمراً اعتيادياً لأغلب سكان مدينة جدة
ففي ليله سجلت درجات الحرارة دخولاً مبكراً لفصل الصيف
أخذت أمواج البحر الأحمر ترسل لهواء عروستها مع كل حركه مد وجزر أبخره من الماء
فتجعل الرطوبة تعم أرجاء المدينة
على النقيض تماماً كانت الأجواء ربيعه داخل أحدى مركبات السير التي تعج طرقات عروس البحر الأحمر
عندما أدار قائدها جهاز التكيف لأعلى درجه
ولا شيء جعله يدرك حقيقة الأجواء في الخارج
سوى لوحه إلكترونيه تعلو أحدى مكائن السحب الآلي للنقود المنتشرة في شارع التحلية
وهي تومض باللون الأحمر الرقم 35 كمدلول لدرجة الحرارة
التي سرعان ما أومضت مكانها الأرقام 23:50 كمدلول للتوقيت
حيث كانت تلك العشر دقائق التي تؤذن بانقضاء ذلك اليوم
لا تعني له شيئاً سوى الفكاك من ذلك الشارع المزدحم
كذلك بدت تلك الدقائق العشر أمراً روتينياً لأحدهم
وهو يترجل مسرعاً من سيارته صوب أحد المستشفيات
حتى لا يسجله الطبيب المناوب متأخراً عن الدوام
وأمام شاشة التلفاز كانت تلك الدقائق فاصلاً لإحداهن
وهي تنتظر بشغف موعد بث مسلسلها المفضل
فيما قرر زوجها أن لا يشعر بتلك الدقائق الفاصلة بعد أن غط في سبات عميق
بالنسبة لي كانت الأمور مغايرة تماماً
وأنا أخذ طريق جلوسي في أحدى حافلات مطار الملك عبد العزيز
التي تنقل المسافرين من بوابات المغادرة إلى طائراتهم
حيث كانت تلك الدقائق العشر التي تفصلني لصعود الدرج المؤدي إلى بوابه الطائرة
فاصلاً جديداً في حياتي
للحظات هممت بتقطيع وثائق السفر التي بين يدي
وأنا أرى أنوار صالة المغادرة تبتعد عني من جهة وذيل الطائرة التي ستقلني يطل علي من جهة أخرى
تمنيت أن تعتريني فوبيا التحليق في المرتفعات فأصيح طالباً بالعودة إلى بر الأمان
أو أن يعلن الملاحون إضراباً عن الطيران فأعود منتشياً إلى حيث كنت قبل لحظات
" مرحباً بك على متن الخطوط الجوية الفرنسية "
قالها مضيف الطائرة
ومع كل ما تحتويها العبارة من الحفاوة والترحيب
إلا أنها كانت الرصاصة التي بعثرت كل طيور الأماني والرغبات
مضيت أتتبع رقم المقعد المطبوع على بطاقة الصعود للطائرة
وأمام المقعد 6F
أخذت أزيح ما على عاتقي من أثقال في الخزانة العلوية
حقيبة اللابتوب من العاتق الأيمن وكاميرا التصوير وملحقاتها من العاتق الأيسر
ألقيت بجسدي على المقعد
ومازال الثقل الأكبر تحمله كل أحاسيسي وأفكاري
حاولت الهروب من الواقع ببصري الممتد من النافذة
الجميع في الأسفل ساروا بعيداً عن الطائرة
الملاحون في الداخل بدوا كخليه نحل
الطائرة بدأت تسير فاردة جناحيها بخطوات هادئة
وعلى خفاء تناولت هاتفي المحمول
وأجريت آخر اتصال قبل أن أغلقه
أعادني إلى الواقع الذي حاولت الهروب منه عبثاً
توقفت الطائرة للحظات
ضجت بعدها أصوات المحركات
ثم أخذت تتسارع صوب المدرج
أغمضت عيني وأطرقت رأسي
وعلى المقعد عصرت عليه بكلتى يدي
أنه فصل جديد .... أنها حياة جديدة .... أنها تجربة مخيفة !
أنها الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل بعشرون دقيقة
موعد إقلاع رحلتي إلى العاصمة الفرنسية