- جدة: ناهد أنديجاني
أجواء الأندلس المفقود تعود إلى جدة عبر (كوفيه مكتبة)!
يهدف لترويج ثقافة القراءة بين رواد المقاهي
جدة: ناهد أنديجاني
هل حلمت يوما بأن تعيش ولو للحظات في العصر الذهبي للدولة الأندلسية؟ أو أن تسير في شوارع قرطبة وأزقتها، مارا بجوار حوانيتها ومكتباتها لتبتاع كتابا، أو لتشرب شايا أندلسيا بنكهة النعناع الطازج «مغربيا»، في أجواء تفوح بعبق بخور المسك، بينما عيناك تتأملان حضارة أذهلت العالم، ولا تزال الى اليوم. حتى إن لم تحلم بهذا العصر، على الرغم من قراءتك لكتب التاريخ والسير، أو مشاهدتك للمسلسلات التاريخية الشهيرة، التي تحدثت عن بلاد الأندلس والحقبة الزمانية، فإنه يمكنك وأنت في جدة أن تعيش ولو لساعات في هذه الأجواء الساحرة، في مقهى حديث في شارع الأمير سلطان، ينطلق من فكرة جديدة تجمع بين الكوفيه شوب والمكتبة في آن واحد، أطلق عليه اسم (الأندلسية).
فما أن تطأ قدما الزائر للمقهى، تلفت نظره مكتبة تحتل حيزا واسعا من المكان، اختير لها اسم ذو دلالة واضحة (مكتبة الحكمة)، وهي تضم عددا من الكتب اختارها بعناية مالك المقهى، حسب قوله.
فبين مقدمة ابن خلدون، والبداية والنهاية، وكتب ابن حزم الأندلسي، توجد كتب عصرية لدعاة وكتاب عرب، منها كتاب «لا تحزن» للداعية عائض القرني، ومؤلفات عمرو خالد، والدكتور طارق السويدان، الى جانب بعض الروايات العربية والأجنبية، وكتب سيكولوجية واجتماعية باللغتين العربية والإنجليزية، وبعض كتب التاريخ الأندلسي والفلسطيني.
يعلق صاحب الأندلسية، الإعلامي السعودي أحمد الشقيري عن فكرة المقهى الجديدة، بأنها تهدف الى «ترويج ثقافة القراءة، بين رواد المقهى»، مشيرا الى أن المكتبة لا تزال فقيرة الى عناوين كثيرة، «سأحاول قريبا أن اختارها، بعد الرجوع إلى دور النشر، باختيار افضل 10 كتب كل شهر». وأضاف «لا ارى ضررا في ترويج الخير والدعوة والإرشاد من خلال مقهى الأندلسية. فهو كالوقف، ولم افتتحه من اجل الاستثمار ولكن لترويج الفكر الوسطي المعتدل».
واللافت أن جميع ديكورات المقهى مستوحاة من الحضارة الأندلسية بالأخشاب المنحوتة والزخارف الأندلسية الإسلامية المنقوشة على السقوف، وثريات الإضاءة التي تتدلى شموعها وسط فوانيس نحاسية لامعة للغاية. أما جدران المقهى فهي مزينة بلوحات زيتية وغوبلانات ذات طابع شرقي إسلامي لفنانين سعوديين وسعوديات، إضافة إلى نوافذ جدارية تبدو وكأنها صناديق تضم قلادات وإكسسوارات تراثية، وأنتيكات مصممة بأيدي فنانات وكلها معروضة للبيع أمام رواد المقهى.
ووزعت المقاعد والطاولات وفق تنظيم يحترم فضاء المكان، فهي أقرب إلى كونها أرائك واسعة مخملية بألوان تزاوجت بين اللون الأحمر والأزرق، تصطف عليها وسائد ملونة محشوة بريش النعام ومبطنة بقماش مخملي مطرز بزخارف إسلامية. وتكون كل ثلاثة مقاعد منها جلسة خاصة أو مملكة أندلسية مستقلة عن الأخرى، تتوسطها طاولة نحاسية نافرة الحفر والنقوش. وهو تنسيق يشعر الزائر بأنه يجلس في قصر أندلسي، تتوزع فيه قطع السجاد المشغول يدويا بلونه الأحمر.
لكن ما يربطك بالعصر الحاضر هو مشاهدتك لشاشات التلفزيون الكبيرة، وسماعك للموشحات الدينية بإيقاعات موسيقية هادئة لسامي يوسف ومسعود كورتز وغيرهما من المنشدين. وبين الحين والآخر تستمع إلى ألحان ذات مقطوعات موسيقية أندلسية إسبانية وبعض الألحان العربية الشرقية الشهيرة.
زوار المقهى، الذي أفتتح حديثا في شارع الأمير سلطان من الجنسين، واللافت أنه يستقطب كل فئات الأعمار، خصوصا فئة الشباب الذين يرتدون ملابس عصرية (كاجوال)، ويحملون أجهزة الحاسوب في أيديهم للاطلاع على مواقع ومنتديات الإنترنت المفضلة، أو يختارون كتبا مفضلة من بين الكتب المتوفرة مجانا في مكتبة الحكمة.
ولا تحلو الجلسة إلا بشرب الشاي المغربي، ومكتوب في القائمة «شاي أندلسي»، يقدم على الطريقة المغربية، بوضعه في إبريق فضي على صينية فضية، ويسكب الشاي من إبريق إلى الفناجين الصغيرة على ارتفاع بسيط يتفنن في تقديمه النادل، الذي يرتدي هو الآخر زيا شرقيا بلون أزرق.
ويرفع المقهى شعار «لا للتدخين»، حيث تمنع إدارته التدخين بمختلف أنواعه. يقول الشقيري «نريد توفير مكان خال من التدخين، وأن يتمتع غير المدخنين بحقهم بجو خال من التدخين ولو في مكان واحد أو اثنين في مقاهي مدينة جدة كلها». كما يوفر المقهى برنامج «عضوية» لرواده يحق لحامله عدد من المميزات والخصومات في الخدمات المقدمة، ومن بينها الإنترنت المجاني، والاستفادة من قاعة (الزهراء) المخصصة للاجتماعات الصغيرة وتتسع ل8 أشخاص، أو القاعة العلوية، التي تسع 40 شخصا. يقول أحمد شقيري، «يحق لأعضاء الأندلسية حضور 4 جلسات مميزة مع شخصيات مهمة، مثل الدكتور طارق السويدان وغيره تقام في المقهى بشكل دوري».
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=54&issue=10220&article=392971
مساء الورد