- أبواب القاهرة الفاطمية
- أشهرها زويلة والنصر والفتوح
أبواب القاهرة الفاطمية
أشهرها زويلة والنصر والفتوح
عندما شيد جوهر الصقلي مدينة القاهرة، ادرك بحسه العسكري انها ليست كأي مدينة من المدن التي سبق له بناءها، ولهذا كان قراره بإحاطتها بسور ضخم من الطوب اللبن مزود بثمانية ابواب، هي باب زويلة وباب الفرج في الجنوب، وباب الفتوح وباب النصر في الشمال، وباب القراطين والبرقية في الشرق وباب سعادة والقنطرة في الغرب، ليصد عنها كيد المعتدين وليدق عليها الزائرون فتفتح لهم كل باب على مصراعيها. والان لم يبق من هذه الابواب سوى ثلاثة فقط، هي باب النصر والفتوح وباب زويلة، وهي ابواب ذات خصوصية شديدة في الفكر والتراث الاسلامي، وخاصة بعد أن اعيد بناؤها بأمر من الأمير بدر الجمالي بديلا عن الابواب القديمة في الفترة من 480 الى 485 هجرية، وقام ببنائها ثلاثة اخوة وفدوا الى مصر من مدينة «أذاسا» بأرمينيا، وتولى كل واحد منهم بناء باب من الابواب الثلاثة.
وعندما تزور هذه الابواب الان تحزن لحالها فقد أصابتها الشيخوخة وتركت يد الاهمال بصماتها الواضحة عليها، خاصة بعد أن أصبحت هذه الابواب جزءا من حياة البشر القاطنين في هذه المناطق، حيث حولها الباعة وأصحاب الحرف الى مجرد حيطان يستندون اليها من دون أن يعلموا أهميتها أو قصص بنائها. فهم يتعاملون معها على انها مجرد حيطان صماء، من دون ادراك انها باتت شاهدا حقيقيا على كل ما مر بمصر من احداث على مدار عشرات السنوات.
- باب زويلة
- يعد أشهر الابواب الثلاثة الباقية، حيث ارتبط اسمه باسم السلطان طومان باي آخر سلاطين المماليك، الذي تصدى للغزو العثماني لمصر وقاد المقاومة الشعبية لحماية مصر، الا انه هزم في موقعة الريدانية عام 1517 ميلادية، وأمر السلطان العثماني سليم الاول بشنقه على باب زويلة وتركت جثته معلقة على الباب لمدة ثلاثة ايام، حتي تم دفنه بعدها في قبة الغوري. وقد سمي باب زويلة بهذا الاسم نسبة الى قبيلة زويلة، إحدى قبائل البربر، التي قطنت شمال أفريقيا وحضرت مع القائد جوهر الصقلي، وبعد فتح مصر استقرت عند هذا الباب بعد بنائه. ويعتبر باب زويلة من أجمل أبواب القاهرة، بل أروعها، حيث يشغل مساحة مربعة يبلغ طول كل ضلع فيها 25 مترا، وله برجان مقوسان عند القاعدة تغلب عليهما الاستدارة وممر مسقوف بقبة، نجحت عوامل الزمن في إخفاء معظم زخرفتها. يذكر أنه عندما بنى الملك المؤيد أبو النصر مسجده عام 818 هجرية بجوار باب زويلة، اتخذ من برجيه قاعدة لمئذنتي المسجد. الطريف ان العامة يطلقون على باب زويلة اسم «بوابة المتولي»، والسبب انه كان يجلس في مدخله الشخص الذي كان يتولي تحصيل ضريبة الدخول الى القاهرة، وكان يطلق عليه لقب «المتولي». وبعد مرور ما يزيد عن الألف عام، هي عمر باب زويلة بقي اعتقاد لدى بعض النساء من العامة بمقدرة هذا الباب على علاج النساء العقيمات، حيث يؤمن بفكرة مؤداها أن من لا تنجب تستطيع أن تدق مسماراً في جدران الباب وتعقد عليه بعض الخيوط عندئذ قد تتحقق أمنيتها وتنجب ولداً. وبعيدا عن الخرافات يبقي باب زويلة شهيرا بين ابواب القاهرة باسم «الباب الدامي» الذي كانت تتعلق عليه الرؤوس.
- باب النصر
- بني عام 1087 ميلادية في نفس السور الذي بني فيه باب الفتوح بجوار جامع الحاكم بأمر الله ووكالة قايتباي، ويتكون من برجين مربعين نقشت عليهما في الحجر أشكال تمثل بعض آلات الحرب من سيوف وتروس، ويتوسط البرجين باب شاهق وجدت به فتحة من أعلاه، كي تصب منها المواد الكاوية على من يحاول اقتحام الباب يطلق عليها سقاطة. ويعلو هذه الفتحة أفريز يحيط بالقلعتين وبه كتابات كوفية تضمنت اسم المنشئ وتاريخ الإنشاء والباب الموصل لداخله حديث العهد، وربما تم فتحه في عهد الاحتلال الفرنسي لمصر. أما الباب الأصلي فيقع في الركن القبلي الشرقي، وهو الآن مسدود بالبناء. يذكر أن السلم الموصل الى أعلى المبني مصنوع من الحجر وقد بني بأسلوب يعد الأول من نوعه في العمارة الإسلامية بمصر، وهو يقود إلى أبراج وحجرات اشتملت على مجموعة من العقود المبنية بالحجر ومعقودة بمهارة فريدة في بابها.
- باب الفتوح
- بني عام 1087 وكان موقعه عندما أسسه جوهر الصقلي قريباً من رأس حارة (بين السيارج)، فلما جدد بدر الجمال سور القاهرة انشأ باب النصر والفتوح في موضعهما الحالي وربطهما بسور يوصل بينهما بطرق وسراديب على ظهر السور وفي جوفه بإحكام، ويتكون هذا الباب من برجين مستديرين يتوسطهما المدخل وفي فتحتيهما حلية مكونة من اسطوانات صغيرة، وهي نوع من الزخارف راج في ما بعد في تحلية دوائر العقود، وفي أعلى المدخل تماثيل على هيئة كبش بقرنين. ويتصل باب النصر بباب الفتوح بطريقتين: إحداهما من فوق السور والآخر من تحته، وهو ممر معقود على جانبيه الحجرات بحالة متقنة تعطي فكرة جيدة عن نظام الحصون المصرية في ذلك الوقت.