-اعتراف-
بادي ذي بدء.. يجب أن أسجل الاعتراف التالي:الصين كبلد.. كشعب.. كثقافة.. كصناعة.. ((مش نزلالي من زور))!!
ولم تكن الصين يوما من الأيام ضمن قائمة الدول التي ارغب في السفر إليها..!
حتى الأكل الصيني لا أستسيغه!!
ولكنه القدر.. ساقني إليها..
هذا هو العنوان الذي أطلقته على الرحلة قبل السفر..
بلد لا أحبه ولا أحب التعامل مع أهله..
مشكلة الأكل..
الظروف الجوية والمناخية السيئة التي تصادفت مع توقيت الرحلة..
احد الزملاء أصحاب الخبرة في البلد حذرني كثيرا من التهاون مع (البرد)..!
بل انه ذكر انه من الممكن أن تتجمد (الأذن) من شدة البرد و(تسقط) من دون أن يسمي عليها أحد..!!!!!
بوت طويل – قفازات مضادة للثلوج – بالطو جلد مضاد للصقيع – شرابات متينة – آيس كاب – فنايل صوف اقصى متانه متوفرة..
قائمة طويلة سردها لي الزميل صاحب الخبرة.. لكن ولأن المهمة انتحارية فقد اكتفيت فقط ببعض الملابس الموجودة في خزانة ملابسي..!
الخطوط السعودية لا تسير رحلات إلى (بيجين) لحسن الحظ..
وللمعلومية (بيجين) هو الاسم الانجليزي والصيني المرادف للاسم العربي (بيكين)
لذلك لا بديل عن الخطوط الإماراتية التي تسير رحلتين يوميا من دبي إلى بيجين..!
الصالة الذهبية في مطار الملك خالد الدولي بالرياض تطورت كثيرا..
الانترنت واير يس بحد ذاته يعتبر نقلة نوعية بالنسبة لمطارات المملكة..
بالطبع الصالة صغيرة جدا, لكن بالنسبة لعدد الرحلات المحدود ربما تكون كافية.
أقلع طائرنا الميمون بحمد الله وسلامته من مطار الرياض الدولي متجها إلى دبي..
تبادر إلى ذهني تساؤل وأنا أنظر إلى (الرياض) تصغر شيئا فشيئا من شباك الطائرة..يا ترى أينا يسكن الآخر؟؟
من جديد تستقبلنا دبي بكل ما هو مبهر. بكل ما هو مثير..
وتستقبلنا صالة رجال الأعمال (التي لا أعلم كم قرنا نحتاج لنرى مثيلا لها في مطار الرياض..!) بكل وسائل الراحة والترفيه..
شاهدت تقريرا في احدى قنوات الطائرة, أن الصالة الجديدة رقم (3) في مطار دبي والتي من المقرر أن تفتتح في شهر مايو القادم وستكون حصرية لطيران الإمارات..
يقولون يا سادة يا كرام أن فيها من الخدمات ما لا يوجد في أي مطار في العالم, وما لم يفكر فيه أي (محشش) أتيحت له فرصة المشاركة في تصميم صالة مطار..!
ويقال والعهدة على التقرير, أن الصالة الجديدة تحتوي على مسابح و SPA..
ويا خبر بفلوس في شهر مايو سيكون بلاش!!
بعد 6 ساعات قضيناها في أكل وشرب وقراءة وانترنت وسوالف وتمشية في أرجاء المطار المترامي الأطراف, تم الإعلان عن موعد الرحلة المتجهة إلى (بيجين)..
وكان رقم البوابة المعلن هو (44)..!
ولكن حسب ذاكرتي المتواضعة أن بوابات دبي لم تصل إلى هذا الرقم!!
لكن, عندما توجهنا إلى موقع البوابة اكتشفنا أنها تقع في مبنى جديد هو مبنى التوسعة المؤقت الذي تم بناءه ليستوعب الاحتياج المتزايد لرحلات الطيران في مطار دبي..
هذا الاحتياج الذي لم تفوت (العقول المفتحة) في دبي فرصة الاستفادة منه.. ولم ينتظروا لحين انتهاء التوسعة الضخمة..
بل قاموا ببناء هذا المبنى المؤقت خلال فترة وجيزة..!
تفاجأت بمستوى المبنى المتواضع وألوان الجدران (البرتقالية والخضراء) التي ذكرتي بفنادق لثلاث نجوم في شارع (الرقة)..!
أما الطامة الكبرى فكانت عدم وجود (لسان) موصل بين البوابة والطائرة..!
ولأول مرة (بعد اربعطشر سنه خدمة فسنوي) اضطر لركوب باص في مطار دبي للصول إلى الطائرة..!
((إبراء للذمة.. هذه التوسعة الصغيرة, المؤقتة, المتواضعة, لمطار دبي.. اكبر وأفضل من صالة مطار جدة الرئيسية!!))
صحوت من النوم على صوت مضيفة الطائرة وهي تطلب من الركاب الاستعداد للهبوط..
وفتحت عيني على مضيفة أخرى وهي تقول:Good Morning sir.. I Hope you had good sleep
وبما أن رد التحية واجب.. كان لزاما علي أن أرد:Good Morning to you sweet heart!!
حسدني زميلي في المقعد المجاور لي على ما أسماه (اللفتة الحانية) من مضيفة الطائرة..
ولكنه نسي أو تناسى أنني خلال وقت الرحلة الذي امتد لأكثر من 7 ساعات لم أفعل شيئا سوى الصلاة والنوم!!
في حين ان سعادته قرأ كل الجرائد والمجلات وشاهد كل الأفلام وأكل كل الوجبات وطلب من المضيفين والمضيفات كل ما يمكن طلبه..
ومع ذلك يستكثر علي لفته حانيه.. لسان حلها يقول ياليت كل المسافرين مايطلبون شي مثلك..
أعلن قائد الطائرة وصولنا بحمد الله وسلامته الى مطار (بيجين) الدولي, وكان الجو صحو والساعة تشير إلى الثانية بعد الظهر ودرجة الحرارة لا تتجاوز
5درجات تحت الصفر..!
فوجئت عندما نظرت إلى ساعتي, أن خمسة ساعات قد سرقت من عمري..!
هذه الساعات الخمس هي فارق التوقيت بين العاصمتين (الرياض) و (بيجين)..!
ولكن هذه الساعات الخمس ستسترد بالطبع عندما أعود إلى الرياض بالسلامة إن شاء الله..
توقفت الطائرة في ساحة مطار بيجين الدولي الضخم الذي يقال أن متوسط عدد رحلاته يقارب ال 1000رحلة يوميا..!
وهم الآن بصدد الانتهاء من توسعة جديدة بسعة 500 رحلة إضافية يوميا..!!
ولكن يبدو أن سعيد اخو مبارك و الباص ورانا ورانا حتى في مطار (بيجين)..!
نزلنا من سلم الطائرة وكان الاختبار الأول للبرد (الصيني)..!
وكنت قبل ذلك قد استخدمت خطتي الدفاعية رقم (1) لمواجهة البرد..
فارتديت البلوفر الصوفي والجاكيت ووضعت الآيس كاب والشال..
ولكن دفاعاتي للأسف الشديد انهارت امام الهواء الصيني (البارد)..!
ولأول مرة في حياتي أحس أن (قلبي) يرتجف من البرد !!
مع أن درجة الحرارة كانت خمس درجات تحت الصفر.. فقط..!!
إجراءات الجوازات كانت ميسره جدا ولم تستغرق سوى دقائق معدودة ..
أعجبتني حركه جميله جدا أتمنى أن أراها في بلادنا يوما من الأيام..
وهي عبارة عن لوحه مفاتيح موضوعة أمام طاولة موظف الجوازات و فيها أربعة أزرار..
الزر الأول عليه صورة فيس متشقق من الوناسة..
والزر الثاني عليه صورة فيس مبتسم..
والزر الثالث عليه صورة فيس بدون تعابير..
والزر الرابع عليه صورة فيس زعلان..!
المقصود طبعا هو إعطائك الفرصة لتقييم أداء موظف الجوازات وتعامله معك..!
كان في استقبالنا السيد ( ) الذي يزعم أن معنى اسمه بالصينية هو (الايجابي)..!
لذلك قال لنا تستطيعون أن تدعونني Mr. Positive بدلا من إسمه الصيني المستعصي النطق..!
وكان بمعيته أيضا السيد ( ) الذي اختار له اسما انجليزيا هو الآخر وهو Tomy..!
توجهنا مع السيد Positive والسيد Tomy إلى صالة الرحلات الداخلية في مطار (بيجين)..
وكان الترتيب المسبق أننا سنسافر سوية (4 من الجانب السعودي و 2 من الجانب الصيني) إلى مدينة Harbin في الشمال الشرقي من الصين.
بعد انتظار لم يدم طويلا.. صعدنا إلى الطائرة المتجهة إلى Harbin وصادف أن يكون الشاب المهذب Tomy في المقعد المجاور لي..
صحيح أن Tomy مهذب وخلوق وحبوب جدا, ولكنه (كغيره من الصينيين) بطيء الفهم جدا.. وهذا ما يتعب (قليلي الصبر) أمثالي..!
فأنا أعشق طريقة (الون تو) في الحديث وأحب اللي (يلقطها بسرعة) ولا يضطرني لإعادة (السالفة) وتوضيحها أكثر من مرة..!
اكثر كلمة يقولها Tomy هي Sorry I don’t understand
وأكثر كلمة قالها كاتب هذه السطور كانت (يا صبر أيوب)..!
كان أول سؤال سألني إياه Tomy هل لديك أشقاء وشقيقات؟؟
أجبته نعم, عندي أربعة بعين العدو.. فرد علي بنبرة فيها شيء من الحسرة أنا ماعندي..!
والسبب أن Tomy من رداة حظه ولد بعد العام 1979 وهو العام الذي صدر فيه قانون تحديد النسل..
وهذا القانون سنته الحكومة الصينية سمح للأسرة الصينية بمولود واحد فقط وذلك للحد من الانفجار السكاني الذي تعاني منه البلاد..!
واللي يخالف هذا النظام يا ويله ويا سواد ليله..!
فمن الممكن أن يدخل السجن, ويفقد عمله, و يدفع غرامة كبيرة..
بل إن الطفل (الزائد) قد يتعرض للحرمان من الخدمات الطبية والتعليمية..!
أخرجت جوالي (القيصر) وبدأت بتصفح خريطة الصين على شاشة الجهاز وأسأل Tomy عن موقع مدينة Harbin وبقية المدن الأخرى التي سنزورها..
وبعد ذلك أعدت الجهاز إلى الحقيبة..
ولكن (القيصر) كان له رأي آخر..
ولا أعلم كيف (فلت) مني وارتمى في حظن (حسناء) صينية كانت تجلس في المقعد الذي خلفي مباشرة.!
ويبدو بعد ذلك أن القيصر عاف الجميع وأول الناس راعيه..!
ولكن لأن (القيصر) حظه ردي مثل (راعيه).. فقد (صدته) الحسناء الصينية وأعادته لي..
قال Tomy هل رأيت.. الصينيون لا يحبون السرقة..!
قلت في نفسي.. أشوا اني بقوم الدنيا ولا أقعدها بالطيارة لو ما رجع لي..
وصلت الطائرة بسلام إلى مطار Harbin وأعلن كابتن الطائرة أن درجة الحرارة الآن 26 تحت الصفر..!!
ما غير هي علاج البرد !!
بس مشكلتها تبيلها شنطه لوحدها للشحن ...!
متأكد تحت الصفر درجة الحرارة ..
بداية تقرير اتوقع يحمل الكثير بحكم الاسلوب المشوق والمغامره الثلجيه
الله يوفقكم في رحلتكم يارب وترجعون بالسلامه ، وقد حصلتو على مرادكم
بالتوفيق لكم وتقبل مروري
ابو أريام