- ولكن ماذا حدث لكمبوديا ؟
رحلة الى كمبوديا
سمعت كثيرا عن كمبوديا ..
قبل عشرين سنة كانت أخبارها تنشر يوميا في عناوين الصحف ..
ليس لأنها بلاد مثيرة ولكن لأنه وقعت فيها حوادث مفجعة وبشعة ..
فقد سيطرت عليها قبل عشرين عاما مجموعة تسمى " الحمير روج " قامت بقتل مئات
ألوف الناس من سكان الدولة ..
ونشر أفرادها الرعب والموت في أنحاء البلاد إلى أن تخلص الشعب الكمبودي منهم وأزاحهم من الحكم (توفي زعيمهم قبل شهرين)ولكن كل هذا لم يمنعني من القيام بزيارة إلى هذه البلاد في السنة ألا خيرة .
بعد ساعات طويلة من السفر , بدأت الطائرة بالتحليق فعلمنا أننا وصلنا , نظرت من الشباك إلى الأرض وأنا خائف وأقول لنفسي : إذا رأيت مناظر مخيفة فسأظل بالطائرة ولن انزل.
وقفت أمامي مضيفة جميلة وابتسمت كأنها تسأل لماذا أنا متردد ومضطرب ؟ فجمعت شجاعتي ونزلت من الطائرة.
وصلت إلى العاصمة فنوم بن , ولما غادرت المطار بدأت امشي في الشوارع , نظرت إلى الأطفال الذين يلعبون في الشوارع . كانوا لطيفين وطيبين ولا يؤذون أحدا , ولا يمكن أن يسيئوا لأحد .
تقدمت من رجل وضع نظارات على عينيه أشرت إلى نظارته وسألته " ألا تخاف من وضع النظارات على عينيك ؟" لو أنني وجهت هذا السؤال إلى أحد الناس هنا في بلادنا نظر إلي باستغراب وقال عني مجنون , يعرف الناس لماذا نسأل مثل هذا السؤال , كذلك يعرفون لماذا انظر إلى الأطفال بغرابة .
انتم طبعا تسألون لماذا ؟اليس كذلك ؟ لان " الحمير روج" قتلو الاطباء والكتاب وطلاب الجامعات وكل من اعتقدوا انه درس في الجامعة , وقد قالوا إن الحكم يجب أن يكون بيد الأطفال لان العلم لم يخربهم
على جدران المعابد القديمة في انغكور نقوش تعبر عن حكايات وقصص .على هذا الجدار نقشت قصة ملك شرير هو اله الموت . وفي إحدى المرات رفض وزيره الركوع أمامه فقتله بالسم
وأما الأولاد الذين شعروا انهم اصبحوا مهمين ولهم مكانة عالية ويحق لهم أن يفعلوا ما يريدون فقد بدأوا بقتل كل إنسان متعلم أو لا يعجبهم , وكيف عرفوا من هم المتعلمون ؟ حسب رأيهم كل من يضع على عينيه نظارات فهو يقرأ ومن يقرأ يجب أن يقتل .
في خلال عامين كاملين انتشر في كافة المناطق أولاد يحملون البنادق وقتلوا أكثر من مليون إنسان، فقط لأنهم اعتقدوا أنه يجب قتل كل المتعلمين وكل من تكلم بلغة أجنبية أو كانت له علاقة بالغرب.
بعد أربع سنوات دخلت جيوش من فيتنام المجاورة لكمبوديا وطردت"الحمير روج" فهربوا إلى الغابات وما زالوا يقيمون هناك.
http://www.amwaj.org.il/teva/man/gif/MAN5.jpg
ولكن ماذا حدث لكمبوديا ؟
لم يبق أناس متعلمون ولذلك لم يكن معلمون في المدارس ولا محاضرون في الجامعات، لم يكن مهندسون لبناء المصانع، لم يبق في هذه الدولة شيء يذكر.
استمرت هذه الحال 18 عاما، لأنه لم يكن هناك أناس يبنون الدولة ومرافقها فقد بقيت فقيرة جدا، فالعامل يربح ما قيمته 100 شكل في الشهر ومنها يأكل هو وأبناء عائلته. معظم الأطفال يذهبون إلى المدارس ويعملون في الحقول مع عائلاتهم وهناك الكثير من الأولاد الأيتام الذين يعيشون في الشوارع .
في السنة الأخيرة فتحت أبواب كمبوديا أمام السياح , ولكن السياح يخافون من الوصول إلى هذه البلاد التي كان الأطفال فيها يقتلون الناس .
تجولت بين الهياكل المقدسة وكنت اشعر أن أحدا يتبعني ويترقبني , ولكنني عندما كنت أدير وجهي لم أرى احدا. فواصلت المشي ثم سمعت خشخشة من خلفي وشعرت أن أحدا يلاحقني ، فقررت أن اكشف ما يحدث !
دخلت إلى أحد المعابد ووقفت بهدوء. بعد بضعة ثوان رأيت طفلة صغيرة في التاسعة من عمرها , كانت تمشي وتبحث عني , خرجت من المعبد وبدأت أقح لتعرف أنني أراها , ابتعدت الطفلة قليلا ونظرت آلي ثم اقتربت مني وكانت على وجهها ابتسامة رائعة , ابتسمت لها وعرفت أنها تفهم أنني لست غاضبا عليها لأنها لحقت بي.
سألتني بالغه لاكمبودية, طبعا لم افهم ماذا تقول .ولكن حسب الاشارات فهمت انها تسأل عن طعام .جلست على .صخرة في زاوية المعبد وجلست الطفلة (اسمها تيم) الى جانبي
ظهر من بين البيوت طفل في الثانية عشرة جاء يركض وينظر إلينا ثم توقف وخاطب الطفلة . ناديته باللغة الإنجليزية ودعوته لتناول الطعام معنا , لم أتصور انه يفهمني لان من كان يتكلم الإنجليزية خلال سنوات عديدة في كمبوديا كان يعرض حياته للخطر ولكن يبدو أن شيئا ما حدث في هذه البلاد في السنوات الأخيرة لأن الطفل نظر آلي وتقدم خطوتين إلى الأمام وسألني باللغة الإنجليزية :- هل ناديتني ؟" .
" نعم " أجبته وفسحت له مكانا للجلوس " اسمي دين !" قال الطفل أشار إلى نفسه بإصبعه ". وأنا عودة " قلت له , أشرت إلى نفسي , ويبدو أن هذه الإشارة تعني بالنسبة له أننا صرنا أصدقاء , فبدأنا نتحدث مع بعض وحدثني هو عن قريته حيث يعيش الناس في بيوت على مياه البحيرة وتطوف قوارب بين البيوت لبيع الخضار والفاكهة والمنتوجات الأخرى .
" لماذا لا تذهبان إلى المدرسة ؟" سألت دين . نظر آلي أدركت انه لم يفهم سؤالي فشرحت له أن المدرسة هي مكان يذهب إليه الأولاد ليتعلموا .
فجأة تذكر أن أمه حدثته أن الأولاد كانوا يذهبون إلى المدرسة في قريته أيضا , ولكن اليوم , لا يوجد معلمون ولذلك فلا توجد مدرسة . أدهشني أن دين يعرف اللغة الإنجليزية بالرغم من عدم وجود مدرسة . ويبدو انه لاحظ ذلك فقال لي انه قبل سنوات وصل إلى القرية شاب أمريكي وسكن في بيتهم مدة سنتين وتعلم منه اللغة الإنجليزية .
حدثني دين أيضا عن حلمه الكبير بان يسافر إلى خارج البلاد ليتعلم ويعود ليحدث الأطفال عن العالم . تناولت طعام العشاء في بيتهم مع كل أفراد العائلة . ومن حسن الحظ أنني حملت في حقيبتي طعاما كثيرا وفي الصباح ودعتهم وعدت إلى فنوم بن لمواصلة رحلتي في كمبوديا .
قرب معابد انغكور تقع بحيرة تصب فيها مياه نهر الميكونغ . في موسم الشتاء تغطي المياه الأراضي التي تحيط بالبحيرة . ولذلك فقد بنى السكان بيوتهم على القوارب وعندما ترتفع المياه فإنهم يرتفعون معها . كذلك فإن بائعو الخضار يصلون إلى البيوت . بواسطة القوارب
ارجو المساعده